Fareed Zaffour
21 مايو 2020 ·
Ehab Ali مجلة عشنا و شفنا 3Shna & Shofna
21 مايو 2020 ·
مازال هناك حمام سوق ويعمل بنفس طريقة عمله منذ عرف من العصر المملوكي ومرورا بالعثماني وحتى الان فهناك مهام أساسية للعاملين داخل حمام السوق فمهام "شيخ الحمامية" الإشراف علي تسليم الحمام وعدته وملاحظة أسلوب العمل في إستقبال الرواد وخدمتهم وتأمين راحتهم وبالتالي الحفاظ علي سمعة الحرفة من سلبياتها وحل المشاكل بين أربابهم والعاملين بها وبين أولئك ورواد الحمام... فيعرف "المعلم" بالبشاشة والترحاب والفراسة فدائما يتوقع المشاكل إذا كانت ستحدث وهو: نادراً ما يكون صاحب الحمام فغالباً ما يكون مستأجره ومموله والقائم علي شئونه ومتطلباته ويعمل جميع العاملين بالحمام تحت إمرته وكان يطلق عليه أيضاً الحمامجي أو المدولب حيث يتسلم المعلم منهم الأشياء الثمينة لحفظها كأمانات عنده في دواليب مرقمه خلفه أو بجانبه ويأخذ منك نقودك بعد ما تحصيها أمامه وتخبره ما قيمتها بصوت مسموع ولو لم تكن حاصيها يطلب منك ذلك وهو يجلس علي تخته الخاص الموجود بصدر الحجرة الباردة بعد الدخول من المدخل المنكسر مباشرة بحيث يمكنه ملاحظة الرواد أثناء دخولهم وخروجهم من مكانه المتميز.
ثم أمر العاملين بالحمام الاهتمام بالزبائن وتلبية جميع مطالبهم وتأمين راحتهم فقد كان يعمل بالحمامات فريق عمل متكامل من الخبراء والمختصين وكان العامل يمر بمراحل يتدرج خلالها في صنعته من مرحلة الصبي إلي درجة الأُسطى وكان يحتفل به كلما تخطي مرحلة من هذه المراحل.
فكان أول من تلقاهم في الحجرة الباردة "الناطور" وهو: الحارس والنائب الذي ينوب عن المعلم عند عدم تواجده ويشترط فيه الأمانة والنظافة وحسن الخلق وبشاشة الوجه والتعامل مع الرواد بقدر ما تعلم ويتوقع مثلما رأى المعلم وتعلم فعليه أن يقوم بتحية الداخلين إلى الحمام كما أن عليه أن يدعو للخارجين منه - فسأل الناطور الزبائن عن رغبتهم في كيفية الإستحمام وعما إذا كان منهم من يريد إزالة الشعر؟ ومن يرغب في التكيس والتدليك؟ أم يريد الاستحمام بنفسه دون مساعده؟ فترك من يريد أن يستحم بمفرده إلي حيث شاء، أما من يريد منهم أن يتلقي الخدمة عن طريق المختصين ليساعدهم لخلع ملابسهم ووضع أغراضهم الخاصة بأماكنها المعتادة ثم يقدم لهم المـآزر والمناشف والقباقيب الخشبية واصطحابهم إلي الحجرة الدفيئة خلال الممرات الضيقة المعبأة بالبخور الذكي والأبخرة التي تعمل علي تهيئة الأجساد تدريجاً علي الحرارة العالية.... فالتقوا علي مصطبة الحجرة الدفيئة بـ "المزين" - وهو الذي يقوم بالحلاقة للزبائن وأحياناً يتولى عمليات الختان للذكور. ويصفه الهمذاني في مقاماته بأنه " حاد الموس، نظيف الثياب، قليل الفضول"- فأتم عمله علي أكمل وجه وبعد ذلك إستقبلهم في مدخل الحجرة الساخنة " التُبَع" - وهو: يعمل كمساعد لكل من المعلم والناطور وأيضاً الريس ومن اختصاصه القيام بنقل الماء البارد ليعدل من حرارة الماء الساخن كما كان يقوم بأدوار ثانوية في تحميم رواد الحمام كغسل الرأس وتلييف الظهر وإزالة الشعر في حالة انشغال الريس- فأجلسهم علي مصطبة الحرارة التي تتوسط الحجرة الساخنة لانتظار إخلاء المقصورات الخاصة الملحقة بالحجرة الساخنة.
وفي أثناء الإنتظار رش "التبع" بعض الماء علي ممر بيت النار (المغطس) المواجه ليتصاعد البخار فتعرق الزبائن وتحللت مفرزات أجسادهم كما أحضر طاسات نحاسية كبيرة ليضعوا فيها أقدامهم، وبعد فترة من الوقت دعا "الريس" (المدلك) الزبون يلي الآخر إلي مقصورة الصنعة ليقوم بمهامه - فكانت وظيفته كما يصفها صاحب المقامة : " ودخل آخر فجعل يدلكني دلكاً يكد العظام، ويغمزني غمزاً يهد الأوصال" وكان يجب عليه أن يكون متقناً لصنعته، يغض طرفه ويخشن كفه"
وبعد أن جلس الزبون أمام "الريس" تناول الأخير قفازاً من الصوف أو الوبر وبدأ في تدليك وتفريك صدر الجسد بادئاً بجزئه الأيمن ثم الأيسر وبعدها استلقي الزبون علي وجهه وتناول الريس ظهره بالتدليك والتفريك ثم جلس الزبون مرة أخري وجهاً لوجهه مع الريس فكيس تحت إبطيه ووجهه وبعدها صب الماء الساخن علي جسم المستحم حتي يزول كل درنه، ثم غسل له رأسه ثلاثاً وعقب كل مره يصب علي رأسه وجسده الماء الساخن ليزيل ما عليه من صابون وبذلك أنتهت عملية التحميم تلتها عملية الصوبنة بنفس الخطوات المتبعة في التفريك ثم نهض الزبون فسكب الريس الماء تعميماً لكامل جسده.
ثم أتي "التبع" بالمناشف البيضاء النظيفة واصطحب الزبون بعد الأخر وأخرجه ليستريح بالحجرة الدفيئة ليتلاءم جسده تدريجياً مع اعتدال حرارة الحجرة الدفيئة وقدم له المشروبات. ثم نادي علي "الناطور" ليتسلمه ويجفف عرقه ويبدل مناشفه بمناشف جافة، فسار به إلي الحجرة الباردة وتناوب تبديل المناشف حتي جف عرقه تماماً ثم يساعدهم في إرتداء ملابسهم.
وما سبق كان رحلة وفي نهاية الزيارة عندما قرر الزبائن الخروج من الحمام... رفض المعلم تسليمهم أمانتهم التي بحوذته إلا بعد دفع أجرة استخدام الحمام....هنا فوجىء الزبائن بتراجع الرجل عما كتبه عند دخول الحمام على اللافته بان دخول الحمام مجاناً وعندما واجهوه بما كتب على الباب رد قائلاً "دخول الحمام مش زى خروجه" وأصر أن يدفع كل منهم المال. وأصبح رد صاحب الحمام مثلاً شعبياً يتداوله الناس عندما يتورط شخص فى مشكلة بالرغم من أن بدايتها لم تكن تنبئ بنهايتها.
و حيث أن الحمامات شاركت في العصرين المملوكي والعثماني في توفير فرص العمل بالمدن التي شيدت بها، فقد كانت سبباً مباشراً في ظهور عدد من الوظائف الخاصة بخدمة العدد الكبير المتوافد عليها يومياً. وقد إختلف عدد العاملين بالحمام زيادةً أو نقصاناً حسب كبر الحمام أو صغره من جهة وحسب عدد واتساع المقاصير من جهة أخري كما أن موقع الحمام ونوعية رواده له دور أيضاً في عدد العاملين به. كما أنه يوجد عدد آخر من العاملين بالحمام لا علاقة لهم بالمترددين على الحمامات ومع ذلك يمثلون جانباً رئيسياً في عمل الحمام فنجد ان كل من الزبال أو القميمي و الوقاد والتابعين لهم وكل هؤلاء مسئولين عن احماء النار على مياه الحمام من ما يسمى المستوقد وهو الجانب الآخر للاستفادة من الحمام وهو تراب الفرن في أعمال النظافة للأنية وكذلك مادة كانت تستخدم قديما مثل الاسمنت حاليا في البناء تسمى الاسرومل بالإضافة لعمليات التسوية لقدور الفول المدمس وحتى الآن.
ونستخلص من منظومة حمام السوق وغرف تغيير الملابس والتي دائما على الشارع الخارجي والمغطس وهو اسخن نقطة في الحمام وخط السير من الغرفة والى المغطس وخط العودة والتدرج في ارتفاع درجات الحرارة دخولا وانخفاضها التدريجي خروجا للمتردد على الحمام والمستفيد وأعلى معايير الصحة والوقاية من نزلات البرد.
فإذا احب معلم الحمام وكتب لافته عليها الدخول مجانا فيصعب جدا أن يكون كذلك الخروج.
وبما أننا على مشارف عيد الفطر كل عام وانتم بخير وكافة الأسر بانتظار حمام العيد والصحة والهنا فحقا صح القول والمثل " دخول الحمام مش زي خروجه"
#مجلةعشناوشفنا
لقطات مختلفة من أرشيف المجلة لحمام سنان باشا ببولاق وهو أثر فقط ولا يعمل حمام سوق....
Fareed Zaffour
21 مايو 2020 ·
Ehab Ali مجلة عشنا و شفنا 3Shna & Shofna
21 مايو 2020 ·
مازال هناك حمام سوق ويعمل بنفس طريقة عمله منذ عرف من العصر المملوكي ومرورا بالعثماني وحتى الان فهناك مهام أساسية للعاملين داخل حمام السوق فمهام "شيخ الحمامية" الإشراف علي تسليم الحمام وعدته وملاحظة أسلوب العمل في إستقبال الرواد وخدمتهم وتأمين راحتهم وبالتالي الحفاظ علي سمعة الحرفة من سلبياتها وحل المشاكل بين أربابهم والعاملين بها وبين أولئك ورواد الحمام... فيعرف "المعلم" بالبشاشة والترحاب والفراسة فدائما يتوقع المشاكل إذا كانت ستحدث وهو: نادراً ما يكون صاحب الحمام فغالباً ما يكون مستأجره ومموله والقائم علي شئونه ومتطلباته ويعمل جميع العاملين بالحمام تحت إمرته وكان يطلق عليه أيضاً الحمامجي أو المدولب حيث يتسلم المعلم منهم الأشياء الثمينة لحفظها كأمانات عنده في دواليب مرقمه خلفه أو بجانبه ويأخذ منك نقودك بعد ما تحصيها أمامه وتخبره ما قيمتها بصوت مسموع ولو لم تكن حاصيها يطلب منك ذلك وهو يجلس علي تخته الخاص الموجود بصدر الحجرة الباردة بعد الدخول من المدخل المنكسر مباشرة بحيث يمكنه ملاحظة الرواد أثناء دخولهم وخروجهم من مكانه المتميز.
ثم أمر العاملين بالحمام الاهتمام بالزبائن وتلبية جميع مطالبهم وتأمين راحتهم فقد كان يعمل بالحمامات فريق عمل متكامل من الخبراء والمختصين وكان العامل يمر بمراحل يتدرج خلالها في صنعته من مرحلة الصبي إلي درجة الأُسطى وكان يحتفل به كلما تخطي مرحلة من هذه المراحل.
فكان أول من تلقاهم في الحجرة الباردة "الناطور" وهو: الحارس والنائب الذي ينوب عن المعلم عند عدم تواجده ويشترط فيه الأمانة والنظافة وحسن الخلق وبشاشة الوجه والتعامل مع الرواد بقدر ما تعلم ويتوقع مثلما رأى المعلم وتعلم فعليه أن يقوم بتحية الداخلين إلى الحمام كما أن عليه أن يدعو للخارجين منه - فسأل الناطور الزبائن عن رغبتهم في كيفية الإستحمام وعما إذا كان منهم من يريد إزالة الشعر؟ ومن يرغب في التكيس والتدليك؟ أم يريد الاستحمام بنفسه دون مساعده؟ فترك من يريد أن يستحم بمفرده إلي حيث شاء، أما من يريد منهم أن يتلقي الخدمة عن طريق المختصين ليساعدهم لخلع ملابسهم ووضع أغراضهم الخاصة بأماكنها المعتادة ثم يقدم لهم المـآزر والمناشف والقباقيب الخشبية واصطحابهم إلي الحجرة الدفيئة خلال الممرات الضيقة المعبأة بالبخور الذكي والأبخرة التي تعمل علي تهيئة الأجساد تدريجاً علي الحرارة العالية.... فالتقوا علي مصطبة الحجرة الدفيئة بـ "المزين" - وهو الذي يقوم بالحلاقة للزبائن وأحياناً يتولى عمليات الختان للذكور. ويصفه الهمذاني في مقاماته بأنه " حاد الموس، نظيف الثياب، قليل الفضول"- فأتم عمله علي أكمل وجه وبعد ذلك إستقبلهم في مدخل الحجرة الساخنة " التُبَع" - وهو: يعمل كمساعد لكل من المعلم والناطور وأيضاً الريس ومن اختصاصه القيام بنقل الماء البارد ليعدل من حرارة الماء الساخن كما كان يقوم بأدوار ثانوية في تحميم رواد الحمام كغسل الرأس وتلييف الظهر وإزالة الشعر في حالة انشغال الريس- فأجلسهم علي مصطبة الحرارة التي تتوسط الحجرة الساخنة لانتظار إخلاء المقصورات الخاصة الملحقة بالحجرة الساخنة.
وفي أثناء الإنتظار رش "التبع" بعض الماء علي ممر بيت النار (المغطس) المواجه ليتصاعد البخار فتعرق الزبائن وتحللت مفرزات أجسادهم كما أحضر طاسات نحاسية كبيرة ليضعوا فيها أقدامهم، وبعد فترة من الوقت دعا "الريس" (المدلك) الزبون يلي الآخر إلي مقصورة الصنعة ليقوم بمهامه - فكانت وظيفته كما يصفها صاحب المقامة : " ودخل آخر فجعل يدلكني دلكاً يكد العظام، ويغمزني غمزاً يهد الأوصال" وكان يجب عليه أن يكون متقناً لصنعته، يغض طرفه ويخشن كفه"
وبعد أن جلس الزبون أمام "الريس" تناول الأخير قفازاً من الصوف أو الوبر وبدأ في تدليك وتفريك صدر الجسد بادئاً بجزئه الأيمن ثم الأيسر وبعدها استلقي الزبون علي وجهه وتناول الريس ظهره بالتدليك والتفريك ثم جلس الزبون مرة أخري وجهاً لوجهه مع الريس فكيس تحت إبطيه ووجهه وبعدها صب الماء الساخن علي جسم المستحم حتي يزول كل درنه، ثم غسل له رأسه ثلاثاً وعقب كل مره يصب علي رأسه وجسده الماء الساخن ليزيل ما عليه من صابون وبذلك أنتهت عملية التحميم تلتها عملية الصوبنة بنفس الخطوات المتبعة في التفريك ثم نهض الزبون فسكب الريس الماء تعميماً لكامل جسده.
ثم أتي "التبع" بالمناشف البيضاء النظيفة واصطحب الزبون بعد الأخر وأخرجه ليستريح بالحجرة الدفيئة ليتلاءم جسده تدريجياً مع اعتدال حرارة الحجرة الدفيئة وقدم له المشروبات. ثم نادي علي "الناطور" ليتسلمه ويجفف عرقه ويبدل مناشفه بمناشف جافة، فسار به إلي الحجرة الباردة وتناوب تبديل المناشف حتي جف عرقه تماماً ثم يساعدهم في إرتداء ملابسهم.
وما سبق كان رحلة وفي نهاية الزيارة عندما قرر الزبائن الخروج من الحمام... رفض المعلم تسليمهم أمانتهم التي بحوذته إلا بعد دفع أجرة استخدام الحمام....هنا فوجىء الزبائن بتراجع الرجل عما كتبه عند دخول الحمام على اللافته بان دخول الحمام مجاناً وعندما واجهوه بما كتب على الباب رد قائلاً "دخول الحمام مش زى خروجه" وأصر أن يدفع كل منهم المال. وأصبح رد صاحب الحمام مثلاً شعبياً يتداوله الناس عندما يتورط شخص فى مشكلة بالرغم من أن بدايتها لم تكن تنبئ بنهايتها.
و حيث أن الحمامات شاركت في العصرين المملوكي والعثماني في توفير فرص العمل بالمدن التي شيدت بها، فقد كانت سبباً مباشراً في ظهور عدد من الوظائف الخاصة بخدمة العدد الكبير المتوافد عليها يومياً. وقد إختلف عدد العاملين بالحمام زيادةً أو نقصاناً حسب كبر الحمام أو صغره من جهة وحسب عدد واتساع المقاصير من جهة أخري كما أن موقع الحمام ونوعية رواده له دور أيضاً في عدد العاملين به. كما أنه يوجد عدد آخر من العاملين بالحمام لا علاقة لهم بالمترددين على الحمامات ومع ذلك يمثلون جانباً رئيسياً في عمل الحمام فنجد ان كل من الزبال أو القميمي و الوقاد والتابعين لهم وكل هؤلاء مسئولين عن احماء النار على مياه الحمام من ما يسمى المستوقد وهو الجانب الآخر للاستفادة من الحمام وهو تراب الفرن في أعمال النظافة للأنية وكذلك مادة كانت تستخدم قديما مثل الاسمنت حاليا في البناء تسمى الاسرومل بالإضافة لعمليات التسوية لقدور الفول المدمس وحتى الآن.
ونستخلص من منظومة حمام السوق وغرف تغيير الملابس والتي دائما على الشارع الخارجي والمغطس وهو اسخن نقطة في الحمام وخط السير من الغرفة والى المغطس وخط العودة والتدرج في ارتفاع درجات الحرارة دخولا وانخفاضها التدريجي خروجا للمتردد على الحمام والمستفيد وأعلى معايير الصحة والوقاية من نزلات البرد.
فإذا احب معلم الحمام وكتب لافته عليها الدخول مجانا فيصعب جدا أن يكون كذلك الخروج.
وبما أننا على مشارف عيد الفطر كل عام وانتم بخير وكافة الأسر بانتظار حمام العيد والصحة والهنا فحقا صح القول والمثل " دخول الحمام مش زي خروجه"
#مجلةعشناوشفنا
لقطات مختلفة من أرشيف المجلة لحمام سنان باشا ببولاق وهو أثر فقط ولا يعمل حمام سوق....