هنالك أفلام من الناحية الثانية يبدو فيها الكاتب أكثر هيمنة المخرج هذه بالتأكيد هي الحال في أفلام كتب نصوصها بادي شاييفسكي مثلاً حيث يسيطر الحوار على المرئيات عموماً كلما كان الفلم أكثر اتجاهاً للأدب كلما زادت مساهمة الكاتب في الواقع يتمتع بعض المخرجين بقدر عظيم من الاعتبار على حساب جودة كتابه الذين يلفهم النسيان أو يأتي ذكرهم بعبارات مستقلة في التعليقات النقدية. يبدو أن هوارد هوكز هو واحد من هؤلاء إذ بالرغم من أنه أخرج بعضاً من أمتع الأعمال في السينما الأمريكية إلا أن أغلبها كانت نصوصه تكتب من قبل زبدة كتاب هوليود: وليام فوكنر وجولز فورثمان وبن هخت ولي براكت وجارلز ليدرر (٥،٨). يبدو هوكز من وجوه عدة أنه يمتلك كل حسنات المخرج المسرحي الجيد. فهو موهوب في توجيه الممثل ولديه إحساس قوي بسرعة الحركة وأسلوب صوري وظيفي متواضع. إلا أن جميع هذه الحسنات المتعددة كانت ستهدر لولا النصوص الممتازة التي كان على هوكز التعامل معها (ناهيك عن ممثليه الممتازين) وخاصة في أفلام ساحرة مثل فناته (فرايدي) و(النوم الكبير) وقد كتبا من قبل فوكنر وبراكيت وفورثمان عن رواية الريموند شاندلر وفلم
(ريو برافو) وقد كتبه فورثمان وبراكيت عن قصة للكاتب
(بي اج ما كامبل). من الناحية الأخرى لن يمدح أحد حتى أكثر المعجبين بهوكز حماساً فلمه الخط الأحمر (۷۰۰۰) الذي كتب من قبل هوكز بالتعاون مع جورج كيركو.
كان المثقفون الأمريكيون لعدة سنوات يميلون إلى تناسي نصوص هوكز السينمائية العنيفة والمثمرة من أجل أخرى تعالج بشكل مفتوح مواضيع جادة». إلى يومنا هذا الكثير من رواد السينما يعتقد بأن الفتى يجب أن يكون وقوراً - إن لم يكن رتيباً فعلاً - لكي يكون محترماً. في الواقع حتى في قمة نجاح نظام الإستديو الأمريكي كان كتاب «مثقفون» مثل دالتون ترمبو وديودلي نيكولس وكارل فورمان يتمتعون باعتبار عظيم لأن نصوصهم كانت ممتلئة بالخطب الجيدة التي تتناول العدالة والأخوة والديمقراطية. اليوم تبدو هذه الرقع من الحوار مرتبكة واضحة الروح المدرسية وفي الختام غير نزيهة وفي الغالب خشنة تنطق فيها شخصيات غير متعلمة فجأة بكلمات بليغة لا أبداً الشخصية. إن هذه المواضيع مهمة جداً ولكن لكي تكون مؤثرة فنياً يجب أن تبنى الأفكار درامياً بجدارة ونزاهة لا أن تحزم ببساطة للشخصيات وكأنها كلمات رنانة بمناسبة وطنية عموماً الطلاب المثقفون والفنانون وحدهم هم الذين يناقشون الأفكار والمحردات بدون إحساس بالتكلف. ربما هذا هو السبب الذي جعل أفلام أريك رومر مثل ركبة كلير و(ليلتي عند مود مقنعة بهذا الشكل فالشخصيات الرئيسية هي من المثقفين الذين يفضلون مناقشة الأفكار على المواضيع الأخرى (٨-٦). ولكي تكون مقنعة فإن اللغة البليغة يجب أن تكون من الناحية الدرامية ممكنة. يجب أن نؤمن بأن البلاغة ملك الشخصية وليست «رسالة للكاتب في لباس حوار .
لقد غمز حتى كبار المخرجين من أمثال بيركمان وفورد بسبب في بعض الأحيان كتاباتهم. على سبيل المثال الكثير من أفلام فورد طموحة وشديدة «التأدب» في أسوأ معاني الكلمة. العديد من هذه الأفلام مثل (المخبر ) و (ماري من اسكتلندا) و(المحراث والنجوم) و ( الهارب) معدة من قبل ذلك الواعظ الذي لا يرجى شفاؤه ديودلي نيكولس عن أعمال أدبية معروفة. إلا أن فورد يكون في أحسن حالاته عندما تكون شخصياته قليلة الكلام وحتى متلعثمة. في الواقع إن نصوص وخاصة أفلام الغرب الأمريكي لينة ومقتصدة وشاعرية بأصالة بالذات لأن كتابتها مكبوتة كتب فرانك ناكت العديد هذه الأفلام على سبيل المثال (قلعة الأباتشي) و(ارتدت شريطاً أصفر) و (سيد العربات) و(الرجل الهادىء) و(الباحثون) .
في النهاية إن التعميمات حول ما يكون الكتابة الجيدة للشاشة أمر صعب. إن كل شيء يعتمد على كيفية القيام بها. في فلم بين الرجل الصغير الكبير) مثلا يناقش الجد الهندي للبطل (الشيخ دان جورج) مجردة ومشاكل أخلاقية بإقناع كامل في الواقع إن الكثير من سحر خطبه وملاحتها ناجم عن التوتر الموجود بين تعقد هذه الأفكار والعنصرية الساذجة لأغلب المشاهدين الذين يتوقعون من الهندي أن كالدر ولنكهام المأخوذ عن رواية لتوماس بيركر يتجنب القوالب الانفعالية. عندما يبدو الشيخ الهندي وهو ينزلق في النموذج المتوحش النبيل مثلا بقوم المؤلف بدقة ومرح بالكف عن التصاعدات الممكنة. في مشهد يأتي يهمهم بمقاطع مجزأة نص نهاية الفلم يتسلق الشيخ الكبير تلاً عالياً حيث ينوي أن يموت عليه. يقوم بأداء عدد من طقوس الموت المهيبة ثم يستلقي على الأرض بينما يراقب ذلك حفيده الحزين دستين هوفمان باستسلام ولسبب لا نعرفه لا يموت الشيخ يرفع كتفه بتفلسف ثم ينهض ويقول لحفيده السحر ينجح أحياناً وأحياناً لا ينجح. وبلا وجل يعود الشيخ مع حفيده إلى القرية الهندية في الوادي وإلى أرض الأحياء رغم الأهمية الضخمة التي يمكن أن يلعبها النص في الفلم الناطق يأنف بعض المخرجين من فكرة همينة الكاتب في السينما. عندما سئل عن القيمة التي يضعها في نصوصه مثلاً أجاب المخرج جوزيف فون شتيرنبرك بأن السرد أو عناصر القصة في عمله ليست ذات أهمية مهما بلغت بالنسبة له (٧،۸) المح انطونيوني مرة إلى أن (الجريمة والعقاب) هي عادية حسب عبقرية الرواية تكمن في كيفية سردها وليس في مادة الموضوع كما هي. من المؤكد أن عدداً كبيراً . من الأفلام الممتازة المعتمدة على الروتين وحتى على نصوص ضعيفة يؤيد هذه الفكرة المضادة للأدب.
نادراً ما توفر النصوص السينمائية قراءة ممتعة بالذات لأنها مجرد خريطة أو مؤشر للإنتاج النهائي النص السينمائي يفتقد الكثير بخلاف النص المسرحي الذي يمكن قراءته عادة بمتعة. حتى النصوص المفعمة بالتفصيلات نادراً ما تقدم لنا إحساساً بالميزانسين الفلمي وهو من أهم طرق التعبير التي في متناول المخرج (۸،۸) لقد أشار أندروساريز بذكاء معهود إلى كيف إن اختيار المخرج للقطة - وكيف يصور الفعل - هو عنصر مهم للغاية في أغلب الأفلام فالفعل ليس مجرد فعل .
الاختيار بين اللقطة الكبيرة واللقطة البعيدة مثلاً قد يتجاوز الحبكة غالباً. إذا سردت قصة هود الصغيرة الراكبة بوجود الذئب في لقطة كبيرة وهود الصغيرة الراكبة في لقطة بعيدة فإن المخرج معني بالدرجة الأولى بالمشاكل العاطفية للذئب المدفوع إلى أكل الفتيات الصغيرات. إذا كانت هود الصغيرة في لقطة كبيرة والذئب في لقطة بعيدة فإن التأكيد ينتقل إلى المشاكل العاطفية للبكارة الدارسة في عالم شرير. وهكذا هنالك قصتان من نفس المادة الأساسية للحبكة. إن الذي في خطر في النسختين هي هود الحمراء الصغيرة إزاء موقفين إخراجيين متضادين من الحياة. المخرج الأول يقترن أكثر بالذئب - الذكر، المندفع الفاسد وحتى الرذيلة نفسها. المخرج الثاني يقترن بالفتاة الصغيرة - البراءة الوهم المثال وأهل الجيل. لا داعي للقول إن قلة من النقاد تهتم بالفارق ربما لتبرهن بأن التمييز باعتباره خلقاً لا يزال يفهم بضبابية .
إن ملاحظات ستاريس تسند مقولة هذا الكتاب في أن مادة الموضوع وحدها لا يمكن أن تكون مؤشراً يعتمد عليه للنوعية في الفلم؛ إذ إن الفنان يجب أن يترجم موضوعه إلى أشكال خاصة بوسيلته التعبيرية قبل أن يكون بالإمكان التفاعل مع مضمونه الحقيقي أو تقييمه . بهذا المعنى إذا يجهز الكاتب السينمائي عموماً مادة الموضوع للفلم إلا أن المخرج يقوم بخلق مضمونه الحقيقي .
(ريو برافو) وقد كتبه فورثمان وبراكيت عن قصة للكاتب
(بي اج ما كامبل). من الناحية الأخرى لن يمدح أحد حتى أكثر المعجبين بهوكز حماساً فلمه الخط الأحمر (۷۰۰۰) الذي كتب من قبل هوكز بالتعاون مع جورج كيركو.
كان المثقفون الأمريكيون لعدة سنوات يميلون إلى تناسي نصوص هوكز السينمائية العنيفة والمثمرة من أجل أخرى تعالج بشكل مفتوح مواضيع جادة». إلى يومنا هذا الكثير من رواد السينما يعتقد بأن الفتى يجب أن يكون وقوراً - إن لم يكن رتيباً فعلاً - لكي يكون محترماً. في الواقع حتى في قمة نجاح نظام الإستديو الأمريكي كان كتاب «مثقفون» مثل دالتون ترمبو وديودلي نيكولس وكارل فورمان يتمتعون باعتبار عظيم لأن نصوصهم كانت ممتلئة بالخطب الجيدة التي تتناول العدالة والأخوة والديمقراطية. اليوم تبدو هذه الرقع من الحوار مرتبكة واضحة الروح المدرسية وفي الختام غير نزيهة وفي الغالب خشنة تنطق فيها شخصيات غير متعلمة فجأة بكلمات بليغة لا أبداً الشخصية. إن هذه المواضيع مهمة جداً ولكن لكي تكون مؤثرة فنياً يجب أن تبنى الأفكار درامياً بجدارة ونزاهة لا أن تحزم ببساطة للشخصيات وكأنها كلمات رنانة بمناسبة وطنية عموماً الطلاب المثقفون والفنانون وحدهم هم الذين يناقشون الأفكار والمحردات بدون إحساس بالتكلف. ربما هذا هو السبب الذي جعل أفلام أريك رومر مثل ركبة كلير و(ليلتي عند مود مقنعة بهذا الشكل فالشخصيات الرئيسية هي من المثقفين الذين يفضلون مناقشة الأفكار على المواضيع الأخرى (٨-٦). ولكي تكون مقنعة فإن اللغة البليغة يجب أن تكون من الناحية الدرامية ممكنة. يجب أن نؤمن بأن البلاغة ملك الشخصية وليست «رسالة للكاتب في لباس حوار .
لقد غمز حتى كبار المخرجين من أمثال بيركمان وفورد بسبب في بعض الأحيان كتاباتهم. على سبيل المثال الكثير من أفلام فورد طموحة وشديدة «التأدب» في أسوأ معاني الكلمة. العديد من هذه الأفلام مثل (المخبر ) و (ماري من اسكتلندا) و(المحراث والنجوم) و ( الهارب) معدة من قبل ذلك الواعظ الذي لا يرجى شفاؤه ديودلي نيكولس عن أعمال أدبية معروفة. إلا أن فورد يكون في أحسن حالاته عندما تكون شخصياته قليلة الكلام وحتى متلعثمة. في الواقع إن نصوص وخاصة أفلام الغرب الأمريكي لينة ومقتصدة وشاعرية بأصالة بالذات لأن كتابتها مكبوتة كتب فرانك ناكت العديد هذه الأفلام على سبيل المثال (قلعة الأباتشي) و(ارتدت شريطاً أصفر) و (سيد العربات) و(الرجل الهادىء) و(الباحثون) .
في النهاية إن التعميمات حول ما يكون الكتابة الجيدة للشاشة أمر صعب. إن كل شيء يعتمد على كيفية القيام بها. في فلم بين الرجل الصغير الكبير) مثلا يناقش الجد الهندي للبطل (الشيخ دان جورج) مجردة ومشاكل أخلاقية بإقناع كامل في الواقع إن الكثير من سحر خطبه وملاحتها ناجم عن التوتر الموجود بين تعقد هذه الأفكار والعنصرية الساذجة لأغلب المشاهدين الذين يتوقعون من الهندي أن كالدر ولنكهام المأخوذ عن رواية لتوماس بيركر يتجنب القوالب الانفعالية. عندما يبدو الشيخ الهندي وهو ينزلق في النموذج المتوحش النبيل مثلا بقوم المؤلف بدقة ومرح بالكف عن التصاعدات الممكنة. في مشهد يأتي يهمهم بمقاطع مجزأة نص نهاية الفلم يتسلق الشيخ الكبير تلاً عالياً حيث ينوي أن يموت عليه. يقوم بأداء عدد من طقوس الموت المهيبة ثم يستلقي على الأرض بينما يراقب ذلك حفيده الحزين دستين هوفمان باستسلام ولسبب لا نعرفه لا يموت الشيخ يرفع كتفه بتفلسف ثم ينهض ويقول لحفيده السحر ينجح أحياناً وأحياناً لا ينجح. وبلا وجل يعود الشيخ مع حفيده إلى القرية الهندية في الوادي وإلى أرض الأحياء رغم الأهمية الضخمة التي يمكن أن يلعبها النص في الفلم الناطق يأنف بعض المخرجين من فكرة همينة الكاتب في السينما. عندما سئل عن القيمة التي يضعها في نصوصه مثلاً أجاب المخرج جوزيف فون شتيرنبرك بأن السرد أو عناصر القصة في عمله ليست ذات أهمية مهما بلغت بالنسبة له (٧،۸) المح انطونيوني مرة إلى أن (الجريمة والعقاب) هي عادية حسب عبقرية الرواية تكمن في كيفية سردها وليس في مادة الموضوع كما هي. من المؤكد أن عدداً كبيراً . من الأفلام الممتازة المعتمدة على الروتين وحتى على نصوص ضعيفة يؤيد هذه الفكرة المضادة للأدب.
نادراً ما توفر النصوص السينمائية قراءة ممتعة بالذات لأنها مجرد خريطة أو مؤشر للإنتاج النهائي النص السينمائي يفتقد الكثير بخلاف النص المسرحي الذي يمكن قراءته عادة بمتعة. حتى النصوص المفعمة بالتفصيلات نادراً ما تقدم لنا إحساساً بالميزانسين الفلمي وهو من أهم طرق التعبير التي في متناول المخرج (۸،۸) لقد أشار أندروساريز بذكاء معهود إلى كيف إن اختيار المخرج للقطة - وكيف يصور الفعل - هو عنصر مهم للغاية في أغلب الأفلام فالفعل ليس مجرد فعل .
الاختيار بين اللقطة الكبيرة واللقطة البعيدة مثلاً قد يتجاوز الحبكة غالباً. إذا سردت قصة هود الصغيرة الراكبة بوجود الذئب في لقطة كبيرة وهود الصغيرة الراكبة في لقطة بعيدة فإن المخرج معني بالدرجة الأولى بالمشاكل العاطفية للذئب المدفوع إلى أكل الفتيات الصغيرات. إذا كانت هود الصغيرة في لقطة كبيرة والذئب في لقطة بعيدة فإن التأكيد ينتقل إلى المشاكل العاطفية للبكارة الدارسة في عالم شرير. وهكذا هنالك قصتان من نفس المادة الأساسية للحبكة. إن الذي في خطر في النسختين هي هود الحمراء الصغيرة إزاء موقفين إخراجيين متضادين من الحياة. المخرج الأول يقترن أكثر بالذئب - الذكر، المندفع الفاسد وحتى الرذيلة نفسها. المخرج الثاني يقترن بالفتاة الصغيرة - البراءة الوهم المثال وأهل الجيل. لا داعي للقول إن قلة من النقاد تهتم بالفارق ربما لتبرهن بأن التمييز باعتباره خلقاً لا يزال يفهم بضبابية .
إن ملاحظات ستاريس تسند مقولة هذا الكتاب في أن مادة الموضوع وحدها لا يمكن أن تكون مؤشراً يعتمد عليه للنوعية في الفلم؛ إذ إن الفنان يجب أن يترجم موضوعه إلى أشكال خاصة بوسيلته التعبيرية قبل أن يكون بالإمكان التفاعل مع مضمونه الحقيقي أو تقييمه . بهذا المعنى إذا يجهز الكاتب السينمائي عموماً مادة الموضوع للفلم إلا أن المخرج يقوم بخلق مضمونه الحقيقي .
تعليق