حكيم (اسعد)
Al-Hakim (As’ad-) - Al-Hakim (As’ad-)
الحكيم (أسعد -)
(1892-1979)
أسعد بن أحمد الحكيم، طبيب وأديب ولغوي، من أسرة دمشقية تُعرف بآل العطار، ينتهي نسبها إلى السيد حسين قضيب البان الموصلي من أبناء موسى الجون أحد أحفاد الحسين بن علي.
كانت أسرته تتعاطى مهنة العطارة، وكانت هذه الصنعة في تلك الأيام تعادل الصيدلة اليوم. وقد غلب على فرعه لقب الحكيم لتصدي أكثر من واحد منهم لتطبيب المرضى، إلى جانب عملهم في بيع المواد الصيدلانية والعطارة.
تلقى الحكيم تعليمه في البدء في المدرسة الريحانية، ثم انتقل منها إلى مدرسة الملك الظاهر لينهي بها تعليمه الابتدائي. وفي سنة 1900 انتسب إلى مدرسة الآباء العذاريين الفرنسية بدمشق، وأتم تحصيله فيها إلى أن نال شهادتها الثانوية سنة 1906. فلما كانت السنة التالية انتسب إلى المدرسة الطبية الفرنسية في بيروت وأنهى تعليمه فيها سنة1911، وتخرج طبيباً بعد أن اجتاز الفحصين الجامعيين الفرنسي والعثماني، اللذين كانا ينبغي اجتيازهما يومئذٍ.
التحق الحكيم سنة 1912 طبيباً بمؤسسة خط «صمصوم سيواس» الحديدي، واستقر في صمصوم حتى اندلاع الحرب العالمية الأولى سنة1914، فدعي إلى الخدمة العسكرية، والتحق بالجيش العثماني، وأُرسل إلى القفقاس فأصيب هناك بالحمى النمشية لذا أعيد إلى دمشق للعلاج. وبعد شفائه أُرسل إلى الحجاز لحامية المعلا، ثم نقل إلى حامية المدينة المنورة، وبقي فيها حتى سقوطها بيد جيش الثورة العربية، فوقع أسيراً واقتيد مع غيره إلى القاهرة وبقي فيها، إلى أن أعيد إلى دمشق بطلب من الحكومة العربية سنة 1918. وفي دمشق شارك زملاءه الأطباء في إقامة إدارة صحية حديثة في الدولة العربية.
وفي عهد الانتداب الفرنسي كلّف الإشراف على بناء مستشفيين أحدهما للأمراض النفسية أُطلق عليه اسم مستشفى ابن سينا، وثانيهما لمرض الجذام سُمّي مستشفى الوليد إحياءً لذكرى الوليد بن عبد الملك.
وفي سنة 1924 أوفد إلى فرنسا للتخصص بالأمراض النفسية وإدارة المستشفيات بعد أن أسندت إليه رئاسة مستشفى ابن سينا عام 1922، وبقي في هذا المنصب حتى سنة 1947.
وفي سنة 1938 كلف رئاسة مستشفى الوليد للجذام أيضاً، وبقي حتى سنة 1946. وفي سنة 1947 عيّن مديراً للشؤون الصحية العامة، وبقي يشغل هذا المنصب حتى أحيل سنة 1951 على التقاعد، ومنح وسام الاستحقاق السوري من الدرجة الأولى .
انتخب الحكيم عضواً في المجمع العلمي العربي بدمشق (مجمع اللغة العربية اليوم) سنة 1923، وكان أول من استُقبل على الطريقة المجمعية التي أقرها مجمع دمشق باتباع تقاليد خاصة.
وفي عام 1969 انتخب عضواً مؤازراً في المجمع العلمي العراقي ببغداد. وكان المعهد الطبي العربي في دمشق (كلية الطب البشري اليوم) قد كلّفه سنة 1942 تدريس الأمراض النفسية، وبقي يلقي محاضراته فيه، إلى جانب أعماله كلها، حتى سنة 1953.
اختار الحكيم في العهد العثماني حقل الإصلاح الاجتماعي وإيقاظ الوعي القومي عن طريق تأليف الجمعيات والنوادي الأدبية وإقامة الحفلات المدرسية ووضع مسرحيات قومية. ففي سنة 1908 ألّف باكورة رواياته وهي «دمنة الهندي»، وتعدّ أول رواية مسرحية تمثل على مسرح إحدى مدارس دمشق وهي المدرسة العثمانية لمؤسسها الشيخ كامل القصاب (المدرسة الكاملية فيما بعد). وفي سنة 1910 ألّف مسرحية «زهير الأندلسي»، وفيها أشار إلى العوامل السياسية والاجتماعية والأخلاقية التي أدت إلى ضياع الأندلس، ثم كتب رواية «أسد القيروان» سنة 1921، وفيها يعرض فتح العرب لصقلية وجنوبي إيطاليا أيام الدولة الأغلبية. ثم ألّف رواية «أذينة التدمري»، وفيها وصف خروج أذينة على الدولة الرومانية وتحرر تدمر منها. ولكن نيران الحريق في بدء الثورة السورية عام 1925 التهمت مخطوطات هذه الروايات الأربع.
ومن مؤلفاته الطبية كتاب مدرسي باللغة الفرنسية يبحث في الأمراض النفسية، ألّفه مع الفرنسي جود الذي كان يدرّس هذه المادة في مستشفى فال دوغراس في باريس. وله كتاب بالعربية يوجز فيه الأمراض النفسية، وهو خلاصة المحاضرات التي كان يلقيها على الطلاب، ثم له مسرد جمع فيه القسم الأعظم من الألفاظ والمصطلحات الطبية للأمراض النفسية التي وضعها بالعربية ولم يسبقه أحد إليها. ولم تطبع هذه الكتب جميعها طباعة تامة، بل بقيت مخطوطات مرقونة على الآلة الكاتبة، حُفظ بعضها في مكتبة وزارة المعارف السورية (وزارة التربية والتعليم اليوم).
وألقى عدداً كبيراً من المحاضرات في ردهة المجمع العلمي العربي نشرت كلها في مجلة المجمع؛ منها ما يتصل بتاريخ الطب عند العرب وفي بلاد الشام، ومنها ما يشرح بعض المبادئ الأخلاقية، ومنها ما يبحث في موضوعات طبية تتصل بالأمراض النفسية والعقلية، وكان ثمّة مجلات تعيد نشرها لما لها من كبير فائدة كمجلة «العرفان» اللبنانية.
انتخب الحكيم أميناً لسر أول نقابة للأطباء في سورية عام 1943. وقد وقف نشاطه في عهد الانتداب الفرنسي على خدمة المناصب العلمية التي أوكلت إليه في وزارة الصحة والجامعة، وله إسهام كبير في تحقيق أهداف المجمع العلمي العربي بوضع المصطلحات الطبية التي تتصل بالأمراض النفسية وما زال معظمها مستعملاً حتى اليوم.
عدنان تكريتي
Al-Hakim (As’ad-) - Al-Hakim (As’ad-)
الحكيم (أسعد -)
(1892-1979)
كانت أسرته تتعاطى مهنة العطارة، وكانت هذه الصنعة في تلك الأيام تعادل الصيدلة اليوم. وقد غلب على فرعه لقب الحكيم لتصدي أكثر من واحد منهم لتطبيب المرضى، إلى جانب عملهم في بيع المواد الصيدلانية والعطارة.
تلقى الحكيم تعليمه في البدء في المدرسة الريحانية، ثم انتقل منها إلى مدرسة الملك الظاهر لينهي بها تعليمه الابتدائي. وفي سنة 1900 انتسب إلى مدرسة الآباء العذاريين الفرنسية بدمشق، وأتم تحصيله فيها إلى أن نال شهادتها الثانوية سنة 1906. فلما كانت السنة التالية انتسب إلى المدرسة الطبية الفرنسية في بيروت وأنهى تعليمه فيها سنة1911، وتخرج طبيباً بعد أن اجتاز الفحصين الجامعيين الفرنسي والعثماني، اللذين كانا ينبغي اجتيازهما يومئذٍ.
التحق الحكيم سنة 1912 طبيباً بمؤسسة خط «صمصوم سيواس» الحديدي، واستقر في صمصوم حتى اندلاع الحرب العالمية الأولى سنة1914، فدعي إلى الخدمة العسكرية، والتحق بالجيش العثماني، وأُرسل إلى القفقاس فأصيب هناك بالحمى النمشية لذا أعيد إلى دمشق للعلاج. وبعد شفائه أُرسل إلى الحجاز لحامية المعلا، ثم نقل إلى حامية المدينة المنورة، وبقي فيها حتى سقوطها بيد جيش الثورة العربية، فوقع أسيراً واقتيد مع غيره إلى القاهرة وبقي فيها، إلى أن أعيد إلى دمشق بطلب من الحكومة العربية سنة 1918. وفي دمشق شارك زملاءه الأطباء في إقامة إدارة صحية حديثة في الدولة العربية.
وفي عهد الانتداب الفرنسي كلّف الإشراف على بناء مستشفيين أحدهما للأمراض النفسية أُطلق عليه اسم مستشفى ابن سينا، وثانيهما لمرض الجذام سُمّي مستشفى الوليد إحياءً لذكرى الوليد بن عبد الملك.
وفي سنة 1924 أوفد إلى فرنسا للتخصص بالأمراض النفسية وإدارة المستشفيات بعد أن أسندت إليه رئاسة مستشفى ابن سينا عام 1922، وبقي في هذا المنصب حتى سنة 1947.
وفي سنة 1938 كلف رئاسة مستشفى الوليد للجذام أيضاً، وبقي حتى سنة 1946. وفي سنة 1947 عيّن مديراً للشؤون الصحية العامة، وبقي يشغل هذا المنصب حتى أحيل سنة 1951 على التقاعد، ومنح وسام الاستحقاق السوري من الدرجة الأولى .
انتخب الحكيم عضواً في المجمع العلمي العربي بدمشق (مجمع اللغة العربية اليوم) سنة 1923، وكان أول من استُقبل على الطريقة المجمعية التي أقرها مجمع دمشق باتباع تقاليد خاصة.
وفي عام 1969 انتخب عضواً مؤازراً في المجمع العلمي العراقي ببغداد. وكان المعهد الطبي العربي في دمشق (كلية الطب البشري اليوم) قد كلّفه سنة 1942 تدريس الأمراض النفسية، وبقي يلقي محاضراته فيه، إلى جانب أعماله كلها، حتى سنة 1953.
اختار الحكيم في العهد العثماني حقل الإصلاح الاجتماعي وإيقاظ الوعي القومي عن طريق تأليف الجمعيات والنوادي الأدبية وإقامة الحفلات المدرسية ووضع مسرحيات قومية. ففي سنة 1908 ألّف باكورة رواياته وهي «دمنة الهندي»، وتعدّ أول رواية مسرحية تمثل على مسرح إحدى مدارس دمشق وهي المدرسة العثمانية لمؤسسها الشيخ كامل القصاب (المدرسة الكاملية فيما بعد). وفي سنة 1910 ألّف مسرحية «زهير الأندلسي»، وفيها أشار إلى العوامل السياسية والاجتماعية والأخلاقية التي أدت إلى ضياع الأندلس، ثم كتب رواية «أسد القيروان» سنة 1921، وفيها يعرض فتح العرب لصقلية وجنوبي إيطاليا أيام الدولة الأغلبية. ثم ألّف رواية «أذينة التدمري»، وفيها وصف خروج أذينة على الدولة الرومانية وتحرر تدمر منها. ولكن نيران الحريق في بدء الثورة السورية عام 1925 التهمت مخطوطات هذه الروايات الأربع.
ومن مؤلفاته الطبية كتاب مدرسي باللغة الفرنسية يبحث في الأمراض النفسية، ألّفه مع الفرنسي جود الذي كان يدرّس هذه المادة في مستشفى فال دوغراس في باريس. وله كتاب بالعربية يوجز فيه الأمراض النفسية، وهو خلاصة المحاضرات التي كان يلقيها على الطلاب، ثم له مسرد جمع فيه القسم الأعظم من الألفاظ والمصطلحات الطبية للأمراض النفسية التي وضعها بالعربية ولم يسبقه أحد إليها. ولم تطبع هذه الكتب جميعها طباعة تامة، بل بقيت مخطوطات مرقونة على الآلة الكاتبة، حُفظ بعضها في مكتبة وزارة المعارف السورية (وزارة التربية والتعليم اليوم).
وألقى عدداً كبيراً من المحاضرات في ردهة المجمع العلمي العربي نشرت كلها في مجلة المجمع؛ منها ما يتصل بتاريخ الطب عند العرب وفي بلاد الشام، ومنها ما يشرح بعض المبادئ الأخلاقية، ومنها ما يبحث في موضوعات طبية تتصل بالأمراض النفسية والعقلية، وكان ثمّة مجلات تعيد نشرها لما لها من كبير فائدة كمجلة «العرفان» اللبنانية.
انتخب الحكيم أميناً لسر أول نقابة للأطباء في سورية عام 1943. وقد وقف نشاطه في عهد الانتداب الفرنسي على خدمة المناصب العلمية التي أوكلت إليه في وزارة الصحة والجامعة، وله إسهام كبير في تحقيق أهداف المجمع العلمي العربي بوضع المصطلحات الطبية التي تتصل بالأمراض النفسية وما زال معظمها مستعملاً حتى اليوم.
عدنان تكريتي