عنين (ابن ) - Ibn Unayn

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • عنين (ابن ) - Ibn Unayn

    عنين ()

    Ibn Unayn - Ibn Unayn

    ابن عُنَين
    (549 ـ 630هـ/1154ـ 1232م)

    شرف الدين أبو المحاسن، محمد بن نصر بن علي بن محمد بن غالب المعروف بابن عُنين، شاعر عاش في عهد الأيوبيين، يتصل نسبه بالأنصار، هاجر آباؤه الأولون من المدينة إلى الكوفة، ومنها إلى دمشق، حيثُ ولد ابن عُنين، وتعد دمشق بداية نشأته وانطلاقه نحو مسرح الحياة، ففيها نشأ وترعرع، وكان منزله بجوار الجامع الأموي، فلما يفع تتلمذ فيه لشيخ نحوي جليل؛ هو أبو الثناء محمود بن نعمة بن أرسلان الشيزري، وسمع للحافظ الكبير أبي القاسم علي بن الحسن بن عساكر، وهو يدرِّس بالمقصورة الغربية، وأصاب طرفاً من الفقه على قطب الدين النيسابوري رئيس الشافعية بالزاوية الغربية، من الجامع أيضاً، وعلى كمال الدين الشهرزوري قاضي قضاة دمشق، ثم بعد ذلك رحل إلى بغداد فسمع من «منوجهر بن تركان شاه» راوي مقامات الحريري.
    فجعلت البيئة العلمية التي نشأ فيها ابن عُنين منه شاعراً أديباً عالماً بالأدب، واسع الرواية للشعر، وأخبار العرب، متمكناً من اللغة، متقناً لها، عالماً بالنحو، مشاركاً في الحديث والفقه، ملماً بفروع الثقافة الإسلامية من تفسير، ومنطق وحساب، وكل ذلك ظاهر في شعره، ولاسيما النحو، فقد كان يُسخِّر مصطلحاته في ابتكار معانٍ جديدة في شعره، في عهد طغى فيه التقليد على الإبداع.
    بدايته مع الشعر كانت وهو ابن ست عشرة سنة في عهد الملك العادل «نور الدين محمود بن زنكي»، الذي كان يقّرب العلماء الأتقياء، ولا يُقبِل على الشعراء، ربما كان هذا الإهمال الذي واجهه ابن عنين، وهو في مقتبل حياته الشعرية سبباً رئيساً في توجيه شعره إلى النقد.
    وبعد وفاة نور الدين زنكي دخلت دمشق في طاعة صلاح الدين الأيوبي، ولم يكن يختلف عن سابقه كثيراً، إلا أَنه أكثر تذوقاً للأدب، وأَلْيَن حجاباً للشعراء، ولكنّ ذلك لم يغيّر في الأمر شيئاً بالنسبة لابن عُنين الذي استمر في السخرية والتهكم والهجاء، ومما يقول في السلطان والقائمين بأمور الدولة:
    سلطانُنا أعرج وكاتبه
    ذو عمش والوزير منحدب
    وشعره هذا كان دافعاً لإثارة غضب صلاح الدين، فأمر بإخراجه من دمشق إلى حيث يشاء من البلاد، ومما قاله بعد خروجه:
    فعلامَ أبعدتُم أخا ثقةٍ
    ما خانكم يوماً ولا سَرَقا
    انفوا المؤذن من بلادكم
    إن كان يُنفى كل من صدقا
    ثم بدأت بعد ذلك رحلته من دمشق إلى بلاد الشام والعراق، وأذربيجان، وماوراء النهر، ودخل الهند، وأقام حقبة في مصر، حتى انتهى به المطاف في دمشق مسقط رأسه، بعد أن استعطف الملك العادل الذي أصبح ملكاً بعد صلاح الدين بقصيدة رائية، تغنى فيها بأمجاد الأيوبيين، وأبناء صلاح الدين وأحفاده، واتخذ من نصرتهم للعروبة والإسلام مادة مدائحه لهم.
    ثم بعد ذلك انضم إلى مجلس الملك المعظم ابن العادل، وهو في بني أيوب كالمأمون في بني عباس، عالم فاضل، وأديب أريب، صاحب براعة في اللغة والنحو والفقه، قَرَّب العلماء والأدباء من مجلسه، وكان ابن عنين واحداً منهم فصار من خاصته، يسمر معه في مجالسه، فيرتاح لحسن حديثه، وسحر منادمته، ويعتمد عليه في حله وترحاله، حتى صار وزيراً، ونديماً، ومستشاراً للمعظم الأيوبي، ثم استقر في منصبه في عهد الملك الناصر داود ابن المعظم الأيوبي، وعانى في الوزارة الثانية ما عاناه في الوزارة الأولى، بذل قصارى جهده محاولاً ضبط الأمور فحارب النهب والسلب والرشوة والنفاق.
    وإذا كانت كتب التراجم قد ضَنّت بذكر صفات ابن عنين، ولم ترسم لنا صورة واضحة المعالم عن شخصيته وأخلاقه؛ فإن شعره قد ناب في رسم هذه الصورة، وأبرز بعضاً من صفاته وأخلاقه، فالمتتبع لشعره يخلص إلى جملة من الآراء، تجلو نظرته إلى الحياة ، فيبدو فيها شخصاً لاهياً، ماجناً محباً للحياة، يؤثر الهزل على الجد حتى رُمي بالزندقة، وقال صاحب معجم الأدباء في معرض الحديث عنه: «ويقال إنّه يخلُّ بالصلاة، ويصل ابنة العنقود، ورماه أبو الفتح ابن الحاجب بالزندقة».
    لم يعن ابن عنين في حياته بجمع شعره، وتدوينه كما قال ابن خلكان: «لم يكن له غرض في جمع شعره، فلذلك لم يدونه، فهو يوجد مقاطيع في أيدي الناس، وقد جمع له بعض أهل دمشق ديواناً صغيراً، ولايبلغ عشر ماله من النظم، ومع هذا فيه أشياء ليست له». وقد أشار العلامة المرحوم خليل مردم بك إلى أنه قام بجمع ديوانه من ثماني نسخ محفوظة متفرقة في المكتبات الكبرى في أنحاء العالم العربي والغربي، ولايمكن لإحداها أن تتخذ أماً للنسخ الباقية، أو تعتمد أصلاً لها؛ لأنها تختلف عن بعضها زيادة ونقصاً وتقديماً وتأخيراً. وديوانه مقسم إلى أبواب هي باب المديح وباب الرثاء وباب الحنين إلى دمشق وباب الوقائع، وباب التهكم والسخرية، ثم باب الألغاز فباب الهجاء.
    ومن شعره الذي قاله في شكوى الغربة والشوق إلى دمشق:
    عبء الصدود أخفّ من عبء النوى
    لو كان لي في الحب أن أتخيّرا
    فسقى دمشق ووادييها والحمــى
    متواصِلُ الإرهام منفصم العُرا
    تلك المنازل لا ملاعب عالجٍ
    ورمالُ كاظمةٍ ولا واديْ القرى
    فارقتها لا عن رضاً، وهجرتها
    لا عن قِلى، ورحلتُ لا متخيرا
    أسعى لرزق في البلاد مشتت
    ومن العجائب أن يكون مُقَترا
    شلاش قداح
يعمل...
X