عماني راجز (محمد ذويب)
Al-Omani al-Radjiz (Mohammad ibn Zu’ayb-) - Al-Omani al-Radjiz (Mohammad ibn Zu’ayb-)
العُماني الراجز (محمد بن ذؤيب ـ)
(…ـ … هـ/… ـ … م)
أبو عبد الله، محمد بن ذؤيب بن محجن بن قدامة، أحد بني فُقَيم بن جرير بن دارم بن مالك بن حنظلة بن زيد مناة بن تميم، المشهور بـالعماني الراجز. أما شهرته بالعماني (بضم العين وتخفيف الميم) فلأنه كان شديد صفرة اللون، ولم يكن هو ولا أبوه من أهل عمان، وقيل: إن أول من أطلق عليه هذا اللقب هو دُكَين الراجز، فقد نظر إليه وهو يسقي الإبل ويرتجز، فوجده عليلاً مصفر الوجه، فقال: من هذا العماني؟ لأن عمان كانت إذ ذاك وَبِيئةً وأهلها مصفرّة وجوههم، فعلقت به هذه الشهرة، وأصبح لا يعرف إلا بها. وأما اشتهاره بـالراجز فلأن الرجز غلب عليه، وما انتهى إلينا من شعره يؤكد هذا الذي نسب إليه.
وليس بين أيدينا من أخباره ما يُعرف عن نشأته ولا عن أسرته، وكل ما يُعرف عنه أنه من مخضرمي الدولتين الأموية والعباسية، وأنه بصري المنشأ، وأنه عمّر طويلاً، فقد روى الأصمعي (ت نحو 218هـ) «أنه مات وهو ابن ثلاثين ومئة سنة». وقد أغفلت المصادر ذكر سنة ولادته ووفاته، غير أن المتتبع لسيرته يلحظ أن لا ذكر له مع من جاء بعد هارون الرشيد من خلفاء بني العباس، مما يدعو إلى القول إنه لم يعش بعد عصر الرشيد، فإذا عُرف أن الرشيد توفي سنة 193هـ أمكن أن تُحدّد ـ على وجه التقريب ـ وفاته بأنها كانت إحدى السنوات العشر الأخيرة من القرن الثاني، كما يُستطاع بالاستناد إلى ما ذكره الأصمعي من عمره أن تُحدّد سنة ولادته بأنها كانت، على وجه التقريب أيضاً، في الستينات من القرن الأول للهجرة.
وقد ألمحت مصادر ترجمته إلى أنه اتصل بيزيد بن الوليد، وإبراهيم بن الوليد، والحجاج بن يوسف، ثم اتصل بمروان بن محمد آخر خلفاء بني أمية ومدحه، وبعد قيام الدولة العباسية اتصل بالمنصور والمهدي والهادي والرشيد، فخلعوا عليه وأجزلوا له العطاء.
وقد أثنى القدماء على شعره، فذكر ابن قتيبة «أنه كان يجيد الوصف ويحسن»، وذكر الأصمعي أنه كان «شاعراً قديماً مفلقاً ومطبوعاً مقتدراً، وكان جيد الرجز والقصيد، غير أن الأغلب عليه الرجز»، وزعم ابن المعتز أنه كان يوزن بالعجّاج ورؤبة، فقال: «له أشياء حسان كثيرة، وكان يوزن بالعجّاج ورؤبة، بل كان أطبع منهما»، كما أُثِر عن نقاد الشعر قولهم: «أشعر الرجاز الرشيديين أربعة، العماني أولهم».
وقد جمع القدماء ديوانه، وكان كما قال النديم «في خمسين ورقة»، بيد أن هذه الأوراق ضاعت، ولم يبق من شعره إلا القليل، وقد تكفل بجمعه حنّا جميل حدّاد ونشره سنة 1983م في مجلة معهد المخطوطات العربية بالكويت.
والناظر في شعر العماني يرى أن أكثره في مدح بني العباس، ولاسيما هارون الرشيد وابنه محمد، فمما قاله في مدح هارون:
هارون يـا فـرخ فـروع المـجـد
ويـا بن أشـيـاخ الحطيم التلــد
ومما قاله في مدح بني العباس والذود عن خلافتهم:
إن بني العـبـاس لم يـقصّـروا
إذ نهضوا لمـلكـهم وشـمّـروا
وقد غلبت سمة التكسب في مدائحه على القيم الفنية، فظهر في شعره التكلف في المعاني، والابتذال في العبارة، كقوله في مدح بعض أمرائهم:
ما كنـت أدري مـا رخـاء العيـش
ولا لبـسـت الوشـي بعـد الخيـش
حتى تمـدّحـت فـتـــى قـريش
راشَ جـنـاحـيّ وفــوق الرّيش
أما الموضوع الآخر الذي اشتهر به العماني فهو وصف الفرس، وله البيتان المشهوران:
كـأنّ أذنـيـه إذا تشـــوفـا
قـادمــة أو قــلمــاً محرّفا
ظل العماني الراجز في شعره بعيداً عن روح الحضارة العباسية، وما انتهى إلينا من شعره أقرب إلى رجّاز العصر الأموي.
نبيل أبو عمشة
Al-Omani al-Radjiz (Mohammad ibn Zu’ayb-) - Al-Omani al-Radjiz (Mohammad ibn Zu’ayb-)
العُماني الراجز (محمد بن ذؤيب ـ)
(…ـ … هـ/… ـ … م)
أبو عبد الله، محمد بن ذؤيب بن محجن بن قدامة، أحد بني فُقَيم بن جرير بن دارم بن مالك بن حنظلة بن زيد مناة بن تميم، المشهور بـالعماني الراجز. أما شهرته بالعماني (بضم العين وتخفيف الميم) فلأنه كان شديد صفرة اللون، ولم يكن هو ولا أبوه من أهل عمان، وقيل: إن أول من أطلق عليه هذا اللقب هو دُكَين الراجز، فقد نظر إليه وهو يسقي الإبل ويرتجز، فوجده عليلاً مصفر الوجه، فقال: من هذا العماني؟ لأن عمان كانت إذ ذاك وَبِيئةً وأهلها مصفرّة وجوههم، فعلقت به هذه الشهرة، وأصبح لا يعرف إلا بها. وأما اشتهاره بـالراجز فلأن الرجز غلب عليه، وما انتهى إلينا من شعره يؤكد هذا الذي نسب إليه.
وليس بين أيدينا من أخباره ما يُعرف عن نشأته ولا عن أسرته، وكل ما يُعرف عنه أنه من مخضرمي الدولتين الأموية والعباسية، وأنه بصري المنشأ، وأنه عمّر طويلاً، فقد روى الأصمعي (ت نحو 218هـ) «أنه مات وهو ابن ثلاثين ومئة سنة». وقد أغفلت المصادر ذكر سنة ولادته ووفاته، غير أن المتتبع لسيرته يلحظ أن لا ذكر له مع من جاء بعد هارون الرشيد من خلفاء بني العباس، مما يدعو إلى القول إنه لم يعش بعد عصر الرشيد، فإذا عُرف أن الرشيد توفي سنة 193هـ أمكن أن تُحدّد ـ على وجه التقريب ـ وفاته بأنها كانت إحدى السنوات العشر الأخيرة من القرن الثاني، كما يُستطاع بالاستناد إلى ما ذكره الأصمعي من عمره أن تُحدّد سنة ولادته بأنها كانت، على وجه التقريب أيضاً، في الستينات من القرن الأول للهجرة.
وقد ألمحت مصادر ترجمته إلى أنه اتصل بيزيد بن الوليد، وإبراهيم بن الوليد، والحجاج بن يوسف، ثم اتصل بمروان بن محمد آخر خلفاء بني أمية ومدحه، وبعد قيام الدولة العباسية اتصل بالمنصور والمهدي والهادي والرشيد، فخلعوا عليه وأجزلوا له العطاء.
وقد أثنى القدماء على شعره، فذكر ابن قتيبة «أنه كان يجيد الوصف ويحسن»، وذكر الأصمعي أنه كان «شاعراً قديماً مفلقاً ومطبوعاً مقتدراً، وكان جيد الرجز والقصيد، غير أن الأغلب عليه الرجز»، وزعم ابن المعتز أنه كان يوزن بالعجّاج ورؤبة، فقال: «له أشياء حسان كثيرة، وكان يوزن بالعجّاج ورؤبة، بل كان أطبع منهما»، كما أُثِر عن نقاد الشعر قولهم: «أشعر الرجاز الرشيديين أربعة، العماني أولهم».
وقد جمع القدماء ديوانه، وكان كما قال النديم «في خمسين ورقة»، بيد أن هذه الأوراق ضاعت، ولم يبق من شعره إلا القليل، وقد تكفل بجمعه حنّا جميل حدّاد ونشره سنة 1983م في مجلة معهد المخطوطات العربية بالكويت.
والناظر في شعر العماني يرى أن أكثره في مدح بني العباس، ولاسيما هارون الرشيد وابنه محمد، فمما قاله في مدح هارون:
هارون يـا فـرخ فـروع المـجـد
ويـا بن أشـيـاخ الحطيم التلــد
ومما قاله في مدح بني العباس والذود عن خلافتهم:
إن بني العـبـاس لم يـقصّـروا
إذ نهضوا لمـلكـهم وشـمّـروا
وقد غلبت سمة التكسب في مدائحه على القيم الفنية، فظهر في شعره التكلف في المعاني، والابتذال في العبارة، كقوله في مدح بعض أمرائهم:
ما كنـت أدري مـا رخـاء العيـش
ولا لبـسـت الوشـي بعـد الخيـش
حتى تمـدّحـت فـتـــى قـريش
راشَ جـنـاحـيّ وفــوق الرّيش
أما الموضوع الآخر الذي اشتهر به العماني فهو وصف الفرس، وله البيتان المشهوران:
كـأنّ أذنـيـه إذا تشـــوفـا
قـادمــة أو قــلمــاً محرّفا
ظل العماني الراجز في شعره بعيداً عن روح الحضارة العباسية، وما انتهى إلينا من شعره أقرب إلى رجّاز العصر الأموي.
نبيل أبو عمشة