اسبانيه (تاريخ)
Spain - Espagne
إسبانية
تاريخ إسبانية
حملت إسبانية أسماء كثيرة في التاريخ منها بيرينه وهسبانيه وإيبرية. سماها الفينيقيون إشفافية، وسماها العرب الأندلس، وتسمى بالإسبانية إسبانية Espania.
ودلت الأبحاث على أنها كانت مأهولة منذ العصر الحجري القديم، فقد وجدت بقايا إنسان نياندرتال بالقرب من جبل طارق ومنطقة مدريد. وفي أواخر ذلك العصر عاش إنسان كرومانيون، فقد عثر على أدوات ورسوم جدارية في كهوف ألتاميرا Altamira في منطقة بسكاي وتمثل هذه الرسوم مشاهد من الصيد وحيوانات مختلفة.
أما من العصر الحجري الحديث فتدل الآثار التي عثر عليها في كهوف منغا Menga وألِمرية Almeria على قدوم جماعات من الشمال الإفريقي عرفت الغزل والنسيج والأواني الفخارية والحجارة المصقولة ولاسيما في موقع المقاطعة التي تعرف اليوم باسم مقاطعة مالقة.
إسبانية قبل الفتح العربي الإسلامي
ما قبل الرومان: في أواخر الألف الثاني ق.م قدم الفينيقيون والإيجيون والإغريق وأقاموا محطات تجارية على الساحل الإسباني المتوسطي، وسمى الفينيقيون مضيق جبل طارق الحالي «مضيق ملقرت» (أحد آلهة مدينة صور)، ولحق بهم الإيونيون في القرن السابع ق.م. أما في داخل إسبانية فقد سكن الكلتيون (عناصر جرمانيه قدمت من الشمال) والإيبريون (الذين قدموا من الجنوب ولهم ملامح متوسطية).
ويعد القرطاجيون أبناء الفينيقيين. وقد أقاموا امبراطورية في غرب البحر المتوسط، وسيطر هانيبال على إسبانية واكتسح ساغونية (حليفة رومة) واستثمر موارد إسبانية وجند رجالها في خطة لغزو رومة براً من الشمال.
العصر الروماني: وفد الرومان إلى إسبانية منذ القرن الثاني ق.م ولم تتحقق سيطرتهم الفعلية إلا سنة 19 ق.م في عهد أغسطس. وقد نشروا ثقافتهم اللاتينية وتشريعاتهم وتنظيماتهم الإدارية واستثمروا ثرواتها المعدنية. وازدهرت الحياة الفنية والفكرية واشتهر من الشعراء سنيكا مارسياليس وبرز من بين الإسبان أباطرة عظام مثل تراجان، ومارك أوريل. ثم اعتنق الإسبان المسيحية، فأصبحت إسبانية من المراكز المهمة لها.
القوط الغربيون «الفيزيقوط» والفاندال: وهم من البرابرة الجرمان. أخذوا يتسربون إلى إسبانية منذ القرن الخامس الميلادي. وقد عهد الامبراطور الروماني هونوريوس إلى زعيم القوط آتولف زوج أخته بالعمل على دعم النفوذ الروماني في إسبانية. ولكن القوط ما لبثوا أن استقروا وتكاثروا في إسبانية وأجبروا الفاندال الذين كانوا يقيمون في فاندالوسية (الأندلس) على النزوح إلى شمالي إفريقية. وفي سنة 476م اعترف امبراطور الدولة الرومانية الشرقية زينون بزعيم القوط أوريك ملكاً على إسبانية.
استمرت دولة القوط أكثر من قرنين، وشملت معظم الأراضي الإسبانية بعد أن أجبر القوط جماعة السويف على النزوح إلى شمال غربي إيبرية. ومن أبرز ملوكهم ريكاردوس وقد تحول ومعه شعبه إلى الكاثوليكية في مجمع طليطلة الثالث سنة 589م، وكانوا يعتنقون الآريوسية [ر. آريوس والآريوسية]. وفي سنة 702م صعد ويتيزا Witiza العرش (ويسميه العرب غيطشة)، وقد كثرت في عهده المؤامرات والاضطرابات بسبب سوء الأحوال الاجتماعية والاقتصادية، فقد كان النبلاء ورجال الكنيسة يعيشون حياة الترف في القصور الفخمة في حين كان العاملون في الزراعة والصناعة يعانون الفقر والإذلال. وكان جيرانهم من العرب المسلمين في إفريقية الشمالية يعيشون في ظل العدل والمساواة، ولعلَّ هذا من بين الأسباب التي سهلت الفتح العربي الإسلامي.
الفتح العربي الإسلامي 92هـ/ 711م ـ العرب في الأندلس
قبل فتح العرب المسلمين الأندلس[ر] بسنة واحدة تولى عرش إسبانية رودريغ (لذريق) بدعم من النبلاء وكبار الأحبار. وقد ساءت العلاقة بينه وبين يوليان صاحب سبتة. وكان موسى بن نصير يلي شمالي إفريقية من قبل الخليفة الأموي الوليد بن عبد الملك (86 - 96هـ/ 705- 715م). اتصل يوليان بموسى وشجعه على محاربة القوط وغزو إسبانية. فأرسل موسى حملة استطلاع بقيادة طريف بن مالك عام 91هـ/ 710م وعاد طريف بالغنائم ولمس ضعف القوط. عندها عهد موسى إلى طارق بن زياد[ر]، الذي كان قلّده طنجة، بقيادة حملة الفتح عام 92هـ/ 711م.
اجتاز طارق المضيق الذي غدا يحمل اسمه ورست سفنه عند الجزيرة الخضراء حيث صخرة الأسد (سميت جبل طارق) والتقى الطرفان في وادي نهر لكّة، وانتصر طارق وقتل رودريغ ثم أخذ جيش طارق يتقدم، فاستولى على قرطبة ثم طليطلة ومن بعدها سرقسطة ووصل إلى آستروغا في جيليقية شمال غربي إسبانية.
لحق موسى بن نصير بطارق عام 93هـ/ 712م وفتح مدينة قرمونة الحصينة وسار إلى إشبيلية وكانت محصنة فدخلها بعد حصار دام عدة أشهر، ومنها إلى ماردة ثم إلى برشلونة، ومن ثم تابع نحو جيليقية حيث وصل طارق. ودانت معظم إسبانية للحكم الجديد وأصبحت ولاية مرتبطة بدمشق عاصمة الخلافة الأموية.
أسرع العرب في تنظيم ولاية الأندلس. وعندما خلف عبد العزيز أباه في الولاية باشر بتنظيم الحكم، وألف مجلساً لاستنباط الأحكام الشرعية، وعُني بإنعاش الاقتصاد، ورَفَعَ عن الإسبان المظالم كما أمّنهم على أنفسهم ومعتقداتهم وأموالهم، وضمن حريتهم وشجع العرب المسلمين على حُسن معاشرة السكان ومصاهرتهم، كما أن خلفه أيوب بن حبيب الفهري نشر العدل والمساواة، وسمح لليهود المضطهدين في العهود الماضية بمزاولة التجارة وضمن سلامتهم وأموالهم.
تعاقب على ولاية الأندلس عشرون والياً برز منهم السمح بن مالك الخولاني الذي أغار على أكيتانية في غربي فرنسة واستشهد فيها، وعبد الرحمن الغافقي الذي استولى على أكيتانية التي استنجدت بملك الفرنجة شارل مارتل. واستشهد عبد الرحمن في معركة بلاط الشهداء[ر] بالقرب من بواتييه عام 114هـ/ 732م. ولما كانت ولاية يوسف الفهري، وصل الأندلس الأمير الأموي عبد الرحمن الداخل[ر] (صقر قريش) عام 138هـ/ 756م وكان قد غادر بلاد الشام بعد انهيار الدولة الأموية وقيام الدولة العباسية عام 132هـ/ 749م.
Spain - Espagne
إسبانية
تاريخ إسبانية
حملت إسبانية أسماء كثيرة في التاريخ منها بيرينه وهسبانيه وإيبرية. سماها الفينيقيون إشفافية، وسماها العرب الأندلس، وتسمى بالإسبانية إسبانية Espania.
ودلت الأبحاث على أنها كانت مأهولة منذ العصر الحجري القديم، فقد وجدت بقايا إنسان نياندرتال بالقرب من جبل طارق ومنطقة مدريد. وفي أواخر ذلك العصر عاش إنسان كرومانيون، فقد عثر على أدوات ورسوم جدارية في كهوف ألتاميرا Altamira في منطقة بسكاي وتمثل هذه الرسوم مشاهد من الصيد وحيوانات مختلفة.
أما من العصر الحجري الحديث فتدل الآثار التي عثر عليها في كهوف منغا Menga وألِمرية Almeria على قدوم جماعات من الشمال الإفريقي عرفت الغزل والنسيج والأواني الفخارية والحجارة المصقولة ولاسيما في موقع المقاطعة التي تعرف اليوم باسم مقاطعة مالقة.
إسبانية قبل الفتح العربي الإسلامي
ما قبل الرومان: في أواخر الألف الثاني ق.م قدم الفينيقيون والإيجيون والإغريق وأقاموا محطات تجارية على الساحل الإسباني المتوسطي، وسمى الفينيقيون مضيق جبل طارق الحالي «مضيق ملقرت» (أحد آلهة مدينة صور)، ولحق بهم الإيونيون في القرن السابع ق.م. أما في داخل إسبانية فقد سكن الكلتيون (عناصر جرمانيه قدمت من الشمال) والإيبريون (الذين قدموا من الجنوب ولهم ملامح متوسطية).
ويعد القرطاجيون أبناء الفينيقيين. وقد أقاموا امبراطورية في غرب البحر المتوسط، وسيطر هانيبال على إسبانية واكتسح ساغونية (حليفة رومة) واستثمر موارد إسبانية وجند رجالها في خطة لغزو رومة براً من الشمال.
العصر الروماني: وفد الرومان إلى إسبانية منذ القرن الثاني ق.م ولم تتحقق سيطرتهم الفعلية إلا سنة 19 ق.م في عهد أغسطس. وقد نشروا ثقافتهم اللاتينية وتشريعاتهم وتنظيماتهم الإدارية واستثمروا ثرواتها المعدنية. وازدهرت الحياة الفنية والفكرية واشتهر من الشعراء سنيكا مارسياليس وبرز من بين الإسبان أباطرة عظام مثل تراجان، ومارك أوريل. ثم اعتنق الإسبان المسيحية، فأصبحت إسبانية من المراكز المهمة لها.
القوط الغربيون «الفيزيقوط» والفاندال: وهم من البرابرة الجرمان. أخذوا يتسربون إلى إسبانية منذ القرن الخامس الميلادي. وقد عهد الامبراطور الروماني هونوريوس إلى زعيم القوط آتولف زوج أخته بالعمل على دعم النفوذ الروماني في إسبانية. ولكن القوط ما لبثوا أن استقروا وتكاثروا في إسبانية وأجبروا الفاندال الذين كانوا يقيمون في فاندالوسية (الأندلس) على النزوح إلى شمالي إفريقية. وفي سنة 476م اعترف امبراطور الدولة الرومانية الشرقية زينون بزعيم القوط أوريك ملكاً على إسبانية.
استمرت دولة القوط أكثر من قرنين، وشملت معظم الأراضي الإسبانية بعد أن أجبر القوط جماعة السويف على النزوح إلى شمال غربي إيبرية. ومن أبرز ملوكهم ريكاردوس وقد تحول ومعه شعبه إلى الكاثوليكية في مجمع طليطلة الثالث سنة 589م، وكانوا يعتنقون الآريوسية [ر. آريوس والآريوسية]. وفي سنة 702م صعد ويتيزا Witiza العرش (ويسميه العرب غيطشة)، وقد كثرت في عهده المؤامرات والاضطرابات بسبب سوء الأحوال الاجتماعية والاقتصادية، فقد كان النبلاء ورجال الكنيسة يعيشون حياة الترف في القصور الفخمة في حين كان العاملون في الزراعة والصناعة يعانون الفقر والإذلال. وكان جيرانهم من العرب المسلمين في إفريقية الشمالية يعيشون في ظل العدل والمساواة، ولعلَّ هذا من بين الأسباب التي سهلت الفتح العربي الإسلامي.
الفتح العربي الإسلامي 92هـ/ 711م ـ العرب في الأندلس
قبل فتح العرب المسلمين الأندلس[ر] بسنة واحدة تولى عرش إسبانية رودريغ (لذريق) بدعم من النبلاء وكبار الأحبار. وقد ساءت العلاقة بينه وبين يوليان صاحب سبتة. وكان موسى بن نصير يلي شمالي إفريقية من قبل الخليفة الأموي الوليد بن عبد الملك (86 - 96هـ/ 705- 715م). اتصل يوليان بموسى وشجعه على محاربة القوط وغزو إسبانية. فأرسل موسى حملة استطلاع بقيادة طريف بن مالك عام 91هـ/ 710م وعاد طريف بالغنائم ولمس ضعف القوط. عندها عهد موسى إلى طارق بن زياد[ر]، الذي كان قلّده طنجة، بقيادة حملة الفتح عام 92هـ/ 711م.
اجتاز طارق المضيق الذي غدا يحمل اسمه ورست سفنه عند الجزيرة الخضراء حيث صخرة الأسد (سميت جبل طارق) والتقى الطرفان في وادي نهر لكّة، وانتصر طارق وقتل رودريغ ثم أخذ جيش طارق يتقدم، فاستولى على قرطبة ثم طليطلة ومن بعدها سرقسطة ووصل إلى آستروغا في جيليقية شمال غربي إسبانية.
أسرع العرب في تنظيم ولاية الأندلس. وعندما خلف عبد العزيز أباه في الولاية باشر بتنظيم الحكم، وألف مجلساً لاستنباط الأحكام الشرعية، وعُني بإنعاش الاقتصاد، ورَفَعَ عن الإسبان المظالم كما أمّنهم على أنفسهم ومعتقداتهم وأموالهم، وضمن حريتهم وشجع العرب المسلمين على حُسن معاشرة السكان ومصاهرتهم، كما أن خلفه أيوب بن حبيب الفهري نشر العدل والمساواة، وسمح لليهود المضطهدين في العهود الماضية بمزاولة التجارة وضمن سلامتهم وأموالهم.
تعاقب على ولاية الأندلس عشرون والياً برز منهم السمح بن مالك الخولاني الذي أغار على أكيتانية في غربي فرنسة واستشهد فيها، وعبد الرحمن الغافقي الذي استولى على أكيتانية التي استنجدت بملك الفرنجة شارل مارتل. واستشهد عبد الرحمن في معركة بلاط الشهداء[ر] بالقرب من بواتييه عام 114هـ/ 732م. ولما كانت ولاية يوسف الفهري، وصل الأندلس الأمير الأموي عبد الرحمن الداخل[ر] (صقر قريش) عام 138هـ/ 756م وكان قد غادر بلاد الشام بعد انهيار الدولة الأموية وقيام الدولة العباسية عام 132هـ/ 749م.