التصوير فن وجمال
كيف يمكن استخدام التصوير كاداة فن وجمال ؟
لا يمكننا أن نرد على هذا السؤال الا اذا اتضح لنا الرد على سؤال آخر ، ما هو الفن ؟ .
ان احدا حتى الآن لم يجد الاجابة الوافية .
ونحن على الأقل نعتقد ونشعر ان الفن أمر مهم . وهو تعبير ضروري للحضارة وربما اذا عرفنا لماذا كان الفن مهما بالنسبة لنا لوجدنا الحل للغز الحياة نفسها .
ويشرح أحد المعاني الفن بانه الوحدة في التنوع ، والتنوع في الوحدة ، ويعرف قاموس أوكسفورد المختصر العمل الفني بانه ، تنفيذ بارع لشيء في حد ذاته ، وحدده راسكين بانه عمل من فعل الإنسان ينظمه ويشكله ، ويقول الدوس هاکسلي - ان الفن هو تشكيل شيء مشوش في مظهره وجعله عالماً منظماً انسانياً . ويكتب جون فان بيلت في كتابه ، مستلزمات التأليف وتطبيقها على الفن . قائلا : « ان العمل الفني هو القدرة على ابراز المشاعر أو الانطباعات التي يهدف اليها الفنان في جميع الأشخاص القادرين على التجاوب لهذه المشاعر والانطباعات .
ويطلق هـ ، أوزيورن في كتابه نظرية الجمال ، لفظ ، الجميل . على تنظيم المادة المرئية في اطار عضوي كامل يقوم به الفنان بينما يسمي ارثر هاموند الفن في كتابه ، التأليف التصويري في التأليف الفوتوغرافي ، كشيء ، ناتج عن الجمال بغرض الامتاع ، ويعتبر سير هوبرث كلايف بيل في مؤلفه الشهير ، الفن - على أنه . الشكل الذي له مغزى ، . وقال أحد الشعراء ان . الجمال هو الحقيقة والحقيقة هي الجمال .
وهذا تعبير يكتنفه الغموض لأننا إذا حاولنا فصلهما فما هي الحقيقة ؟
ان أفضل تعريف لها ذلك الذي كتبه ویلیام موريس : اي شيء تجد متعه في عمله هو فن .
ولا يذهب بنا أحد هذه التعريفات بعيداً بالرغم من انها تساعدنا قليلا على ذلك ، ولكنها تطرح السؤال ، ان الفن شكل له مغزی ، ربما ، ولكن ما هو مغزاه ؟
وفي أحد المؤلفات التي تستدعي الانتباه ولكنه غير معروف ويسمى ، أسس فلسفة الجمال ، يحاول مؤلفوه الثلاثة س . ك . أوجدن و آي ا . ريتشاردز وجيمس وود أن يصنفوا النظريات المختلفة لعلم الجمال التي ظهرت على مر القرون . ويبدو ان المؤلفين قد توصلوا الى نتيجة عامة ، خاصة بهم ، وكانت قد وردت في قول صيني ماثور :
عندما تكون مشاعر الغضب والحزن والسعادة والمتعة موجودة دون ان يتم التعبير او الكشف عنها يقال ان الذاكرة حينئذ تكون في حالة توازن ، وعندما تثار المشاعر وتتفاعل بقدر ما يقال عن الذاكرة في هذه الحالة انها في حالة انسجام ، والتوازن هو القاعدة الكبرى . واذا تواجد التوازن مع الانسجام فسوف ياخذ كل شيء مكانه الطبيعي فيتلقى ما يغذيه لينمو ويزدهر .
وبمعنى آخر فان الفن ينشق التوترات وهو بهذا يرمز الى الحياة الغزيرة الوافرة وأصل ذلك يرجع الى ما قبل التاريخ وكان فيما يبدو مرتبطا بتهدئة الجوع بالصيد وزراعة المواد الغذائية والخصوبة بجميع طقوسها ودائماً في مكان ما يتضمن صفة سحرية .
ونحن على الأقل نستطيع أن نقول هذا :
- ان العمل الفني باي شكل من الاشكال هو عطاء متعمد لوحدة ما ، شيء كامل لا يمكن اضافة اي شيء اليه كما لا يمكن اخذ شيء منه دون افساد الوحدة الكاملة . لماذا نعتبر الفن شيئا له قيمته ، ولماذا يحرك فينا شيئاً ؟ في الواقع لا تعرف بالضبط على الأقل من الناحية العقلية ، لأنه في النهاية يتعلق بالمشاعر الإنسانية ، فأعماق العقل البشري و أسرار الحياة أشياء لا نعرف عنها الا القليل ، وعلى أي حال فان الفن يبدو أن له خاصية منبهة للحواس ومانحة للحياة ربما كان أصله عضوياً الى حد كبير التعبير الظاهري لبعض حركات الجسم التي تسبب الشعور بالاستمتاع أو تدل على الصحة العقلية والجسدية السليمة . ربما يدعو ذلك لاعادة نقل ما جاء على لسان الناقد المعروف سیر هربرت ريد : . ان تقديرنا للفنان هو تقديرنا لرجل استطاع بمواهبه الخاصة ان يحل لنا مشاكلنا العاطفية .
ان البلسم الشافي ، الاستمتاع بحالة ذهنية طيبة ، وتهدئة حالات التوتر سواء كان نفسياً أو عضويا ، الذي يترتب عن رؤية عمل فني ما ، أو أكثر من ذلك القيام بعمل فني فعلا له في الحقيقة تاثير قوي يعرفه الأطباء وعلماء النفس جيدا ، يكتب موهولي ناجي قائلا :
اليوم ، مع افتقاد تنظيم وتنقية الأحاسيس العاطفية من خلال الفنون انتشرت طرق للتنفيس والتعبير تتسم بالمرض والعجز عن التعبير والوحشية الهدامة . فالطاقات غير المستخدمة والأحباط الكامن في العقل الباطن تخلق حالات من الاضطراب العقلي تكاد تقف على حافة الجنون ، فالفن كنوع من التعبير الفردي يمكن أن يكون علاجاً عن طريق التسامي بالنزعات العدوانية ، والفن يهذب اجهزة الاستقبال في الانسان ويعيد الحيوية للقدرات الخلاقة .
وبهذه الطريقة يعتبر الفن نوعاً من العلاج التأهيلي يمكن من خلاله اعادة الثقة للشخص في قدرته على العطاء .
والناس جميعهم فنانون بدرجة ما ـ على الأقل توجد بداخلهم نسبة كامنة ـ وليس بالضرورة ان يكون ذلك في الفنون الجميلة . فليس هناك حد فاصل واضح بين الفن والصنعة والقدرة على العطاء يمكن تطبيقها على كل الأنشطة تقريباً ، الطهي والملبس وتخطيط المدن وبناء السفن والعلاقات الانسانية والتصوير ولكن القوانين الأساسية لكل نشاط فني ليس لها زمن محدد . وهي ثابتة لا تتغير ومعروفة على على قطعة جيدة من الفن مستوى العالم ويمكن تطبيقها المسرحي تماماً كما تطبق على سيمفونية ، وعلى قصيدة شعر أو لوحة زيتية ، أو على رواية بنفس الطريقة التي تطبق بها على قضية حب ، أو على كاتدرائية كما تطبق على صورة فوتوغرافية .
وما هي هذه المباديء ؟
کاف ، فالعمل الفني يجب أن التكامل كما هو معروف ، غير يحتوي على التنوع ويثير التوتر داخل وحدته الكاملة حتى يتجنب الملل : التباين التكرار ، اللحظة الحاسمة في العمل ، التوازن التماسك ، هذه هي المبادىء التي تنشق التوترات النفسية وبذلك تخرج أعمالا فنية .
فالتباين والتفاوت يعطي حيوية وقوة التباين مثلا بين الظلام والنور ، بين الجسم الصلب والفراغ ، الرأسي والأفقي ، الخشونة والنعومة . الخطوط الآلية والخطوط كبير الحجم والصغير وفي الأساسية البساطة والزركشة . الموسيقى بصفة خاصة يكون التباين بين الصوت الهاديء المنخفض والصوت العالي . التنافر والانسجام ، الحركات السريعة والبطيئة .
والتكرار في العناصر الأساسية للعمل الفني تساعد على تحقيق الوحدة ، وفي الموسيقى يتم ذلك بتكرار جملة موسيقية تتكرر بطرق مختلفة ، وفي الهندسة المعمارية يكون ذلك بتكرار النوافذ ذات الحجم الواحد أو النظام المترابط للجزئيات .
ومركز اللحظة الحاسمة أو الذروة هو الجزء المسيطر الذي يربط العمل والذي تتعلق به جميع الأجزاء وتشير اليه وتزيد من قيمته وفي المسرحية تكون هذه هي أكثر اللحظات تأثيراً من الناحية الدرامية وتأتي عادة قرب النهاية ، وفي البناء المعماري ربما يكون برجاً او مدخلا اساسيا ، وفي اللوحة الزيتية أو الصورة يكون مركز الجاذبية عادة بعيداً عن وسط الصورة وغالباً ما يكون مختفياً بطريقة ذكية كنقطة لها تأثير سائد .
والتوازن يعني الموازنة سواء في الزمن أو الفضاء ـ الزمن في حالة الموسيقى والدراما والفضاء في حالة الفنون مرئية التوازن يعني وضع مركز الذروة في مكانه الصحيح بما يتعلق بالأجزاء الأخرى ووضع جميع الاجزاء في علاقاتها الصحيحة بما يتعلق بالأجزاء الأخرى ، ووضع جميعالأجزاء في علاقاتها الصحيحة ببعضها ، وهذا لا يمكن تحقيقه بالفعل وحده ان ذلك له أهمية كبرى في التشكيل الفوتوغرافي ويجب أن يتحقق في النهاية عن طريق الشعور المرهف والفطرة .
هل ملمسها سليم ؟ ولا يكون السؤال هل اعتقد ان ملمسها سليم ؟ هل موازین درجات عمق الألوان والشكل في أحجامها ومواضعها الصحيحة حتى تجعل العمل ككل شيئاً متوازناً ؟ . والتماسك يعتمد على جميع الأسس والمبادىء السابقة ، ولكن ـ الهدف الأساسي أو الرؤية عند أيضاً على شيء اكثر من ذلك الفنان - القصة التي يود نقلها ،
الفكرة البسيطة الرابطة التي مرّ بها ويرغب في اظهارها . وفي التصوير يجب أن يكون هذا التماسك بسيطأ بصفة خاصة ، ويجب ان يكون له توحيد للهدف .
فالصورة الجيدة سوف يكون لها اثر فوري على المشاهد ، سواء بشد الانتباه أو الدهشة أو المتعة
او ارضاء المزاج أو اثارة الشاعرية أو الفزع ولكنه لا يكون مملا ابدأ .
- التصوير الفوتوغرافي كفن :
من خلال هذه القوانين أو الأسس ترتبط جميع الفنون ولهذا نسمع ان الفن المعماري
يسمى مع بعض الاحساس بالخجل ، الموسيقى المتجمدة . ولهذا السبب يرى بعض الناس من ذوي الحساسية الشديدة بعض التركيبات من الألوان المختلفة عندما يسمعون انغاماً مختلفة من الموسيقى ، ولهذا السبب ايضا تسمى إحدى الصور الفوتوغرافية المدهشة أحياناً بانها درامية .
وبالرغم من ذلك فان كل وسيلة لها طرقها في التعبير عن أشياء . والتصوير لا يشذ عنها ، واذا كان التصوير يشبه أي فن آخر ، فهو أقرب الى الفن المعماري والنحت بالمفهوم الشكلي عن اي منحنى بياني آخر ، ومن الناحية الجمالية ، يمكن تذوق الفن المعماري بطريقتين : أولا كشكل في الفراغ ، أي من الناحية الظاهرية كالنحت . ثانياً كتنظيم في الفراغ ، أي من الناحية الداخلية كعلاقة بين الزمن والفضاء والزمن متضمن لان الفرد يتحرك حوله داخل الفراغات ويكتشف علاقات جديدة أثناء تحركه .
وتبعاً للمفهوم الأول يرتبط التصوير الفوتوغرافي بالفن المعماري لأن كليهما يهتم بتكوين أشكال ذات ثلاثة أبعاد ، ضوء وظل وعلى الأقل تكوين فالشكل والتكوين لهما معنى سواء في الفن المعماري أو التصوير الفوتوغرافي بسبب الضوء .
ولا عجب اذن ان الفن المعماري يمنح المادة الخام للمصور الفوتوغرافي الذي يدقق ويختار في عمله ، والفن المعماري الراقي ليس ضرورياً لمثل هذا المصور ؟ فالفن الهندسي المعماري يمكن أن يتحقق في التصوير في حي حقير ، أو سور متداع أو مكان خرب جعلته القنابل حطاماً . ويمكن لمبنى جميل من أي عصر من العصور ان يلهم المصور بدرجة أقل بسبب الجمال الكامن فيه ، وليس بسبب العين الثالثة للمصور التي ترى العلاقات التي يسببها الاختيار ربما تحت ظروف اضاءة غير عادية ، ربما فقط أجزاء من المبنى أو تفاصيل جزئية تعطي نماذج لم يكن المهندس قد تعمدها عن قصد أو ادركها .. وفي الواقع ، فان الجزء المختار أو الجزء التفصيلي هو الذي يشكل للمصور عادة المادة المفضلة ويمكن أن يقول لنا عن المنظر ككل ، أكثر من أي منظر عام .
والتصوير باللون الأبيض والأسود يقف ثابتاً على قدميه ، ذلك بقدرته على تكوين أعمال لها أبعاد لا نهائية تتدرج ما بين الأسود والأبيض وهذا ما يجعله شيئاً فريداً وفن التصوير الذي يعتمد فقط على الضوء والظل يبرزهما في اعتماد كل منهما على الآخر ، وبذلك أمكن للاضاءة الصناعية أن تضيف الكثير الى امكانيات التصوير الفوتوغرافي ويمكن القول بان التصوير الفوتوغرافي يعني التشكيل بالضوء والضوء هو العامل الذي يعطي مرونة لإحلالها ، فهو الذي يعطي الواقع⏹
د . سويلم - القاهرة
كيف يمكن استخدام التصوير كاداة فن وجمال ؟
لا يمكننا أن نرد على هذا السؤال الا اذا اتضح لنا الرد على سؤال آخر ، ما هو الفن ؟ .
ان احدا حتى الآن لم يجد الاجابة الوافية .
ونحن على الأقل نعتقد ونشعر ان الفن أمر مهم . وهو تعبير ضروري للحضارة وربما اذا عرفنا لماذا كان الفن مهما بالنسبة لنا لوجدنا الحل للغز الحياة نفسها .
ويشرح أحد المعاني الفن بانه الوحدة في التنوع ، والتنوع في الوحدة ، ويعرف قاموس أوكسفورد المختصر العمل الفني بانه ، تنفيذ بارع لشيء في حد ذاته ، وحدده راسكين بانه عمل من فعل الإنسان ينظمه ويشكله ، ويقول الدوس هاکسلي - ان الفن هو تشكيل شيء مشوش في مظهره وجعله عالماً منظماً انسانياً . ويكتب جون فان بيلت في كتابه ، مستلزمات التأليف وتطبيقها على الفن . قائلا : « ان العمل الفني هو القدرة على ابراز المشاعر أو الانطباعات التي يهدف اليها الفنان في جميع الأشخاص القادرين على التجاوب لهذه المشاعر والانطباعات .
ويطلق هـ ، أوزيورن في كتابه نظرية الجمال ، لفظ ، الجميل . على تنظيم المادة المرئية في اطار عضوي كامل يقوم به الفنان بينما يسمي ارثر هاموند الفن في كتابه ، التأليف التصويري في التأليف الفوتوغرافي ، كشيء ، ناتج عن الجمال بغرض الامتاع ، ويعتبر سير هوبرث كلايف بيل في مؤلفه الشهير ، الفن - على أنه . الشكل الذي له مغزى ، . وقال أحد الشعراء ان . الجمال هو الحقيقة والحقيقة هي الجمال .
وهذا تعبير يكتنفه الغموض لأننا إذا حاولنا فصلهما فما هي الحقيقة ؟
ان أفضل تعريف لها ذلك الذي كتبه ویلیام موريس : اي شيء تجد متعه في عمله هو فن .
ولا يذهب بنا أحد هذه التعريفات بعيداً بالرغم من انها تساعدنا قليلا على ذلك ، ولكنها تطرح السؤال ، ان الفن شكل له مغزی ، ربما ، ولكن ما هو مغزاه ؟
وفي أحد المؤلفات التي تستدعي الانتباه ولكنه غير معروف ويسمى ، أسس فلسفة الجمال ، يحاول مؤلفوه الثلاثة س . ك . أوجدن و آي ا . ريتشاردز وجيمس وود أن يصنفوا النظريات المختلفة لعلم الجمال التي ظهرت على مر القرون . ويبدو ان المؤلفين قد توصلوا الى نتيجة عامة ، خاصة بهم ، وكانت قد وردت في قول صيني ماثور :
عندما تكون مشاعر الغضب والحزن والسعادة والمتعة موجودة دون ان يتم التعبير او الكشف عنها يقال ان الذاكرة حينئذ تكون في حالة توازن ، وعندما تثار المشاعر وتتفاعل بقدر ما يقال عن الذاكرة في هذه الحالة انها في حالة انسجام ، والتوازن هو القاعدة الكبرى . واذا تواجد التوازن مع الانسجام فسوف ياخذ كل شيء مكانه الطبيعي فيتلقى ما يغذيه لينمو ويزدهر .
وبمعنى آخر فان الفن ينشق التوترات وهو بهذا يرمز الى الحياة الغزيرة الوافرة وأصل ذلك يرجع الى ما قبل التاريخ وكان فيما يبدو مرتبطا بتهدئة الجوع بالصيد وزراعة المواد الغذائية والخصوبة بجميع طقوسها ودائماً في مكان ما يتضمن صفة سحرية .
ونحن على الأقل نستطيع أن نقول هذا :
- ان العمل الفني باي شكل من الاشكال هو عطاء متعمد لوحدة ما ، شيء كامل لا يمكن اضافة اي شيء اليه كما لا يمكن اخذ شيء منه دون افساد الوحدة الكاملة . لماذا نعتبر الفن شيئا له قيمته ، ولماذا يحرك فينا شيئاً ؟ في الواقع لا تعرف بالضبط على الأقل من الناحية العقلية ، لأنه في النهاية يتعلق بالمشاعر الإنسانية ، فأعماق العقل البشري و أسرار الحياة أشياء لا نعرف عنها الا القليل ، وعلى أي حال فان الفن يبدو أن له خاصية منبهة للحواس ومانحة للحياة ربما كان أصله عضوياً الى حد كبير التعبير الظاهري لبعض حركات الجسم التي تسبب الشعور بالاستمتاع أو تدل على الصحة العقلية والجسدية السليمة . ربما يدعو ذلك لاعادة نقل ما جاء على لسان الناقد المعروف سیر هربرت ريد : . ان تقديرنا للفنان هو تقديرنا لرجل استطاع بمواهبه الخاصة ان يحل لنا مشاكلنا العاطفية .
ان البلسم الشافي ، الاستمتاع بحالة ذهنية طيبة ، وتهدئة حالات التوتر سواء كان نفسياً أو عضويا ، الذي يترتب عن رؤية عمل فني ما ، أو أكثر من ذلك القيام بعمل فني فعلا له في الحقيقة تاثير قوي يعرفه الأطباء وعلماء النفس جيدا ، يكتب موهولي ناجي قائلا :
اليوم ، مع افتقاد تنظيم وتنقية الأحاسيس العاطفية من خلال الفنون انتشرت طرق للتنفيس والتعبير تتسم بالمرض والعجز عن التعبير والوحشية الهدامة . فالطاقات غير المستخدمة والأحباط الكامن في العقل الباطن تخلق حالات من الاضطراب العقلي تكاد تقف على حافة الجنون ، فالفن كنوع من التعبير الفردي يمكن أن يكون علاجاً عن طريق التسامي بالنزعات العدوانية ، والفن يهذب اجهزة الاستقبال في الانسان ويعيد الحيوية للقدرات الخلاقة .
وبهذه الطريقة يعتبر الفن نوعاً من العلاج التأهيلي يمكن من خلاله اعادة الثقة للشخص في قدرته على العطاء .
والناس جميعهم فنانون بدرجة ما ـ على الأقل توجد بداخلهم نسبة كامنة ـ وليس بالضرورة ان يكون ذلك في الفنون الجميلة . فليس هناك حد فاصل واضح بين الفن والصنعة والقدرة على العطاء يمكن تطبيقها على كل الأنشطة تقريباً ، الطهي والملبس وتخطيط المدن وبناء السفن والعلاقات الانسانية والتصوير ولكن القوانين الأساسية لكل نشاط فني ليس لها زمن محدد . وهي ثابتة لا تتغير ومعروفة على على قطعة جيدة من الفن مستوى العالم ويمكن تطبيقها المسرحي تماماً كما تطبق على سيمفونية ، وعلى قصيدة شعر أو لوحة زيتية ، أو على رواية بنفس الطريقة التي تطبق بها على قضية حب ، أو على كاتدرائية كما تطبق على صورة فوتوغرافية .
وما هي هذه المباديء ؟
کاف ، فالعمل الفني يجب أن التكامل كما هو معروف ، غير يحتوي على التنوع ويثير التوتر داخل وحدته الكاملة حتى يتجنب الملل : التباين التكرار ، اللحظة الحاسمة في العمل ، التوازن التماسك ، هذه هي المبادىء التي تنشق التوترات النفسية وبذلك تخرج أعمالا فنية .
فالتباين والتفاوت يعطي حيوية وقوة التباين مثلا بين الظلام والنور ، بين الجسم الصلب والفراغ ، الرأسي والأفقي ، الخشونة والنعومة . الخطوط الآلية والخطوط كبير الحجم والصغير وفي الأساسية البساطة والزركشة . الموسيقى بصفة خاصة يكون التباين بين الصوت الهاديء المنخفض والصوت العالي . التنافر والانسجام ، الحركات السريعة والبطيئة .
والتكرار في العناصر الأساسية للعمل الفني تساعد على تحقيق الوحدة ، وفي الموسيقى يتم ذلك بتكرار جملة موسيقية تتكرر بطرق مختلفة ، وفي الهندسة المعمارية يكون ذلك بتكرار النوافذ ذات الحجم الواحد أو النظام المترابط للجزئيات .
ومركز اللحظة الحاسمة أو الذروة هو الجزء المسيطر الذي يربط العمل والذي تتعلق به جميع الأجزاء وتشير اليه وتزيد من قيمته وفي المسرحية تكون هذه هي أكثر اللحظات تأثيراً من الناحية الدرامية وتأتي عادة قرب النهاية ، وفي البناء المعماري ربما يكون برجاً او مدخلا اساسيا ، وفي اللوحة الزيتية أو الصورة يكون مركز الجاذبية عادة بعيداً عن وسط الصورة وغالباً ما يكون مختفياً بطريقة ذكية كنقطة لها تأثير سائد .
والتوازن يعني الموازنة سواء في الزمن أو الفضاء ـ الزمن في حالة الموسيقى والدراما والفضاء في حالة الفنون مرئية التوازن يعني وضع مركز الذروة في مكانه الصحيح بما يتعلق بالأجزاء الأخرى ووضع جميع الاجزاء في علاقاتها الصحيحة بما يتعلق بالأجزاء الأخرى ، ووضع جميعالأجزاء في علاقاتها الصحيحة ببعضها ، وهذا لا يمكن تحقيقه بالفعل وحده ان ذلك له أهمية كبرى في التشكيل الفوتوغرافي ويجب أن يتحقق في النهاية عن طريق الشعور المرهف والفطرة .
هل ملمسها سليم ؟ ولا يكون السؤال هل اعتقد ان ملمسها سليم ؟ هل موازین درجات عمق الألوان والشكل في أحجامها ومواضعها الصحيحة حتى تجعل العمل ككل شيئاً متوازناً ؟ . والتماسك يعتمد على جميع الأسس والمبادىء السابقة ، ولكن ـ الهدف الأساسي أو الرؤية عند أيضاً على شيء اكثر من ذلك الفنان - القصة التي يود نقلها ،
الفكرة البسيطة الرابطة التي مرّ بها ويرغب في اظهارها . وفي التصوير يجب أن يكون هذا التماسك بسيطأ بصفة خاصة ، ويجب ان يكون له توحيد للهدف .
فالصورة الجيدة سوف يكون لها اثر فوري على المشاهد ، سواء بشد الانتباه أو الدهشة أو المتعة
او ارضاء المزاج أو اثارة الشاعرية أو الفزع ولكنه لا يكون مملا ابدأ .
- التصوير الفوتوغرافي كفن :
من خلال هذه القوانين أو الأسس ترتبط جميع الفنون ولهذا نسمع ان الفن المعماري
يسمى مع بعض الاحساس بالخجل ، الموسيقى المتجمدة . ولهذا السبب يرى بعض الناس من ذوي الحساسية الشديدة بعض التركيبات من الألوان المختلفة عندما يسمعون انغاماً مختلفة من الموسيقى ، ولهذا السبب ايضا تسمى إحدى الصور الفوتوغرافية المدهشة أحياناً بانها درامية .
وبالرغم من ذلك فان كل وسيلة لها طرقها في التعبير عن أشياء . والتصوير لا يشذ عنها ، واذا كان التصوير يشبه أي فن آخر ، فهو أقرب الى الفن المعماري والنحت بالمفهوم الشكلي عن اي منحنى بياني آخر ، ومن الناحية الجمالية ، يمكن تذوق الفن المعماري بطريقتين : أولا كشكل في الفراغ ، أي من الناحية الظاهرية كالنحت . ثانياً كتنظيم في الفراغ ، أي من الناحية الداخلية كعلاقة بين الزمن والفضاء والزمن متضمن لان الفرد يتحرك حوله داخل الفراغات ويكتشف علاقات جديدة أثناء تحركه .
وتبعاً للمفهوم الأول يرتبط التصوير الفوتوغرافي بالفن المعماري لأن كليهما يهتم بتكوين أشكال ذات ثلاثة أبعاد ، ضوء وظل وعلى الأقل تكوين فالشكل والتكوين لهما معنى سواء في الفن المعماري أو التصوير الفوتوغرافي بسبب الضوء .
ولا عجب اذن ان الفن المعماري يمنح المادة الخام للمصور الفوتوغرافي الذي يدقق ويختار في عمله ، والفن المعماري الراقي ليس ضرورياً لمثل هذا المصور ؟ فالفن الهندسي المعماري يمكن أن يتحقق في التصوير في حي حقير ، أو سور متداع أو مكان خرب جعلته القنابل حطاماً . ويمكن لمبنى جميل من أي عصر من العصور ان يلهم المصور بدرجة أقل بسبب الجمال الكامن فيه ، وليس بسبب العين الثالثة للمصور التي ترى العلاقات التي يسببها الاختيار ربما تحت ظروف اضاءة غير عادية ، ربما فقط أجزاء من المبنى أو تفاصيل جزئية تعطي نماذج لم يكن المهندس قد تعمدها عن قصد أو ادركها .. وفي الواقع ، فان الجزء المختار أو الجزء التفصيلي هو الذي يشكل للمصور عادة المادة المفضلة ويمكن أن يقول لنا عن المنظر ككل ، أكثر من أي منظر عام .
والتصوير باللون الأبيض والأسود يقف ثابتاً على قدميه ، ذلك بقدرته على تكوين أعمال لها أبعاد لا نهائية تتدرج ما بين الأسود والأبيض وهذا ما يجعله شيئاً فريداً وفن التصوير الذي يعتمد فقط على الضوء والظل يبرزهما في اعتماد كل منهما على الآخر ، وبذلك أمكن للاضاءة الصناعية أن تضيف الكثير الى امكانيات التصوير الفوتوغرافي ويمكن القول بان التصوير الفوتوغرافي يعني التشكيل بالضوء والضوء هو العامل الذي يعطي مرونة لإحلالها ، فهو الذي يعطي الواقع⏹
د . سويلم - القاهرة
تعليق