ارموي بغدادي (صفي دين عبد مومن) Al-Urmawe Al-Baghdadi (Sموسيقي باحث

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • ارموي بغدادي (صفي دين عبد مومن) Al-Urmawe Al-Baghdadi (Sموسيقي باحث




    ارموي بغدادي (صفي دين عبد مومن)

    Al-Urmawe Al-Baghdadi (Safi ed Din Abdul Mumin-) - Al-Urmawe Al-Baghdadi (Safi ed Dine Abdul Mumin-)


    الأرموي البغدادي (صفي الدين عبد المؤمن -)

    (613هـ -693هـ/1215-1294)



    صفي الدين عبد المؤمن بن يوسف بن فاخر الأرموي البغدادي باحث موسيقي عربي، ولد وتوفي في بغداد، وهو فارسي الأصل يعود نسبه إِلى بلدة أرمية (الرضائية - اليوم)، في أذربيجان، الواقعة شمال غرب طهران.

    كان صفي الدين ذا ثقافة واسعة، وقد عمل في كثير من العلوم والفنون والآداب، وجاد فيها مثل: التاريخ، وعلم الكلام، والشعر، وأتقن فن الخط العربي حتى عُد من أفضل خطاطي عصره. وكان ياقوت المستعصمي من تلامذته في هذا الفن. ويقول صفي الدين عن نفسه: «لقد اشتغلت بالمحاضرات والآداب العربية وتجويد الخط العربي الذي بلغت فيه الغاية، ثم اشتغلت بالضرب على العود[ر] فكانت قابليتي فيه أعظم من الخط. لكنني اشتهرت بالخط ولم أُعرف بغيره ذلك الوقت».

    وبرع الأرموي في العزف على العود. واصطفاه حكام كثيرون، فقد استخلصه المستعصم بالله[ر] لنفسه، في منتصف القرن السابع الهجري/ الثالث عشر الميلادي، وجعله كاتباً وأميناً لخزانة مكتبته التي استجدها وجلب إِليها نفائس الكتب، وفوّض إِليه نسخ ما يريد وما يطلب منه، وذلك من أجل علمه وواسع اطلاعه. ولم يكن الخليفة قد عرف كل مؤهلات الأرموي الثقافية، وخاصة الموسيقية منها، حتى اتفق أن كانت «لحاظ» المغنية بين يدي الخليفة يوماً، وكانت مقرّبة إِليه لحسن صوتها وجمال وجهها؛ فغنت له لحناً غريب الطابع وجميل النغم، فسألها عن صانع اللحن فقالت: إِنه معلمي صفي الدين. فأحضره الخليفة واستمع إِلى ضربه بالعود، فأُعجب به وأمره بملازمة مجلسه وأجزل عليه في العطاء. ويذكر المستشرق الإِنكليزي الدكتور هنري فارمر (1882-1965) H.G. Farmer في كتابه «تاريخ الموسيقى العربية»: «كان المستعصم يقضي كثيراً من أوقات فراغه بالاستماع إِلى الموسيقى. وكان موسيقيه الأول من أشهر الموسيقيين في التاريخ العربي وهو صفي الدين عبد المؤمن. وكان رئيساً للموسيقيين في قصر الخليفة ونديمه وكاتبه ومدير مكتبته، وكان صديقه ومقرباً منه، وكان الخليفة قد أجرى عليه راتباً سنوياً قدره خمسة آلاف دينار»، وقد قرّبه هولاكو أيضاً، بعد سقوط بغداد عام 656هـ/1258م، عندما غنى الأرموي في حضرته، فضاعف له مرتبه لإِعجابه بغنائه وضربه بالعود، وكان ذلك سبباً في خلاصه مع أسرته من التنكيل بهم، ونجاة جانب من أحياء بغداد من الهدم والتدمير تقديراً لموهبته. وقد واصل الأرموي خدمته كذلك في ظل ولاية الحكام المغول وأصبح مربياً للأميرين بهاء الدين محمد، وشرف الدين هارون (ابني الوزير شمس الدين محمد الجويني). وقد رافق الأرموي الأمير بهاء الدين عام 1265م إِلى أصفهان عندما عُيِّن هذا الأخير والياً على عراق العجم. كما تولى الأرموي رئاسة ديوان الإِنشاء وصار نديماً للوالي. وعندما سقطت الأسرة الجوينية عام 1284م ساءت حال صفي الدين في سنّه وعيشه وغلبت عليه الديون، فزُج به في السجن ومات فيه.

    مآثره ومؤلفاته

    ينسب إِلى الأرموي أنه أوجد مقاماً (سلماً موسيقياً) جديداً ذا ثماني عشرة نغمة محصوراً بينها سبعة عشر بُعداً غير متساوية. ويختلف هذا المقام عن سائر المقامات السالفة بنسب أبعاده ودساتينه (الدساتين هي علامات توضع على سواعد الآلات الوترية ليستدل بها على مخارج النغم من أجزاء الوتر)، ويضم السلالم الفيثاغورية، والزلزلية (نسبة إِلى زلزل صهر إِبراهيم الموصلي)، والفارسية. وبذا عُدّ الأرموي «رائد نظرية النسب»، وبقي هذا المقام معمولاً به، ولم يطرأ عليه سوى تعديل يسير أحدثه محمد بن عبد الحميد اللاذقي[ر] المتوفى عام 849هـ/1445م. ثم شاع السلم الموسيقي الحديث، ذو الـ 24 رُبع البعد، قبل قرنين تقريباً.

    كان الأرموي أول من استخدم الحروف الهجائية العربية مفردة ومركبة في الموسيقى. إِذ استعمل الحروف الأبجدية العشر الأوائل (أبجد هوز حطي) في تسمية درجات السلم الموسيقي، كما تستخدم اليوم البلاد الأنغلوسكسونية، مثل إِنكلترة وألمانية، أبجديتها ((A,B.C. بدلاً من العلامات الموسيقية Do, Re, Mi)... وتقابلها C,D,E) المستخدمة في البلاد اللاتينية مثل فرنسة وإِيطالية وإِسبانية.

    وهو أول من استخدم لفظة آواز في الموسيقى، وهي لفظة فارسية (آوازة) ويقصد بها الصوت أو اللحن أو المقام، وحدّد كذلك أسماء الأدوار والآوازات التي كانت تسمى قبله بأسماء الأصابع والدساتين.

    وهو أول من صوّر الأدوار على عدة نغمات في مقامه الموسيقي، فجاز وضعُها في غير مواضعها وطبقاتها الصوتية الأصلية، وهو ما يعرف اليوم بـ «النقل أو التصوير transition» في الموسيقى الغربية، أي نقل السلم أو المقام من درجة إِلى درجة أخرى.

    وكان أول من دوّن العلامات الموسيقية محدداً أبيات الشعر عليها، وواضعاً نبرات الإِيقاع تحت كل نغمة منها. كما حصر عدد أنواع أبعاد «العقد أو الجنس الرباعي» (البعد الذي بالأربع tetrachord)، والعقد الخماسي (البعد الذي بالخمس pentachord) [ر.الموسيقى العربية]. وهو أول من وضع الدوائر الموسيقية، وعددها 84 دائرة، على أن ترمز كل دائرة إِلى مقام موسيقي معين.

    أما أهم مؤلفاته فهي:

    ـ «كتاب الأدوار»: ألّفه صفي الدين في أواخر العهد العباسي (650هـ؟/1252م) وهو من أهم الكتب التي تبحث في علم الموسيقى العربية.

    ـ «الرسالة الشرفية في علم النسب التأليفية، والأوزان الإِيقاعية»: ألّفها في عهد المغول (؟665هـ/1267م) وقد صنفها الأرموي برسم خزانة تلميذه شرف الدين هارون الجويني الذي قتل عام 685هـ/1286م. واشتهرت هذه المخطوطة في أوربة بعد أن ترجمها كاملة إِلى الفرنسية البارون ديرلانجيه (1872-1932) B. R. D' Erlanger ونشر ملخصاً عنها كارّا دو فو Carra de Vaux (المعاصر لديرلانجيه).

    ـ «العروض والقوافي والبديع»: وهي مخطوطة لا تقل أهمية عن سابقتيها. وتحتفظ مكتبات عالمية كثيرة من أوربية وأمريكية وآسيوية وعربية بنسخ أصلية من هذه المخطوطات.

    ـ «الكافي من الشافي»، و«الإِيقاع» وهو كتاب في اللغة الفارسية. والمخطوطتان مفقودتان.

    كما اخترع الأرموي آلتين موسيقيتين وتريتين[ر.الآلات الموسيقية] هما: «النزهة» من أسرة القانون[ر]، و«المغني» من أسرة العود.

    ويقول المستشرق فارمر في كتابه عن المؤتمر الموسيقي الذي عقد في القاهرة عام 1932: «إِن أوسع بحث وأتمه في نظريات الموسيقى العربية على ما لدينا من وثائق، بعد بحوث ابن سينا[ر] (كتاب الشفاء) وابن زيلة[ر] «كتاب الكافي»، كان لموسيقي اسمه صفي الدين عبد المؤمن الذي كان في خدمة آخر الخلفاء العباسيين في بغداد، وكان له كتابان نفيسان هما: (الرسالة الشرفية)، و(الأدوار) الذي اتخذه كل مؤلف موسيقي بعده أساساً اعتمد عليه في أعماله». وكان المستشرق الفرنسي الأب كولنجيت P. X. M. Collangettes، مندوب الوفد السوري اللبناني إِلى مؤتمر القاهرة الآنف الذكر، قد أكد أن صفي الدين خالف الموسيقيين اليونانيين في نظرية السلم الموسيقي إِذ قال: «إِن الأرموي لم يرجع إِلى المصادر الإغريقية والفارسية بل ادعى أن ما كتبه كان عربياً خالصاً، مع أنه لم يمنع تسرب المصطلحات الفارسية في جميع ما كتبه وخاصة في كلامه عن الأنغام. ومع أنه تحرر من سيطرة الإِغريق فإِنه وقع تحت تأثير الفرس». وأياً كانت عناصر الأسلوب المركب فإِن تصنيفه الأخير يمثل بحق أصدق تعبير عن الفن الموسيقي العربي في القرن الثالث عشر الميلادي.

    حسني الحريري


يعمل...
X