لقد غير العالِمُ الفيزيائي الشهير «ألبرت آينشتاين»_وهو واحدٌ من أعظمِ عقولِ القرن العشرين _ المشهد العلمي بإدخاله أفكارًا ثوريَّةً هزَّت فهمنا للعالم المادي وكانتِ النواةَ الأساس لاكتشافاتٍ علميَّةٍ لاحقة.
ومن بين أبرز السِمات التي تميَّز بها هذا العالم الفذّ قدرته على تصور أفكارٍ علميَّةٍ معقَّدةٍ من خلال تخيُّلِ «سيناريوهات» مستمدّةٍ من واقعِ الحياة، وقد لَقَّب هذه «السيناريوهات»بــــــــــ«التجارب الفكريَّة» («Gedankenexperiment» بالألمانيَّة أو «Though experiments» بالإنجليزيَّة).
فما هي أبرزُ التجاربِ الفكريَّةِ التي قادت «آينشتاين» نحو اكتشافاتِه غيرِ المسبوقة؟
التجربة الأولى: تخيَّل أنَّك تطاردُ شعاعًا من ضوء
لقد شغلت هذه التجربة «آينشتاين» منذ أن كان في السادسة عشرة من عمره: «ماذا يحدثُ إن طاردتَ شعاعًا من ضوءٍ يتحرَّكُ عبر الفضاء؟».
«إن كنت تستطيع الإمساكَ بالضوء، فهذا يعني أنَّه تجمَّد في الفضاء! ولكن الضوءَ لا يستطيع أن يتجمد في الفضاء لأنَّه وبكل بساطةٍ لو تجمَّد لَما كان ضوءًا في الأساس!»
وهذا ما دفع «آينشتاين» إلى استنتاجِ عدم إمكانيَّة إبطاء الضوء الذي يجبُ أن يتحرَّك بسرعةٍ ثابتةٍ هي «سرعة الضوء»، وبالتالي فإنَّ هناك عنصرا آخر يتغير، وقد افترض «آينشتاين» أنَّ هذا «العنصر الآخر» هو الوقتُ بحدِّ ذاته وهذا ما قاده لاحقًا إلى نظرية «النسبيَّة الخاصَّة» (Special Theory of Relativity).
التجربة الثانية: تخيَّل أنَّك واقفٌ في قطار
تخيَّل أنَّك تقفُ على متنِ قطارٍ في الوقت الذي يقفُ صديقك خارجًا مراقبًا هذا القطار، وتخيَّل كذلك أنَّ البرقَ قد ضرب طرفي هذا القطار.
فما الذي سيحصل؟
سيشاهدُ صديقُك البرقَ يضربُ طرفي القطار في اللحظةِ ذاتِها، ولكنك (أنت الذي تقفُ داخلَ القطار) سوف ترى البرقَ الذي يكون في اتجاه سيرِ القطار أولًا لأنَّ المسافةَ التي قطعها الضوءُ تكونُ أقصر في هذه الحالة.
لقد أثبتت هذه التجربة الفكرية أن الوقتَ يمر بشكلٍ مختلفٍ بالنسبة لشخصين أحدهما ثابت والآخر يتحرك، وكذلك فهي دعمت اعتقادَ «آينشتاين» بنسبيَّة الزمان والمكان; وأنه لا وجود للتزامن، وهو ما يشكِّلُ الحجرَ الأساس لِنظريَّتِه: «النسبيَّة الخاصَّة».
التجربة الثالثة: تخيَّل أنَّ لكَ توأمًا في مركبةٍ فضائيَّة
لنفترض أنَّ لكَ توأمًا وُلِد في ذات اللحظةِ التي وُلِدتَ فيها، لكنَّ هذا التوأمَ أُخضِعَ لسفرٍ إلى الفضاء عبر مركبةٍ فضائيَّةٍ ذاتِ سرعةٍ تُقاربُ سرعةَ الضوء (حصل هذا السفر لحظةَ ولادته مباشرةً).
فكم سيكونُ عمرُك وعمرُ توأمِكَ حين يُنهي هذا الأخير رحلتَه الفضائيَّة ويعود إلى كوكبِ الأرض؟
إستنادًا إلى نظرية «النسبيَّة الخاصَّة» لـــ«آينشتاين»، فإنَّ عمرَ توأمِكَ (على الأرض) سيكون أدنى من عمرك، إذ أنَّه من الممكنِ أن تكون قد بلغت سنَّ التقاعدِ في الوقت الذي ما زال توأمُكَ في مرحلة المراهقة!
يعودُ سببُ ذلك إلى أنَّ الوقتَ الذي أمضاه توأمُكَ في الفضاء كان يستندُ إلى سرعةِ الضوء وهذا ما جعل الزمن يتباطأ بالنسبة إليه.
والجديرُ ذكره أنَّ هذه التجربةَ تُعرَف بــــــــــ «مفارقة التوأم» أو «التوأم النقيض» (Twin paradox).
التجربة الرابعة: تخيَّل أنَّكَ تقفُ داخل صندوق
تخيَّل أنَّك محبوسٌ داخلَ صندوقٍ وغيرُ قادرٍ على رؤيةِ ما يحدثُ في العالمِ خارجًا ثم سقطتَ فجأةً على الارض.
فما الذي سيحدثُ حينها؟
هل سينزلُ الصندوقُ إلى الأسفل بفعل الجاذبيَّة؟
أم سيتم جذبه بقوةٍ إلى الأعلى بواسطةِ حبلٍ عُلِّقَ به؟
الحقيقةُ أنَّ لهذه الاحتمالين نفس النتيجة، الأمر الذي قاد «آينشتاين» إلى نفي وجودِ أيِّ اختلافٍ بين «الجاذبيَّة» (Gravity) و«التسارع» (Acceleration).
ولننطلق الآن من نظرية «آينشتاين» الآنفةِ الذكر (أي أنَّ الزمان والمكان ليسا مطلقين بل نسبيين): إذا كانت الحركةُ قادرةً على تغييرِ الزمانِ والمكان، وكانت «الجاذبيةُ» و«التسارعُ» يحملان نفس المفهوم، فهذا يعني أنَّ بإمكان «الجاذبيَّة» التأثيرُ على الزمان والمكان.
ونذكرُ أنَّ قدرةَ «الجاذبيَّةِ» على التأثير على الزمكان شغلت حيِّزًا كبيرًا في نظرية «النسبيَّة العامَّة» لــــــــــ «آينشتاين» (General Theory of Relativity).
التجربة الخامسة: تخيَّل أنَّك ترمي قطعةً معدنيَّةً ذات وجهين مختلفين إلى الأعلى
نعلم أنَّ «آينشتاين» لم يكن من مشجعي «نظريَّة الكمّ» (Quantum theory) بل كان يعمل جاهدًا لدحضِها (رفضِها) عبر تجاربِه الفكريَّة، فشكَّلت هذه التجاربُ الفكريَّة تحدّيًا كبيرًا لروَّاد «نظريَّة الكمّ» حتَّى في أدقِّ تفاصيلِها.
وتستندُ التجربةُ الفكريَّةُ التي سنشرحُها في السطورِ اللاحقةِ على التشابكِ الكمِّي (Quantum entanglement) وقد أطلق عليها «آينشتاين» تسمية «الفعل الشبحي عن بعد» (Spooky action at a distance).
التجربة: تخيَّل أنَّك تملكُ قطعةً معدنيَّةً ذات وجهين مختلفين، وأنَّ بإمكانِ هذه القطعةِ المعدنيَّةِ أن تنقسمَ بسهولةٍ عند الوسط.
وتخيَّل أنَّك قلبتَ هذه القطعة فأعطيتَ صديقَك وجهًا واحتفظتَ أنت بالوجه الآخر دون أن ترى الوجهَ الذي أعطيته لصديقِك أو الوجه الذي احتفظتَ به لنفسِك. وبعد ذلك، ركِب صديقُك مركبةً فضائيَّةً وسافر بعيدًا عبر هذا العالم.
حينها، نظرتَ إلى نصيبِكَ من القطعةِ المعدنيَّةِ فاكتشفتَ أنَّك حصلتَ على «طرَّة» (الوجه) وأدركتَ تلقائيًّا أن صديقَكَ – الذي يبعدُ عنك سنواتٍ ضوئيَّة – قد حصل على «نقشة» (الخلف)!
إذا كنتَ تعتقدُ أنَّ وجهي القطعة المعدنيَّة غير محددين، فارجع إلى الوراء (إلى ذات اللحظة التي أخذتَ فيها وجهًا وأعطيتَ الوجهَ الآخر لصديقِك) واستبدل «الطرَّة»بــــــــــ «النقشة»، وهذا إن حصل يعني أنَّ باستطاعةِ القطعةِ المعدنيَّةِ التحايلَ على سرعة الضوء بغضِّ النظرِ عن عدد السنين الضوئيَّةِ التي تفصل بين الوجهين!
ومن بين أبرز السِمات التي تميَّز بها هذا العالم الفذّ قدرته على تصور أفكارٍ علميَّةٍ معقَّدةٍ من خلال تخيُّلِ «سيناريوهات» مستمدّةٍ من واقعِ الحياة، وقد لَقَّب هذه «السيناريوهات»بــــــــــ«التجارب الفكريَّة» («Gedankenexperiment» بالألمانيَّة أو «Though experiments» بالإنجليزيَّة).
فما هي أبرزُ التجاربِ الفكريَّةِ التي قادت «آينشتاين» نحو اكتشافاتِه غيرِ المسبوقة؟
التجربة الأولى: تخيَّل أنَّك تطاردُ شعاعًا من ضوء
لقد شغلت هذه التجربة «آينشتاين» منذ أن كان في السادسة عشرة من عمره: «ماذا يحدثُ إن طاردتَ شعاعًا من ضوءٍ يتحرَّكُ عبر الفضاء؟».
«إن كنت تستطيع الإمساكَ بالضوء، فهذا يعني أنَّه تجمَّد في الفضاء! ولكن الضوءَ لا يستطيع أن يتجمد في الفضاء لأنَّه وبكل بساطةٍ لو تجمَّد لَما كان ضوءًا في الأساس!»
وهذا ما دفع «آينشتاين» إلى استنتاجِ عدم إمكانيَّة إبطاء الضوء الذي يجبُ أن يتحرَّك بسرعةٍ ثابتةٍ هي «سرعة الضوء»، وبالتالي فإنَّ هناك عنصرا آخر يتغير، وقد افترض «آينشتاين» أنَّ هذا «العنصر الآخر» هو الوقتُ بحدِّ ذاته وهذا ما قاده لاحقًا إلى نظرية «النسبيَّة الخاصَّة» (Special Theory of Relativity).
التجربة الثانية: تخيَّل أنَّك واقفٌ في قطار
تخيَّل أنَّك تقفُ على متنِ قطارٍ في الوقت الذي يقفُ صديقك خارجًا مراقبًا هذا القطار، وتخيَّل كذلك أنَّ البرقَ قد ضرب طرفي هذا القطار.
فما الذي سيحصل؟
سيشاهدُ صديقُك البرقَ يضربُ طرفي القطار في اللحظةِ ذاتِها، ولكنك (أنت الذي تقفُ داخلَ القطار) سوف ترى البرقَ الذي يكون في اتجاه سيرِ القطار أولًا لأنَّ المسافةَ التي قطعها الضوءُ تكونُ أقصر في هذه الحالة.
لقد أثبتت هذه التجربة الفكرية أن الوقتَ يمر بشكلٍ مختلفٍ بالنسبة لشخصين أحدهما ثابت والآخر يتحرك، وكذلك فهي دعمت اعتقادَ «آينشتاين» بنسبيَّة الزمان والمكان; وأنه لا وجود للتزامن، وهو ما يشكِّلُ الحجرَ الأساس لِنظريَّتِه: «النسبيَّة الخاصَّة».
التجربة الثالثة: تخيَّل أنَّ لكَ توأمًا في مركبةٍ فضائيَّة
لنفترض أنَّ لكَ توأمًا وُلِد في ذات اللحظةِ التي وُلِدتَ فيها، لكنَّ هذا التوأمَ أُخضِعَ لسفرٍ إلى الفضاء عبر مركبةٍ فضائيَّةٍ ذاتِ سرعةٍ تُقاربُ سرعةَ الضوء (حصل هذا السفر لحظةَ ولادته مباشرةً).
فكم سيكونُ عمرُك وعمرُ توأمِكَ حين يُنهي هذا الأخير رحلتَه الفضائيَّة ويعود إلى كوكبِ الأرض؟
إستنادًا إلى نظرية «النسبيَّة الخاصَّة» لـــ«آينشتاين»، فإنَّ عمرَ توأمِكَ (على الأرض) سيكون أدنى من عمرك، إذ أنَّه من الممكنِ أن تكون قد بلغت سنَّ التقاعدِ في الوقت الذي ما زال توأمُكَ في مرحلة المراهقة!
يعودُ سببُ ذلك إلى أنَّ الوقتَ الذي أمضاه توأمُكَ في الفضاء كان يستندُ إلى سرعةِ الضوء وهذا ما جعل الزمن يتباطأ بالنسبة إليه.
والجديرُ ذكره أنَّ هذه التجربةَ تُعرَف بــــــــــ «مفارقة التوأم» أو «التوأم النقيض» (Twin paradox).
التجربة الرابعة: تخيَّل أنَّكَ تقفُ داخل صندوق
تخيَّل أنَّك محبوسٌ داخلَ صندوقٍ وغيرُ قادرٍ على رؤيةِ ما يحدثُ في العالمِ خارجًا ثم سقطتَ فجأةً على الارض.
فما الذي سيحدثُ حينها؟
هل سينزلُ الصندوقُ إلى الأسفل بفعل الجاذبيَّة؟
أم سيتم جذبه بقوةٍ إلى الأعلى بواسطةِ حبلٍ عُلِّقَ به؟
الحقيقةُ أنَّ لهذه الاحتمالين نفس النتيجة، الأمر الذي قاد «آينشتاين» إلى نفي وجودِ أيِّ اختلافٍ بين «الجاذبيَّة» (Gravity) و«التسارع» (Acceleration).
ولننطلق الآن من نظرية «آينشتاين» الآنفةِ الذكر (أي أنَّ الزمان والمكان ليسا مطلقين بل نسبيين): إذا كانت الحركةُ قادرةً على تغييرِ الزمانِ والمكان، وكانت «الجاذبيةُ» و«التسارعُ» يحملان نفس المفهوم، فهذا يعني أنَّ بإمكان «الجاذبيَّة» التأثيرُ على الزمان والمكان.
ونذكرُ أنَّ قدرةَ «الجاذبيَّةِ» على التأثير على الزمكان شغلت حيِّزًا كبيرًا في نظرية «النسبيَّة العامَّة» لــــــــــ «آينشتاين» (General Theory of Relativity).
التجربة الخامسة: تخيَّل أنَّك ترمي قطعةً معدنيَّةً ذات وجهين مختلفين إلى الأعلى
نعلم أنَّ «آينشتاين» لم يكن من مشجعي «نظريَّة الكمّ» (Quantum theory) بل كان يعمل جاهدًا لدحضِها (رفضِها) عبر تجاربِه الفكريَّة، فشكَّلت هذه التجاربُ الفكريَّة تحدّيًا كبيرًا لروَّاد «نظريَّة الكمّ» حتَّى في أدقِّ تفاصيلِها.
وتستندُ التجربةُ الفكريَّةُ التي سنشرحُها في السطورِ اللاحقةِ على التشابكِ الكمِّي (Quantum entanglement) وقد أطلق عليها «آينشتاين» تسمية «الفعل الشبحي عن بعد» (Spooky action at a distance).
التجربة: تخيَّل أنَّك تملكُ قطعةً معدنيَّةً ذات وجهين مختلفين، وأنَّ بإمكانِ هذه القطعةِ المعدنيَّةِ أن تنقسمَ بسهولةٍ عند الوسط.
وتخيَّل أنَّك قلبتَ هذه القطعة فأعطيتَ صديقَك وجهًا واحتفظتَ أنت بالوجه الآخر دون أن ترى الوجهَ الذي أعطيته لصديقِك أو الوجه الذي احتفظتَ به لنفسِك. وبعد ذلك، ركِب صديقُك مركبةً فضائيَّةً وسافر بعيدًا عبر هذا العالم.
حينها، نظرتَ إلى نصيبِكَ من القطعةِ المعدنيَّةِ فاكتشفتَ أنَّك حصلتَ على «طرَّة» (الوجه) وأدركتَ تلقائيًّا أن صديقَكَ – الذي يبعدُ عنك سنواتٍ ضوئيَّة – قد حصل على «نقشة» (الخلف)!
إذا كنتَ تعتقدُ أنَّ وجهي القطعة المعدنيَّة غير محددين، فارجع إلى الوراء (إلى ذات اللحظة التي أخذتَ فيها وجهًا وأعطيتَ الوجهَ الآخر لصديقِك) واستبدل «الطرَّة»بــــــــــ «النقشة»، وهذا إن حصل يعني أنَّ باستطاعةِ القطعةِ المعدنيَّةِ التحايلَ على سرعة الضوء بغضِّ النظرِ عن عدد السنين الضوئيَّةِ التي تفصل بين الوجهين!