مسموح بها في السينما، إلا أن جين أوستن بحبكاتها المنمقة بذكاء غير مسموح بها .
يميل كراكاور إلى اعتبار كل العناصر الواعية «غير سينمائية». على آلة أن تسجل ما هو (كائن) عندما تكون مادة الموضوع بعيدة عن الواقع الفيزيائي ندرك نحن الصنعة ولذلك يتضاءل سرورنا. على سبيل المثال تميل الأفلام التاريخية إلى أن تكون غير سينمائية لأن المشاهد إنها «بناء معاد التركيب عالم الفلم مغلق إذ إن ما بعد الإطار ليس ولا نهاية الزمان والمكان الحقيقيين وإنما ملحقات الإستديو السينمائي في القرن العشرين» (۱۰- ٤) مثل ذلك الأفلام الخيالية التي ندرك فيها بوضوح أكبر الأشياء المفتعلة. فبدلاً من أن نركز على ما يعرض أمامنا ننشغل ونعجب كيف أنجزت مؤثرات فنية معينة إذ ليس لها مقابل حرفي في الواقع .
يقلل كراكاور من استجابة الجمهور للأفلام غير الواقعية أكيد أن من الأسهل على صانع الفلم أن يخلق وهم الواقع إذا ما كانت قصة فلمه تدور في بيئة معاصرة لأن عالم السينما وعالم الواقع هما من ناحية الجوهر ذات الشيء. كما أنه من الصحيح أيضاً أنها نعي غالباً المصطنعات في الأفلام التارخية والخيالية ولكن بالدرجة الأولى عندما تكون التقنيات السينمائية ثقيلة ومرتبكة من الناحية الأخرى هنالك مئات من الأفلام تبدو مشبعة بتفاصيل فترة غابرة. العديد من مشاهد فلم (مولد أمة) يبدو أصيلا مثل صور الحرب الأهلية لماثيو بريدي، مثلا فلم كوبريك (۲۰۰۱ أوديسا الفضاء) لم يصور بالطبع في ذلك فإن أغلب المشاهدين يتفق بأنه مقنع تماماً في إحساسه بالأصالة (١٠-٥) حتى الفلم المنتج بالرسوم المتحركة مثل فلم دزني بياض الثلج والأقزام السبعة يقدم لنا عالماً «مغلقاً» باستطاعتنا الدخول إليه ونسيان عالم الواقع الخارجي الحرفي.
تستغل الأفلام الأخرى عن قصد الوجود الثنائي للجمهور. مثلما أشار الدكتور جونسون قبل سنوات عدة إن الجماهير المسرحية لا تؤمن حرفياً بأنها تشاهد أحداث فترات سحيقة. رغم أن المشاهدين يقدمون نوعاً من الإيمان الطواعي بالأحداث على المسرح إلا إنهم يعون دائما حقيقة أنهم في مسرح وأنهم يراقبون أداء فنياً وليس الشيء الواقعي نفس هذا المبدأ ـ البعد الجمالي - ينطبق على العديد من الأفلام (۱۰-٦) في فلم (توم جونز) مثلاً كل تفاصيل الفترة مقنعة وأصيلة إلا أن رتشاردسون يكسر هذا الوهم عن قصد وذلك بلفت انتباهنا إلى آلة التصوير. في أحد المشاهد ينغمس توم في عراك صاخب مع صاحبة الخان في ابتون وفجأة يستدير بجزع ويخاطب آلة التصوير - أي نحن إن رتشاردسون في الواقع يذكر الجمهور بأننا في مسرح نشاهد فلما إن سحر المشهد - ومشاهد كثيرة في الفلم - يعود بالذات لهذا الأسلوب في دفع المشاهد داخل وخارج عالم القرن الثامن عشر للقصة الأصلية .
نجد أساليب مماثلة في المسرحيات التاريخية لبرتولد بريخت الذي أبعد جمهوره عن عالم المسرحية لكي يفسح للمشاهد المجال كي يستنتج استنتاجات سياسية محددة قائمة على التباين بين الفترتين الزمنيتين. يخرج الممثلون من أدوارهم كي يخاطبوا الجمهور ويعلقوا على الحكايات والشخصيات في المسرحية. تقنيات من هذا النوع شائعة في أفلام حواريي بريخت السينمائيين ومنهم جان لوك .كودار يصر كودار على أن الجماهير يجب بأن ما تشاهده ليس هو الواقع وإنما الصورة المنسقة للواقع. في الواقع يسخر كودار بذكاء في فلمه عطلة نهاية الأسبوع من الواقعية الساذجة في السينما عن طريق جعل شخصياته تعلق على «غرابة» الفلم التي تظهر فيه في فلم أيها الرجل المحظوظ يمنع المخرج لندسي أندرسون الجمهور من الإنغمار العاطفي الشديد في القصة بواسطة نثر تعليقات موسيقية ساخرة بين أحداث الفلم يؤديها مغني الروك آلان برايس.
وأخيراً وكما أشارت بولين كايل إن الجماهير تستمتع غالباً بما يقدمه الفلم من أشياء متصنعة. إنها جزء من متعة مشاهدة فلم، الأفلام الموسيقية مثلاً ممتعة عموماً لانها تختلف عن الواقع اليومي (۱۰-۷) مثل ذلك فلم طارد الأرواح الشريرة حيث يستمد المشاهد متعته من تعجبه كيف حقق المخرج وليام فريد كن بعض المؤثرات الخاصة الخارقة إلى جانب متعته بالمؤثرات ذاتها. باختصار إن استجابة جماهير السينما بالغة التشابك تجاه الأفلام غير الواقعية. يمكن للمشاهد أن يعلق شكه بصورة تامة أو جزئية أو باستطاعته التحول بين هذين النقيضين.
تفسير من المؤكد إن كتاب كراكاور غير ذي فائدة في توضيح سبب تأثير الأفلام الانطباعية من الناحية الأخرى إن نظريته بالغة الحساسية سبب تأثير الأفلام الواقعية. إن العنوان الثاني لكتاب كراكاور يتحدث لا عن «محاكاة» أو «تسجيل» الواقع الفيزيائي ولكن عن «استعادة هذا الواقع. إن استعادة الشيء هو الحصول عليه ثانية أو انقاذه من النسيان. حتى الأفلام الواقعية إذ تمضي مسافة أبعد من الحياة اليومية بطريقة ما. تحافظ آلة التصوير على الأجزاء الطارئة من هذه الفوضى وتنقذها من الغموض والتفسخ. إن تفحص أي فلم واقعي يبين ما يحاول كراكاور الوصول إليه . في فلم (الهمسات) مثلاً لبرايان فوربز تخبرنا اللقطات ذات التوضيح العميق للشقة المهترئة التي تملكها البطلة العجوز أديث ايفانز الكثير عن وحدتها وإهمالها عشرات من قناني الحليب تتراكم على المنضدة، الصور الفوتوغرافية المصفرة تتراكم على إطار المدفأة الجدارية. أصوات الجدران التي تئن والحنفيات التي تقطر وحدها تقدم للمرأة العجوز رفقة نشيطة - هذه هي مصادر الهمسات مثل هذه المشاهد الكتيبة تجد لها مثيلاً ربما في ملايين الشقق في كل مكان في الحياة الحقيقية ننتبه عادة إلى مشاهد أقل إزعاجاً ولكن بعد مشاهدة هذه المشاهد القليل من الناس يستطيع البقاء بلا اهتمام إلى وحشة هذه العجوز وفقرها .
أفلام جان رنوار مليئة بلمسات شائعة من تفاصيل مؤثرة بسبب كونها حقيقية ويمكن ملاحظتها. في فلمه الوهم (الكبير) مثلاً يعبث سجناء الحرب في خزانة مليئة بالملابس استعداداً لعرض مسرحي. يقوم أحد السجناء الحاقدين بالإشارة على شاب رقيق وبصورة ساخرة أن يلبس شعراً مستعاراً وبدلة نسائية. وبسرعة كبيرة يحاول الولد لبس البدلة وبينما ينشغل الآخرون بالتحضيرات المثيرة يدخل الشاب بملابسه إلى الغرفة يخيم الصمت فجأة على الجمع بأكمله. بينما ينكت الشاب الخجول حول لباسه تستدير آلة التصوير ببطء لترينا ملامح الرجال الآخرين الحزينة المتطلعة وكلهم يتذكرون كم من الزمن مضى وهم لم يشاهدوا فيه زوجاتهم. مشهد مؤثر رائع ومع ذلك فهو بسيط ومتحفظ كما هي الحال مع كثير من المواقف في الحياة الواقعية يجسد المشهد الانتقال المفاجىء في الجو الذي يمكن أن يصاحب أبسط الحوادث .
يميل كراكاور إلى اعتبار كل العناصر الواعية «غير سينمائية». على آلة أن تسجل ما هو (كائن) عندما تكون مادة الموضوع بعيدة عن الواقع الفيزيائي ندرك نحن الصنعة ولذلك يتضاءل سرورنا. على سبيل المثال تميل الأفلام التاريخية إلى أن تكون غير سينمائية لأن المشاهد إنها «بناء معاد التركيب عالم الفلم مغلق إذ إن ما بعد الإطار ليس ولا نهاية الزمان والمكان الحقيقيين وإنما ملحقات الإستديو السينمائي في القرن العشرين» (۱۰- ٤) مثل ذلك الأفلام الخيالية التي ندرك فيها بوضوح أكبر الأشياء المفتعلة. فبدلاً من أن نركز على ما يعرض أمامنا ننشغل ونعجب كيف أنجزت مؤثرات فنية معينة إذ ليس لها مقابل حرفي في الواقع .
يقلل كراكاور من استجابة الجمهور للأفلام غير الواقعية أكيد أن من الأسهل على صانع الفلم أن يخلق وهم الواقع إذا ما كانت قصة فلمه تدور في بيئة معاصرة لأن عالم السينما وعالم الواقع هما من ناحية الجوهر ذات الشيء. كما أنه من الصحيح أيضاً أنها نعي غالباً المصطنعات في الأفلام التارخية والخيالية ولكن بالدرجة الأولى عندما تكون التقنيات السينمائية ثقيلة ومرتبكة من الناحية الأخرى هنالك مئات من الأفلام تبدو مشبعة بتفاصيل فترة غابرة. العديد من مشاهد فلم (مولد أمة) يبدو أصيلا مثل صور الحرب الأهلية لماثيو بريدي، مثلا فلم كوبريك (۲۰۰۱ أوديسا الفضاء) لم يصور بالطبع في ذلك فإن أغلب المشاهدين يتفق بأنه مقنع تماماً في إحساسه بالأصالة (١٠-٥) حتى الفلم المنتج بالرسوم المتحركة مثل فلم دزني بياض الثلج والأقزام السبعة يقدم لنا عالماً «مغلقاً» باستطاعتنا الدخول إليه ونسيان عالم الواقع الخارجي الحرفي.
تستغل الأفلام الأخرى عن قصد الوجود الثنائي للجمهور. مثلما أشار الدكتور جونسون قبل سنوات عدة إن الجماهير المسرحية لا تؤمن حرفياً بأنها تشاهد أحداث فترات سحيقة. رغم أن المشاهدين يقدمون نوعاً من الإيمان الطواعي بالأحداث على المسرح إلا إنهم يعون دائما حقيقة أنهم في مسرح وأنهم يراقبون أداء فنياً وليس الشيء الواقعي نفس هذا المبدأ ـ البعد الجمالي - ينطبق على العديد من الأفلام (۱۰-٦) في فلم (توم جونز) مثلاً كل تفاصيل الفترة مقنعة وأصيلة إلا أن رتشاردسون يكسر هذا الوهم عن قصد وذلك بلفت انتباهنا إلى آلة التصوير. في أحد المشاهد ينغمس توم في عراك صاخب مع صاحبة الخان في ابتون وفجأة يستدير بجزع ويخاطب آلة التصوير - أي نحن إن رتشاردسون في الواقع يذكر الجمهور بأننا في مسرح نشاهد فلما إن سحر المشهد - ومشاهد كثيرة في الفلم - يعود بالذات لهذا الأسلوب في دفع المشاهد داخل وخارج عالم القرن الثامن عشر للقصة الأصلية .
نجد أساليب مماثلة في المسرحيات التاريخية لبرتولد بريخت الذي أبعد جمهوره عن عالم المسرحية لكي يفسح للمشاهد المجال كي يستنتج استنتاجات سياسية محددة قائمة على التباين بين الفترتين الزمنيتين. يخرج الممثلون من أدوارهم كي يخاطبوا الجمهور ويعلقوا على الحكايات والشخصيات في المسرحية. تقنيات من هذا النوع شائعة في أفلام حواريي بريخت السينمائيين ومنهم جان لوك .كودار يصر كودار على أن الجماهير يجب بأن ما تشاهده ليس هو الواقع وإنما الصورة المنسقة للواقع. في الواقع يسخر كودار بذكاء في فلمه عطلة نهاية الأسبوع من الواقعية الساذجة في السينما عن طريق جعل شخصياته تعلق على «غرابة» الفلم التي تظهر فيه في فلم أيها الرجل المحظوظ يمنع المخرج لندسي أندرسون الجمهور من الإنغمار العاطفي الشديد في القصة بواسطة نثر تعليقات موسيقية ساخرة بين أحداث الفلم يؤديها مغني الروك آلان برايس.
وأخيراً وكما أشارت بولين كايل إن الجماهير تستمتع غالباً بما يقدمه الفلم من أشياء متصنعة. إنها جزء من متعة مشاهدة فلم، الأفلام الموسيقية مثلاً ممتعة عموماً لانها تختلف عن الواقع اليومي (۱۰-۷) مثل ذلك فلم طارد الأرواح الشريرة حيث يستمد المشاهد متعته من تعجبه كيف حقق المخرج وليام فريد كن بعض المؤثرات الخاصة الخارقة إلى جانب متعته بالمؤثرات ذاتها. باختصار إن استجابة جماهير السينما بالغة التشابك تجاه الأفلام غير الواقعية. يمكن للمشاهد أن يعلق شكه بصورة تامة أو جزئية أو باستطاعته التحول بين هذين النقيضين.
تفسير من المؤكد إن كتاب كراكاور غير ذي فائدة في توضيح سبب تأثير الأفلام الانطباعية من الناحية الأخرى إن نظريته بالغة الحساسية سبب تأثير الأفلام الواقعية. إن العنوان الثاني لكتاب كراكاور يتحدث لا عن «محاكاة» أو «تسجيل» الواقع الفيزيائي ولكن عن «استعادة هذا الواقع. إن استعادة الشيء هو الحصول عليه ثانية أو انقاذه من النسيان. حتى الأفلام الواقعية إذ تمضي مسافة أبعد من الحياة اليومية بطريقة ما. تحافظ آلة التصوير على الأجزاء الطارئة من هذه الفوضى وتنقذها من الغموض والتفسخ. إن تفحص أي فلم واقعي يبين ما يحاول كراكاور الوصول إليه . في فلم (الهمسات) مثلاً لبرايان فوربز تخبرنا اللقطات ذات التوضيح العميق للشقة المهترئة التي تملكها البطلة العجوز أديث ايفانز الكثير عن وحدتها وإهمالها عشرات من قناني الحليب تتراكم على المنضدة، الصور الفوتوغرافية المصفرة تتراكم على إطار المدفأة الجدارية. أصوات الجدران التي تئن والحنفيات التي تقطر وحدها تقدم للمرأة العجوز رفقة نشيطة - هذه هي مصادر الهمسات مثل هذه المشاهد الكتيبة تجد لها مثيلاً ربما في ملايين الشقق في كل مكان في الحياة الحقيقية ننتبه عادة إلى مشاهد أقل إزعاجاً ولكن بعد مشاهدة هذه المشاهد القليل من الناس يستطيع البقاء بلا اهتمام إلى وحشة هذه العجوز وفقرها .
أفلام جان رنوار مليئة بلمسات شائعة من تفاصيل مؤثرة بسبب كونها حقيقية ويمكن ملاحظتها. في فلمه الوهم (الكبير) مثلاً يعبث سجناء الحرب في خزانة مليئة بالملابس استعداداً لعرض مسرحي. يقوم أحد السجناء الحاقدين بالإشارة على شاب رقيق وبصورة ساخرة أن يلبس شعراً مستعاراً وبدلة نسائية. وبسرعة كبيرة يحاول الولد لبس البدلة وبينما ينشغل الآخرون بالتحضيرات المثيرة يدخل الشاب بملابسه إلى الغرفة يخيم الصمت فجأة على الجمع بأكمله. بينما ينكت الشاب الخجول حول لباسه تستدير آلة التصوير ببطء لترينا ملامح الرجال الآخرين الحزينة المتطلعة وكلهم يتذكرون كم من الزمن مضى وهم لم يشاهدوا فيه زوجاتهم. مشهد مؤثر رائع ومع ذلك فهو بسيط ومتحفظ كما هي الحال مع كثير من المواقف في الحياة الواقعية يجسد المشهد الانتقال المفاجىء في الجو الذي يمكن أن يصاحب أبسط الحوادث .
تعليق