المونتاج
لقد كان اهتمامنا منصباً حتى هذه السطور على وسيلة التعبير السينمائي في علاقتها باللقطة المنفردة التي هي الوحدة الأساس في بناء الأفلام. اللقطات في الفلم السينمائي، فيما عدا لقطات المتابعة والتصوير الطويل تميل على أية حال إلى اكتساب المعنى بعد رؤيتها إلى جانب لقطات أخرى وبعد بنائها في مقطع متسلسل متماسك منتج. المونتاج فيزيائياً هو ربط شريحة فلمية لقطة واحدة مع أخرى اللقطات ترتبط مع بعضها لتكون مشاهد،
والمشاهد ترتبط معاً لتكون مقاطع متسلسلة. وعلى المستوى الميكانيكي يقوم المونتاج بإزالة الزمان والمكان غير الضروريين يقوم المونتاج عن طريق ارتباط الأفكار بربط لقطة بأخرى ومشهد بآخر وهكذا، ورغم البساطة التي قد تبدو من خلالها الفكرة فإن عملية المونتاج تمثل حجر زاوية رئيسي في فن الفلم. أشار تيري رامزي أحد نقاد الفلم الأوائل إلى المونتاج على أنه «البناء اللغوي للسينما، ولغة القواعد فيه ومثل قواعد اللغة يجب تعلم البناء اللغوي للمونتاج وإلا فإننا لا نملكه في أعماقنا.
تطور المونتاج إلى فن ذي جوانب معقدة رائعة منذ عام ١٩٠٠ وكل عقد من السنين يمر يقدم تنويعاً جديداً وإمكانيات جديدة. قبل نهاية القرن كانت أكثر الأفلام تتكون من حكايات قصيرة مصورة في لقطات طويلة وفي تشغيلة واحدة وعندما ينتهي الفلم الخام أو يكاد فإن الحاجب الدائري يغلق بسرعة . الفترة الزمنية للقطة كانت تساوي المشهد في الطول. كانت الأفلام الأولى في جوهرها لا تزيد على مسرحيات صغيرة في لقطات طويلة مسجلة على السليلويد وكانت آلة التصوير ثابتة والممثلون يظلون في لقطة بعيدة. كان المشهد يستمر متواصلاً يتساوى فيه زمن الشاشة والزمن الحقيقي. على سبيل المثال كانت الفكرة المركزية لأحد الأفلام الأولى تدور حول رجل يقيم حفلة لعدد من الفتيات الرجل والفتيات يقومون بعدة قطع كوميدية من الغزل وإراقة المشروبات... إلخ. ثم ينتهي الحاجب الدائري بالممثلين جميعاً وهم يغادرون المنظر بصخب .
بعد عام ۱۹۰۰ زاد طموح صانعي الأفلام ظهرت لأول مرة القصص السردية الساذجة في فرنسا وانكلترا وأمريكا لم يعد هنالك مجرد حجب، بل قصص» مما استدعى أكثر من منظر واحد وأكثر من لقطة واحدة متواصلة. الاستمرارية كانت المعضلة. ومهما بدا ذلك غريباً الآن فإن صانعي الأفلام في هذه الفترة كانوا يقلقون بشأن الجمهور الذين كانوا يظنونه لن يفهم العلاقة بين قصة (لقطة) والقصة الأخرى. ولحل هذه المشكلة كانوا يستعينون بالمسرح النظامي للمساعدة هنا كانت الستارة هي العرف المقبول، والذي يقوم مقام الانتقال في الزمان أو المكان كانت الستارة في الواقع تربط المشاهد المختلفة والفصول في كل متماسك. كان الاختفاء التدريجي في الفلم هو الستارة بالنسبة للمسرح ببساطة متناهية كان الاختفاء التدريجي يعني تناقص الضوء في ختام المشهد حتى تسوّد الشاشة ثم يظهر المشهد التالي تدريجياً ليكشف لنا في الأغلب عن موقع جديد في زمن مختلف. كان المشهدان يتوحدان عادة بحضور نفس الممثل. منذ عام ۱۸۹۹ قام الفرنسي جورج ميلييه بصنع فلم قصير عنوانه سندرلا في عشرين مشهد مرتب».
لم يلبث المخرجون طويلاً حتى بدأوا التقطيع ضمن المشاهد إضافة إلى التقطيع بين مشهد وآخر. يعود فضل هذا التجديد عادة إلى إدوين أس بورتر الأمريكي رغم أنه في عام ۱۹۰۰ قام رجل انكليزي اسمه جي أي سميث بإدخال لقطة كبيرة ضمن المشهد وقام رجل انكليزي آخر اسمه جيمس وليامسون بإدخال لقطة فاصلة ضمن مقطع متسلسل للطراد في أحد أفلامه. هذه التجديدات أهملت تماماً حتى مجيء بورتر وتناوله لها فيما بعد بشكل مستقل قام فلم بورتر المعنون (حياة رجل اطفاء أمريكي) (١٩٠٢- ٣ )بدفع فكرة المونتاج خطوة أبعد تضمن الفلم الذي يتناول قصة بسيطة لرجل اطفاء يقوم بإنقاذ بطولي لامرأة وطفلها سبعة مشاهد أبرز آخرها ثلاث لقطات مختلفة : أولها وصول سيارة الإطفاء إلى البناية المحترقة ، واللقطة الثانية للمرأة والطفل داخل البناية المحترقة محاصرين واللقطة الثالثة خارجية لرجل الإطفاء وهو يحمل المرأة وينزل بها من على السلم الفعل الأخير أعيد في عملية إنقاذ الطفل).
كان مثل هذا المشهد سيصور تقليدياً في لقطة بعيدة ترينا الفعل بأكمله في تشغيلة متواصلة لآلات التصوير .. إن قيام بورتر بكسر استمرارية المشهد إلى ثلاث لقطات مختلفة وضع اللقطة أساساً وليس المشهد كوحدة أساسية في بناء الفلم. فكرة المونتاج الجديدة هذه أدخلت للفلم فكرة أوجه النظر المختلفة. كانت أغلب الأفلام حتى ذلك الوقت تصور في لقطة بعيدة ساكنة وهي في المكان التقريبي الذي كان سيتخذه المشاهد الحقيقي للحادث. ومدة المشهد تكون تقريباً مساوية للمدة التي يستغرقها الحادث الحقيقي. إلا إن اللقطات إلى مواقع خارجية وداخلية مكن المشاهده من أن يكون في المكانين بسرعة. أضف إلى ذلك أن الوقت المنصرم لا يعتمد على مدة المشهد وبذلك أدخل زمن جديد زمن ذاتي يعتمد على زمن اللقطات المختلفة وليس على الحدث الفعلي.
لقد كان اهتمامنا منصباً حتى هذه السطور على وسيلة التعبير السينمائي في علاقتها باللقطة المنفردة التي هي الوحدة الأساس في بناء الأفلام. اللقطات في الفلم السينمائي، فيما عدا لقطات المتابعة والتصوير الطويل تميل على أية حال إلى اكتساب المعنى بعد رؤيتها إلى جانب لقطات أخرى وبعد بنائها في مقطع متسلسل متماسك منتج. المونتاج فيزيائياً هو ربط شريحة فلمية لقطة واحدة مع أخرى اللقطات ترتبط مع بعضها لتكون مشاهد،
والمشاهد ترتبط معاً لتكون مقاطع متسلسلة. وعلى المستوى الميكانيكي يقوم المونتاج بإزالة الزمان والمكان غير الضروريين يقوم المونتاج عن طريق ارتباط الأفكار بربط لقطة بأخرى ومشهد بآخر وهكذا، ورغم البساطة التي قد تبدو من خلالها الفكرة فإن عملية المونتاج تمثل حجر زاوية رئيسي في فن الفلم. أشار تيري رامزي أحد نقاد الفلم الأوائل إلى المونتاج على أنه «البناء اللغوي للسينما، ولغة القواعد فيه ومثل قواعد اللغة يجب تعلم البناء اللغوي للمونتاج وإلا فإننا لا نملكه في أعماقنا.
تطور المونتاج إلى فن ذي جوانب معقدة رائعة منذ عام ١٩٠٠ وكل عقد من السنين يمر يقدم تنويعاً جديداً وإمكانيات جديدة. قبل نهاية القرن كانت أكثر الأفلام تتكون من حكايات قصيرة مصورة في لقطات طويلة وفي تشغيلة واحدة وعندما ينتهي الفلم الخام أو يكاد فإن الحاجب الدائري يغلق بسرعة . الفترة الزمنية للقطة كانت تساوي المشهد في الطول. كانت الأفلام الأولى في جوهرها لا تزيد على مسرحيات صغيرة في لقطات طويلة مسجلة على السليلويد وكانت آلة التصوير ثابتة والممثلون يظلون في لقطة بعيدة. كان المشهد يستمر متواصلاً يتساوى فيه زمن الشاشة والزمن الحقيقي. على سبيل المثال كانت الفكرة المركزية لأحد الأفلام الأولى تدور حول رجل يقيم حفلة لعدد من الفتيات الرجل والفتيات يقومون بعدة قطع كوميدية من الغزل وإراقة المشروبات... إلخ. ثم ينتهي الحاجب الدائري بالممثلين جميعاً وهم يغادرون المنظر بصخب .
بعد عام ۱۹۰۰ زاد طموح صانعي الأفلام ظهرت لأول مرة القصص السردية الساذجة في فرنسا وانكلترا وأمريكا لم يعد هنالك مجرد حجب، بل قصص» مما استدعى أكثر من منظر واحد وأكثر من لقطة واحدة متواصلة. الاستمرارية كانت المعضلة. ومهما بدا ذلك غريباً الآن فإن صانعي الأفلام في هذه الفترة كانوا يقلقون بشأن الجمهور الذين كانوا يظنونه لن يفهم العلاقة بين قصة (لقطة) والقصة الأخرى. ولحل هذه المشكلة كانوا يستعينون بالمسرح النظامي للمساعدة هنا كانت الستارة هي العرف المقبول، والذي يقوم مقام الانتقال في الزمان أو المكان كانت الستارة في الواقع تربط المشاهد المختلفة والفصول في كل متماسك. كان الاختفاء التدريجي في الفلم هو الستارة بالنسبة للمسرح ببساطة متناهية كان الاختفاء التدريجي يعني تناقص الضوء في ختام المشهد حتى تسوّد الشاشة ثم يظهر المشهد التالي تدريجياً ليكشف لنا في الأغلب عن موقع جديد في زمن مختلف. كان المشهدان يتوحدان عادة بحضور نفس الممثل. منذ عام ۱۸۹۹ قام الفرنسي جورج ميلييه بصنع فلم قصير عنوانه سندرلا في عشرين مشهد مرتب».
لم يلبث المخرجون طويلاً حتى بدأوا التقطيع ضمن المشاهد إضافة إلى التقطيع بين مشهد وآخر. يعود فضل هذا التجديد عادة إلى إدوين أس بورتر الأمريكي رغم أنه في عام ۱۹۰۰ قام رجل انكليزي اسمه جي أي سميث بإدخال لقطة كبيرة ضمن المشهد وقام رجل انكليزي آخر اسمه جيمس وليامسون بإدخال لقطة فاصلة ضمن مقطع متسلسل للطراد في أحد أفلامه. هذه التجديدات أهملت تماماً حتى مجيء بورتر وتناوله لها فيما بعد بشكل مستقل قام فلم بورتر المعنون (حياة رجل اطفاء أمريكي) (١٩٠٢- ٣ )بدفع فكرة المونتاج خطوة أبعد تضمن الفلم الذي يتناول قصة بسيطة لرجل اطفاء يقوم بإنقاذ بطولي لامرأة وطفلها سبعة مشاهد أبرز آخرها ثلاث لقطات مختلفة : أولها وصول سيارة الإطفاء إلى البناية المحترقة ، واللقطة الثانية للمرأة والطفل داخل البناية المحترقة محاصرين واللقطة الثالثة خارجية لرجل الإطفاء وهو يحمل المرأة وينزل بها من على السلم الفعل الأخير أعيد في عملية إنقاذ الطفل).
كان مثل هذا المشهد سيصور تقليدياً في لقطة بعيدة ترينا الفعل بأكمله في تشغيلة متواصلة لآلات التصوير .. إن قيام بورتر بكسر استمرارية المشهد إلى ثلاث لقطات مختلفة وضع اللقطة أساساً وليس المشهد كوحدة أساسية في بناء الفلم. فكرة المونتاج الجديدة هذه أدخلت للفلم فكرة أوجه النظر المختلفة. كانت أغلب الأفلام حتى ذلك الوقت تصور في لقطة بعيدة ساكنة وهي في المكان التقريبي الذي كان سيتخذه المشاهد الحقيقي للحادث. ومدة المشهد تكون تقريباً مساوية للمدة التي يستغرقها الحادث الحقيقي. إلا إن اللقطات إلى مواقع خارجية وداخلية مكن المشاهده من أن يكون في المكانين بسرعة. أضف إلى ذلك أن الوقت المنصرم لا يعتمد على مدة المشهد وبذلك أدخل زمن جديد زمن ذاتي يعتمد على زمن اللقطات المختلفة وليس على الحدث الفعلي.
تعليق