بدور القاسم الإمارات تثري المشهد الثقافي العالمي بالقيم والمبادئ السامية
المصدر:
- حوار: ريم الكمالي
التاريخ: 11 أكتوبر 2021
ت +ت -الحجم الطبيعي
أكدت الشيخة بدور بنت سلطان القاسمي، رئيسة الاتحاد الدولي للناشرين- مؤسس جمعية الناشرين الإماراتيين، والمؤسس والرئيس التنفيذي لمجموعة « كلمات»، أن الثقافة والإبداع في دولة الإمارات العربية المتحدة، مفردتان ركيزيتان أساسيتان في حياة المجتمع، تثريان مسارات الحياة وتعززان قوة حضور وتأثيرات دولتنا عالمياً، علاوة على دورهما في جعل الفكر والمعرفة محور الاهتمام والهدف الجوهري لدى كافة الأفراد والمؤسسات. وأشارت الشيخة بدور بنت سلطان القاسمي في حوارها مع «البيان»، إلى أن الفكر النير لقادة دولة الإمارات ودعمهم اللامحدود، جعل حكاية إبداع دولتنا تنبض بوهج حراك معرفي وفني متميز على صعيد العالم أجمع، ما أثمر تحول الدولة وجهة لكافة مبدعي المعمورة. ولفتت، في الوقت نفسه، إلى أن المجتمع الإماراتي، بفضل وعي قادته وأصالة فكر أفراده، نجح في صون هويته وحماية تراثه وعاداته وتقاليده، بموازاة مواكبته شتى أشكال الحداثة والانفتاح على جميع أبناء الشعوب والجنسيات حيث يعيش في الإمارات أشخاص ينتمون إلى أكثر من 200 جنسية. وأكدت الشيخة بدور بنت سلطان القاسمي أنه بفضل حكمة قيادة الدولة وبعد نظرها ورؤيتها الثاقبة، نالت عناصر وجوانب قوة الثقافة أكبر الاهتمام والتركيز وغدا اقتصاد المعرفة راسخاً وفعّالاً في المجتمع تسيره خطة نوعية ممنهجة، مشيرة في الصدد إلى أن الثقافة في الإمارات ليست حقلاً تنموياً وفكرياً عادياً أو مجالاً ثانوياً، وإنما هي جوهر مشروع دولتنا الحضاري والتنموي الذي يبدأ بوعي الإنسان ومعارفه وقيمه ومبادئه، خصوصاً وأنها أصبحت بين أهم المراكز الثقافية العالمية وتثري المشهد الفكري الإنساني بأسمى القيم والمبادئ. وشددت رئيسة الاتحاد الدولي للناشرين على أن أوضح تجليات البنية الثقافية النوعية في دولة الإمارات تلك المكانة العالية والمنزلة الرفيعة لها بين شعوب العالم، إلى جانب واقع استقرار ورقي مجتمعها.
1 تصادف هذا العام 2021 الذكرى الخمسون لتأسيس اتحاد دولة الإمارات العربية المتحدة، على ضوء تجربتكم ومتابعاتكم، كيف تلخصون وتقيمون التجربة الثقافية للإمارات؟ وكيف ترون مستقبلها؟
في الذكرى الخمسين لتأسيس اتحادنا، لا بد من قراءة عميقة للمشهد الثقافي الإماراتي وجذوره التاريخية وواقعه وإمكاناته المستقبلية، الثقافة مفردة أساسية في حكاية دولة الإمارات العربية المتحدة، بل قد تكون حاضرة في كل وصف وتحليل يتعلق بمسيرتنا وأسباب نجاحنا وتفوقنا، وعندما نذكر كلمة ثقافة فنحن نعني بطبيعة الحال التراث والموروث والعادات والقيم والفكر والفنون والحرف والممارسات اليومية، وهذا يعني أن الحراك الثقافي هو التطور الحاصل على جميع هذه المجالات، التطور في البنية الفكرية والوجدانية، وبالتالي التطور في الهوية والعلاقات الاجتماعية مع الحفاظ على التراث، والتطور أيضاً في مواقفنا الإنسانية على مستوى العالم أجمع.
بناءً على ما ذكرناه هناك خصوصيات وميزات ثقافية تسجل لصالح دولة الإمارات العربية المتحدة بكل مكوناتها، فعلى أرضنا يعيش أكثر من 200 جنسية بثقافات ولغات وعادات مختلفة، وأيضاً تعتبر الإمارات في وسط الحراك الاقتصادي العالمي، ما يجعلها مطلة على أنماط الحياة الاجتماعية لمختلف الشعوب، ومع ذلك يحافظ الإماراتيون على ثقافتهم بكل مكوناتها، فهم يفخرون بزيهم التقليدي ولغتهم ولهجتهم وعاداتهم وتقاليدهم، ويحتفون بتراثهم المادي والثقافي من خلال الفعاليات والمعارض والمتاحف، ويتجلى الاعتزاز بالثقافة والتراث أيضاً، بالمنتج الفكري الإماراتي من رواية وشعر وفنون ومسرح وقصة قصيرة، وبانتشار المكتبات وبالاهتمام البالغ بالنشر والناشرين واحتضان الكتّاب والمبدعين.
وهنا لا بد من الإشارة إلى أن المشاريع الثقافية والمعرفية لكل إمارة من إمارات الدولة في توافق وانسجام كبيرين والتفاف حول رؤية موحدة، تتمثل في كون الثقافة تشكل جوهر مشروعنا الحضاري والتنموي الذي يبدأ بوعي الإنسان، ومعارفه، وقيمه، ومبادئه، وهذا ما شكل المشهد العام لدولة الإمارات العربية المتحدة، ورسخ مكانتها بين أهم المراكز الثقافية العالمية، وجعل منها وجهةً للموهوبين والمبدعين من كل الجنسيات والثقافات.
هذه القراءة لواقع الثقافة الإماراتية تجعلنا مطمئنين على مستقبلها، لأنها نابعة من أصالة الهوية ومن الانفتاح على الثقافات الإنسانية العريقة، ولأنها تحظى ببيئة اجتماعية تستقطب وتحتضن المواهب الفكرية والأدبية والعلمية من جميع بقاع الأرض.
حجر أساس النهضة
2 أرسى صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، دعائم راسخة لمشروع الشارقة الثقافي، وأحاطه ببنية تحتية حاضنة وراعية وداعمة، كيف تصفين خصوصية تجربة الشارقة على الصعيد الثقافي؟ وما هي محركات نموها؟
جميعنا نذكر مقولة صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، حول العلاقة بين التطور المادي والفكري، حيث قدم سموه الثقافة على أي مشهد آخر، لأن الثقافة تبني وتطور الأمم وتنتج الهندسة والمباني وتعيد صياغة المجتمعات على أسس نبيلة، الثقافة بالنسبة لصاحب السمو حاكم الشارقة هي أساس النهضة وضمان استدامتها، وهي جوهر الأمم لأنها تحدد قيمها وأخلاقها وعلاقاتها الاجتماعية ومواقفها من الآخر الشريك في القيم الإنسانية.
وعلى أساس هذه الرؤية، انطلق المشروع الثقافي والحضاري في الشارقة، وأصبحت الإمارة ومنذ البدايات وجهةً للأدباء والفنانين والمفكرين، وحاضنةً للتجارب الإقليمية الإعلامية والفكرية والعلمية، حيث تفخر الشارقة بمعرضها الدولي للكتاب الذي يصنف من بين أكبر ثلاثة معارض في العالم والأول على مستوى المنطقة، وبما أسسه المعرض من حضور في وجدان مجتمع دولة الإمارات، ومن ترسيخ لعلاقة المواطنين والسكان بالكتاب وبثقافات العالم ورموزها، وتفخر أيضاً بتجاربها في بناء المكتبات العامة والمنزلية ورعايتها وحماية المنتج الثقافي، والذي تتوج بـ«بيت الحكمة» الذي قدم مفهوماً جديداً لمكتبات المستقبل ومجتمعات المعرفة، وبدعمها للناشرين وتسهيل أعمالهم ودعمهم بالمقرات وأدوات الانتشار، وبالاحتفاء بالتراث والتاريخ الذي يشكل جوهر الثقافات الحديثة.
وأصبحت الشارقة بمثابة الاسم الآخر للثقافة على المستوى المحلي والإقليمي والعالمي أيضاً، حيث تم اختيار الشارقة عاصمة للثقافة العربية الإسلامية، وعاصمةً عالمية للكتاب، وعاصمة للصحافة العربية، ونراها حاضرةً في أهم الفعاليات ومعارض الكتب الدولية، تعرّف العالم من خلال مشاركاتها على الثقافة العربية وجذورها وما تزخر به من قيم ومنجزات واكتشافات أثرت التجربة الإنسانية بشكل عام.
أما بالنسبة للشق الأخير من السؤال والمتعلق بمحركات استمرار ونمو المشروع الثقافي في إمارة الشارقة، فهناك عوامل كثيرة تضمن استمرارية النهضة الثقافية بالإمارة وتوفر لها الطاقة الإبداعية لتعزيز نموها، مثل الرعاية المستمرة لصاحب السمو حاكم الشارقة، وتنويع الشراكات المحلية والإقليمية والعالمية في المجال الثقافي والصناعات الإبداعية ودعم الاستثمار في المجال الثقافي وتكوين جيل جديد يحب الثقافة والكتاب والمعرفة والعلم، وتوافق جميع المؤسسات الحكومية على رؤية صاحب السمو حاكم الشارقة، بالإضافة إلى استمرارية الفعاليات الثقافية العالمية المختلفة على أرض إمارة الشارقة، والتي تسهم بشكل كبير في تنشيط الحركة الثقافية وفي التبادل الثقافي بين الإمارة ومختلف دول العالم.
نجاح وأسباب
3 كيف ترى الشيخة بدور القاسمي البنية الثقافية لدولة الإمارات إجمالاً حتى اليوم، وماذا ينقص هذه البنية؟
لعل أوضح تجليات البنية الثقافية في دولة الإمارات هي مكانة الدولة المميزة إقليمياً وعالمياً، واستقرار ورقي مجتمعها، وحجم استثمارها في أبنائها وفي مستقبلهم، ومدى حضورها وتأثيرها في المشهد الثقافي العالمي، وما تضيفه على هذا المشهد من قيم ومبادئ سامية.
بنيتنا الثقافية راسخة، هناك اهتمام كبير وغير محدود من قيادتنا الحكيمة بكل عناصر قوة الثقافة وتجلياتها، وهناك خطة ممنهجة للتحول إلى اقتصاد ومجتمعات المعرفة، وهذا يعني أن العلوم والآداب والفنون والأفكار والمواهب ستشكل جزءاً كبيراً من بنية اقتصادنا الوطني ومجتمعنا المحلي، وهذا سيؤدي بالتالي إلى تنشيط حركة النشر والترجمة وتشجيع الكتاب والمؤلفين المبدعين، وسيعزز علاقاتنا مع تجارب الشعوب والمجتمعات الأخرى.
أما بالنسبة للشق المتعلق بما ينقص البنية الثقافية لاستكمالها، فأنا أرى أنه لا يوجد شكل نهائي للثقافة أو بنيتها، فهي متحركة ومتطورة دوماً، تنمو مع نمو المجتمع وتزايد وعيه، تتغذى من التجربة بمختلف أشكالها، وترتقي بارتقاء التشريعات والقوانين. الثقافة بمثابة رحلة، لها منطلقها ومسارها وغاياتها التي تتجدد بتجدد حاجات المجتمعات وظروفها المحيطة، لكن ليس لها نهاية.
تفاعل واعٍ بناء
4 ما هو دورنا تجاه الشباب في هذه المرحلة بالذات، حيث الانفتاح غير المشروط بين جميع الثقافات والهويات، ومحاولات الاختراق والاستلاب الثقافي التي قد تلجأ إليها بعض الجهات؟
الهوية المثقفة الواعية هوية واثقة، لا يخشى عليها من الاستلاب الثقافي، بل ستنظر للاختلاف في الثقافات والهويات على أنه ضرورة للتنوع والثراء في المشهد الإنساني، وستتعامل مع هويتها الخاصة بكل ما تحتويه من تراث وتجارب ومنجزات وقيم، بفخر واعتزاز، وسيكون تفاعلها مع الآخر الإنساني بندية وتكافؤ.
إن الاطلاع على المجتمع الإنساني من خلال تقنيات التواصل يعد من الضرورات، فمن خلال التعرف على تجارب الآخرين الذين تجمعنا معهم قيم الإنسانية والعدالة والإخلاص للتنمية والرقي، نعزز مسيرتنا ونطور تجاربنا وندرك أهمية أن نكون مساهمين في صناعة الحضارة.
إن بناء الهوية المثقفة، أو بمعنى أدق تثقيف الهوية، مسؤولية جماعية، تتشارك فيها المؤسسات المجتمعية والأكاديمية والهيئات الخاصة والعامة، وهنا لا بد من وضع خطة طويلة الأمد تركز على الاهتمام بالتراث واستحضار المحطات النوعية من التاريخ وتقديم العادات والتقاليد والأدوات التي ابتكرناها في شتى المجالات في قالب جمالي جاذب، يقترب من الشباب ويصل إليهم بسهولة.
من ناحية أخرى، يجب إشراك الشباب أنفسهم في هذه الخطة. يمكن على سبيل المثال إجراء مسابقات لاختيار أجمل الأفكار والمشاريع التي يتقدم بها الشباب للتعريف بمكونات هويتنا وثقافتنا، قد تكون هذه المشاريع قصة قصيرة، أو مقطعاً مصوّراً، أو فيلماً قصيراً، أو حتى صورة، والأمثلة هنا لا تنتهي. إشراك الشباب في مشاريع التعريف بالتراث والثقافة ينقلهم من خانة الفئة المستهدفة إلى خانة الفئة المسؤولة عن هذا المشروع المهم.
أولويات وأساليب عمل جديدة
5 ما هي خططكم في صناعة النشر مستقبلاً على المستوى المحلي، خاصة على ضوء تداعيات الجائحة العالمية وما تركته من آثار على حركة النشر وخطط الناشرين؟
قبل الحديث عن صناعة النشر في دولة الإمارات العربية المتحدة، أود التأكيد على أن صناعة النشر بصفة عامة لديها الآن فرصة ذهبية للانتقال إلى المستقبل.
هذه الصناعة التي كانت مستقرة على مدى عقود أو قرون طويلة تشهد الآن تغييراً جذرياً، ليس على مستوى الأدوات التقنية التي تسهل العمل فحسب، ولكن أيضاً على مستوى طريقة صنع المحتوى والتعامل مع أذواق القراء التي تتغير بشكل سريع، بالإضافة إلى التغيير الكبير على مستوى توزيع المحتوى وتأثير التكنولوجيا الحديثة عليه.
نحن نشهد الآن لحظة تاريخية في عالم النشر، وهناك حراك عالمي دائم يتشارك فيه الناشرون من كل الدول من أجل تحديد أولويات النهوض بصناعة النشر وتحديد التحديات واستحداث حلول مناسبة، العالم اليوم وأكثر من أي وقت مضى، يدرك ارتباط صناعة الكتاب بما فيها النشر بقدرة الشعوب والمجتمعات على النهوض بواقعها وتحقيق طموحاتها.
لقد أثرت جائحة كورونا سلباً على صناعة النشر عالمياً نتيجة إغلاق المكتبات ووقف فعاليات ومعارض الكتب وتعطل الشبكات العالمية للنقل والتوزيع، لكن هذه الجائحة بالمقابل طرحت تصورات جديدة لمستقبل صناعة النشر وفرضت تبني آليات وأفكار مرنة لدى مجتمع الناشرين، وفتحت الطريق لدخول عالم التوزيع الرقمي، وعززت قدرة الناشرين على التكيف مع المستجدات والطوارئ وجعلتهم أكثر جهوزية للمستقبل، هذه الصناعة كغيرها، تتعلم من التجربة الحيّة وتتطور بنتائجها.
على صعيد دولة الإمارات، عادت الفعاليات الثقافية ومعارض الكتاب إلى سابق عهدها، وعاد الطلب على الكتب والمطبوعات بشكل عام، واستفاد الناشرون الإماراتيون، أسوة بالناشرين من كل العالم، من تجربة الوباء والإغلاق وتغير أنماط القراء وإغلاق المكتبات، وهذه الحال تؤسس لخطة مستقبلية تعمل عليها جمعية الناشرين الإماراتيين بالتعاون مع المؤسسات والهيئات ذات العلاقة.
وتستند الخطة إلى دراسة احتياجات الناشرين وتطلعاتهم وتحدياتهم، ودراسة حاجة المجتمع ومؤسساته للمزيد من مصادر المعرفة للارتقاء بأدائها وكفاءتها وتعزيز تنافسيتها، مدعومةً بعودة الفعاليات والمعارض كما ذكرنا، وبرعاية القيادة الحكيمة وما تطلقه من مبادرات وتشريعات لتهيئة مناخ ينمو فيه قطاع النشر ويزدهر.
لقد أصبحت الإمارات العربية المتحدة، بفضل الجهود المشتركة بين القيادة والمؤسسات والمجتمع، من أهم مراكز صناعة النشر العالمية وحاضنة للناشرين والمبدعين في المنطقة، ونطمح أن تستمر صناعة النشر بالنمو والتطور المستمر، وهذا ممكن بالرؤية والإرادة والإيمان بدور المعرفة في بناء الإنسان والمجتمعات.
أرضية وتميز
6 تعددت وتنوعت الأنشطة الثقافية في مؤسسات الدولة خلال العقود الماضية، وقد أثبتت قيمتها الاستراتيجية الكبيرة ودورها البنّاء. ما المشاريع الإضافية التي تحلمين بها وترينها مهمة وطموحة في صلب خطط عمل ومشروعات استقبال الخمسين سنة القادمة؟
أنا على ثقة بأن الحراك الثقافي النشط في دولة الإمارات سيؤسس للكثير من المشاريع المستقبلية، وكما قلنا في البداية «الثقافة مفهوم شامل»، وهذا سينعكس على طبيعة المشاريع القادمة بحيث تشمل الفنون بكافة أنواعها من موسيقى ومسرح وسينما ومؤثرات سمعية وبصرية، وتشمل الآداب من القصة والرواية والشعر والنثر وكتابة السيناريوهات، وتشمل أيضاً النشر والتوزيع والتصميم، بالإضافة إلى الحرف والأشغال اليدوية.
والمشروع الثقافي الكبير يجب أن يشمل كل هذه النواحي، بحيث يحقق التناغم فيما بينها ويوفر الخيارات للمواطنين والسكان في الدولة، ويؤسس لمستقبل ترسخ فيه دولتنا مكانتها كواحدة من أهم المراكز والوجهات الثقافية في العالم.
الشباب والثقافة
7 لم يكن هناك إقبال من الشباب على القطاعات الثقافية والإبداعية خلال النصف الثاني من القرن الماضي، ما الذي تغير الآن؟ وما هي الفرص المتاحة أمام شبابنا للعمل في القطاعات الثقافية؟
في النصف الثاني من القرن الماضي، كانت الاهتمامات الثقافية أشبه بالميول الشخصية، ولم تتبلور في تلك الفترة قطاعات ثقافية يعمل فيها الشباب ويحققون شغفهم ويؤمّنون مصادر عيشهم، أما اليوم فبات هناك ما يسمى بالاقتصاد الإبداعي، وهو اقتصاد واعد وينمو بشكل سريع، يعتمد على الابتكار والإبداع والأفكار الجديدة في صناعة الكتاب والسينما والمسرح والمؤثرات والحرف والفنون، وباتت هذه المجالات مصدر دخل مهماً للاقتصادات الوطنية، وعامل جذب سياحياً واستثمارياً من قبل مجتمعات الأعمال المحلية والعالمية.
هذا التحول في البنية الثقافية أنتج قطاعات إبداعية كبيرة ومتخصصة، استفادت من الثورة الرقمية لتحقيق الانتشار والوصول إلى الجمهور والمهتمين، وتشهد هذه القطاعات نمواً واعداً على مستوى الدولة، مما يفتح المجال لاستحداث وظائف جديدة في قطاعات حديثة بالكامل، ويؤسس إلى زيادة في الإقبال على مساقات التعليم المرتبطة بهذه القطاعات.
سيرة وعطاء
الشيخة بدور بنت سلطان القاسمي، رئيسة الاتحاد الدولي للناشرين- مؤسس جمعية الناشرين الإماراتيين، والمؤسس والرئيس التنفيذي لمجموعة «كلمات» التي تقوم بدور فاعل ومؤثر في قطاع النشر على مستوى المنطقة. كما أن الشيخة بدور بنت سلطان القاسمي، صاحبة مبادرات وإسهامات كثيرة، ثرية، في حقول الثقافة المتنوعة وفي صناعة النشر، علاوة على دورها الكبير في دعم مشروعات نوعية هدفها توفير القنوات والوسائل التثقيفية المتنوعة للأطفال والشباب في كافة الدول المحتاجة في عالمنا.
أكدت الشيخة بدور بنت سلطان القاسمي، رئيسة الاتحاد الدولي للناشرين- مؤسس جمعية الناشرين الإماراتيين، والمؤسس والرئيس التنفيذي لمجموعة « كلمات»، أن الثقافة والإبداع في دولة الإمارات العربية المتحدة، مفردتان ركيزيتان أساسيتان في حياة المجتمع، تثريان مسارات الحياة وتعززان قوة حضور وتأثيرات دولتنا عالمياً، علاوة على دورهما في جعل الفكر والمعرفة محور الاهتمام والهدف الجوهري لدى كافة الأفراد والمؤسسات.
وأشارت الشيخة بدور بنت سلطان القاسمي في حوارها مع «البيان»، إلى أن الفكر النير لقادة دولة الإمارات ودعمهم اللامحدود، جعل حكاية إبداع دولتنا تنبض بوهج حراك معرفي وفني متميز على صعيد العالم أجمع، ما أثمر تحول الدولة وجهة لكافة مبدعي المعمورة.
ولفتت، في الوقت نفسه، إلى أن المجتمع الإماراتي، بفضل وعي قادته وأصالة فكر أفراده، نجح في صون هويته وحماية تراثه وعاداته وتقاليده، بموازاة مواكبته شتى أشكال الحداثة والانفتاح على جميع أبناء الشعوب والجنسيات حيث يعيش في الإمارات أشخاص ينتمون إلى أكثر من 200 جنسية.
وأكدت الشيخة بدور بنت سلطان القاسمي أنه بفضل حكمة قيادة الدولة وبعد نظرها ورؤيتها الثاقبة، نالت عناصر وجوانب قوة الثقافة أكبر الاهتمام والتركيز وغدا اقتصاد المعرفة راسخاً وفعّالاً في المجتمع تسيره خطة نوعية ممنهجة، مشيرة في الصدد إلى أن الثقافة في الإمارات ليست حقلاً تنموياً وفكرياً عادياً أو مجالاً ثانوياً، وإنما هي جوهر مشروع دولتنا الحضاري والتنموي الذي يبدأ بوعي الإنسان ومعارفه وقيمه ومبادئه، خصوصاً وأنها أصبحت بين أهم المراكز الثقافية العالمية وتثري المشهد الفكري الإنساني بأسمى القيم والمبادئ.
وشددت رئيسة الاتحاد الدولي للناشرين على أن أوضح تجليات البنية الثقافية النوعية في دولة الإمارات تلك المكانة العالية والمنزلة الرفيعة لها بين شعوب العالم، إلى جانب واقع استقرار ورقي مجتمعها.