عائشة التيمورية

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • عائشة التيمورية

    عايشه تيموريه

    Aisha al-Taymouriyah - Aïcha al-Taymouriyah

    عائشة التيمورية
    (1256ـ 1320هـ/1840ـ 1902م)

    عائشة عصمة بنت إسماعيل باشا ابن محمد كاشف تيمور، شاعرة وأديبة مصرية من أصل تركي، أمها جركسية الأصل معتوقةُ والدِها.
    كان لها ميل مبكر إلى الكتب والمطالعة، وقد ورثت ذلك عن والدها الذي كان نصيراً لها منذ الصغر في مواجهة والدتها لها؛ إذ كانت تعنفها لانصرافها عن شغل الإبرة، كما تفعل لداتها ولاتدرك معنى تشبثها بالكتب، فتظن بها الاختلاف عن بنات زمانها، لمس الوالد نجابة ابنته فقال لزوجته: «دعي هذه الطفلة للقرطاس والقلم، ودونك شقيقتها فأدبيها ما شئت من الحكم». وأحضر لعائشة اثنين من الأساتذة لتتعلم الفارسية والعربية والقرآن والفقه والخطّ العربي.
    انكبّت عائشة على دروسها، وتفوقت أكثر مما كان ينتظر أبوها منها، فتولى نفسه بعد ذلك تعليمها كُتُبَ الأدب الفارسيّ، مثل: شاهنامة الفردوسي، ومثنوي جلال الدين الرومي، وبدأت تعالج النظم بالأوزان السهلة بالفارسية والتركية والعربية.
    وفي الثالثة عشرة من عمرها ـ وقبل أن تطلق لعواطفها العنان ـ زُوِّجَتْ بمحمد توفيق الإسلامبولي، فانتقلت معه إلى الأستانة، وعاشت في عالم جديد له ما يرافقه من مسؤوليات. ومنذ زواجها كفّت عن المطالعة والدرس والتفتت إلى تدبير منزلها، وفي سنة 1882 توفي والدها، وبعد ذلك بثلاث سنوات سنة 1885 توفي زوجها، فعادت إلى مصر، وكانت ابنتها «توحيدة» قد كبرت وغدت في الثانية عشرة من عمرها، فأمسكت بزمام إدارة العمل في الدار، فانصرفت عائشة إلى الأدب، وجاءت بمن يعلّمها العَروض، حتى أتقنت بُحُوْرَهُ، وصارت تنشد القصائد المطوّلة، والأزجال المنوّعة، والموشحات الدينية. ثم مرضت ابنتها وهي في الثامنة عشرة من عمرها، وسرعان ما طواها الردى، فكابدت عائشة حزناً شديداً، وأخذت تبكيها حتى أصيبت عيناها بالمرض، وكاد يذهب نورهما، وبقيت على ذلك سبع سنوات، فَنَصَحَ لها الناصحون فأقلعت تدريجياً عن النحيب وشُفِيَتْ، عادت بعدها إلى القلم تكتب وتنظم، وقد ساعدها ابنها على جمع ما تبقى من شعر لها بعد أن أحرقت كثيراً منه عند موت ابنتها، وأصدرت ديواناً باللغة التركية دعته «شكوفة» وديواناً عربياً سمته «حِلْيَة الطراز» طُبعَ ونُشر، ثم ألفت كتاباًً سمته «نتائج الأحوال» ورسالة اسمها «مرآة التأمل في الأمور». أما فيما يخصّ أشعارها بالفارسية فتقول عائشة: «إنها لما كانت في محفظة فقيدتي فقد أحرقتُها بمحفظتها كما احترق كبدي».
    يجمع ديوان عائشة «حلية الطراز» القصائد التي عبرت فيها الشاعرة عن عواطفها في المناسبات المختلفة، ولكن من دون ترتيب تاريخي أو ألفبائي. وشعرها غالباً تقليد لأساليب القدماء، وإن كانت تعبر بصدق ومن دون غلو عن عواطفها.
    وينقسم شعرها إلى أقسام خمسة هي: شعر المناسبات، والشعر الأسري، والشعر الغزلي، والشعر الأخلاقي، والشعر الديني أو الابتهالي.
    وتتجلى عاطفتها الوطنية في مدحها، فهي تحب مصر ونيلَها، وألحانَ أفراحها، وتريد لها الصلاح والهناء، وهي في عواطفها السياسية محافظة على ما يتفق وطبيعتها.
    وهي في شعرها الأسري الابنة التي تحب أباها والأم الحنون، أما أصدق أشعارها في الأسرة فيبدو في المراثي، وخاصة في رثاء والدها وابنتها توحيدة التي ماتت في ريعان شبابها. تقول في قصيدة ترثيها على لسان ابنتها المتوفاة:
    أمّاهُ قد عزّ اللقاءُ وفي غدٍ
    ستريْنَ نَعْشِي كالعروسِ يسيرُ
    وسينتهي المسعى إلى اللَّحْدِ الذي
    هو منزلي وله الجموعُ تصيرُ
    أمّاهُ لاتَنْسَيْ بحق بُنُوّتَي
    قبري لئلا يحزنَ المقبورُ
    نظمت عائشة قصائدَ غزلٍ لم تكن نابعة من تجربة خاصة، بل كانت محاكاة وتقليداً لغيرها من الشعراء، ولتدرّب لسانها على الشعر، فكتبت الأدوار والمواليا والرباعيات، وفي غزلها رقة الأنثى وتفتح روح الطبيعة، وقد غُنِّيَ كثير من أشعارها، وسارت بين الناس.
    أما شعرها الأخلاقي فنصائح للمجتمع ووصف لما فيه من ظلم مرهق، ولكنها كانت في الأفكار التي تعرضها تكتفي بالنواحي المطروقة، وترضى بالتعبير المألوف، وكان رأيها كرأي جمهور كبير من المصريين والمصريات في زمانها. وقد استطاعت في قصيدتها «في الحجاب» أن تجعل منه نشيداً للصيانة النسائية الأخلاقية، تقول فيها:
    بِيَدِ العفاف أصون عِزَّ حجابي
    وبعصمتي أسمو على أترابي
    وبفكرة وقَّادةٍ وقريحةٍ
    نقّادةٍ قد كُمّلت آدابي
    فجعلتُ مرآتي جبين دفاتري
    وجعلت من نقشِ المداد خضابي
    ما عاقني خجلي عن العليا ولا
    سَدْلُ الخِمار بِلمَّتِيْ ونقِابي
    يتناول شعرها الأخلاقي فكرة تقلب الأيام، وانتفاء دوام الحال، ووجوب الصبر والتحمل، والتحلي بمكارم الأخلاق.
    يمتزج شعرها الديني بالشعر الأخلاقي، وفي هذا الشعر ابتهالات صادقة تطلب فيها رضى الله وشفاعة النبيr، وهي تسمو بشعرها الديني، ونجد فيه دعوة إلى وحدة قومية، ووحدة إنسانية، واحترام لكل الشعائر الدينية.
    لاشك أن شعر عائشة العربي يعلو إلى أرفع درجات شعرها، ويدل على موهبة نادرة، ويرفعها إلى مرتبة أكبر الشعراء في منتصف القرن التاسع عشر.
    أما نثرها فقد ضمنته كتابها «مرآة الأحوال»، وكانت تلجأ إلى النثر لِشَغْلِ أوقات فراغها، وتبدو مقالاتها نتائج ما سمعته أو قرأته من قصص اجتماعية أو أحداث تاريخية، وفي الكتاب قصص مكتوبة في مقامات ذات سجع طويل، وتعدّ عائشة من روّاد القصة على الرغم مما يعرو قصصها من عيوب فنيَّة، فقد كانت القصة في زمانها جنيناً لمّا ير النور بعد، وقصصها ذات مغزى أخلاقي دوماً.
    والموضوعات في رسالتها «مرآة التأمل في الأمور» هي موضوعات اجتماعية، كُتِبَتْ أولاً في صحف عصرها، ثم جمعت في كتاب، وفي نثرها تتحدث عن مقومات الأسرة، وتدعو إلى المساواة بين الرجل والمرآة، كما تطالب بتعليم الفتاة، واشتراك المرأة في العمل، وترى أنه «لاتصلح العائلات إلاّ بتربية الفتيات».
    مثلّت عائشة التيمورية بنات جيلها، ومثلّت البيئة التركية المصرية أو المتمصرة المحبة لبلادها.
    نهلة الحمصي
يعمل...
X