بيت الأرواح The House of the Spirits

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • بيت الأرواح The House of the Spirits

    بيت الأرواح The House of the Spirits
    قد يوحي عنوان الفيلم ، للبعض ، بأنه فيلمٌ من أفلام الرعب أو الغموض أو الفانتازيا ، ولكنه فيلم واقعي يتناول أحداثاً واقعية بدأت في حقيقتها من نهايات القرن التاسع عشر لتمر على ثلاثة أجيال ، و لتنتهي مع الإنقلاب العسكري الشهير في تشيلي ، الذي أطاح بالرئيس الإشتراكي " سلفادور أليندي " على يد الجنرال " أوغستو بينوشيه " عام 1973 .
    و هذا الفيلم مقتبسٌ من رواية بالعنوان ذاته للكاتبة التشيلية " إيزابيل أليندي " التي يرتبط والدها بصلة قرابة مع الرئيس " سلفادور أليندي " ، و هذه الرواية هي التي أطلقت شهرة الكاتبة فأصبحت لاحقاً من أشهر كتاب أمريكا اللاتينية ، بعد أن أطلقت سلسلة ً من الروايات المهمة في تاريخ الرواية الحديث ، و هي تقترب في خطها الروائي من خط الكولومبي الشهير " غابريل غارسيا ماركيز " ( 1927 ـ 2014 ) في ما سُمّيَ بـ ( الواقعية السحرية) .
    تقول " إيزابيل اليندي " لـ ( فرانس برس ) : ( كان بإمكاني كتابة رواية " بيت الأرواح " مباشرة ً بعد الإنقلاب العسكري في تشيلي عام 1973 ولكنني إحتجتُ الى ثماني سنوات لأستوعب ما حصل ) . و كانت " أليندي " قد بدأت بكتابة رسائل الى جدها المحتضر الذي تجاوز التسعين من عمره ، و كانت قد عاشت في بيته الكبير مع أمها التي إنفصلت عن والد " أليندي " الذي كان يعمل في السفارة التشيلية في بيرو حيث ولدت " إيزابيل " ، ولكن هذه الرسائل تحولت الى رواية ( بيت الأرواح ) التي هي أولى رواياتها و قد صدرت عام 1982 فأطلقت شهرتها ، و قد تُرجمت الى أكثر من ثلاثين لغة في العالم ، منها اللغة العربية بترجمة الراحل د. " سامي الجندي " أولاً ، و هي ترجمة عن الفرنسية صدرت عن ( دار الجندي ) في دمشق عام 1998 ، ثم ترجمة الراحل " صالح علماني " عن الإسبانية مباشرةً و قد صدرت عن ( دار المدى ) العراقية عام 2010 ، و في تقديري فإن ترجمة " علماني " أكثر سلاسة ً من ترجمة " الجندي " و هي أقرب الى النص الأصلي لأنها لم تُترجم عن لغة وسيطة .
    و الجوهر الأساسي لهذه الرواية هو تقديس الأنثى بإعتبارها حاضنة الحياة ، و هو الموضوع الذي كرست " أليندي " نشاطها المجتمعي فيه ، إذ تُهدي روايتها ( إلى أمي و جدتي و بقية النساء الإستثنائيات في هذه القصة ) .
    ينتمي هذا الفيلم الى فئة الأفلام الرومانسية التي تجري في مناخاتها عملياتُ الإنتقام ، إجتماعية ً كانت أم سياسية ، أو حتى دموية على غرار القسوة التي نبتت على أرض أمريكا اللاتينية التي تشكل تشيلي جزءاً لا يتجزأ منها ، و ما إنقلاب عام 1973 الدموي بقيادة الجنرال " بينوشيه " إلا مثالٌ حيٌّ على ذلك حيث تصل أحداث الرواية في فصولها الأخيرة اليه و قد بات أبطالها من الجيل الثالث في سلسلة الأجيال الثلاثة التي شكلت مراحل أحداثها .
    يبدأ الفيلم بداية حزينة من حيث المشهد و التمثيل و الألوان و الكلام و الموسيقى التي وضعها الآلماني " هانز زيمر " للفيلم و التصوير بكاميرا " يورغن بيرسون " . و بداية الفيلم هذه هي نهاية الحكاية الطويلة حيث سيعود المشهد ذاته و بخاتمة أشد حزناً و أشد إيلاماً في وقعها الإنساني .
    و معظم أحداث الفيلم تدور في مزرعة ، و تنتمي هذه الأحداث الى عهود الإنتقام الملطخة بالدم و التي عُرفت بها أمريكا اللاتينية ، خصوصاً في فترة الستينيات و السبعينيات من القرن العشرين . و يتمركز الفيلم حول شخصيتين أساسيتين ، هما : " ستيبان ترويبا " ( جيمي آيرونز ) و " كلارا " ( ميريل ستريب ) ، فيما يدور الآخرون في فلك هاتين الشخصيتين المحوريتين . و تتميز شخصية " ترويبا " بالحزم و الشدة و القسوة و النزعة الإقطاعية و نوبات الغضب ، و أخيراً الإنتهازية .. عندما يدخل على الخط السياسي و يفوز في انتخابات مجلس الشيوخ التيشلي . ولكن تحطيم كبرياء هذا الإقطاعي الإنتهازي على يد العسكر الإنقلابيين يقدّمُ درساً بليغاً للإنتهازيين الذين لم و لن يستوعبوه على مدى التاريخ . و على الرغم من أن " تروبيا " يدّعي التمسكَ بالقيم إلا أنه تمسكٌ يتوافق مع مصلحته و مزاجه حسب ، و إلا فإنه لا يقيم إعتباراً لكرامة أحد ، بما في ذلك كرامة زوجته " كلارا " التي أحبته حباً صادقاً ، و كذلك جشعه و قسوته مع عماله ، و إعتدائه على الفلاحات ، كما حصل و أنجبت منه إحداهن صبياً تنكر له " تروبيا " ، ذلك هو " ستيبان غارسيا " ( فنسنت غالو ) الذي يكبر و يلتحق بالعسكرية ليكون بالتالي أحد ضباط الإنقلاب عام 1973 و يشرف على تعذيب أخته غير الشقيقة " بلانكا " ( وينونا رايدر ) و ذلك إنتقاماً من أبيه غير الشرعي المغتصب لوالدته و المتنكر له .
    عندما طرد " ترويبا " شقيقته " فيرولا " ( غلين كلوز ) من منزله ، و قد شك بوجود علاقة بينها و بين زوجته " كلارا " ، قالت له " فيرولا " : ( أنا ألعنك يا ستيبان . سوف تكون وحيداً دائماً . و جسدُك و روحُك سيضمحلان . و ستموتُ خائفاً بضمير مثقلٍ بالذنوب ) .. و ذلك ما حصل .
    القطب المناقض لشخصية " ترويبا " هي " كلارا " ، " كلارا " الشفافة ، المختلفة ــ منذ صغرها ــ بهدوئها و شدة مراقبتها و التقاطاتها و قدرتها على الكتمان ، و تنفرد شخصيتها بميزة نادرة لازمتها طَوال حياتها ، تمثلت بقدرتها على التنبؤ و قراءة الطالع و القدرة على التخاطر . و هي التي تنبأت بموت شقيقتها " روزا " ( تيري بولو ) التي شربت من الشراب المسموم الذي أُرسِل الى والدها من قـِـبَل مناوئيه ، مع باقة ورد ، كهدية بعد فوزه في الإنتخابات ، و هو جزء من طبيعة الإنتقام في مجتمع أمريكا اللاتينية ، خصوصاً في فورة الإحتدام السياسي في ذلك الوقت و الذي كانت تغذيه الولايات المتحدة . و بعد موت " روزا " تُلزم " كلارا " نفسَها بالخرَس ، فلا تنطق بكلمة واحدة طَوال تسع سنوات ، حتى يعود " ترويبا " الذي كان خطيب " روزا " التي ماتت ، فتنطق " كلارا " و تعلن أنها ستتزوج منه ، بما يفاجئُ قارئَ الرواية و مُشاهدَ الفيلم . و من هنا يبدأ التصاعد في دراما الأحداث .
    " ترويبا " الذي قضى عشرين عاماً ليكوّن شخصيته الإجتماعية و المالية بعد أن إمتلك ضيعة ً واسعة ، ظهر على حقيقته ما أن عاد إلى أرضه و شرع في تكوين عائلة ، فتزوج من " كلارا " لينجب منها إبنتهما " بلانكا " التي ما أن تشب في النصف الثاني من الفيلم حتى يبدأ جبروت والدها بالتصدع على يديها ، و هي تدق إسفيناً بينه و بين عماله حين تضرب الفارق الطبقي عرض الحائط فترتبط بعلاقة حميمة مع " بيدرو " ( أنتونيو باندرياس ) إبن رئيس عماله ، بل و تنجب منه طفلة هي " البا " التي سيتنازل " ترويبا " عن كبريائه و مكابرته و يرعاها كحفيدة تحفظ سلالة العائلة . و في ذلك إشارة ضمنية الى أن الأجيال المتعاقبة بقدر ما تتعلم من السابقة فإنها تعلّمُها ــ أيضاً ــ درساً في أن الحياة و التاريخ لا يتوقفان عند أقدامها بل تتسلمها الأجيال اللاحقة ، سواء أقبلت الأجيال السابقة بهذه الحقيقة أم لم تقبل .
    و هذه ثاني مشاركة لـ " ميريل ستريب " مع البريطانية " فانيسا ريدغريف " بعد فيلم ( جوليا ) عام 1977 ، الذي شكل أول إنطلاقة سينمائية لـ " ستريب " . و هي ثاني مشاركة للبريطاني " جيرمي آيرونز " مع " ستريب " بعد فيلم ( إمرأة الضابط الفرنسي ) عام 1981 . و أول مشاركة مع " ميريل ستريب " من قبل الأمريكية " غلين كلوز " التي قدمت أداءً مذهلاً في هذا الفيلم ، و " الإسباني " أنتونيو بانديراس " الذي على الرغم من أنه بدأ التمثيل و هو في التاسعة عشرة من عمره مع المخرج الإسباني الشهير " بيدرو المودوفار " إلا أن إنطلاقته الحقيقية بدأت مع ( بيت الأرواح ) .
    طول الفيلم : ساعتان و 20 دقيقة . و هو إنتاجٌ آلماني ، دانماركي ، برتغالي . بلغت كلفته 20 مليون دولار ، ولكن الإيرادات بالكاد تجاوزت الستة ملايين دولار ، ما شكل ظلماً و خيبة ً للفيلم الذي لم تُعرف قيمتهُ إلا لاحقاً .. فبات أحد التُحف في تاريخ السينما على يد المخرج الدانماركي القدير " بيل أوغست" .
    رابط الفيلم في التعليق الأول

يعمل...
X