حنين اسحاق
Hunayn ibn Isaac - Hunayn ibn Isaac
حُنين بن إسحاق
(194ـ260 هـ/810 ـ873م)
أبو يزيد بن إسحاق العِبادي، نَبَغَ في الترجمة والتأليف الطبي، يُنسَب حنين إلى العِباد وهم من أهل الحيرة المنحدرين من بطون شتى من قبائل العرب، جمعتهم النصرانية واعتنقوا المذهب النسطوري كانوا يجاورون تنوخ في المسكن ولهذا كانت العربية لغة حنين الأم، بينما كانت السريانية لغة الكنيسة النسطورية في الحيرة؛ ونشأ حنين في جوٍّ يتقن هاتين اللغتين، وتفقَّه في السريانية بسبب دراساته الدينية المستمرة فقد كان شماساً في هذه الكنيسة.
تُعَدُّ مساهمة حنين الرئيسة في تاريخ العلم أنه كان أعظم التراجمة من الإغريقية إلى السريانية والعربية، ويمثل ذروة عصر الترجمة، هذا العصر الذي بفضله استوعب العرب ثقافات الأمم المجاورة وعلومها والحضارات السالفة، وكان حنين فصيحاً بهذه اللغات الثلاث، خطيباً.. لسناً.. بارعاً.. شاعراً، إضافة لنبوغه في التأليف في حقول الطب النظري، كما ألَّف في الفلسفة والعلوم الدينية. ويقول بعض الباحثين أنه كان يتقن الفارسية.
وُلِدَ حنين في الحيرة وبها نشأ، وكان والده يعمل في الصيدلة والصيرفة. حاول دراسة الطب في بغداد أولاً على يد يوحنا ابن ماسـويه فلم يوفق بسبب موقف ابن ماسويه السلبي منه، فقد كان ابن ماسويه متعصباً لأهل الأهواز وكان يقلل من شأن أهل الحيرة، وربما نَفَرَ ابن ماسويه من كثرة أسئلة حنين فانتهره فغادر حنين بغداد إلى الأهواز ثم إلى الشام والإسكندرية وبلاد الروم مصمماً أن يُتقِنَ اللغة الإغريقية وأن ينهي دراساته الطبية النظرية وأن يبرهن على جدارته وأنه أهل لأن يتعلم الطب.وبذلك غاب عن بغداد بضع سنين ثم عاد إليها وقد بَرَعَ باللغة اليونانية وصار قادراً على الترجمة منها بكفاية متميزة.
وفي بغداد اتصل بأبي عيسى جبرائيل بن بختيشوع، وبعد ذلك رغب إلى يوسف بن إبراهيم أن يُطْلِعَ ابن ماسويه على أنموذجٍ من ترجماته، ففعل ذلك، وكانت هذه الترجمات من الدقة بحيث أن ابن ماسويه كاد أن لا يصدق ما يرى ويسمع. ثم بعدها سأل يوسف بن إبراهيم أن يُصْلِحَ الأمر بينه وبين حنين ففعل، وعادا إلى التصافي والتعاون حتى إن ابن ماسويه أهدى إلى حنين أحد أهم كتبه وهو «الفصول».
وصلت شهرة حنين إلى الخليفة المأمون الذي طلب منه القيام بترجمة بعض النصوص اليونانية الهامة إلى العربية كما طلب إليه تصحيح بعض الترجمات القديمة وغدا حنين من المقربين في بلاط المأمون وبلاط المعتصم بعد وفاة المأمون، وكان أيضاً على صداقة قوية بسلمويه بن بنان رئيس أطباء بغداد، وكانت هذه الصداقة معيناً لحنين في بلاط الخلفاء العباسيين، فقد كان يحضر مجالس كبار العلماء الذين كانوا في بلاط الخليفة الواثق (227-232هـ).
واستمر نجم حنين في الصعود أيام المتوكل على الله (232-247هـ) فصار من أهم مترجمي بغداد ورئيساً لأطبائها، إلا أنه عانى معاناة شديدة من مزاج الخليفة المتقلب الذي نكبه مرتين: الأولى عندما رفض حنين أن يصف للخليفة سُـماً لقتل أحد أعدائه وذلك بسبب رادع الدين لديه وأخلاق مهنة الطب عنده، والثانية عندما اتُهِمَ حنين بالزندقة، ورضخ المتوكل لوشاية حُسَّاد حنين من أطباء بغداد ودسائسهم ؛ لكن المتوكل ما لبث أن أعاد الاعتبار لحنين واعتذر له، إلا أن مكتبة حنين التي صُودِرَت في نكبته الثانية لم تعد إليه لأنها تفرقت وضاعت، وكانت هذه المكتبة تحتوي على أندر المخطوطات التي قام برحلاتٍ كثيرة وطويلة على مدى سنين يجمعها من الجزيرة الفراتية والشام وفلسطين ومصر وبلاد الروم.
وقد عاصر حنين بعد مقتل المتوكل خمسة من الخلفاء العباسيين وتوفي أيام الخليفة المعتمد.
انصَبَّت ترجمات حنين بوجه رئيسي على أعمال جالينوس الطبية، وقد دفعه اشتغاله بكتب جالينوس إلى ترجمة عددٍ من كتب أبقراط، كما ترجم بعض كتبٍ في الفلسفة لأفلاطون وأرسطو وفورفوريوس.
أُتيحَ لحنين في صباه أن يطلع على عدد كبير من الترجمات السريانية والعربية لكتب الإغريق، هذه الترجمات التي كانت موضع انتقاد من كبار علماء بغداد بسبب افتقارها إلى الدقة، لذلك فقد آلى على نفسه إصلاح هذه الترجمات أو القيام بترجماتٍ جديدة تقوم مقامها.
كان حنين يُجري عملية تحقيق للمخطوطات الإغريقية قبل أن يطمئن إلى النص الذي سيبدأ بترجمته، فهو بذلك يكوّن سابقة مهمة لأساليب التحقيق النقدي الحديثة، فحينما أراد ترجمة ما وضعه جالينوس لكتب أبقراط فإنه راعى أن يحصل على نصِّ أبقراط الأصلي وعلى تفسير جالينوس له ثم يقارن بين النصين ويترجمهما معاً. وفي بعض الأحيان لا يكتفي بترجمة الأصل والتفسير بل يكتب شرحاً مختصراً للكتاب يُسمّيه «الجوامع» أو «الثمار» وذلك بقصد تقريب فَهْمِ هذه المادة العلمية في أوساط الطلبة.
وكان حنين وتلامذته في ترجماتهم يبتعدون عن أسلوب النقل الحرفي وعن التقيد بالألفاظ، ويحرصون على نقل المعنى بأبسط الصور وأوضحها، لذلك فقد نجحت ترجماتهم نجاحاً منقطع النظير.
وقد لاحظ حنين مدى افتقار اللغة العربية إلى المصطلحات العلمية والفلسفية التي تزخر بها اللغات الأخرى كاليونانية والسريانية والفارسية، فحرص على اختيار المصطلحات الفنية المناسبة التي لم يتمكن التراجمة الأوائل من وضعها، وقام حنين بهذه المهمة وحيداً دون الاستعانة بجهود اللغويين.
وقد كُتِبَ للاصطلاحات التي استعملها حنين البقاء والاستقرار فثبتها كل المؤلفين الذين جاؤوا بعده. وقد لجأ إلى أساليب عدة في وضع المصطلح العلمي بالعربية كالاشتقاق والمجاز أو الافتراض.
كانت مؤلفات حنين كثيرة وكان لها دور رئيسي في تاريخ الطب، فقد نقل عنها المؤلفون أو اختصروها أو شرحوها، وأصبحت بفضل هذه الشروح مادة للتدريس يقرؤها طلبة الطب في مدارس دمشق حتى القرن الثالث عشر الميلادي.
ومن المعروف أن حنين لم يمتلك الوقت الكافي لممارسة التطبيب عملياً في عيادةٍ خاصةٍ به.
وعلى الرغم من أن المصادر العربية تذكر أسماء العشرات من الكتب الطبية وغيرها التي صنفها حنين، فإن معظم هذه الكتب لم يصل إلى هذا العصر وبالتالي لا يمكن الخوض في محتواها، إلا أن عنواناتها تشير إلى أن حنين كتب في حقول الطب كلها.
وكانت جُلَّ كتابات حنين بالعربية، وقد نُسِبَت إليه بعض الرسائل المكتوبة بالسريانية لم يصل منها إلا اثنتان.
من مؤلفاته: كتاب «أوجاع المعدة» له نسخة وحيدة في الأسكوريال، كتاب «حفظ الأسنان واللثة» له نسخة محفوظة في المكتبة الظاهرية بدمشق، كتاب «المسائل في الطب» جعله حنين على هيئة السؤال والجواب، ويعالج فيه كل المسائل الطبية الأساسية التي يحتاجها المتعلم. وكان يحذو به حذو جالينوس وقد تأثَّر في تصنيفه بـ «جوامع الاسكندرانيين».
وقد قسَّم الطب فيه إلى قسمين: العلوم النظرية والعلوم العملية؛ واقتصر على عرض الطب النظري ذلك أن فهم الطب النظري ينبغي أن تكون له الأولوية ودراسته يجب أن تسبق دراسة الطب العملي. وقد توفي حنين قبل إكماله فعمل على إكماله الطبيب حُبيش الأعسَم[ر]. ولهذا الكتاب عنوان آخر أيضاً «المدخل في الطب». وقد تُرجِمَ ترجمات مختلفة إلى اللاتينية، وصارت هذه الترجمات من أوسع المؤلفات الطبية العربية انتشاراً في أوربة في العصر الوسيط، ففي البدء اعتمدته مدرسة ساليرنو الطبية كتاباً للتدريس فيها في القرن 11م، ثم طُبِعَ عدة طبعات في القرنين 15و16م، كما تُرْجِمَ إلى العبرية، وكتاب «المقالات العشر في العين» مرتبٌ على عشر مقالات. في البداية كتب حنين تسع مقالات ألَّفها على مدى ثلاثين عاماًً لأغراض التعليم، ثم طلب إليه حبيش أن يكتب المقالة العاشرة وأن يجمع هذه المقالات في كتابٍ شاملٍ ففعل. تُرْجِمَ الكتاب إلى اللاتينية مرتين وصار من أهم المراجع لدراسة طب العين. كتب في نهاية حياته مقالة في جراحة العين بعنوان «في علاج العين بالحديد» لم تصل إلى هذا العصر إلاّ أن صداها واضح في كتاب «الحاوي» للرازي وفي كناش الكحال الكشكري.
وقد صنَّف حنين في الفلسفة والأخلاق و الدين واللغة والتاريخ والسياسة.
نشأت حمارنة
Hunayn ibn Isaac - Hunayn ibn Isaac
حُنين بن إسحاق
(194ـ260 هـ/810 ـ873م)
أبو يزيد بن إسحاق العِبادي، نَبَغَ في الترجمة والتأليف الطبي، يُنسَب حنين إلى العِباد وهم من أهل الحيرة المنحدرين من بطون شتى من قبائل العرب، جمعتهم النصرانية واعتنقوا المذهب النسطوري كانوا يجاورون تنوخ في المسكن ولهذا كانت العربية لغة حنين الأم، بينما كانت السريانية لغة الكنيسة النسطورية في الحيرة؛ ونشأ حنين في جوٍّ يتقن هاتين اللغتين، وتفقَّه في السريانية بسبب دراساته الدينية المستمرة فقد كان شماساً في هذه الكنيسة.
تُعَدُّ مساهمة حنين الرئيسة في تاريخ العلم أنه كان أعظم التراجمة من الإغريقية إلى السريانية والعربية، ويمثل ذروة عصر الترجمة، هذا العصر الذي بفضله استوعب العرب ثقافات الأمم المجاورة وعلومها والحضارات السالفة، وكان حنين فصيحاً بهذه اللغات الثلاث، خطيباً.. لسناً.. بارعاً.. شاعراً، إضافة لنبوغه في التأليف في حقول الطب النظري، كما ألَّف في الفلسفة والعلوم الدينية. ويقول بعض الباحثين أنه كان يتقن الفارسية.
وُلِدَ حنين في الحيرة وبها نشأ، وكان والده يعمل في الصيدلة والصيرفة. حاول دراسة الطب في بغداد أولاً على يد يوحنا ابن ماسـويه فلم يوفق بسبب موقف ابن ماسويه السلبي منه، فقد كان ابن ماسويه متعصباً لأهل الأهواز وكان يقلل من شأن أهل الحيرة، وربما نَفَرَ ابن ماسويه من كثرة أسئلة حنين فانتهره فغادر حنين بغداد إلى الأهواز ثم إلى الشام والإسكندرية وبلاد الروم مصمماً أن يُتقِنَ اللغة الإغريقية وأن ينهي دراساته الطبية النظرية وأن يبرهن على جدارته وأنه أهل لأن يتعلم الطب.وبذلك غاب عن بغداد بضع سنين ثم عاد إليها وقد بَرَعَ باللغة اليونانية وصار قادراً على الترجمة منها بكفاية متميزة.
وفي بغداد اتصل بأبي عيسى جبرائيل بن بختيشوع، وبعد ذلك رغب إلى يوسف بن إبراهيم أن يُطْلِعَ ابن ماسويه على أنموذجٍ من ترجماته، ففعل ذلك، وكانت هذه الترجمات من الدقة بحيث أن ابن ماسويه كاد أن لا يصدق ما يرى ويسمع. ثم بعدها سأل يوسف بن إبراهيم أن يُصْلِحَ الأمر بينه وبين حنين ففعل، وعادا إلى التصافي والتعاون حتى إن ابن ماسويه أهدى إلى حنين أحد أهم كتبه وهو «الفصول».
وصلت شهرة حنين إلى الخليفة المأمون الذي طلب منه القيام بترجمة بعض النصوص اليونانية الهامة إلى العربية كما طلب إليه تصحيح بعض الترجمات القديمة وغدا حنين من المقربين في بلاط المأمون وبلاط المعتصم بعد وفاة المأمون، وكان أيضاً على صداقة قوية بسلمويه بن بنان رئيس أطباء بغداد، وكانت هذه الصداقة معيناً لحنين في بلاط الخلفاء العباسيين، فقد كان يحضر مجالس كبار العلماء الذين كانوا في بلاط الخليفة الواثق (227-232هـ).
واستمر نجم حنين في الصعود أيام المتوكل على الله (232-247هـ) فصار من أهم مترجمي بغداد ورئيساً لأطبائها، إلا أنه عانى معاناة شديدة من مزاج الخليفة المتقلب الذي نكبه مرتين: الأولى عندما رفض حنين أن يصف للخليفة سُـماً لقتل أحد أعدائه وذلك بسبب رادع الدين لديه وأخلاق مهنة الطب عنده، والثانية عندما اتُهِمَ حنين بالزندقة، ورضخ المتوكل لوشاية حُسَّاد حنين من أطباء بغداد ودسائسهم ؛ لكن المتوكل ما لبث أن أعاد الاعتبار لحنين واعتذر له، إلا أن مكتبة حنين التي صُودِرَت في نكبته الثانية لم تعد إليه لأنها تفرقت وضاعت، وكانت هذه المكتبة تحتوي على أندر المخطوطات التي قام برحلاتٍ كثيرة وطويلة على مدى سنين يجمعها من الجزيرة الفراتية والشام وفلسطين ومصر وبلاد الروم.
وقد عاصر حنين بعد مقتل المتوكل خمسة من الخلفاء العباسيين وتوفي أيام الخليفة المعتمد.
انصَبَّت ترجمات حنين بوجه رئيسي على أعمال جالينوس الطبية، وقد دفعه اشتغاله بكتب جالينوس إلى ترجمة عددٍ من كتب أبقراط، كما ترجم بعض كتبٍ في الفلسفة لأفلاطون وأرسطو وفورفوريوس.
أُتيحَ لحنين في صباه أن يطلع على عدد كبير من الترجمات السريانية والعربية لكتب الإغريق، هذه الترجمات التي كانت موضع انتقاد من كبار علماء بغداد بسبب افتقارها إلى الدقة، لذلك فقد آلى على نفسه إصلاح هذه الترجمات أو القيام بترجماتٍ جديدة تقوم مقامها.
كان حنين يُجري عملية تحقيق للمخطوطات الإغريقية قبل أن يطمئن إلى النص الذي سيبدأ بترجمته، فهو بذلك يكوّن سابقة مهمة لأساليب التحقيق النقدي الحديثة، فحينما أراد ترجمة ما وضعه جالينوس لكتب أبقراط فإنه راعى أن يحصل على نصِّ أبقراط الأصلي وعلى تفسير جالينوس له ثم يقارن بين النصين ويترجمهما معاً. وفي بعض الأحيان لا يكتفي بترجمة الأصل والتفسير بل يكتب شرحاً مختصراً للكتاب يُسمّيه «الجوامع» أو «الثمار» وذلك بقصد تقريب فَهْمِ هذه المادة العلمية في أوساط الطلبة.
وكان حنين وتلامذته في ترجماتهم يبتعدون عن أسلوب النقل الحرفي وعن التقيد بالألفاظ، ويحرصون على نقل المعنى بأبسط الصور وأوضحها، لذلك فقد نجحت ترجماتهم نجاحاً منقطع النظير.
وقد لاحظ حنين مدى افتقار اللغة العربية إلى المصطلحات العلمية والفلسفية التي تزخر بها اللغات الأخرى كاليونانية والسريانية والفارسية، فحرص على اختيار المصطلحات الفنية المناسبة التي لم يتمكن التراجمة الأوائل من وضعها، وقام حنين بهذه المهمة وحيداً دون الاستعانة بجهود اللغويين.
وقد كُتِبَ للاصطلاحات التي استعملها حنين البقاء والاستقرار فثبتها كل المؤلفين الذين جاؤوا بعده. وقد لجأ إلى أساليب عدة في وضع المصطلح العلمي بالعربية كالاشتقاق والمجاز أو الافتراض.
كانت مؤلفات حنين كثيرة وكان لها دور رئيسي في تاريخ الطب، فقد نقل عنها المؤلفون أو اختصروها أو شرحوها، وأصبحت بفضل هذه الشروح مادة للتدريس يقرؤها طلبة الطب في مدارس دمشق حتى القرن الثالث عشر الميلادي.
ومن المعروف أن حنين لم يمتلك الوقت الكافي لممارسة التطبيب عملياً في عيادةٍ خاصةٍ به.
وعلى الرغم من أن المصادر العربية تذكر أسماء العشرات من الكتب الطبية وغيرها التي صنفها حنين، فإن معظم هذه الكتب لم يصل إلى هذا العصر وبالتالي لا يمكن الخوض في محتواها، إلا أن عنواناتها تشير إلى أن حنين كتب في حقول الطب كلها.
وكانت جُلَّ كتابات حنين بالعربية، وقد نُسِبَت إليه بعض الرسائل المكتوبة بالسريانية لم يصل منها إلا اثنتان.
من مؤلفاته: كتاب «أوجاع المعدة» له نسخة وحيدة في الأسكوريال، كتاب «حفظ الأسنان واللثة» له نسخة محفوظة في المكتبة الظاهرية بدمشق، كتاب «المسائل في الطب» جعله حنين على هيئة السؤال والجواب، ويعالج فيه كل المسائل الطبية الأساسية التي يحتاجها المتعلم. وكان يحذو به حذو جالينوس وقد تأثَّر في تصنيفه بـ «جوامع الاسكندرانيين».
وقد قسَّم الطب فيه إلى قسمين: العلوم النظرية والعلوم العملية؛ واقتصر على عرض الطب النظري ذلك أن فهم الطب النظري ينبغي أن تكون له الأولوية ودراسته يجب أن تسبق دراسة الطب العملي. وقد توفي حنين قبل إكماله فعمل على إكماله الطبيب حُبيش الأعسَم[ر]. ولهذا الكتاب عنوان آخر أيضاً «المدخل في الطب». وقد تُرجِمَ ترجمات مختلفة إلى اللاتينية، وصارت هذه الترجمات من أوسع المؤلفات الطبية العربية انتشاراً في أوربة في العصر الوسيط، ففي البدء اعتمدته مدرسة ساليرنو الطبية كتاباً للتدريس فيها في القرن 11م، ثم طُبِعَ عدة طبعات في القرنين 15و16م، كما تُرْجِمَ إلى العبرية، وكتاب «المقالات العشر في العين» مرتبٌ على عشر مقالات. في البداية كتب حنين تسع مقالات ألَّفها على مدى ثلاثين عاماًً لأغراض التعليم، ثم طلب إليه حبيش أن يكتب المقالة العاشرة وأن يجمع هذه المقالات في كتابٍ شاملٍ ففعل. تُرْجِمَ الكتاب إلى اللاتينية مرتين وصار من أهم المراجع لدراسة طب العين. كتب في نهاية حياته مقالة في جراحة العين بعنوان «في علاج العين بالحديد» لم تصل إلى هذا العصر إلاّ أن صداها واضح في كتاب «الحاوي» للرازي وفي كناش الكحال الكشكري.
وقد صنَّف حنين في الفلسفة والأخلاق و الدين واللغة والتاريخ والسياسة.
نشأت حمارنة