عبد بر
Ibn Abdul Barr - Ibn Abdel Barr
ابن عبد البَرّ
(368 ـ 463هـ/978 ـ 1071م)
يوسف بن عبد الله بن محمّد بن عبد البرّ النمريّ القرطبيّ المالكيّ، أبو عمر، ولد لأبٍ كان فقيهاً من فقهاء قرطبة، وتوفي والده وهو في سنّ الثانية عشرة من عمره. نشأ في قرطبة، وتلقّى تعليماً ممتازاً على أيدي جلّة من علماء عصره، برز وتفوّق، واستوعب كثيراً من علوم الفقه والحديث والتاريخ والأدب وغيرها في بلده قرطبة، أعظم المدن الأندلسيّة في ذلك الوقت وأحفلها بالمكتبات والعلماء، فلزم أبا عمر أحمد بن عبد الملك بن هاشم الفقيه الإشبيلي وكتب بين يديه، ولزم أبا الوليد بن الفرضي الحافظ وعنه أخذ كثيراً من علم الحديث وروى عنه، وروى بقرطبة عن أبي القاسم خلف بن القاسم الحافظ وعبد الوارث بن سفيان وسعيد نصر وأبي محمّد بن عبد المؤمن وأبي عمر الباجي وأبي عمر الطلمنكيّ. فارق قرطبة وجال في غربي الأندلس مدة من الزمن، وتولَّّى قضاء لشبونة وشنترين في أيام ملكها المظفر بن الأفطس، ثم تحول إلى شرقي الأندلس وسكن دانية وبلنسية وشاطبة في أوقات مختلفة، وكتب إليه من أهل المشرق أبو القاسم السقطي المكّيّ وعبد الغني بن سعيد الحافظ وأبو ذرّ الهرويّ وأبو محمد بن النحّاس المصريّ وغيرهم. دأب في طلب العلم وافتنّ فيه، وبرع براعة فاق فيها من تقدّمه من رجال الأندلس، فغدا إمام عصره في الحديث والأثر وما يتعلّق بهما، وألّف على الموطّأ كتباً مفيدة منها كتاب «التمهيد لما في الموطّأ من المعاني والأسانيد» في سبعين جزءاً رتّبه على أسماء شيوخ مالك على حروف المعجم، وهو موسوعة في فقه الحديث لم يتقدمه أحد إلى مثله، وذكره مؤلّفه أبو عمر بهذه الأبيات:
سمير فؤادي من ثلاثين حجّة
وصاقل ذهني والمفرّج عن همّي
بسطت لهم فيه كلام نبيّهم
لما في معانيـه من الفقه والعلمِ
وفيه من الآداب ما يهتدى به
إلى البرّ والتقوى ونهيٌ عن الظلم
ثمّ ألّف كتاب «الاستذكار لمذاهب علماء الأمصار فيما تضمنه الموطّا من معاني الرأي والآثار» شرح فيه الموطّأ على وجهه ونسق أبوابه، وله كتاب «الانتقاء في فضائل الثلاثة الفقهاء» ترجم به مالكاً وأبا حنيفة والشافعي، وله كتاب «الكافي في الفقه». وجمع في أسماء الصحابة رضي الله عنهم كتاباً جليلاً مفيداً في مجلّدين سمّاه «الاستيعاب»، وله كتاب «جامع بيان العلم وفضله وما ينبغي في روايته وحمله» وكتاب «الدرر في اختصار المغازي والسير» وكتاب «العقل والعقلاء وما جاء في أوصافهم»، وله كتاب «القصد والأمم في التعريف بأصول أنساب العرب والعجم» ومعه كتيّب آخر هو «الإنباه على قبائل الرواة»، وألّف في القراءات أربعة كتب وهي «البيان عن تلاوة القرآن» و«الاكتفاء في القراءة» و« الإنصاف فيما في بسم الله من الخلاف» و« التجريد والمدخل إلى علم القراءات بالتجويد»، وكان موفّقاً في التأليف معاناً عليه، وكان مع تقدّمه في علم الأثر وبصره بالفقه ومعاني الحديث له بسطة كبيرة في علم النسب.
وله كتاب «بهجة المجالس وأنس المُجالس وشحذ الذاهن والهاجس» جمع فيه أشياء مستحسنة تصلح للمذاكرة والمحاضرة، وله كتاب «نزهة المستمتعين وروضة الخائفين».
توفي الحافظ أبو عمر بمدينة شاطبة من شرقي الأندلس بالغاً من العمر خمسة وتسعين عاماً وخمسة أيّام، ومن المفارقات أنّه توفي في العام نفسه الحافظ الخطيب البغدادي المؤرّخ والمحدّث المشهور وكان يُعرف بحافظ المشرق، فقال الناس: «مات حافظا المشرق والمغرب في سنة واحدة»، وغدا ولده أبو محمّد عبد الله بن يوسف من أهل الأدب البارع والبلاغة الفائقة، وله رسائل وشعر، ومن شعره:
لا تكثرنّ تأمّلاً
واحبس عليك عنان طرفكْ
فلربما أرسلته
فرماك في ميـدان حتفكْ
عبد الكريم الحشّاش
Ibn Abdul Barr - Ibn Abdel Barr
ابن عبد البَرّ
(368 ـ 463هـ/978 ـ 1071م)
يوسف بن عبد الله بن محمّد بن عبد البرّ النمريّ القرطبيّ المالكيّ، أبو عمر، ولد لأبٍ كان فقيهاً من فقهاء قرطبة، وتوفي والده وهو في سنّ الثانية عشرة من عمره. نشأ في قرطبة، وتلقّى تعليماً ممتازاً على أيدي جلّة من علماء عصره، برز وتفوّق، واستوعب كثيراً من علوم الفقه والحديث والتاريخ والأدب وغيرها في بلده قرطبة، أعظم المدن الأندلسيّة في ذلك الوقت وأحفلها بالمكتبات والعلماء، فلزم أبا عمر أحمد بن عبد الملك بن هاشم الفقيه الإشبيلي وكتب بين يديه، ولزم أبا الوليد بن الفرضي الحافظ وعنه أخذ كثيراً من علم الحديث وروى عنه، وروى بقرطبة عن أبي القاسم خلف بن القاسم الحافظ وعبد الوارث بن سفيان وسعيد نصر وأبي محمّد بن عبد المؤمن وأبي عمر الباجي وأبي عمر الطلمنكيّ. فارق قرطبة وجال في غربي الأندلس مدة من الزمن، وتولَّّى قضاء لشبونة وشنترين في أيام ملكها المظفر بن الأفطس، ثم تحول إلى شرقي الأندلس وسكن دانية وبلنسية وشاطبة في أوقات مختلفة، وكتب إليه من أهل المشرق أبو القاسم السقطي المكّيّ وعبد الغني بن سعيد الحافظ وأبو ذرّ الهرويّ وأبو محمد بن النحّاس المصريّ وغيرهم. دأب في طلب العلم وافتنّ فيه، وبرع براعة فاق فيها من تقدّمه من رجال الأندلس، فغدا إمام عصره في الحديث والأثر وما يتعلّق بهما، وألّف على الموطّأ كتباً مفيدة منها كتاب «التمهيد لما في الموطّأ من المعاني والأسانيد» في سبعين جزءاً رتّبه على أسماء شيوخ مالك على حروف المعجم، وهو موسوعة في فقه الحديث لم يتقدمه أحد إلى مثله، وذكره مؤلّفه أبو عمر بهذه الأبيات:
سمير فؤادي من ثلاثين حجّة
وصاقل ذهني والمفرّج عن همّي
بسطت لهم فيه كلام نبيّهم
لما في معانيـه من الفقه والعلمِ
وفيه من الآداب ما يهتدى به
إلى البرّ والتقوى ونهيٌ عن الظلم
ثمّ ألّف كتاب «الاستذكار لمذاهب علماء الأمصار فيما تضمنه الموطّا من معاني الرأي والآثار» شرح فيه الموطّأ على وجهه ونسق أبوابه، وله كتاب «الانتقاء في فضائل الثلاثة الفقهاء» ترجم به مالكاً وأبا حنيفة والشافعي، وله كتاب «الكافي في الفقه». وجمع في أسماء الصحابة رضي الله عنهم كتاباً جليلاً مفيداً في مجلّدين سمّاه «الاستيعاب»، وله كتاب «جامع بيان العلم وفضله وما ينبغي في روايته وحمله» وكتاب «الدرر في اختصار المغازي والسير» وكتاب «العقل والعقلاء وما جاء في أوصافهم»، وله كتاب «القصد والأمم في التعريف بأصول أنساب العرب والعجم» ومعه كتيّب آخر هو «الإنباه على قبائل الرواة»، وألّف في القراءات أربعة كتب وهي «البيان عن تلاوة القرآن» و«الاكتفاء في القراءة» و« الإنصاف فيما في بسم الله من الخلاف» و« التجريد والمدخل إلى علم القراءات بالتجويد»، وكان موفّقاً في التأليف معاناً عليه، وكان مع تقدّمه في علم الأثر وبصره بالفقه ومعاني الحديث له بسطة كبيرة في علم النسب.
وله كتاب «بهجة المجالس وأنس المُجالس وشحذ الذاهن والهاجس» جمع فيه أشياء مستحسنة تصلح للمذاكرة والمحاضرة، وله كتاب «نزهة المستمتعين وروضة الخائفين».
توفي الحافظ أبو عمر بمدينة شاطبة من شرقي الأندلس بالغاً من العمر خمسة وتسعين عاماً وخمسة أيّام، ومن المفارقات أنّه توفي في العام نفسه الحافظ الخطيب البغدادي المؤرّخ والمحدّث المشهور وكان يُعرف بحافظ المشرق، فقال الناس: «مات حافظا المشرق والمغرب في سنة واحدة»، وغدا ولده أبو محمّد عبد الله بن يوسف من أهل الأدب البارع والبلاغة الفائقة، وله رسائل وشعر، ومن شعره:
لا تكثرنّ تأمّلاً
واحبس عليك عنان طرفكْ
فلربما أرسلته
فرماك في ميـدان حتفكْ
عبد الكريم الحشّاش