"فاتن صباغ".. واقع الأزمة فرض التحدي الحرفي
نورس محمد علي
طرطوس
تمكنت الحرفية "فاتن صباغ" من تحدي ارتفاع أسعار المواد الأولية اللازمة لـ"التطريز والشك" اليدوي، وضعف التسويق وانغلاق بعض الأسواق؛ باستمرار العمل وتوظيف رأس مال بسيط في زمن محدد، واللجوء إلى الطبيعة.. مهد الفن الأول.
إن العمل اليدوي بحرفة "الشك والتطريز" وتوالف البيئة، عمل فني يحتاج إلى مقومات صعبة امتلكتها الحرفية "صباغ" بحسب رأي زميلتها "نسرين إبراهيم" التي قالت: «تمتلك "فاتن" حرفية عالية وقدرات يدوية رائعة، ولا أستغرب منها هذا النزوع الفني فهي تعمل بهذه الحرفة التي تحتاج إلى صبر ووقت وتحدٍ، فمشغولاتها كما أراها لوحة فنية متكاملة يتخللها الإبداع والذوق والفكر في توظيف الموضوع، وهذا يختلف عن بقية المهن والحرف اليدوية».
وقد تحولت الحرفة اليدوية للحرفية "فاتن صباغ" من حرفة لمجرد الهواية إلى حرفة منتجة ذات مردود مادي، وهذا ما أكدته خلال حديثها لمدونة وطن "eSyria" بتاريخ 5 نيسان 2015، حيث قالت: «في البداية كان عملي الحرفي بـ"التطريز والشك" لمجرد الهواية وتمضية أوقات فراغي اليومية، ولكن مع ضيق الأحوال المادية ووجود منزل بإيجار مرتفع، أصبحت وسيلة للعيش وتأمين دخل مادي أعيل به أسرتي المؤلفة من أربعة أبناء، وخاصة في هذه المرحلة الصعبة من حياتنا كسوريين».
من مشغولاتها اليدوية
حقيقة العمل لم يكن بالنسبة لها سهلاً وبسيطاً، وإنما كان تحدياً صعباً وعلى مختلف الصعد لأمور عدة، وهنا قالت: «ما يحز في نفسي صعوبة تأمين المواد الأولية، وإن وجدت فأسعارها مرتفعة جداً نتيجة احتكار التجار لها، وهي بالعموم ليست بجودة البضائع التي كانت متوافرة سابقاً، والتي كنت أحضرها من "دمشق" و"حلب"، أي من مصادرها الرئيسة، لتوفير بعض المصاريف المادية وكسر حلقة الوصل بيننا وهي التاجر المحلي، فعندما تسنح أي فرصة لزيارة هاتين المحافظتين أقوم بزيارة الموزعين الأساسيين للبضائع والمواد الأولية.
فمثلاً في آخر معرض شاركت به في "دمشق" وهو بعنوان سيدات يتحدين الأزمة، زرت السوق وتعرفت التجار، وحجزت كمية جيدة من المواد الأولية ومنها أثواب القماش و"الكلف والبريم والكريستال والألماس التزييني"، وحصلت نتيجة ذلك على تخفيض أسعار جيد، وبذلك تمكنت من تخزين بعض هذه المواد لزوم العمل لأني مدركة لتسارع ارتفاع أسعارها، وقد حققت بهذه الخطوة أسعاراً ثابتة ومستقرة لمشغولاتي اليدوية بالنسبة للزبائن؛ أي تحديت عمليات التلاعب بالأسعار ورفعها باستمرار بحجة ارتفاع سعر صرف الدولار».
استثمار فن الطبيعة
وتضيف الحرفية "فاتن": «بما أن عملية التسويق بالنسبة لي معتمدة على المشاركة في المعارض، أحاول في نهاية كل معرض معاودة شراء بعض المواد الأولية بنصف المبلغ الذي أسوق به منتجاتي، لتبقى احتياطية لدي أستخدمها عند الحاجة، ولكيلا يصبح لدي كساد في البضائع وتصاميم قديمة أضيف إلى أعمالي -كنوع من التمييز والتجديد- أحجاراً طبيعية تزيينية وبعض حبات "الألماس" والكريستال الصناعي».
ولم تتوقف "صباغ" عند هذا التحدي للظروف الحرفية والمهنية الصعبة، بل تبعته بخطوات يمكن تسميتها بدائل لمواد أولية، وهي فيما يتعلق بعملها بأطقم الخيزران، وهنا قالت: «نتيجة صعوبة الاستيراد في ظل الأزمة الحالية والعقوبات الاقتصادية، وعدم استقدام مادة الخيزران الطبيعي التي وظفتها لمشغولات حرفية تزيينية "عروق ورد ونباتات" تناسب أطقم الصالونات، لجأت إلى الطبيعية البرية وجمعت من أشجارها الأعواد وشذبتها وتعاملت معها من حيث الفكرة والموضوع وكأنها خيزران، ولكن بطريقة وأسلوب مختلفين، ونجحت فيها وقدمت الغرض المطلوب منها، كما استبدلت الأزهار الصينية المستوردة لزوم زينة الصالونات أيضاً بأزهار وأوراق نباتات طبيعية من بيئتنا المحيطة بنا، ولونتها بطريقة فنية خاصة لتحل محلها، فكانت منافسة لها من حيث الجمال والتعامل والتسويق».
فاتن صباغ
من جهة أخرى ونتيجة ضعف التسويق وقلة المعارض المقامة؛ كان على "فاتن" إحداث نقلة نوعية في مجال عمل مختلف تتكرس فيه قدراتها ومهاراتها وحسها الفني، أوضحته بقولها: «مع تزايد صعوبة الأمور والتسويق نتيجة الظروف الحالية، وظفت قدراتي الحرفية بمجال عمل مختلف عن مجال عملي الأساسي، وهو مجال تصليح الملابس في مصبغة لأحد الأقارب، واللافت بالأمر أن هذا التوظيف كان بأسلوب فني جميل تتخلله اللمسة الفنية التي امتلكتها من حرفتي في الشك والتطريز».
وفي لقاء مع الشابة "سارة زيوت" التي التقيناها في المعرض التراثي في المدينة القديمة؛ الذي أقيم من حوالي الشهر، قالت عن "فاتن": «من خلال متابعتي لأعمال الحرفية "فاتن صباغ" في المعرض التراثي الشعبي، أراها فنانة تملك الذوق والقدرة، وهنا أتحدث عن القدرة لأن حرفتها تحتاج إلى قدرات معينة، وخاصة في هذه الظروف والأسعار المرتفعة وضعف التسويق، فأنا لا أرى لها شيئاً في الأسواق بل أتسوق منها إن أحببت، من المعارض التي تشارك فيها».
نورس محمد علي
طرطوس
تمكنت الحرفية "فاتن صباغ" من تحدي ارتفاع أسعار المواد الأولية اللازمة لـ"التطريز والشك" اليدوي، وضعف التسويق وانغلاق بعض الأسواق؛ باستمرار العمل وتوظيف رأس مال بسيط في زمن محدد، واللجوء إلى الطبيعة.. مهد الفن الأول.
إن العمل اليدوي بحرفة "الشك والتطريز" وتوالف البيئة، عمل فني يحتاج إلى مقومات صعبة امتلكتها الحرفية "صباغ" بحسب رأي زميلتها "نسرين إبراهيم" التي قالت: «تمتلك "فاتن" حرفية عالية وقدرات يدوية رائعة، ولا أستغرب منها هذا النزوع الفني فهي تعمل بهذه الحرفة التي تحتاج إلى صبر ووقت وتحدٍ، فمشغولاتها كما أراها لوحة فنية متكاملة يتخللها الإبداع والذوق والفكر في توظيف الموضوع، وهذا يختلف عن بقية المهن والحرف اليدوية».
تمتلك "فاتن" حرفية عالية وقدرات يدوية رائعة، ولا أستغرب منها هذا النزوع الفني فهي تعمل بهذه الحرفة التي تحتاج إلى صبر ووقت وتحدٍ، فمشغولاتها كما أراها لوحة فنية متكاملة يتخللها الإبداع والذوق والفكر في توظيف الموضوع، وهذا يختلف عن بقية المهن والحرف اليدوية
وقد تحولت الحرفة اليدوية للحرفية "فاتن صباغ" من حرفة لمجرد الهواية إلى حرفة منتجة ذات مردود مادي، وهذا ما أكدته خلال حديثها لمدونة وطن "eSyria" بتاريخ 5 نيسان 2015، حيث قالت: «في البداية كان عملي الحرفي بـ"التطريز والشك" لمجرد الهواية وتمضية أوقات فراغي اليومية، ولكن مع ضيق الأحوال المادية ووجود منزل بإيجار مرتفع، أصبحت وسيلة للعيش وتأمين دخل مادي أعيل به أسرتي المؤلفة من أربعة أبناء، وخاصة في هذه المرحلة الصعبة من حياتنا كسوريين».
من مشغولاتها اليدوية
حقيقة العمل لم يكن بالنسبة لها سهلاً وبسيطاً، وإنما كان تحدياً صعباً وعلى مختلف الصعد لأمور عدة، وهنا قالت: «ما يحز في نفسي صعوبة تأمين المواد الأولية، وإن وجدت فأسعارها مرتفعة جداً نتيجة احتكار التجار لها، وهي بالعموم ليست بجودة البضائع التي كانت متوافرة سابقاً، والتي كنت أحضرها من "دمشق" و"حلب"، أي من مصادرها الرئيسة، لتوفير بعض المصاريف المادية وكسر حلقة الوصل بيننا وهي التاجر المحلي، فعندما تسنح أي فرصة لزيارة هاتين المحافظتين أقوم بزيارة الموزعين الأساسيين للبضائع والمواد الأولية.
فمثلاً في آخر معرض شاركت به في "دمشق" وهو بعنوان سيدات يتحدين الأزمة، زرت السوق وتعرفت التجار، وحجزت كمية جيدة من المواد الأولية ومنها أثواب القماش و"الكلف والبريم والكريستال والألماس التزييني"، وحصلت نتيجة ذلك على تخفيض أسعار جيد، وبذلك تمكنت من تخزين بعض هذه المواد لزوم العمل لأني مدركة لتسارع ارتفاع أسعارها، وقد حققت بهذه الخطوة أسعاراً ثابتة ومستقرة لمشغولاتي اليدوية بالنسبة للزبائن؛ أي تحديت عمليات التلاعب بالأسعار ورفعها باستمرار بحجة ارتفاع سعر صرف الدولار».
استثمار فن الطبيعة
وتضيف الحرفية "فاتن": «بما أن عملية التسويق بالنسبة لي معتمدة على المشاركة في المعارض، أحاول في نهاية كل معرض معاودة شراء بعض المواد الأولية بنصف المبلغ الذي أسوق به منتجاتي، لتبقى احتياطية لدي أستخدمها عند الحاجة، ولكيلا يصبح لدي كساد في البضائع وتصاميم قديمة أضيف إلى أعمالي -كنوع من التمييز والتجديد- أحجاراً طبيعية تزيينية وبعض حبات "الألماس" والكريستال الصناعي».
ولم تتوقف "صباغ" عند هذا التحدي للظروف الحرفية والمهنية الصعبة، بل تبعته بخطوات يمكن تسميتها بدائل لمواد أولية، وهي فيما يتعلق بعملها بأطقم الخيزران، وهنا قالت: «نتيجة صعوبة الاستيراد في ظل الأزمة الحالية والعقوبات الاقتصادية، وعدم استقدام مادة الخيزران الطبيعي التي وظفتها لمشغولات حرفية تزيينية "عروق ورد ونباتات" تناسب أطقم الصالونات، لجأت إلى الطبيعية البرية وجمعت من أشجارها الأعواد وشذبتها وتعاملت معها من حيث الفكرة والموضوع وكأنها خيزران، ولكن بطريقة وأسلوب مختلفين، ونجحت فيها وقدمت الغرض المطلوب منها، كما استبدلت الأزهار الصينية المستوردة لزوم زينة الصالونات أيضاً بأزهار وأوراق نباتات طبيعية من بيئتنا المحيطة بنا، ولونتها بطريقة فنية خاصة لتحل محلها، فكانت منافسة لها من حيث الجمال والتعامل والتسويق».
فاتن صباغ
من جهة أخرى ونتيجة ضعف التسويق وقلة المعارض المقامة؛ كان على "فاتن" إحداث نقلة نوعية في مجال عمل مختلف تتكرس فيه قدراتها ومهاراتها وحسها الفني، أوضحته بقولها: «مع تزايد صعوبة الأمور والتسويق نتيجة الظروف الحالية، وظفت قدراتي الحرفية بمجال عمل مختلف عن مجال عملي الأساسي، وهو مجال تصليح الملابس في مصبغة لأحد الأقارب، واللافت بالأمر أن هذا التوظيف كان بأسلوب فني جميل تتخلله اللمسة الفنية التي امتلكتها من حرفتي في الشك والتطريز».
وفي لقاء مع الشابة "سارة زيوت" التي التقيناها في المعرض التراثي في المدينة القديمة؛ الذي أقيم من حوالي الشهر، قالت عن "فاتن": «من خلال متابعتي لأعمال الحرفية "فاتن صباغ" في المعرض التراثي الشعبي، أراها فنانة تملك الذوق والقدرة، وهنا أتحدث عن القدرة لأن حرفتها تحتاج إلى قدرات معينة، وخاصة في هذه الظروف والأسعار المرتفعة وضعف التسويق، فأنا لا أرى لها شيئاً في الأسواق بل أتسوق منها إن أحببت، من المعارض التي تشارك فيها».