جائزة "نوبل" للهندسة المعمارية تذهب للبريطاني ديفيد شيبرفيلد

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • جائزة "نوبل" للهندسة المعمارية تذهب للبريطاني ديفيد شيبرفيلد

    جائزة "نوبل" للهندسة المعمارية تذهب للبريطاني ديفيد شيبرفيلد
    سمير رمان 22 مارس 2023
    عمارة
    ديفيد شيبرفيلد في متحف "بيرغامون" ببرلين (1/7/2019/Getty)
    شارك هذا المقال
    حجم الخط
    فاز المهندس المعماري اللندنيّ ديفيد آلان شيبرفيلد (69 عامًا) بجائزة بريتزكير/ Pritzker Architecture Prize(*)، وهي الجائزة الأهمّ في مجال الهندسة المعمارية على المستوى العالمي.
    صوتت اللجنة، التي كانت هذا العام برئاسة أليخاندرو أرافينا، لصالح الحلول "العادية" المعمارية، ولصالح مهندسٍ معماري قام بتصميم مشاريع بناء مئات الأبنية المعروفة، ولمع اسمه في إعادة ترميم رموزٍ معمارية تاريخية، كما في إبداع تصاميم جديدة خاصة به.
    إلى جانب عدد من المهندسين المعماريين الأفذاذ، أمثال: جيمس سترلينغ، نورمان فوستر، زها حديد، وريتشارد روجر، الذين سبق أن حصلوا على الجائزة نفسها في أعوام (1981 ـ 1999 ـ 2004 ـ 2007) على التوالي، حوّل ديفيد شيبرفيلد بريطانيا إلى مركزٍ للهندسة المعمارية العالمية العصرية الراقية. وبعد بضعة أعوامٍ من الترحال بحثًا عن مرشحين مناسبين سياسيًّا من بين مهندسي "دول العالم الثالث"، مُنحت الجائزة أخيرًا، وبكثيرٍ من التحدي، لـ"عبقريٍّ طبيعيّ" أوروبي، أبيض البشرة. ولم يكن عبثًا أن جاءت إحدى عبارات لجنة التحكيم في وصف أسلوب شيبرفيلد على النحو التالي: "أسلوبٌ راديكاليٌّ في تحفّظه".
    على الرغم من أنّ جائزة بريتزكير من أرفع جوائز الهندسة المعمارية عالميًّا، فإنّها تأسست عام 1979، ولم يتمّ ذلك بمبادرة من أعضاء الأكاديمية العالمية للهندسة المعمارية، ولا على أيدي رموز الثقافة العالمية، بل بمبادرة ورعاية من عائلة بريتزكير، مؤسسة سلسلة فنادق "حياة" العالمية.
    بالنسبة إلى المهندسين المعماريين العالميين الحاليين، ومع أنّ قيمة الجائزة المالية البالغة 100 ألف دولار تبدو مبلغًا ضئيلًا، فإنّها تحولت مع مرور الوقت إلى ما يشبه جائزة "نوبل" هندسة العمارة، أو "أوسكار العمارة". ولهذا بالتحديد، تمنح هذه الجائزة، كقاعدةٍ عامة، من دون ارتكاب أية أخطاء: بحيث ترسل أمجاد المهندس أشعتها لترفع من شأن الجائزة نفسها.
    جرت العادة في بريطانيا، منذ فترةٍ بعيدة، أن يمنح الحائز على الجائزة لقب فارس الإمبراطورية البريطانية. ومع ذلك، فإنّ "السير ديفيد" لا يعمل في قلعةٍ مغلقةٍ عالية الأسوار. وهي بالنسبة إليه ليست جائزة، بل مهمة كلفته بها الشركة لاختيار شابّ وتدريبه.
    بقيت شركة "David Chipperfield Architects" في حيٍّ لندني متواضع بعيدًا عن مركز العاصمة، كما بقيت ورشاته مزدحمةً بالرسومات والنماذج المصغّرة، يهيمن عليها إهمال شديد لمتطلبات الحياة اليومية، في حين يسودها الاهتمام الفائق بلوازم الهندسة المعمارية، وكثير من أكوام الرسومات، وفناجين القهوة، على حوافّ طاولات العمل.


    "تجاوزت شهرة المعماري اللندني حدود بريطانيا، فقام بتأسيس فرع لمكتبه في العاصمة الألمانية برلين، وغدا فيها الضيف الرئيس تقريبًا بين معماريي المدينة"


    تجاوزت شهرة المعماري اللندني حدود بريطانيا، فقام بتأسيس فرع لمكتبه في العاصمة الألمانية برلين، وغدا فيها الضيف الرئيس تقريبًا بين معماريي المدينة. وهناك، ومن بين الأنقاض، أعاد ديفيد بناء متحف Neues المشيّد في القرن التاسع عشر، الذي دمرته قنابل الطائرات في أثناء الحرب العالمية الثانية. إلى جانب المعرض، شيّد مبنى معرض "جيمس سيمون" للرسم بأفكار سابقة لعصرها، ولكنّها بقيت كلاسيكية في الآن نفسه، ليتحول المعرض مدخلًا إلى (أكروبولوس) برلين. من جانبٍ آخر، قام شيبرفيلد بإعادة بناء تحفة ستينيات القرن العشرين، المعرض الوطني الجديد للوحات الفنية Neues nationalgalerie، الذي شيّده المعماري لودفيغ ميس فان در روه/ Ludwig Mies Van der Rohe.
    وفي البندقية في إيطاليا، أنجز شيبرفيلد كثيرًا من الأعمال. ففي هذه المدينة الفريدة بالتحديد، تحقق مشروع أحلامه ليتوّج مهندسًا معماريًا عصريًا، رمم بعض الآثار التاريخية العريقة على جوانب ساحة القديس مارك، الساحة الأشهر في البندقية. بالإضافة إلى ذلك، تجلّت روعة تصاميمه في إعادة بناء أكاديمية الفنون الملكية في لندن، وكذلك في بناء متحف أثينا التاريخي، وفي بيت الفنون (كونستهاوس) في زيوريخ، حيث تجلّى في هذه المشاريع حرصه الشديد على التاريخ.
    وكبقية المعماريين الأوروبيين، سرّ الفارس البريطاني بالإمكانيات الجديدة التي لاحت في الأفق للعمل على مشاريع في روسيا الاتحادية بداية الألفية الثانية، حيث ظهرت بوادر انفتاح السوق الروسية، التي أمل الجميع أن يتم فيها إجراء مسابقات نزيهة يتم من خلالها توزيع المشاريع بصورةٍ عادلة. جاء شيبرفيلد إلى موسكو مرات عدة للمنافسة في سبيل الحصول على مشاريع معمارية. كانت آخر محاولاته تتعلّق بالحصول على عطاءٍ لإعادة تأهيل مبنى التلغراف المركزي، بالشراكة بين مؤسسة شيبرفيلد، وشركة "سترويكا" الروسية. كان من المفترض افتتاح البناء الجديد عام 2024، ولكنّ الجوائح تتالت، وكان أولّها كوفيد ـ 19، وآخرها الحرب الروسية على أوكرانيا، ليغضّ شيبرفيلد النظر نهائيًّا عن المشروع.
    مبنى من تصميم شيبرفيلد في مدينة فالنسيا الإسبانية (1/1/2007/Getty)
    أصبح شيبرفيلد، وهو مصمم الأبنية العصرية الرائعة، اختصاصيًّا في إنقاذ التاريخ المعماري القديم. ومن مهندسٍ معماريٍّ ـ كلاسيكي مجدّد يبني عوالم جديدة، تحوّل إلى مهندسٍ معماريٍّ يعيد تشكيل كلّ ما هو تاريخي قديم. ربما لأنّه كذلك، وبالإضافة إلى حرصه الشديد على الحفاظ على التاريخ، ولابتكاره حلولًا إبداعية في سعيه إلى الإبقاء على جوهر التحف المعمارية التاريخية التي عمل عليها، اتخذت لجنة التحكيم قرارها بمنحه جائزة بريتزكير للهندسة المعمارية لهذا العام.


    هامش:
    (*) بريتزكير: جائزة تمنحها لجنة دولية مؤلفة من مشاهير المعماريين، ونقاد الهندسة المعمارية، ورجال الأعمال. تتغير اللجنة سنويًا، ويتم التصويت بشكل سريّ. يرافق حفل إعلان الحائزة تنظيم معرضٍ تعرض فيه أعمال الحائزين على الجائزة. وخلال 40 عامًا من عمر الجائزة، جرى الاحتفال في كل من متحف واشنطن، ومتحف الميتروبوليتان في نيويورك، وفي قصر فرساي في باريس، وفي البيت الأبيض في واشنطن، وعلى هضبة الكابيتول في روما، وعلى أرض بناء متاحف جديدة "غوته"، و"سولومون غاغنهايم". وفي عام 2004، جرت مراسم تقليد المعمارية العراقية ـ البريطانية زها حديد في متحف الأرميتاج في مدينة سانت بترسبورغ الروسية، لتكون أول امرأة تمنح هذه الجائزة.
يعمل...
X