بفضل تطوير بطاقاتٍ إلكترونية دقيقة، اكتشف الباحثون أن طائر السمامة الشائعة يمكنه البقاء في الجو لمدة 10 أشهر متواصلة دون أن يلمس الأرض، فيما يُعَد رقمًا قياسيًّا للطيران الطبيعيّ المتواصل.
لطالما شكّ العلماء في أن طيور السمامة تقضي وقتًا طويلًا في الجو، لكنهم صاروا الآن يملكون الدليل على ذلك بفضل تقنية تسجيل البيانات التي تمّ تزويد مجموعةٍ مكوّنةٍ من 13 طائر سمامة بها.
ومن خلال هذه التقنية، خضعت تحركات هذه الطيور للمراقبة على مدار عامين.
لم يلمس ثلاثة طيور الأرض لمدة 10 أشهر، وفقًا لما صرّح به فريق الباحثين في جامعة لوند بالسويد. وقضت هذه الطيور ما تبقى من الشهرين في الاستمتاع بموسم التزاوج، ثم عادت للتحليق في الهواء من جديد.
ويقول آندريس هيدنستروم العضو في فريق البحث إن “هذا الاكتشاف يوسّع نطاق معرفتنا بفسيولوجيا الحيوانات.
فعشرة أشهر من التحليق هي أطول مدة طيران وصلت إليها معرفتنا عن أي نوع من أنواع الطيور – إنها رقمٌ قياسيّ”.
وقد تمكّنت الأجهزة الدقيقة خفيفة الوزن المثبتة في ظهور طيور السمامة من تسجيل ما إذا كانت الطيور محلقة في الجو أم لا، ومدى سرعتها، وموقعها الحالي. حتى الطيور، التي استراحت لفترة قصيرة على الأرض، ظلت في الهواء بنسبة 99,5% من مدة هجرتها.
بلغ وزن الأجهزة التي ثبّتها الفريق في ظهور الطيور أقل من جرام واحد (3,5 بالمائة من الأوقية)، وقد أُرفِقت بها أجهزة استشعار خفيفة الوزن.
ومن خلال مطابقة أوقات شروق الشمس وغروبها مع الضوء المُسجَّل، يمكن للباحثين استنتاج أين ذهبت الطيور.
توصل الفريق أيضًا إلى أن الطيور التي ظلت محلّقة لمدة عام كامل تقريبًا طرحت ريشها ونما لها ريش تحليق جديد بالجناحين والذيل في أثناء وجودها في الجو.
أما الطيور التي حطت على الأرض في مرحلة ما من طيرانها، فلم تطرح ريشها.
ويعتقد الباحثون أن ذلك يمكنه تفسير الاختلافات في سلوك طيران هذه الطيور وحالتها العامة.
حطمت طيور السمامة الشائعة الأرقام القياسية السابقة في التحليق التي سجلتها طيور سمامة الرصود، التي تنتمي لنفس فصيلتها، وهي الطيور المعروفة بقدرتها على الطيران المتواصل لمدة ستة أشهر.
يمكن لهذه الطيور الطيران لملايين الأميال على مدار حياتها، بمتوسط خمسة أعوام ونصف تقريبًا، متنقلةً بين أوروبا وإفريقيا مع اختلاف فصول السنة.
الآن وبعد أن عرف هيدنستروم وفريقه المدة التي يمكن لهذه الطيور البقاء محلقة فيها في الجو، صار السؤال: كيف تفعل هذه الطيور ذلك؟ إذ يتطلب البقاء في الجو قدرًا كبيرًا من الطاقة.
وثمة مسألة أخرى تتعلق بكيفية نومها — هذا إن كانت بحاجةٍ فعلًا للنوم.
فسّر هيدنستروم الأمر قائلًا: “لعلها تفعل مثلما يفعل طائر الفرقاط، أي تنام في أثناء التحليق. تحلق طيور السمامة الشائعة كل يوم، في الغسق والفجر، لارتفاعٍ يتراوح ما بين 2 و3 كيلومترات. ربما تنام أثناء التحليق المنخفض، لكننا لسنا متأكدين من ذلك”.