Fareed Zaffour
15 مايو 2020
د.محمد خليل ابو الخيرمجلة عشنا و شفنا 3Shna & Shofna
14 مايو 2020 ·
حكايه اشهر ٩ عبارات فى التاريخ المصرى الشعبى
أجدادنا وآباؤنا يرددون دائمًا العديد من العبارات التي قد لا نعرف معناها أو لماذا قيلت في قديم الزمن، وبعضها يشير إلى دلالات معينة تفيد الإنسان في حياته المعيشية، والبعض الآخر يُقال على سبيل النصيحة أحيانًا، وعُرفت بـ«الأمثال الشعبية».
«إن فاتك الميري اتمرغ في ترابه»
هذا المثل من أقدم الأمثال في تاريخ مصرنا المحروسة، ويعود إلى عصر الرومان، أي في زمن احتلال الإسكندر الأكبر لمصر، وأصل المثل هو: «إن فاتك "الميرَة "(القمح) اتمرَّغ في ترابه».
أما سبب المقولة هذه التي أصبحت مثلًا أنه في تلك الحقبة من الاحتلال الروماني لمصر كان يُزرع بمصر القمح أو "الميرة" كما كان متعارفًا عليه وقتها للإمبراطورية الرومانية، وكان ممنوع على الفلاح المصري أخذ أي حبة منه بعد حصاده إلا بأمر الحاكم الروماني، وكانت تشون تلك "الميرة" في صوامع ترابية لحين شحنها لأطراف الإمبراطورية الرومانية وإن لم يأخذ الفلاح المصري نصيبه مما زرع، فكان يُنصح بأن يُبحث في تراب الصوامع عسى أن يجد بعض الميرة، ومن هنا كان المثل «إن فاتك الميرة اتمرغ في ترابها»، وبمرور السنين والأجيال أصبح «إن فاتك الميري اتمرغ في ترابه»، وكانت بداية التحريف للوضع الحالي في بداية الخلافة العثمانية، ثم ثبتت إبان الاحتلال الإنجليزي لمصر.
«ما حنا دافنينه سوا»
كان رجلان يبيعان زيتًا يحملانه على حمار ويتجولان من مكان إلى مكان، وعندما مات الحمار حزن صاحباه حزنًا شديدًا نتيجة الخسارة الكبيرة التي تنتج عن فقدانه، ولكن فجأة صاح أحدهما لصاحبه وقال: "اسكت وكف عن البكاء، فقد جاءت لي فكرة إذا قمنا بتنفذها جنينا من ورائها مكسبًا كبيرًا، علينا أن ندفن الحمار ونبني عليه قُبة، ونقول هذا مزار أحد الصالحين، ونحكي للناس قصصًا وأخبارًا معلنين فيها فضائله وكراماته التي ظهرت مع الكبار والصغار، فيأتي إلينا الناس، ويتباركون بما أخفينا؛ فتنهال علينا النذور والهدايا".
فرح صديقه بهذه الفكرة فرحة غامرة، وما هي إلا ساعات قليلة حتى كانت جثة الحمار تحت قبة ظليلة، وأصبح بائعا الزيت من وجهاء البلد، حيث توافد الزائرون والزائرات، ولم يمر وقت من الزمن حتى كان لهما جولات يسرحون فيها ليجمعوا التبرعات والنذور، وذات سنة أخفى أحدهما عن زميله جزءًا من حصيلة النذور؛ ما جعله يشك في ذمته، وأخذ يعاتبه على ما فعله، فما كان من الخائن إلَّا أنه قال لصديقه وهو يشير للقبة حلِّفني على كرامة هذا الرجل الطاهر، فالتفت إليه صاحبه وأحدق النظر فيه وقال له: «أحلِّفك على مين؟! ما احنا دفنينه سوا».
«بين الحانة والمانة ضيعنا لحانا»
كان لرجل زوجتان، إحداهما شابة واسمها "حانة"، وأخرى عجوز واسمها "مانة"، وكان الرجل ملتحيًا، خالط لحيته الشيب، فعندما كان يأتي زوجته الشابة تطلب منه نتف الشيب من لحيته كي يبدو شابًا أمامها؛ فيفعل إرضاء لها، وعندما يأتي زوجته العجوز تطلب منه نتف الشعر الأسود لكي يعطيه الشيب وقارًا، فيفعل ذلك إرضاء لها، وبعد أن تكرر هذا بين زوجتيه حانة ومانة لم يبقَ له شعر في لحيته، فقال: «بين حانة ومانة ضيعنا لحانا».
«الله يهنِّي سعيد بسعيدة»
مَثل شهير له معنى وحيد، وهو الدعاء لزوجين بالسعادة عند رؤية مشاعر الحب والمودة بينهم، يُقال إن ملكًا من الملوك كان عنده ولد يُدعى "سعيد"، وعند اقتراب موته طلب من أخيه أن يرعى ابنه بعد مماته وأن يزوجه إلى من يحب ويريد، فاستأمن الملك أخاه على سعيد ومات، كان لدى العم بنت تُدعى "سعيدة"، وكانت تجب سعيد حبًا شديدًا، وبعد فترة من الزمن طلب سعيد من عمه أن يتزوج، فرشح له عمه "سعيدة"، ولكن سعيد رفض سعيد وفضل الزواج من أخرى.
ذهب "سعيد" وعمه إلى والد الفتاة الأخرى، ولكن اشترط عمه أن يُحرك حجرًا هائلًا أمام القصر من مكانه كشرط من شروط الزواج كما هي التقاليد، وإن لم يستطع فلن يستطيع الزواج، فلم يستطع سعيد تحريك الحجر وسط سخرية من الفتاة التي أراد أن يتزوجها، وهكذا بقي الحال مع فتاة أخرى وأخرى، إلى أن يئس سعيد، وطلب من عمه تزويجه لابنته سعيدة، فوافق العم ووافقت سعيدة، ولكن عند وقت تحريك الحجر عَلم أنه لن يستطع فعلها مرة أخرى وأصابه اليأس، إلى أن جاءت سعيدة وقالت إن الزواج مشاركة بين شخصين، وسأبدأ هذه المشاركة من الآن بمساعدة سعيد في تحريك الحجر، ومن هنا عَلم سعيد بحب سعيدة له، ولام نفسه على غبائه وعدم ملاحظته، وجاء المثل «الله يهني سعيد بسعيدة».
«الضرة مُرَّة ولو كانت جرَّة»
كان أحد الرجال متزوجًا منذ زمن طويل، وكانت زوجته لا تنجب، فألحت عليه ليتزوج عليها وينجب الطفل الذي يحلم به، ولكن الزوج رفض معللًا ذلك برغبته في الابتعاد عن مشكلات الغيرة التي تنشب بين الزوجتين، وتحول حياة الرجل لجحيم، ولكن الزوجة لم تتوقف عن مطالبته بالزواج من أخرى، فوافق الزوج مضطرًا، وقال لها: «سوف أسافر يا زوجتي، وسأتزوج امرأة غريبة عن هذه المدينة حتى لا تحدث أي مشكلات بينكما».
وعاد الزوج من سفرته إلى بيته ومعه جرَّة كبيرة من الفخار، قد ألبسها ثياب امرأة وغطاها بعباءة، وخصص لها حجرة، وسمح لزوجته أن تراها من بعيد وهي نائمة، وخرج من الغرفة وأخبر زوجته الأولى: «ها أنا قد حققت نصيحتك يا زوجتي العزيزة وتزوجت من هذه الفتاة النائمة، دعيها الليلة تنام لترتاح من عناء السفر، وغدًا أقدمك إليها»، وعندما عاد الزوج من عمله إلى البيت، وجد زوجته تبكي فسألها عن السبب فأجابته: «إن امرأتك التي جئت بها شتمتني وأهانتني، وأنا لن أصبر على هذه الإهانة»!
تعجب الزوج ثم قال: «أنا لن أرضى بإهانة زوجتي العزيزة، وسترَين بعينيك ما سأفعله بها»، وأمسك عصا غليظة وضرب الضرة الفخارية على رأسها وجانبيها فتهشمت، واكتشفت الزوجة الحقيقة، واستحَت من ادعائها، فسألها الزوج: «قد أدبتها، هل أنت راضية؟»، فأجابته: «لا تلُمني يا زوجي الحبيب، فـ"الضرة مرَّة ولو كانت جرَّة».
«امسك الخشب»
وهو مثل يستخدمه المصريون والأجانب (touch wood) على حد السواء، ويقال عند الثناء على محاسن شخص أو شيء، بهدف حمايته من الحسد أو أن يصيبه الضرر، والتعبير له أصل مسيحي، فالخشب أو الخشبة هي الصليب، لأن كلمة الصليب باللغة القبطية هي «شي اثؤاف»، وتعني الخشبة المقدسة، وقد دعا المسيحيون القدامى إلى التمسك دائمًا بالخشبة المقدسة، زاعمين أنها تحفظ من كل شيء، فالخشبة المقدسة لهم تمثل البركة والحصانة من كل شر، ومن ثم فإن إمساك الشخص بالخشبة يعني إمساكه بالصليب وتبركه به.
ووفقًا لما ذكره البطريرك الأورثوذكسي اليوناني أنستاسيوس زافاليس، أنه كان من العادة في عهد الإمبراطور قسطنطين أن المؤمنين بالمسيحية، كانوا يسيرون في مواكب عامة، ويلمسون الصليب الخشبي بهدف الحصول على البركة والشفاء، ويلمسونه ثلاث مرات طبقًا لعقيدة الثالوث (الآب الابن الروح القدُس)، وبعد وضع الصليب المركزي الخشبي في القسطنطينية أصبح من التقاليد لمس أي صليب خشبي للتبرك به، ثم تحولت العادة في وقت لاحق إلى لمس أي شىء مصنوع من الخشب، لتحصينه من الضرر والأذى.
«موت يا حمار»
يحكى عن أحد الحكام شاهد حمارًا دخل إلى بستانه، فأمر بإحضار الحمار وإعدامه، فهمس الوزير في أذنه «إنه حمار يا مولاي»، فأمر الحاكم على الحمار أن يتعلم الأصول ويراعي الأوامر الملكية، وأذن مؤذن في المدينة بدعوة من يملك القدرة على تعليم الحمار وله من المال ما يشاء.
خشي الناس الأمر، ولكن رجلًا تقدم، وقرر أنه سيعلم الحمار بشرط أن يمنحه السلطان قصرًا يعيش فيه ومالًا وفيرًا، وبستانًا كبيرًا، ومدة للتعليم عشر سنوات، فوافق الحاكم، وأخبر الرجل المعلم أنه سيقطع رقبته إن لم يفلح في تعليم الحمار، وانطلق الرجل إلى زوجته يخبرها بالخبر السعيد وبالقصر والحياة الرغدة التي تنتظرها، ولكن المرأة شغلها الأمر، فسألته عن مصيره المحتوم بعد انتهاء المدة المحددة، فهي تعلم أن الحمار لن يتعلم، والحاكم سوف يقطع رقبة زوجها إن لم يفلح، فرد الرجل: «بعد عشر سنين إما يموت السلطان أو أموت أنا أو يموت الحمار»، ومن هنا حرَّف العرب المقولة إلى «موت يا حمار»، وجرى استخدام التعبير، وصار مرتبطًا في الوطن العربي بالأشخاص الذين يعتمدون على عنصر الزمن في التنصل من مسئولياتهم أو الهروب من التفكير فيما يخفيه القدر.
«اللي اختشوا ماتوا»
ترجع قصة هذاالمثل، إلى عصر الدولة العثمانية، حين كانت الحمَّامات القديمة، تستخدم الحطب والأخشاب والنشارة لتسخين أرضية الحمام والمياه، وكانت قباب وسقوف معظم الحمامات مصنوعة من الخشب، وفي يوم شب حريق في حمام مخصص للنساء، اللاتي يستحممن عاريات، لا يسترهن إلا البخار الكثيف، وخلال الحريق هربت كل السيدات اللاتي كن يرتدين بعض الملابس، وقليل من العاريات، أما من استحين ففضلن الموت على الخروج عاريات، وعند عودة صاحب الحمام سأل البواب: «هل مات أحد من النساء؟» فأجابه «نعم، اللي اختشوا ماتوا»، وصارت الجملة مثلًا يقال للإشارة إلى أن من يخجلون قد ماتوا، ولم يتبق إلا من لا يستحي ولا يخجل.
«المنوفي لا يلوفي ولو أكلته لحم الكتوفي»
يرجع المثل إلى عصر المماليك، حين تعدى مملوك على زميله بالضرب حتى قتله، فرآه رجل من المنوفية، تحديدًا من مدينة منوف، فأراد القاتل المملوكي أن يرشيه حتى لا يكشف سره، فظل يطعمه من لحوم الغنم والإبل، واتفق معه على ألا يشهد ضده في جلسة الحكم التي سيقاضي فيها المملوكي القاتل.
وجاء يوم محاكمة المملوكي أمام القاضي، فطلب القاضي من المنوفي أن يحلف اليمين على قول الحق، فأجابه، واعترف على المملوكي القاتل، وسرد كل ما حدث بالضبط، فصاح المملوكي بوجهه: «ألم نتفق معًا؟»، فرد عليه المنوفي: «يا رجل، أشهد بقول الزور وأعتق رقبتك من النار وأدخل أنا بشهادة الزور النار؟»، فأطلق الرجل الجملة في المحكمة «المنوفي لا يلوفي ولو أكل لحم الكالشعب
كل التفاعلات:
أحمد غازي أنيس
15 مايو 2020
د.محمد خليل ابو الخيرمجلة عشنا و شفنا 3Shna & Shofna
14 مايو 2020 ·
حكايه اشهر ٩ عبارات فى التاريخ المصرى الشعبى
أجدادنا وآباؤنا يرددون دائمًا العديد من العبارات التي قد لا نعرف معناها أو لماذا قيلت في قديم الزمن، وبعضها يشير إلى دلالات معينة تفيد الإنسان في حياته المعيشية، والبعض الآخر يُقال على سبيل النصيحة أحيانًا، وعُرفت بـ«الأمثال الشعبية».
«إن فاتك الميري اتمرغ في ترابه»
هذا المثل من أقدم الأمثال في تاريخ مصرنا المحروسة، ويعود إلى عصر الرومان، أي في زمن احتلال الإسكندر الأكبر لمصر، وأصل المثل هو: «إن فاتك "الميرَة "(القمح) اتمرَّغ في ترابه».
أما سبب المقولة هذه التي أصبحت مثلًا أنه في تلك الحقبة من الاحتلال الروماني لمصر كان يُزرع بمصر القمح أو "الميرة" كما كان متعارفًا عليه وقتها للإمبراطورية الرومانية، وكان ممنوع على الفلاح المصري أخذ أي حبة منه بعد حصاده إلا بأمر الحاكم الروماني، وكانت تشون تلك "الميرة" في صوامع ترابية لحين شحنها لأطراف الإمبراطورية الرومانية وإن لم يأخذ الفلاح المصري نصيبه مما زرع، فكان يُنصح بأن يُبحث في تراب الصوامع عسى أن يجد بعض الميرة، ومن هنا كان المثل «إن فاتك الميرة اتمرغ في ترابها»، وبمرور السنين والأجيال أصبح «إن فاتك الميري اتمرغ في ترابه»، وكانت بداية التحريف للوضع الحالي في بداية الخلافة العثمانية، ثم ثبتت إبان الاحتلال الإنجليزي لمصر.
«ما حنا دافنينه سوا»
كان رجلان يبيعان زيتًا يحملانه على حمار ويتجولان من مكان إلى مكان، وعندما مات الحمار حزن صاحباه حزنًا شديدًا نتيجة الخسارة الكبيرة التي تنتج عن فقدانه، ولكن فجأة صاح أحدهما لصاحبه وقال: "اسكت وكف عن البكاء، فقد جاءت لي فكرة إذا قمنا بتنفذها جنينا من ورائها مكسبًا كبيرًا، علينا أن ندفن الحمار ونبني عليه قُبة، ونقول هذا مزار أحد الصالحين، ونحكي للناس قصصًا وأخبارًا معلنين فيها فضائله وكراماته التي ظهرت مع الكبار والصغار، فيأتي إلينا الناس، ويتباركون بما أخفينا؛ فتنهال علينا النذور والهدايا".
فرح صديقه بهذه الفكرة فرحة غامرة، وما هي إلا ساعات قليلة حتى كانت جثة الحمار تحت قبة ظليلة، وأصبح بائعا الزيت من وجهاء البلد، حيث توافد الزائرون والزائرات، ولم يمر وقت من الزمن حتى كان لهما جولات يسرحون فيها ليجمعوا التبرعات والنذور، وذات سنة أخفى أحدهما عن زميله جزءًا من حصيلة النذور؛ ما جعله يشك في ذمته، وأخذ يعاتبه على ما فعله، فما كان من الخائن إلَّا أنه قال لصديقه وهو يشير للقبة حلِّفني على كرامة هذا الرجل الطاهر، فالتفت إليه صاحبه وأحدق النظر فيه وقال له: «أحلِّفك على مين؟! ما احنا دفنينه سوا».
«بين الحانة والمانة ضيعنا لحانا»
كان لرجل زوجتان، إحداهما شابة واسمها "حانة"، وأخرى عجوز واسمها "مانة"، وكان الرجل ملتحيًا، خالط لحيته الشيب، فعندما كان يأتي زوجته الشابة تطلب منه نتف الشيب من لحيته كي يبدو شابًا أمامها؛ فيفعل إرضاء لها، وعندما يأتي زوجته العجوز تطلب منه نتف الشعر الأسود لكي يعطيه الشيب وقارًا، فيفعل ذلك إرضاء لها، وبعد أن تكرر هذا بين زوجتيه حانة ومانة لم يبقَ له شعر في لحيته، فقال: «بين حانة ومانة ضيعنا لحانا».
«الله يهنِّي سعيد بسعيدة»
مَثل شهير له معنى وحيد، وهو الدعاء لزوجين بالسعادة عند رؤية مشاعر الحب والمودة بينهم، يُقال إن ملكًا من الملوك كان عنده ولد يُدعى "سعيد"، وعند اقتراب موته طلب من أخيه أن يرعى ابنه بعد مماته وأن يزوجه إلى من يحب ويريد، فاستأمن الملك أخاه على سعيد ومات، كان لدى العم بنت تُدعى "سعيدة"، وكانت تجب سعيد حبًا شديدًا، وبعد فترة من الزمن طلب سعيد من عمه أن يتزوج، فرشح له عمه "سعيدة"، ولكن سعيد رفض سعيد وفضل الزواج من أخرى.
ذهب "سعيد" وعمه إلى والد الفتاة الأخرى، ولكن اشترط عمه أن يُحرك حجرًا هائلًا أمام القصر من مكانه كشرط من شروط الزواج كما هي التقاليد، وإن لم يستطع فلن يستطيع الزواج، فلم يستطع سعيد تحريك الحجر وسط سخرية من الفتاة التي أراد أن يتزوجها، وهكذا بقي الحال مع فتاة أخرى وأخرى، إلى أن يئس سعيد، وطلب من عمه تزويجه لابنته سعيدة، فوافق العم ووافقت سعيدة، ولكن عند وقت تحريك الحجر عَلم أنه لن يستطع فعلها مرة أخرى وأصابه اليأس، إلى أن جاءت سعيدة وقالت إن الزواج مشاركة بين شخصين، وسأبدأ هذه المشاركة من الآن بمساعدة سعيد في تحريك الحجر، ومن هنا عَلم سعيد بحب سعيدة له، ولام نفسه على غبائه وعدم ملاحظته، وجاء المثل «الله يهني سعيد بسعيدة».
«الضرة مُرَّة ولو كانت جرَّة»
كان أحد الرجال متزوجًا منذ زمن طويل، وكانت زوجته لا تنجب، فألحت عليه ليتزوج عليها وينجب الطفل الذي يحلم به، ولكن الزوج رفض معللًا ذلك برغبته في الابتعاد عن مشكلات الغيرة التي تنشب بين الزوجتين، وتحول حياة الرجل لجحيم، ولكن الزوجة لم تتوقف عن مطالبته بالزواج من أخرى، فوافق الزوج مضطرًا، وقال لها: «سوف أسافر يا زوجتي، وسأتزوج امرأة غريبة عن هذه المدينة حتى لا تحدث أي مشكلات بينكما».
وعاد الزوج من سفرته إلى بيته ومعه جرَّة كبيرة من الفخار، قد ألبسها ثياب امرأة وغطاها بعباءة، وخصص لها حجرة، وسمح لزوجته أن تراها من بعيد وهي نائمة، وخرج من الغرفة وأخبر زوجته الأولى: «ها أنا قد حققت نصيحتك يا زوجتي العزيزة وتزوجت من هذه الفتاة النائمة، دعيها الليلة تنام لترتاح من عناء السفر، وغدًا أقدمك إليها»، وعندما عاد الزوج من عمله إلى البيت، وجد زوجته تبكي فسألها عن السبب فأجابته: «إن امرأتك التي جئت بها شتمتني وأهانتني، وأنا لن أصبر على هذه الإهانة»!
تعجب الزوج ثم قال: «أنا لن أرضى بإهانة زوجتي العزيزة، وسترَين بعينيك ما سأفعله بها»، وأمسك عصا غليظة وضرب الضرة الفخارية على رأسها وجانبيها فتهشمت، واكتشفت الزوجة الحقيقة، واستحَت من ادعائها، فسألها الزوج: «قد أدبتها، هل أنت راضية؟»، فأجابته: «لا تلُمني يا زوجي الحبيب، فـ"الضرة مرَّة ولو كانت جرَّة».
«امسك الخشب»
وهو مثل يستخدمه المصريون والأجانب (touch wood) على حد السواء، ويقال عند الثناء على محاسن شخص أو شيء، بهدف حمايته من الحسد أو أن يصيبه الضرر، والتعبير له أصل مسيحي، فالخشب أو الخشبة هي الصليب، لأن كلمة الصليب باللغة القبطية هي «شي اثؤاف»، وتعني الخشبة المقدسة، وقد دعا المسيحيون القدامى إلى التمسك دائمًا بالخشبة المقدسة، زاعمين أنها تحفظ من كل شيء، فالخشبة المقدسة لهم تمثل البركة والحصانة من كل شر، ومن ثم فإن إمساك الشخص بالخشبة يعني إمساكه بالصليب وتبركه به.
ووفقًا لما ذكره البطريرك الأورثوذكسي اليوناني أنستاسيوس زافاليس، أنه كان من العادة في عهد الإمبراطور قسطنطين أن المؤمنين بالمسيحية، كانوا يسيرون في مواكب عامة، ويلمسون الصليب الخشبي بهدف الحصول على البركة والشفاء، ويلمسونه ثلاث مرات طبقًا لعقيدة الثالوث (الآب الابن الروح القدُس)، وبعد وضع الصليب المركزي الخشبي في القسطنطينية أصبح من التقاليد لمس أي صليب خشبي للتبرك به، ثم تحولت العادة في وقت لاحق إلى لمس أي شىء مصنوع من الخشب، لتحصينه من الضرر والأذى.
«موت يا حمار»
يحكى عن أحد الحكام شاهد حمارًا دخل إلى بستانه، فأمر بإحضار الحمار وإعدامه، فهمس الوزير في أذنه «إنه حمار يا مولاي»، فأمر الحاكم على الحمار أن يتعلم الأصول ويراعي الأوامر الملكية، وأذن مؤذن في المدينة بدعوة من يملك القدرة على تعليم الحمار وله من المال ما يشاء.
خشي الناس الأمر، ولكن رجلًا تقدم، وقرر أنه سيعلم الحمار بشرط أن يمنحه السلطان قصرًا يعيش فيه ومالًا وفيرًا، وبستانًا كبيرًا، ومدة للتعليم عشر سنوات، فوافق الحاكم، وأخبر الرجل المعلم أنه سيقطع رقبته إن لم يفلح في تعليم الحمار، وانطلق الرجل إلى زوجته يخبرها بالخبر السعيد وبالقصر والحياة الرغدة التي تنتظرها، ولكن المرأة شغلها الأمر، فسألته عن مصيره المحتوم بعد انتهاء المدة المحددة، فهي تعلم أن الحمار لن يتعلم، والحاكم سوف يقطع رقبة زوجها إن لم يفلح، فرد الرجل: «بعد عشر سنين إما يموت السلطان أو أموت أنا أو يموت الحمار»، ومن هنا حرَّف العرب المقولة إلى «موت يا حمار»، وجرى استخدام التعبير، وصار مرتبطًا في الوطن العربي بالأشخاص الذين يعتمدون على عنصر الزمن في التنصل من مسئولياتهم أو الهروب من التفكير فيما يخفيه القدر.
«اللي اختشوا ماتوا»
ترجع قصة هذاالمثل، إلى عصر الدولة العثمانية، حين كانت الحمَّامات القديمة، تستخدم الحطب والأخشاب والنشارة لتسخين أرضية الحمام والمياه، وكانت قباب وسقوف معظم الحمامات مصنوعة من الخشب، وفي يوم شب حريق في حمام مخصص للنساء، اللاتي يستحممن عاريات، لا يسترهن إلا البخار الكثيف، وخلال الحريق هربت كل السيدات اللاتي كن يرتدين بعض الملابس، وقليل من العاريات، أما من استحين ففضلن الموت على الخروج عاريات، وعند عودة صاحب الحمام سأل البواب: «هل مات أحد من النساء؟» فأجابه «نعم، اللي اختشوا ماتوا»، وصارت الجملة مثلًا يقال للإشارة إلى أن من يخجلون قد ماتوا، ولم يتبق إلا من لا يستحي ولا يخجل.
«المنوفي لا يلوفي ولو أكلته لحم الكتوفي»
يرجع المثل إلى عصر المماليك، حين تعدى مملوك على زميله بالضرب حتى قتله، فرآه رجل من المنوفية، تحديدًا من مدينة منوف، فأراد القاتل المملوكي أن يرشيه حتى لا يكشف سره، فظل يطعمه من لحوم الغنم والإبل، واتفق معه على ألا يشهد ضده في جلسة الحكم التي سيقاضي فيها المملوكي القاتل.
وجاء يوم محاكمة المملوكي أمام القاضي، فطلب القاضي من المنوفي أن يحلف اليمين على قول الحق، فأجابه، واعترف على المملوكي القاتل، وسرد كل ما حدث بالضبط، فصاح المملوكي بوجهه: «ألم نتفق معًا؟»، فرد عليه المنوفي: «يا رجل، أشهد بقول الزور وأعتق رقبتك من النار وأدخل أنا بشهادة الزور النار؟»، فأطلق الرجل الجملة في المحكمة «المنوفي لا يلوفي ولو أكل لحم الكالشعب
كل التفاعلات:
أحمد غازي أنيس