من كتاب العمارة الإسلامية من الصين إلى الأندلس (المسجد الجامع ومقر ولي الأمر)

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • من كتاب العمارة الإسلامية من الصين إلى الأندلس (المسجد الجامع ومقر ولي الأمر)

    المسجد الجامع ومقر ولي الأمر

    المسجد الجامع ، ومقر ولي الأمر :

    لقد يسر اللّه على الإنسان سبل الحياة ، فالصلاة تجوز في أي مكان طاهر ، وبناء المساجد أمر من اللّه سبحانه وتعالى ، لجمع المسلمين في مكان واحد وعلى قلب رجل واحد ليذكر فيها اسمه . مكان يحميهم من التقلبات الجوية والظروف المناخية فالجانب الوظيفي في تصميم المسجد لا يتعدى إيجاد الفراغ المناسب لعدد من المسلمين يقيمون فيه الصلاة ، متجهين في صفوفهم المتراصة قبل المسجد الحرام ، المضمون الإسلامي في النظرية المعمارية يتطلب أن يأخذ المسجد شكلا طولياً متعامداً على اتجاه القبلة ، لإطالة صفوف المصلين حتى يحظى أكبر عدد منهم بالصف الأول ، لما في ذلك من جزاء عند اللّه ، فالمضمون هنا يحدد المسقط الأفقي الأنسب للتعاليم الإسلامية ، الأمر الذي لا يتناسب مع المسقط الدائري أو المنحني أو المسدس أو حتى المربع ، فالعبرة هنا بالأسس العقائدية . وليس بالمراجع التراثية التي يرجع إليها عند تحديد الملامح التشكيلية للمبنى بعد استيفائه للمضمون . والملامح التشكيلية من ناحية أخرى تتحكم فيها طرق الإنشاء ومواد البناء مع التعبير عن الاستمرارية الحضارية للقيم الجمالية المتأصلة في المجتمع فالإسلام لا يرتبط بنظام خاص بالإنشاء بل هو دين لكل مكان وزمان ، يتفاعل مع التقدم العلمي والتكنولوجي المسلمين في كل المجالات ، بما لا يتعارض مع تعاليمه وقيمه . ومن ذلك ، بطبيعة الحال ، طرق البناء والتشييد فمن المستحب من الناحية العقائدية أن يقل عدد الأعمدة التي تقطع الصفوف ، بل ويكون المسجد بدونها أكثر استحباباً ، يستطيع المصلون رؤية خطيب الجمعة دون عوائق من البناء . وهذا مضمون إسلامي آخر يحفظ للإسلام تقدمه وحركته الحضارية ولا يقيده بالقيم التراثية التي ظهرت في أزمنة معينة ومناطق معينة . من هنا يكون البحث عن المضمون سابقاً للبحث عن الشكل ، دراسة المساجد الأثرية تستهدف البحث عن الخيوط التي تربط الماضي بالحاضر لاستنباط المفردات المعمارية التي يمكن أن تتفاعل مع المبنى المعاصر .

    والمضمون الآن في تصميم المسجد هو تهيئة الفراغ المعماري الذي يساعد المسلم على الخشوع والرهبة وهو واقف بين يدي اللّه سبحانه وتعالى ، وليس الفراغ الذي يبعث في النفس الانبهار ، الذي يتعارض مع كثير من المساجد التراثية خصوصاً ما كان يتفاخر به الحكام والولاة ، فالإسلام يدعو إلى بناء المسجد بناء قوياً ليس فيه مفاخرة أو تزيين ، لقوله صلى الله عليه وسلم فيما رواه أبو داود وغيره بسند صحيح عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « ما أمرت بتشييد المساجد » وقال ابن عباس عقب هذا الحديث : « لزخرفتها كما زخرفت اليهود والنصارى » . وهذا القول من ابن عباس إما أن يكون قد تلقاه لفظاً ومعنى من النبي صلى الله عليه وسلم ولم يرفعه الراوي ... وإما أن يكون ابن عباس قد أخذه من أحاديث ، أخرى كما في صحيح البخاري من حديث أبي ، سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : « لتتبعن سنن من كان قبلكم شبراً بشبر وذراعاً بذراع حتى لو دخلوا حجر ضب لدخلتموه ، قالوا : اليهود والنصارى يا رسول الله ، قال : فمن الناس » . وكحديث السيدة عائشة رضي الله فيها من حسن التصاوير ، فقال صلى الله عليه وسلم : عنها أن أم سلمة وأم حبيبة وصفتا للنبي صلى الله عليه وسلم كنيسة رأتاها بالحبشة – يقال لها مارية- وذكرتا مافيها من حسن التصاوير ، فقال صلى الله عليه وسلم:
    أولئك كانوا إذا مات عنهم الرجل الصالح بنوا على قبره مسجداً وصوروا فيه تلك الصور ، أولئك شرار الخلق عند الله تعالى يوم القيامة » . لذلك قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه لما وسع المسجد النبوي للبناء : « أكن للناس من الحر والقر ولا تحمر ولا تصفر » رواه البخاري ففي هذا الأثر دلالة واضحة على أن الغاية من بناء المساجد هي درء الحر والبرد عن المصلين فيها . فيجب إبعاد كل مالا يحقق هذه الغاية عن بيوت الله عز وجل ، وإلا صدق فينا قول النبي صلى الله عليه وسلم : « إذا زخرفتم مساجدكم وحليتم مصاحفكم فالدمار عليكم » كما في صحيح الجامع الصغير للألباني .
    من هذا المنطق يمكن تحديد أحد المضامين الإسلامية لتصميم المسجد ، وهو البساطة التي عبر عنها إبان بن عثمان بن عفان في الموقف التالي :

    حينما قرر الوليد بن عبد الملك توسعة المسجد النبوي لغرض سياسي وهو مضايقة الحسن بن الحسن وزوجه فاطمة بنت الحسين لحب أهل المدينة لهما وكانا يقيمان في بيت رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، أعلن أنه يريد تجديد المسجد النبوي الشريف وتوسعته ، وأصدر أمره إلى أمير المدينة بهدم المسجد ، وإضافة بيت الرسول كله بما فيه القبر إلى المسجد بحجة توسعته ولما قيل للحسن وزوجه لابد من الرحيل من البيت أبيا أن يخرجا مع ذريتهما هما فأرسل الوليد : إن لم تخرجوا هدمناه على رؤوسكم ، وتم تنفيذ أمر الوليد ، وانتقل أبناء الحسن إلى الحيرة بالعراق ، وتمت التوسعة الثالثة للمسجد بضم البيت الشريف إليه وذلك عام ٨٨ هـ ومن هنا يلاحظ أن القبر الشريف لم يكن جزءاً من المسجد ولم يدفن الرسول بمسجده ، بل إن إلحاق القبور بالمساجد بدعة ، وكان أول قبر يلحق بمسجد بالقاهرة التي انتشر فيها هذا الأمر وعم على يد شجرة الدر حينما ألحقت قبة ( مدفن ) زوجها الصالح نجم الدين أيوب بمدرسته وكان ذلك بعد سبعة قرون من هجرة الرسول . ولما تم بناء المسجد جاء الوليد من دمشق إلى المدينة وأخذ يتجول في المسجد معجباً فخوراً بالزخرفة التي أدخلت عليه ، إذ لم يكن للمسلمين عهد ببناء المساجد المزخرفة ولا ببناء القباب على طريقة الكنائس ، وكان إبان بن عثمان بن عفان رضي الله عنه لا يزال حياً ، فأخذ الوليد بيده وطاف بالمسجد وقال لإبان رضي الله عنه ( أين بناؤنا من بناتكم ؟ فكان جواب إبان على الفور لقد بنيناه بناء المساجد ، وأنتم بنيتموه بناء الكنائس ) فبهت الوليد . وكانت الكلمة كالصاعقة في أذنه لأن توسعة عمر ثم عثمان للمسجد النبوي كانت مستوحاة من بساطة الإسلام في عمارة المساجد ، فقد كانت مساجد الصدر الأول من الإسلام كجامع عمرو بن العاص ومسجد علي بالكوفة والمسجد النبوي تنطق ببساطة الإسلام وقوته ويلاحظ من تتبع مكانة المسجد الجامع بالمدينة على مر العصور الإسلامية أنه في صدر الإسلام كانت له المكانة الأولى التي تبلور حولها التكوين الطبيعي للمدينة باعتبار أن المسجد في ذلك الوقت كان هو مصدر التعاليم الإسلامية وملتقى الحاكم بتجمعات السكان ، ومع مرور الوقت بدأت الشخصية الفردية للحاكم تظهر بالتدريج فظهر اهتمامه برفاهيته وحاشيته وجنده ، فارتبط المسجد بعد ذلك بقصر الحاكم ودواوينه كما كان في المدينة الدائرية التي بناها المنصور ، وبعد ذلك انفصل المسجد عن قصر الحاكم الذي استمر يأخذ مكانه المتوسط في المدينة ولم يعد المسجد الجامع بعد ذلك يمثل مركز الثقل لوسط المدينة. وتطور بعد ذلك الهدف من عمارة المساجد إلى أن أصبحت تمثل عملاً من أعمال التفاخر عند الحكام ، كما مارسه المماليك الذين بنوا المساجد في القاهرة ، أو كما تصوره محمد علي الذي بنى مسجده الكبير بعد ذلك ليطل على مدينة القاهرة من قلعة صلاح الدين ، وهكذا أصبح المسجد في الفترات الأخيرة من العصر الإسلامي لا يمثل مركز الثقل الذي تتبلور حوله المدينة الإسلامية ، إن مكانة المسجد في المدينة تعبر عن مدى ارتباط الناس بالإسلام كدين ودنيا وما يتبعها من تجمع سكاني كبير في المدن المكتظة وكم كنا نتمنى أن ترك مثلاً أثناء توسع مدينة الكويت والدوحة والقاهرة والدار البيضاء وجدة وبناء مناطقها السكنية لذوي الدخل المحدود أن تتجه في يمثل مركز الثقل لوسط المدينة الاتحاد ، وتوفر الكثير من الراحة النفسية لأبنائها.

    اضغط على الصورة لعرض أكبر. 

الإسم:	3ab1761e-608b-47e5-b594-3bbfe4750ec0.jpg 
مشاهدات:	23 
الحجم:	92.1 كيلوبايت 
الهوية:	109151
    اضغط على الصورة لعرض أكبر. 

الإسم:	84b3f5b3-f323-462b-9afc-bf31187e6f25.jpg 
مشاهدات:	11 
الحجم:	63.4 كيلوبايت 
الهوية:	109152 اضغط على الصورة لعرض أكبر. 

الإسم:	5b3ff8c9-c10e-435c-a426-8791ab69bddb.jpg 
مشاهدات:	12 
الحجم:	66.6 كيلوبايت 
الهوية:	109153
    اضغط على الصورة لعرض أكبر. 

الإسم:	6bf5620a-1bad-4254-a640-a55bf307d88b.jpg 
مشاهدات:	12 
الحجم:	175.0 كيلوبايت 
الهوية:	109154
    اضغط على الصورة لعرض أكبر. 

الإسم:	9d5d3e3a-a653-40cd-aa9f-cdda5cf55b55.jpg 
مشاهدات:	10 
الحجم:	148.9 كيلوبايت 
الهوية:	109155


  • #2
    اضغط على الصورة لعرض أكبر. 

الإسم:	1f02c566-096a-4406-aeea-40bf4ba5d1a1.jpg 
مشاهدات:	13 
الحجم:	183.6 كيلوبايت 
الهوية:	109164
    The congregational mosque, and the residence of the ruler, God has made life easy for man, so prayer is permissible in any pure place, and the building of mosques is a command from God Almighty, to gather Muslims in one place and on the heart of one man, so that his name may be mentioned in it. A place that protects them from fluctuations in weather and climatic conditions. The functional aspect of the design of the mosque does not go beyond finding a suitable space for a number of Muslims to perform the prayer, heading in their close ranks.
    Before the Sacred Mosque, the Islamic content in the architectural theory requires that the mosque take a longitudinal shape perpendicular to the direction of the qiblah, in order to lengthen the rows of worshipers so that the largest number of them can have the first row, because that is a reward with God. It is not compatible with the circular, curved, hexagon, or even square plan. What matters here is the doctrinal foundations. And not the heritage references that are referred to when determining the plastic features of the building after fulfilling the content. The plastic features, on the other hand, are controlled by methods
    Construction and building materials, while expressing the civilized continuity of the aesthetic values inherent in society. Islam is not linked to a special system of construction. Rather, it is a religion for every place and time, interacting with the scientific and technological progress of Muslims in all fields, in a way that does not contradict its teachings and values. And from that, of course, the methods of building and construction, so it is desirable from an ideological point of view to reduce the number of columns that cut the rows, and in fact the mosque without them is more desirable, so that the worshipers can see the Friday preacher without obstacles from the building. This is another Islamic content that preserves Islam's progress and its civilized movement and does not restrict it to the traditional values that appeared in certain times and certain regions. From here, the search for content precedes the search for form. The study of ancient mosques aims to search for threads that link the past with the present in order to devise architectural vocabulary that can interact with the contemporary building.
    What is now included in the design of the mosque is to create an architectural space that helps the Muslim to be humble and awe while standing before God, Glory be to Him, and not a space that arouses fascination in the soul, which contradicts many of the heritage mosques, especially what the rulers and governors were proud of. Islam calls for building The mosque is a strong building that does not contain bragging or embellishment, because the Prophet, may God’s prayers and peace be upon him, said, according to what was narrated by Abu Dawud and others with an authentic chain of transmission on the authority of Ibn Abbas, may God be pleased with them, who said: The Messenger of God, may God’s prayers and peace be upon him, said: “I did not order the construction of mosques.” “Because it was adorned as the Jews and Christians adorned it.” And this saying from Ibn Abbas, either he received it verbally and meaning from the Prophet, may God’s prayers and peace be upon him, and the narrator did not refer it to him ... or that Ibn Abbas took it from other hadiths, as in Sahih Al-Bukhari from the hadith of Abu Saeed Al-Khudri, may God be pleased with him, on the authority of the Prophet Peace be upon him, that he said: “You will follow the ways of those who were before you hand span by hand span, cubit by cubit, until if they entered a lizard stone, you would enter it.” They said: “The Jews and Christians, O Messenger of God.” He said: “Who are the people?” Like the hadeeth of Mrs. Aisha, may God be pleased with her, of good pictures. He, may God’s prayers and peace be upon him, said: On her authority, Umm Salama and Umm Habibah described to the Prophet, may God’s prayers and peace be upon him, a church that they saw in Abyssinia – called Mariyah – and mentioned the good pictures in it. He, peace and blessings of God be upon him, said:
    Those who, when a righteous man died on their behalf, would build a mosque over his grave and depict those pictures in it. That is why Omar Ibn Al-Khattab, may God be pleased with him, said when he expanded the Prophet’s Mosque for construction: “I protect people from heat and heat, and it does not turn red or turn yellow.” Narrated by Al-Bukhari. Everything that does not achieve this goal must be removed from the houses of God Almighty, otherwise the words of the Prophet, may God’s prayers and peace be upon him, are true in us: “If you decorate your mosques and adorn your Qur’ans, then destruction is upon you,” as in Sahih al-Jami al-Saghir by al-Albani. From this logic, one of the Islamic implications of mosque design can be identified, which is the simplicity expressed by Iban Bin Othman Bin Affan in the following position:
    When Al-Walid bin Abdul-Malik decided to expand the Prophet’s Mosque for a political purpose, which is to harass Al-Hassan bin Al-Hassan and his wife, Fatima bint Al-Hussein, because of the love of the people of Medina for them, and they were residing in the house of the Messenger of God, may God’s prayers and peace be upon him, he announced that he wanted to renew and expand the Prophet’s Noble Mosque, and he issued his order to the Emir of Medina By demolishing the mosque, and adding the entire house of the Messenger, including the grave, to the mosque under the pretext of its expansion, and when it was said to Al-Hassan and his wife that they must leave the house, they refused to go out with their offspring themselves. And the third expansion of the mosque took place by annexing the Noble House to it in the year 88 AH, and from here it is noted that the honorable tomb was not part of the mosque and the Messenger was not buried in his mosque. Shajarat al-Durr when the dome (burial) of her good husband, Najm al-Din Ayyub, was annexed to his school, and that was seven centuries after the Prophet’s migration. When the mosque was built, al-Walid came from Damascus to Medina and began to wander around the mosque admiring and proud of the decoration that was introduced to it, as the Muslims were not familiar with building ornate mosques or building domes in the manner of churches. Alwaleed with his hand and circumambulated the mosque
    And he said to Aban, may God be pleased with him: (Where are our daughters from among your daughters? Aban's answer was immediately: We built it as mosques, and you built it as churches). The word was like a thunderbolt in his ear because the expansion of Omar and then Uthman to the Prophet’s Mosque was inspired by the simplicity of Islam in the architecture of mosques. In the Islamic eras, it was in the early days of Islam that it had the first position around which the natural formation of the city crystallized, given that the mosque at that time was the source of Islamic teachings and the meeting place of the ruler with the gatherings of the population. That is with the ruler’s palace and his offices, as it was in the circular city that Al-Mansur built, and after that the mosque separated from the ruler’s palace, which continued to take its middle place in the city, and the mosque no longer represented the center of gravity for the center of the city. After that, the goal of mosque architecture developed until it became an act of pride for the rulers, as practiced by the Mamluks who built mosques in Cairo, or as envisioned by Muhammad Ali, who built his great mosque after that to overlook the city of Cairo from the Citadel of Salah al-Din, and thus the mosque became In the last periods of the Islamic era, it does not represent the center of gravity around which the Islamic city crystallizes. The status of the mosque in the city expresses the extent to which people relate to Islam as a religion and the world, and what follows from a large population gathering in crowded cities, and how much we wished that it would be left, for example, during the expansion of the city of Kuwait, Doha and Cairo. Casablanca and Jeddah, building their residential areas for low-income people, tend to represent the center of gravity for the city center of the Union, and provide a lot of psychological comfort for their children.

    تعليق

    يعمل...
    X