عصبيه (اسباب وراثيه لافات جمله)
Nervous system - Système nerveux
العصبية (الأسباب الوراثية لآفات الجملة ـ)
من المعلوم أن الإنسان يخضع لإرادة قاهرة في بعض أموره لا مفر له منها، ومن ذلك ما يرثه عن والديه من صفات كلون البشرة وزمرة الدم، فهذه الصفات تنقلها المادة الوراثية التي عمادها الحمض النووي nucleic acid الذي يتكون من سلسلة مزدوجة من الحموض الأمينية amino acids(أدينين، غوانين، سيتوزين، تيمين)، التي ترتصف بشكل هندسي خاص مبني على ارتباط كل حمض بما قبله وبعده من حموض، وبارتباطه بالحمض الذي يقابله في السلسلة الثانية، ثم إن الحمض النووي يجتمع في 46 زوجاً من الجسيمات المجهرية المسماة بالصبغيات chromosomes؛ هناك زوج منها يحدد جنس المولود، وهو في الذكرXYوفي الأنثى XX، والبقية تسمى الصبغيات الجسمية (غير ذات العلاقة بالجنس) يرد نصفها من أحد الأبوين ونصفها من الآخر؛ فالصبغيات هي التي تنقل الأوامر المحددة لمواصفات الجسم الحي الجديد المتشكل «الجنين» ولا يقتصر أثرها فيما يحصل قبل الولادة، بل يمتد إلى الحياة كلها، وقد يكون المرض وراثياً، لكن أعراضه لاتبدأ بالظهور إلا في عمر الأربعين أو الخمسين.
كان تحديد دور الوراثة أمراً بالغ التعقيد لكن البحوث قادت إلى طرائق سريعة ودقيقة يسرت كشف الحمض النووي، ومن أهم هذه الطرائق التفاعل التسلسلي للبوليميراز polymerase chain reaction ويمكن تحري الحمض النووي بالبحث عما يكوِّنه من مواد بروتينية أو خمائر أو غير ذلك.
والأشياء المحددة بالوراثة على أنواع، منها ما ينتقل بطريقة بسيطة تسمى المندلية نسبة إلى مندل Mendel الذي وصفها، وهي تتفرع إلى وراثة جسمية قاهرة (أو سائدة) dominant يكفي وجودها على أحد زوجي الصبغي لظهور المواصفات المتعلقة بها. ولما كان المرء يرث نصف جيناته من أحد أبويه، فوجودها عند أحد الأبوين يعني احتمال انتقالها بنسبة تقدر بـ 50% في كل مرة يحصل تشكل جنين جديد. وفي الوراثة الجسمية المقهورة (صاغرة) recessive لابد من وجود صفة ما على كل من زوجي الصبغي لظهور أثر الجين، ولذلك لاتظهر هذه للصفة على الجنين الجديد ما لم توجد عند كل من الأب والأم معاً، ومع ذلك فاحتمال الإصابة بالمرض يكون 25%. لكن حمل الجين المقهور على أحد زوجي الصبغي يجعل المرء حاملاً للصفة وإن لم تصبه بوزرها، وأخيراً تنتقل بعض الخصائص الوراثية مع الصبغي المحدد للجنس.
وقد يكون انتقال الصفة الوراثية أشد تعقيداً، إذ لاتنتقل بصبغي واحد معلوم، وإنما باجتماع صبغيات عدة، أو أن الوراثة فيه لا تُحْدِثُ المرض مباشرة، لكنها تجعل صاحبها أكثر استعداداً له، ثم تؤدي عوامل البيئة عملها سلباً بإبعاد هذه الصفة، أو إيجاباٍ بترسيخها كما في مرض السكري.
ويتألف الجهاز العصبي من جزء مركزي هو الدماغ والنخاع الشوكي، وجزء محيطي هو الأعصاب، التي تنتشر في كل الجسم، موزعة الأوامر إلى مناطق الجسم كلها، وكما أن الأمراض قد تكون من أصل وراثي أو مكتسب فإن الجملة العصبية لا تخرج عن هذه القاعدة، وفيما يأتي أمثلة لطرائق الانتقال الوراثي المختلفة.
ـ مرض هنتنغتون Huntington‘s disease: وهو مرض أخذ اسمه من العالم الذي وصفه، وهو يصيب الجملة العصبية المركزية، وينتقل بصفة وراثية قاهرة على الصبغي الرابع، ويتسبب بثلاثة أعراض رئيسة؛ أولها تراجع المَلَكَات العقلية، وثانيها حصول حركات لا إرادية رقصية choric معاودة، وثالثها اضطراب سلوكي ونفسي عميقين. تبدأ أعراض هذا المرض بالظهور في الثلاثينيات بينما تحدث بنسبة 10% فقط قبل العشرين أو بعد الخمسين من العمر، وهذا المرض مثال صريح لمرض وراثي لا تبدو أعراضه منذ الولادة ولكن بعد سنين طويلة من الحياة الطبيعية.
ويعد الخلل الوراثي في مرض هنتنغتون ذا طبيعة فريدة كشفت في العقدين الأخيرين، تتكرر الحموض الأمينية بتسلسل خاص يسمى ثلاثيةtriplet في الحالة الطبيعية ضمن عدد معين، فإذا تجاوزه أصبح مسبباً للمرض، وحدود تكررها الطبيعي من 11 إلى 26، مرة فإن تكررت أكثر من أربعين مرة كان حدوث المرض محققاً حتماً. ويختلف احتمال حدوث المرض باختلاف تكرار الثلاثية بين هذين الحدين، وقد وضح الظاهرة الوراثية التي تعرف بالنفوذية penetratio، وهي تعني أن وجود المادة الوراثية شرط لازم ولكن غير كاف لظهور الأعراض، فوجودها ليس من قبيل كل شيء أو لا شيء، ولكنه أمر نسبي، فقد يوجد الجين، ثم لاتظهر الأعراض الخاصة بها (نفوذية غير كاملة).
ومن مفهوم النفوذية هذا يتفرع أمر بالغ الخطورة فتحري الحمض النووي للمرض عند من لم يظهر عنده أي عرض للداء، في حين أن أحد والديه مصاب، سيبعث القلق، ولكن كشف هذا الحمض لايعني ضرورة أنه سيصاب، بل لابد من معرفة حجم الجين للحكم على الحالة، كذلك فإن هذا النوع من المرض يوضح ظاهرة وراثية أخرى هي الاستباق anticipation، إذ يزداد عدد تكرار الثلاثية من جيل إلى الذي يليه وكلما ازداد عدد مرات تكرار الثلاثية أصبحت أعراض المرض تظهر في سن مبكرة أكثر.
ـ الحثل العضلي التأتري myotonic dystrophy: وهو مرض ينتقل بصفة وراثية جسمية قاهرة ويصيب العضلات مسبباً ضعفاً متزايداً فيها مع صعوبة حصول استرخاء إثر تقلصها الإرادي، ومرد الوراثة هنا تكرار ثلاثية سيتوزين تيمين غوانين في الصبغي رقم 19علماً أنها (بخلاف داء هنتنغتون) تحصل في مكان من الحمض النووي غير مسؤول عن إعطاء الأوامر الوراثية non-coding area، وحجم التكرار الذي يسبب المرض بوضوح هنا يتجاوز 1000 مرة فوق الحد الطبيعي.
ـ المتلازمات العصبية الجلدية (أو العدامية)phacomatosis: وهي تظهر بعد أمراض عصبية وراثية تصيب الجملة العصبية المركزية والمحيطية معاً، إضافة إلى الجلد وقد تمتد إلى أجهزة أخرى، ومن أكثرها شيوعاً الداء العصبي الليفي neurofibromatosis والتصلب الحدبيtuberous sclerosis، فالتصلب الحدبي مرض يصيب أجهزة عديدة من الجسم أهمها الدماغ ثم القلب والكلية والجلد وينتقل بوراثة جسمية قاهرة، وقد يكون الخلل في الصبغي رقم 9 أو رقم 16. أما الداء العصبي الليفي فهو نمطان كلاهما وراثته جسمية قاهرة؛ ففي الأول منهما يصطبغ جلد المريض ببقع عدة من لون القهوة بالحليب مع ورم دبقي في عصب العين وأورام عصبية محيطية ليفية، ومع تبدل خاص في قزحية العين، كما تحصل أيضاً بعض الآفات العظمية. وفي الثاني منهما يحصل ورم في عصبَي السمع.
ـ إصابة المتقدرات mitochondrial disease: وهي مثال آخر على مجموعة أمراض المشكلة الأساسية فيها هي إصابة الجملة العصبية والعضلات، لكنها قد تمتد إلى أجهزة أخرى، ومما يميزها من غيرها أن الإنسان يرثها حصراً عن أمه، وأن كل الحمض الأميني فيها فعال ليس فيه جزء لا عمل له (no introns or non-coding area). والمتقدرات هي جهاز الاحتراق الأساسي للخلية لتزويدها بالطاقة اللازمة، ومن الأمثلة عليها مرض ضمور عصب العين لليبر Liber‘s optic atrophyومرض الصرع الخلجاني المترافق بالحثل العضلي وفقد السمع وغير ذلك.
ـ الأمراض الناجمة عن البريون prionic disease: وهي طائفة متميزة من الأمراض العصبية تعد فتحاً جديداً في علم الوراثة؛ إذ يمكن فيها أن يحدث المرض بسبب الإرث كما يحصل بعلة مكتسبة (تناول منتجات حيوانية مصابة أو ازدراعها في الجسم كزرع القرنية). والبريون بروتين يوجد طبيعيَّاً في معظم خلايا الجسم ولكنه لعيبٍ ما يتحول من شكله السوي غير الممرض إلى شكله الممرض مسبباً أحد أمراض عدة كجنون البقر (التهاب دماغ إسفنجي)، ومرض كرويتزفلد جاكوب Creutzfeldt - Jakob ومرض الأرق العائلي القاتل fatal familial insomnia وغير ذلك.
ـ مرض دوشين وبيكر Duchenne-Becker: وهما مثالان للوراثة في الصبغي المحدد للجنس والتي تكون الأنثى فيها عادة حاملة للمرض لا مصابة به (يوجد المرض على أحد صبغيي الجنس، فتكون الأنثى حاملة للمرض، ولو وجد على كليهما لما تمكنت من الحياة من شدة الإصابة)، والعلة في كل من دوشين وبيكر ينجم عنها مشكلة في أحد البروتينات المكونة لغشاء العضلة المسمى ديستروفين، إذ ينعدم تماماً في دوشين (الأعراض أشد) ويضطرب في بيكر. والعلة في الحمض النووي قد تأخذ أشكالاً متعددة، فقد يحدث حذف جزء منه أو تضاعف جزء منه أو استبدال حمض نووي بآخر، وتبقى في كل من هذه الحالات أعراض المرض نفسها، وهي ضعف متزايد في عضلات الجسم، ولاسيما التي في جذور الأطراف (الفخذ والعضد)، وعضلات الجذع وتنتهي بالمريض إلى الكرسي النقال في نحو العاشرة من عمره في دوشين وبعد ذلك بسنين طويلة في بيكر.
سـالم الحلبي
Nervous system - Système nerveux
العصبية (الأسباب الوراثية لآفات الجملة ـ)
من المعلوم أن الإنسان يخضع لإرادة قاهرة في بعض أموره لا مفر له منها، ومن ذلك ما يرثه عن والديه من صفات كلون البشرة وزمرة الدم، فهذه الصفات تنقلها المادة الوراثية التي عمادها الحمض النووي nucleic acid الذي يتكون من سلسلة مزدوجة من الحموض الأمينية amino acids(أدينين، غوانين، سيتوزين، تيمين)، التي ترتصف بشكل هندسي خاص مبني على ارتباط كل حمض بما قبله وبعده من حموض، وبارتباطه بالحمض الذي يقابله في السلسلة الثانية، ثم إن الحمض النووي يجتمع في 46 زوجاً من الجسيمات المجهرية المسماة بالصبغيات chromosomes؛ هناك زوج منها يحدد جنس المولود، وهو في الذكرXYوفي الأنثى XX، والبقية تسمى الصبغيات الجسمية (غير ذات العلاقة بالجنس) يرد نصفها من أحد الأبوين ونصفها من الآخر؛ فالصبغيات هي التي تنقل الأوامر المحددة لمواصفات الجسم الحي الجديد المتشكل «الجنين» ولا يقتصر أثرها فيما يحصل قبل الولادة، بل يمتد إلى الحياة كلها، وقد يكون المرض وراثياً، لكن أعراضه لاتبدأ بالظهور إلا في عمر الأربعين أو الخمسين.
كان تحديد دور الوراثة أمراً بالغ التعقيد لكن البحوث قادت إلى طرائق سريعة ودقيقة يسرت كشف الحمض النووي، ومن أهم هذه الطرائق التفاعل التسلسلي للبوليميراز polymerase chain reaction ويمكن تحري الحمض النووي بالبحث عما يكوِّنه من مواد بروتينية أو خمائر أو غير ذلك.
والأشياء المحددة بالوراثة على أنواع، منها ما ينتقل بطريقة بسيطة تسمى المندلية نسبة إلى مندل Mendel الذي وصفها، وهي تتفرع إلى وراثة جسمية قاهرة (أو سائدة) dominant يكفي وجودها على أحد زوجي الصبغي لظهور المواصفات المتعلقة بها. ولما كان المرء يرث نصف جيناته من أحد أبويه، فوجودها عند أحد الأبوين يعني احتمال انتقالها بنسبة تقدر بـ 50% في كل مرة يحصل تشكل جنين جديد. وفي الوراثة الجسمية المقهورة (صاغرة) recessive لابد من وجود صفة ما على كل من زوجي الصبغي لظهور أثر الجين، ولذلك لاتظهر هذه للصفة على الجنين الجديد ما لم توجد عند كل من الأب والأم معاً، ومع ذلك فاحتمال الإصابة بالمرض يكون 25%. لكن حمل الجين المقهور على أحد زوجي الصبغي يجعل المرء حاملاً للصفة وإن لم تصبه بوزرها، وأخيراً تنتقل بعض الخصائص الوراثية مع الصبغي المحدد للجنس.
وقد يكون انتقال الصفة الوراثية أشد تعقيداً، إذ لاتنتقل بصبغي واحد معلوم، وإنما باجتماع صبغيات عدة، أو أن الوراثة فيه لا تُحْدِثُ المرض مباشرة، لكنها تجعل صاحبها أكثر استعداداً له، ثم تؤدي عوامل البيئة عملها سلباً بإبعاد هذه الصفة، أو إيجاباٍ بترسيخها كما في مرض السكري.
ويتألف الجهاز العصبي من جزء مركزي هو الدماغ والنخاع الشوكي، وجزء محيطي هو الأعصاب، التي تنتشر في كل الجسم، موزعة الأوامر إلى مناطق الجسم كلها، وكما أن الأمراض قد تكون من أصل وراثي أو مكتسب فإن الجملة العصبية لا تخرج عن هذه القاعدة، وفيما يأتي أمثلة لطرائق الانتقال الوراثي المختلفة.
ـ مرض هنتنغتون Huntington‘s disease: وهو مرض أخذ اسمه من العالم الذي وصفه، وهو يصيب الجملة العصبية المركزية، وينتقل بصفة وراثية قاهرة على الصبغي الرابع، ويتسبب بثلاثة أعراض رئيسة؛ أولها تراجع المَلَكَات العقلية، وثانيها حصول حركات لا إرادية رقصية choric معاودة، وثالثها اضطراب سلوكي ونفسي عميقين. تبدأ أعراض هذا المرض بالظهور في الثلاثينيات بينما تحدث بنسبة 10% فقط قبل العشرين أو بعد الخمسين من العمر، وهذا المرض مثال صريح لمرض وراثي لا تبدو أعراضه منذ الولادة ولكن بعد سنين طويلة من الحياة الطبيعية.
ويعد الخلل الوراثي في مرض هنتنغتون ذا طبيعة فريدة كشفت في العقدين الأخيرين، تتكرر الحموض الأمينية بتسلسل خاص يسمى ثلاثيةtriplet في الحالة الطبيعية ضمن عدد معين، فإذا تجاوزه أصبح مسبباً للمرض، وحدود تكررها الطبيعي من 11 إلى 26، مرة فإن تكررت أكثر من أربعين مرة كان حدوث المرض محققاً حتماً. ويختلف احتمال حدوث المرض باختلاف تكرار الثلاثية بين هذين الحدين، وقد وضح الظاهرة الوراثية التي تعرف بالنفوذية penetratio، وهي تعني أن وجود المادة الوراثية شرط لازم ولكن غير كاف لظهور الأعراض، فوجودها ليس من قبيل كل شيء أو لا شيء، ولكنه أمر نسبي، فقد يوجد الجين، ثم لاتظهر الأعراض الخاصة بها (نفوذية غير كاملة).
ومن مفهوم النفوذية هذا يتفرع أمر بالغ الخطورة فتحري الحمض النووي للمرض عند من لم يظهر عنده أي عرض للداء، في حين أن أحد والديه مصاب، سيبعث القلق، ولكن كشف هذا الحمض لايعني ضرورة أنه سيصاب، بل لابد من معرفة حجم الجين للحكم على الحالة، كذلك فإن هذا النوع من المرض يوضح ظاهرة وراثية أخرى هي الاستباق anticipation، إذ يزداد عدد تكرار الثلاثية من جيل إلى الذي يليه وكلما ازداد عدد مرات تكرار الثلاثية أصبحت أعراض المرض تظهر في سن مبكرة أكثر.
ـ الحثل العضلي التأتري myotonic dystrophy: وهو مرض ينتقل بصفة وراثية جسمية قاهرة ويصيب العضلات مسبباً ضعفاً متزايداً فيها مع صعوبة حصول استرخاء إثر تقلصها الإرادي، ومرد الوراثة هنا تكرار ثلاثية سيتوزين تيمين غوانين في الصبغي رقم 19علماً أنها (بخلاف داء هنتنغتون) تحصل في مكان من الحمض النووي غير مسؤول عن إعطاء الأوامر الوراثية non-coding area، وحجم التكرار الذي يسبب المرض بوضوح هنا يتجاوز 1000 مرة فوق الحد الطبيعي.
ـ المتلازمات العصبية الجلدية (أو العدامية)phacomatosis: وهي تظهر بعد أمراض عصبية وراثية تصيب الجملة العصبية المركزية والمحيطية معاً، إضافة إلى الجلد وقد تمتد إلى أجهزة أخرى، ومن أكثرها شيوعاً الداء العصبي الليفي neurofibromatosis والتصلب الحدبيtuberous sclerosis، فالتصلب الحدبي مرض يصيب أجهزة عديدة من الجسم أهمها الدماغ ثم القلب والكلية والجلد وينتقل بوراثة جسمية قاهرة، وقد يكون الخلل في الصبغي رقم 9 أو رقم 16. أما الداء العصبي الليفي فهو نمطان كلاهما وراثته جسمية قاهرة؛ ففي الأول منهما يصطبغ جلد المريض ببقع عدة من لون القهوة بالحليب مع ورم دبقي في عصب العين وأورام عصبية محيطية ليفية، ومع تبدل خاص في قزحية العين، كما تحصل أيضاً بعض الآفات العظمية. وفي الثاني منهما يحصل ورم في عصبَي السمع.
ـ إصابة المتقدرات mitochondrial disease: وهي مثال آخر على مجموعة أمراض المشكلة الأساسية فيها هي إصابة الجملة العصبية والعضلات، لكنها قد تمتد إلى أجهزة أخرى، ومما يميزها من غيرها أن الإنسان يرثها حصراً عن أمه، وأن كل الحمض الأميني فيها فعال ليس فيه جزء لا عمل له (no introns or non-coding area). والمتقدرات هي جهاز الاحتراق الأساسي للخلية لتزويدها بالطاقة اللازمة، ومن الأمثلة عليها مرض ضمور عصب العين لليبر Liber‘s optic atrophyومرض الصرع الخلجاني المترافق بالحثل العضلي وفقد السمع وغير ذلك.
ـ الأمراض الناجمة عن البريون prionic disease: وهي طائفة متميزة من الأمراض العصبية تعد فتحاً جديداً في علم الوراثة؛ إذ يمكن فيها أن يحدث المرض بسبب الإرث كما يحصل بعلة مكتسبة (تناول منتجات حيوانية مصابة أو ازدراعها في الجسم كزرع القرنية). والبريون بروتين يوجد طبيعيَّاً في معظم خلايا الجسم ولكنه لعيبٍ ما يتحول من شكله السوي غير الممرض إلى شكله الممرض مسبباً أحد أمراض عدة كجنون البقر (التهاب دماغ إسفنجي)، ومرض كرويتزفلد جاكوب Creutzfeldt - Jakob ومرض الأرق العائلي القاتل fatal familial insomnia وغير ذلك.
ـ مرض دوشين وبيكر Duchenne-Becker: وهما مثالان للوراثة في الصبغي المحدد للجنس والتي تكون الأنثى فيها عادة حاملة للمرض لا مصابة به (يوجد المرض على أحد صبغيي الجنس، فتكون الأنثى حاملة للمرض، ولو وجد على كليهما لما تمكنت من الحياة من شدة الإصابة)، والعلة في كل من دوشين وبيكر ينجم عنها مشكلة في أحد البروتينات المكونة لغشاء العضلة المسمى ديستروفين، إذ ينعدم تماماً في دوشين (الأعراض أشد) ويضطرب في بيكر. والعلة في الحمض النووي قد تأخذ أشكالاً متعددة، فقد يحدث حذف جزء منه أو تضاعف جزء منه أو استبدال حمض نووي بآخر، وتبقى في كل من هذه الحالات أعراض المرض نفسها، وهي ضعف متزايد في عضلات الجسم، ولاسيما التي في جذور الأطراف (الفخذ والعضد)، وعضلات الجذع وتنتهي بالمريض إلى الكرسي النقال في نحو العاشرة من عمره في دوشين وبعد ذلك بسنين طويلة في بيكر.
سـالم الحلبي