الميزانسين
كلمة. (ميزانسين) مأخوذة من الفرنسية وهي تعني حرفياً «وضع الشيء على المسرح وهي مصطلح استعير من المسرح الشرعي. والعبارة تشير إلى تنسيق كل العناصر المرئية الداخلة في الإنتاج المسرحي ضمن فراغ محدد هو المسرح. رقعة الأداء هذه تحدّها فتحة المسرح التي تحيط بالمسرح وكأنها إطار صورة. ويمكن أن تكون رقعة التمثيل أكثر سيولة حيث تمتد إلى داخل قاعة المتفرجين. ومهما كانت حدود المسرح فإن الميزانسين يكون دائما ثلاثي الأبعاد الأشياء والأشخاص يتم ترتيبهم في الفراغ الحقيقي الذي يمتلك عمقاً بالإضافة إلى الإرتفاع والعرض. هذا الفراغ أيضاً امتداد لنفس الفراغ أن الذي تشغله قاعة المتفرجين مهما حاول المخرج المسرحي انفصام العالم على مسرحه .
في السينما يكون الميزانسين أكثر تعقيداً ويمثل التحاماً غريباً للمألوفات المرئية في المسرح وفي الفنون التشكيلية صانع الفلم كنظيره المخرج المسرحي يرتب الأشياء والأشخاص ضمن فراغ محدد ثلاثي الأبعاد، غير أن هذا الترتيب ما أن يتم تصويره حتى يتحول إلى صورة ذات بعدين للشيء الحقيقي. إن الفراغ في «عالم» السينما ليس ذات الفراغ الذي يشغله جمهور المتفرجين الصورة وحدها تتواجد في نفس الرقعة الفيزيائية كصورة معلقة في معرض للصور. الميزانسين في السينما يشبه فن الرسم في كونه تقديم الصورة ذات شكل فيه نماذج وحجوم على سطح مستو محاط بإطار. ولكن ميراث السينما من المسرح يجعل الميزانسين السينمائي في الوقت نفسه تعبير عن فكرة درامية يتحكم فيها الزمن ضمن النص الأفلام الواقعية عموماً يتم التحول فيها نحو المسرحي بما يتعلق بالمرثي أي القصة والشخصية الروائيـة والاستمرارية الدرامية تتقدم فيها على الجمال الشكلي البحت الأفلام الانطباعية تميل إلى الرسم وهذه الأفلام عادة تحتوي على مرئيات ذات غنى صوري مؤثر وتعقيد شكلي - حيث الصورة لا تمليها ضرورة النص السردي.
الإطار :
كل صورة فلمية محاطة بإطار الشاشة الذي يحد عالم الفلم. وعلى خلاف ما نجده عند الرسام أو المصور الفوتوغرافي، نجد أن المخرج السينمائي لا يستقبل تكويناته المؤطرة وكأنها مكتملة ذاتياً. الفلم كالدراما فن مؤقت بالإضافة إلى كونه فناً فراغياً، وعلى هذا فإن المرئيات هي في سيولة دائمة. فالتكوينات تتكسر وتعاد صياغتها ويعاد تجميعها أمام أعيننا. الصورة ذات الإطار الواحد المأخوذة من الفلم تشكل بالضرورة إذا لحظة مجمدة بصورة
مصطنعة لم يقصد أن تقتطع من نصها في الزمان والحركة غير من أجل أغراض نقدية نجد أن من الضروري أحياناً أن نحلل إطاراً جامداً معزولاً، في هذه الحال على المشاهد أن يأخذ بنظر الاعتبار الموقع الدرامي والزماني للصورة ضمن النص.
عادة هي إن الإطار يقوم بوظيفة القاعدة للتكوين في الصورة الفلمية. وبخلاف الرسام أو المصور الفوتوغرافي فإن المخرج لا يقوم بتركيب الإطار على التكوين بل التكوينات على إطار ثابت الحجم تبقى فيه عادة النسب الأفقية إلى العمودية خلال الفلم شاشات العرض تصنع بنسب منوعة وخاصة منذ دخول الشاشة العريضة في أوائل الخمسينات غير أنه قبل هذا الوقت كانت الأطر التقليدية ذات نسبة تقارب ٤٣. أما الشاشات العريضة فإن نسبها ٣٥ رغم أن بعضها قد يتطرف إلى نسبة ٢,٥×١ - كما في أفلام المخرج الهنغاري ميكلوس جانكسو مثلاً في مثل هذه الحالات يمكن تشبيه شكل الشاشة بجدارية طويلة ضيقة أكثر منها رسم (٢ - ١ ) .
بعض الأفلام المصورة أصلاً بالشاشة العريضة يتم تقليمها إلى النسبة التقليدية بعد عرضها تجارياً. هذا الإجراء الوضيع شائع في الأفلام التي تصغر عن قياس ٣٥ ملم إلى قياس ١٦ ملم وهو الرقم القياسي المستخدم في العروض غير التجارية في الكليات والمتاحف ولا داعي للقول بأنه كلما كان التصوير بالشاشة العريضة فذاً كلما زادت معاناة الفلم عند تحويله إلى النسبة القياسية بهذا الشكل. وعلى العموم فإن ثلث الصورة على الأقل يوضع خارجاً بسبب تقليم جوانب الإطار هذا النوع من القطع يعطينا الكثير من السخافات المرئية. شخص يتكلم في حافة الإطار قد يكون خارج الصورة تماماً في التكوين «المصحح»، وقد نرى ممثلاً وهو ينظر برعب كرد فعل لشيء قد لا نراه أبداً في الصورة وعندما يتم عرض الفلم في التلفزيون ذي النسبة ٤٣ فإن بعضاً من أعظم أفلام الشاشة العريضة يمكن أن يبدو ضعيف التكوين ومتعثراً. بعض الأفلام مثل فلم ٢٠٠١ اوديسا الفضاء لستانلي كوبريك، ربما لن يكون له معنى من شاشة التلفزيون بسبب دقة توزيع مضمون الفلم على مساحة الشاشة العريضة بكاملها.
أبعاد الأطر في الفنون التشكيلية تخضع لطبيعة مادة الموضوع صورة ناطحات السحاب مثلاً قد تكون مستطيلة الشكل ويكون إطارها وفقاً لذلك. والمنظر العريض بالمثل ربما كان أفقي الأبعاد أما في السينما فإن نسبة طول الإطار إلى عرضه تفوض من الخارج وهذه النسبة لا تتحكم فيها بالضرورة الطبيعية الداخلية للمادة المصورة. إن هذا لا ان كل صور الأفلام غير عضوية بسبب هذه النسبة إذ إن صانع الفلم في هذا الصدد يمكن تشبيهه بشاعر السوناتا الذي يختار هذا القالب الصعب بالضبط للتحدي الذي يمثله . إن الكثير من المتعة التي نستمدها من قراءة السوناتا ناجم عن التوتر الناشيء بين الشكل والمضمون حيث يتكون الشكل من أربعة عشر سطراً متشابكة الروي. وعندما تتلاحم مادة الموضوع مع التقنيات بهذه الطريقة فإن سرورنا الجمالي يتصاعد المبدأ نفسه ينطبق على عملية التأطير في الفلم .
الحجم الثابت لإطار الفلم صعب بصورة خاصة في التكوينات العمودية. إذ يجب إيصال الشعور بالإرتفاع الشاهق رغم غلبة الشكل الأفقي للشاشة (۲ - ٢) . ومن طرق التغلب على هذه المشكلة طريقة الحجب في فلم ضيق أفق مثلاً حجب دي دبليو كريفيث أجزاء من بعض الصور مما أدى إلى ربط الأجزاء المظلمة من الشاشة بظلام قاعة المتفرجين. وللتأكيد على السقوط الشاهق للجندي من فوق الجدار تم حجب جوانب الصورة. وللتأكيد على الأفق الشاسع للموقع قام كريفيث بحجب الثلث الأسفل من الصورة - وبهذا تم خلق تأثير للشاشة العريضة. استخدمت في هذا الفلم أنواع عدة من الحجب بضمنها الخط المائل والدائري والبيضوي. وبعد بضع سنين حث المخرج السوفييتي آيزنشتاين على تبني الشاشة المربعة التي يمكن أن تعرض عليها صور محجبة بكل شكل مناسب لمادة الموضوع.
في أيام الفلم الصامت كان البؤبوء وهو حاجب دائري أو بيضوي يمكن فتحه وغلقه حول الموضوع يستخدم أكثر مما يجب. غير أن استخدام البؤبوء من قبل استاذ ماهر يمكن أن يكون قوي البيان درامياً. في فلم آل أمبرسون الرائعون مثلا أغلق أورسون ويلز البؤبوء حول سيارة بدائية تطقطق .
كلمة. (ميزانسين) مأخوذة من الفرنسية وهي تعني حرفياً «وضع الشيء على المسرح وهي مصطلح استعير من المسرح الشرعي. والعبارة تشير إلى تنسيق كل العناصر المرئية الداخلة في الإنتاج المسرحي ضمن فراغ محدد هو المسرح. رقعة الأداء هذه تحدّها فتحة المسرح التي تحيط بالمسرح وكأنها إطار صورة. ويمكن أن تكون رقعة التمثيل أكثر سيولة حيث تمتد إلى داخل قاعة المتفرجين. ومهما كانت حدود المسرح فإن الميزانسين يكون دائما ثلاثي الأبعاد الأشياء والأشخاص يتم ترتيبهم في الفراغ الحقيقي الذي يمتلك عمقاً بالإضافة إلى الإرتفاع والعرض. هذا الفراغ أيضاً امتداد لنفس الفراغ أن الذي تشغله قاعة المتفرجين مهما حاول المخرج المسرحي انفصام العالم على مسرحه .
في السينما يكون الميزانسين أكثر تعقيداً ويمثل التحاماً غريباً للمألوفات المرئية في المسرح وفي الفنون التشكيلية صانع الفلم كنظيره المخرج المسرحي يرتب الأشياء والأشخاص ضمن فراغ محدد ثلاثي الأبعاد، غير أن هذا الترتيب ما أن يتم تصويره حتى يتحول إلى صورة ذات بعدين للشيء الحقيقي. إن الفراغ في «عالم» السينما ليس ذات الفراغ الذي يشغله جمهور المتفرجين الصورة وحدها تتواجد في نفس الرقعة الفيزيائية كصورة معلقة في معرض للصور. الميزانسين في السينما يشبه فن الرسم في كونه تقديم الصورة ذات شكل فيه نماذج وحجوم على سطح مستو محاط بإطار. ولكن ميراث السينما من المسرح يجعل الميزانسين السينمائي في الوقت نفسه تعبير عن فكرة درامية يتحكم فيها الزمن ضمن النص الأفلام الواقعية عموماً يتم التحول فيها نحو المسرحي بما يتعلق بالمرثي أي القصة والشخصية الروائيـة والاستمرارية الدرامية تتقدم فيها على الجمال الشكلي البحت الأفلام الانطباعية تميل إلى الرسم وهذه الأفلام عادة تحتوي على مرئيات ذات غنى صوري مؤثر وتعقيد شكلي - حيث الصورة لا تمليها ضرورة النص السردي.
الإطار :
كل صورة فلمية محاطة بإطار الشاشة الذي يحد عالم الفلم. وعلى خلاف ما نجده عند الرسام أو المصور الفوتوغرافي، نجد أن المخرج السينمائي لا يستقبل تكويناته المؤطرة وكأنها مكتملة ذاتياً. الفلم كالدراما فن مؤقت بالإضافة إلى كونه فناً فراغياً، وعلى هذا فإن المرئيات هي في سيولة دائمة. فالتكوينات تتكسر وتعاد صياغتها ويعاد تجميعها أمام أعيننا. الصورة ذات الإطار الواحد المأخوذة من الفلم تشكل بالضرورة إذا لحظة مجمدة بصورة
مصطنعة لم يقصد أن تقتطع من نصها في الزمان والحركة غير من أجل أغراض نقدية نجد أن من الضروري أحياناً أن نحلل إطاراً جامداً معزولاً، في هذه الحال على المشاهد أن يأخذ بنظر الاعتبار الموقع الدرامي والزماني للصورة ضمن النص.
عادة هي إن الإطار يقوم بوظيفة القاعدة للتكوين في الصورة الفلمية. وبخلاف الرسام أو المصور الفوتوغرافي فإن المخرج لا يقوم بتركيب الإطار على التكوين بل التكوينات على إطار ثابت الحجم تبقى فيه عادة النسب الأفقية إلى العمودية خلال الفلم شاشات العرض تصنع بنسب منوعة وخاصة منذ دخول الشاشة العريضة في أوائل الخمسينات غير أنه قبل هذا الوقت كانت الأطر التقليدية ذات نسبة تقارب ٤٣. أما الشاشات العريضة فإن نسبها ٣٥ رغم أن بعضها قد يتطرف إلى نسبة ٢,٥×١ - كما في أفلام المخرج الهنغاري ميكلوس جانكسو مثلاً في مثل هذه الحالات يمكن تشبيه شكل الشاشة بجدارية طويلة ضيقة أكثر منها رسم (٢ - ١ ) .
بعض الأفلام المصورة أصلاً بالشاشة العريضة يتم تقليمها إلى النسبة التقليدية بعد عرضها تجارياً. هذا الإجراء الوضيع شائع في الأفلام التي تصغر عن قياس ٣٥ ملم إلى قياس ١٦ ملم وهو الرقم القياسي المستخدم في العروض غير التجارية في الكليات والمتاحف ولا داعي للقول بأنه كلما كان التصوير بالشاشة العريضة فذاً كلما زادت معاناة الفلم عند تحويله إلى النسبة القياسية بهذا الشكل. وعلى العموم فإن ثلث الصورة على الأقل يوضع خارجاً بسبب تقليم جوانب الإطار هذا النوع من القطع يعطينا الكثير من السخافات المرئية. شخص يتكلم في حافة الإطار قد يكون خارج الصورة تماماً في التكوين «المصحح»، وقد نرى ممثلاً وهو ينظر برعب كرد فعل لشيء قد لا نراه أبداً في الصورة وعندما يتم عرض الفلم في التلفزيون ذي النسبة ٤٣ فإن بعضاً من أعظم أفلام الشاشة العريضة يمكن أن يبدو ضعيف التكوين ومتعثراً. بعض الأفلام مثل فلم ٢٠٠١ اوديسا الفضاء لستانلي كوبريك، ربما لن يكون له معنى من شاشة التلفزيون بسبب دقة توزيع مضمون الفلم على مساحة الشاشة العريضة بكاملها.
أبعاد الأطر في الفنون التشكيلية تخضع لطبيعة مادة الموضوع صورة ناطحات السحاب مثلاً قد تكون مستطيلة الشكل ويكون إطارها وفقاً لذلك. والمنظر العريض بالمثل ربما كان أفقي الأبعاد أما في السينما فإن نسبة طول الإطار إلى عرضه تفوض من الخارج وهذه النسبة لا تتحكم فيها بالضرورة الطبيعية الداخلية للمادة المصورة. إن هذا لا ان كل صور الأفلام غير عضوية بسبب هذه النسبة إذ إن صانع الفلم في هذا الصدد يمكن تشبيهه بشاعر السوناتا الذي يختار هذا القالب الصعب بالضبط للتحدي الذي يمثله . إن الكثير من المتعة التي نستمدها من قراءة السوناتا ناجم عن التوتر الناشيء بين الشكل والمضمون حيث يتكون الشكل من أربعة عشر سطراً متشابكة الروي. وعندما تتلاحم مادة الموضوع مع التقنيات بهذه الطريقة فإن سرورنا الجمالي يتصاعد المبدأ نفسه ينطبق على عملية التأطير في الفلم .
الحجم الثابت لإطار الفلم صعب بصورة خاصة في التكوينات العمودية. إذ يجب إيصال الشعور بالإرتفاع الشاهق رغم غلبة الشكل الأفقي للشاشة (۲ - ٢) . ومن طرق التغلب على هذه المشكلة طريقة الحجب في فلم ضيق أفق مثلاً حجب دي دبليو كريفيث أجزاء من بعض الصور مما أدى إلى ربط الأجزاء المظلمة من الشاشة بظلام قاعة المتفرجين. وللتأكيد على السقوط الشاهق للجندي من فوق الجدار تم حجب جوانب الصورة. وللتأكيد على الأفق الشاسع للموقع قام كريفيث بحجب الثلث الأسفل من الصورة - وبهذا تم خلق تأثير للشاشة العريضة. استخدمت في هذا الفلم أنواع عدة من الحجب بضمنها الخط المائل والدائري والبيضوي. وبعد بضع سنين حث المخرج السوفييتي آيزنشتاين على تبني الشاشة المربعة التي يمكن أن تعرض عليها صور محجبة بكل شكل مناسب لمادة الموضوع.
في أيام الفلم الصامت كان البؤبوء وهو حاجب دائري أو بيضوي يمكن فتحه وغلقه حول الموضوع يستخدم أكثر مما يجب. غير أن استخدام البؤبوء من قبل استاذ ماهر يمكن أن يكون قوي البيان درامياً. في فلم آل أمبرسون الرائعون مثلا أغلق أورسون ويلز البؤبوء حول سيارة بدائية تطقطق .
تعليق