رقه (ح)
Ar-Raqqah - Ar-Raqqa
الرقة
الرقة محافظة سورية تقع في المنطقة الشمالية الشرقية من الجمهورية العربية السورية على الحدود التركية - السورية، تحيط بها محافظتا دير الزور والحسكة شرقاً، ومحافظتا حماة وحمص جنوباً، ومحافظة حلب غرباً. مساحتها نحو 20 ألف كم2 وتقسم إلى منطقة الطبقة ومنطقة تل أبيض ومنطقة الرقة مركز المحافظة، عدد سكانها 700 ألف نسمة لعام 2003.
تتكون أراضيها عموماً من رواسب بحرية وبحيرية نتجت من انحسار مياه الخليج العربي الذي كان يغمر تلك المنطقة في الحقب الجيولوجي الثالث وما قبله، وهذه الرواسب توضعت على شكل سهول واسعة، تمتد على الجزيرة السورية برمتها وعلى واديي الفرات والبليخ وسهول حوضي الرصافة ومسكنة.
يخترق أراضيها نهر الفرات[ر] الذي لا تخفى أهميته في تاريخها الطويل، ونهر البليخ بطول نحو 100كم، وتجري فيها بعض الأودية السيلية مثل الأحمر والأعيوج والسلماني، ولهذه الأودية دور كبير في الزراعة وتربية الحيوان وفي إغناء المنطقة بالمياه الجوفية.
مناخها متوسطي شبه جاف، صيفها حار قد ترتفع الحرارة فيه حتى تجاوز الـ 40 ْ مئوية، وشتاؤها بارد ممطر، وأمطارها قليلة عموماً، إذ يبلغ أعلى معدل للهطل فيها في منطقة تل أبيض 350ملم/سنة، ويقتصر غطاؤها النباتي على الأعشاب، كالشيح والحرمل والقيصوم، وعلى جانبي الفرات أشجار الحور الفراتي، وعلى جانبي البليخ الطرفاء والصفصاف.
عدد سكانها قليل إذا ما قورن بمساحتها، لكنها شهدت في الستينيات والسبعينيات من القرن العشرين هجرة من المناطق المتاخمة لها، ولاسيما بعد بدء العمل في مشروع سد الفرات وبعد إنجازه.
يعمل معظم السكان بالزراعة وتربية الحيوان والتجارة بالمنتجات الزراعية والحيوانية، وكانت الزراعة في المحافظة قديماً متركزة على ضفاف الأنهار، أي الفرات والبليخ، وكانت تعتمد الأساليب القديمة، وتُزرع أصناف محددة هي القمح والشعير بشكل أساسي، وبشكل ثانوي العدس والحمص والفول والذرة والسمسم.
وفي العشرينيات من القرن العشرين أدخل الفرنسيون زراعة القطن إلى أراضي الجزيرة السورية، لينافسوا فيها القطن المصري، وعلى الرغم من النكسات التي حلت بهذه الزراعة والإخفاقات التي تعرضت لها، إلا أنها أصبحت زراعة وطيدة ثابتة الأركان في هذه المنطقة.
ولا يخفى ما لمشروع سد الفرات من أثر كبير في تغيير البنى الاجتماعية والاقتصادية في المنطقة برمتها، فقد بذلت الدولة، في إطاره، مساعي كبيرة لزيادة مساحة عدد الأراضي المستصلحة وأدخلت الأساليب الحديثة إلى الزراعة، ولاسيما المكننة، وطال التحديث تربية الحيوان التي يعتمد البدو عليها اعتماداً أساسياً، ويمارسها المزارعون بصورة مصاحبة للزراعة، وكانوا جميعاً يعتمدون على المراعي الطبيعية ويخضعون لظروف وتقلبات الجفاف، كما أنشأت الدولة مزارع حديثة وأدخلت أعراقاً جديدة من الأغنام والأبقار.
وعلى الرغم من الطابع الزراعي الذي يطبع المحافظة، فقد أدخلت إليها بعض الصناعات كمعمل السكر في مدينة الرقة مركز المحافظة، ومعمل جرارات الفرات.
مدينة الرقة
مركز محافظة الرقة، تقع على الضفة اليسرى لنهر الفرات قبيل التقائه نهر البليخ، واسمها يعني الأرض الملساء التي يغمرها الماء ثم ينحسر عنها، أي التربة اللحقية التي ترسبها الأنهار على الجوانب. تبعد عن مدينة حلب عاصمة الشمال نحو 190كم، عدد سكانها 87138 نسمة عام 2003 يعملون في الزراعة وتربية المواشي والخدمات العامة.
تنقسم المدينة إلى قسمين، قسم قديم وقسم حديث.
يعود إنشاء القسم القديم إلى عام 1887، وهو ليس بالعهد البعيد، إذ إن المدينة هجرت بعد غزو المغول واجتياح تيمورلنك للبلاد. وكانت بداية إعمارها في العصر الحديث حين أنشأت الدولة العثمانية مخفراً للدرك فيها، وشكل هذا المخفر نواة للمدينة التي بدأت تتوسع وتنتشر حوله، وبدأ بعض عشائر البدو يتوطن تدريجياً فيها، ونشأت الرقة القديمة التي بنيت مساكنها داخل السور العباسي القديم، وكان بناؤها ريفياً تقليدياً من المواد المحلية المتوافرة ومن الأحجار التي اقتلعت من الأطلال ومن السور القديم.
وبعد أن شهدت المدينة هجرة سكانية في الستينيات والسبعينيات نتيجة مشروع سد الفرات[ر]، توسعت الرقعة العمرانية فيها، وأحدث لها مخطط تنظيمي جديد روعي فيه أن يكون منسجماً مع المدينة القديمة والنشاط الزراعي والتجاري لها، مع الأخذ بعين الاعتبار عدم المساس بالآثار المتناثرة في طول المدينة وعرضها.
وهكذا بدأ التوسع العمراني، وخصوصاً في جهة الجنوب الغربي، وصار الشارع الرئيسي في المدينة، شارع تل أبيض، هو الحد الفاصل بين الجزء الشرقي القديم والغربي الحديث الذي بني بأكمله بعد عام 1970، وهو الذي تقع فيه إدارات الدولة والمدارس والمشافي، حتى صارت مدينة الرقة الحديثة مركزاً اقتصادياً وإداريا مهماًً في منطقة الجزيرة.
لمحة تاريخية
إعمار أراضي المحافظة برمتها جد قديم، ولا غرابة في ذلك، فلطالما كانت ضفاف الأنهار مهداً للحضارات الإنسانية، تشهد بذلك اللقى والآثار المكتشفة فيها، والتي يعود أقدمها إلى العصر الحجري المتوسط (نحو الألف التاسعة قبل الميلاد) حتى القرن الخامس عشر الميلادي، كما انتشرت على أراضيها عشرات التلال الأثرية، منها موقع أبو هريرة الذي يحوي مستوطنة بشرية تعود إلى العصر الحجري الحديث وعثر فيه على عظام بشرية وأرحاء وأفران لصنع الخبز وأدوات حجرية متطورة، وتل حمام التركمان في منطقة تل أبيض على بعد نحو 80كم شمالي الرقة الذي يعتقد أنه مدينة زلبا القديمة، وغيرها كثير.
أما الآثار الإسلامية في المحافظة فكثيرة، منها رصافة هشام التي بناها الخليفة هشام بن عبد الملك جنوب غربي الرقة لتكون مقراً له،وقلعة جعبر التي تنسب إلى جعبر بن سابق القشيري (ت 479هـ/ 1104م)، أحد الأمراء العرب، قتله السلطان ملك شاه السلجوقي، والتي تشغل اليوم موقعاً فريداً بعد ما غمرت بحيرة الأسد الأراضي المحيطة بها وصارت الهضبة التي تقع عليها كأنها جزيرة في وسط البحيرة.
أما مدينة الرقة فتاريخها قديم أيضاً، فقد قامت في موقعها في عصر البرونز (3000-2000ق.م) مملكة توتول القديمة (تل البيعة[ر]) وازدهرت ازدهاراً كبيراً إلى أن دمرها حمورابي عام 1750ق.م.
في العصر الهلنستي، نحو القرن الثالث قبل الميلاد تقريباً، بنيت في الموقع ذاته مدينة سميت نقفوريون Niecphorion، ينسب بناؤها إلى سلوقس الأول نيكاتور، وفي العهـد الـروماني أولاها الإمبراطـور غالينوس (ت268م) عنايته وسميت كالينيكوس أي الرقة السمراء، وكان لها دور مركز تجاري في فترات السلم بين الروم والفرس، أما في فترات الحروب فقد كانت قاعدة عسكرية بسبب موقعها المتميز، وسقطت عام 542م بيد كسرى أنوشروان الذي عمد إلى توطين قبيلة مضر العربية فيها حتى عرفت منطقة الجزيرة برمتها بديار مضر وكانت الرقة (كالينيكوس) عاصمة لها.
فتحها العرب المسلمون عام 18هـ/639م صلحاً على يد عياض بن غنم، وحظيت باهتمام الخلفاء الأمويين، وكانت مركز تموين للجيوش الأموية الذاهبة إلى العراق لمحاربة الخوارج، واتخذ فيها الخليفة هشام بن عبد الملك قصرين لسكناه، وبنى جسراً على الفرات واحتفر قناتين تجلبان الماء إلى الرقة، ونشأ بين القناتين ربض (ضاحية) تحول إلى مدينة صغيرة سميت واسط الرقة حيث أقام الخليفة سوقاً عرف بسوق هشام الكبير.
ولم يكن اهتمام العباسيين بالمدينة أقل ممن سبقهم، ولاسيما أن الرقة كانت تقع على تخوم الدولة الشمالية، وكانت معرضة دائماً لخطر البيزنطيين، فأمر الخليفة المنصور في عام 156هـ/ 772م ببناء مدينة جديدة على شاكلة بغداد شمال غربي الرقة دعاها الرافقة، وهي مدينة توأم للرقة، وتمت إحاطتها بسور يشبه سور بغداد، ولكن ضرورات الموقع وجوار الفرات اقتضت جعل الأسوار على شكل نعل الفرس، ولم يمكن جعل السور مزدوجاً من ناحية النهر، بل استعيض عن ذلك بأبراج ضخمة. وكان للسور بابان، غربي زالت معالمه وشرقي مازال باقياً وهو باب بغداد، ويبلغ ارتفاع فتحته نحو 5 أمتار تعلوه قنطرة ذات قوس منكسرة، وبنى فيها مسجداً جامعاً مازالت آثاره باقية حتى اليوم.
وشهدت الرقة عصرها الذهبي حين انتقل الخليفة هارون الرشيد للإقامة بها، وبنى فيها قصراً لإقامته، فتوسع عمرانها وازدهرت تجارتها وأقيمت فيها الأسواق والقصور كقصر السلام وهرقلة والأبيض.
وشقت قناة للماء كانت تروي الأراضي الواقعة في شمالي الرقة، وكانت تسمى في عهد الرشيد نهر الذهب ويطلق عليها السكان اليوم تسمية الحفر، وكانت تمر على بعد 700 متر من السور. وتستمد ماءها من ضفاف الفرات عند الفيضان. وفي عهد الأسر المتنازعة التي ظهرت بعد تفتت الخلافة العباسية ضعف شأن الرقة - الرافقة، وأضرت الحروب الصليبية والاجتياحات المغولية المتكررة بتجارتها إلى أن كان غزو تيمورلنك في عام 773هـ/1371م الضربة القاصمة؛ فقد هرب سكانها أمام الجحافل المغولية التي دمرتها على بكرة أبيها ولم تقم لها قائمة بعد ذلك، إلا بعد مدة طويلة جاوزت الـ 500 عام تقريباً.
وفي أواخر العهد العثماني كانت الرقة عبارة عن نقطة لمخفر عثماني كان نواة لبداية إعادة انبعاثها كما مر سابقاً، وفي عهد الانتداب كانت المدينة تابعة للواء دير الزور وكذلك ما بعد الاستقلال حتى عام 1961، حين حصلت على استقلالها الإداري، ونشأت محافظة جديدة تحمل اسم محافظة الرشيد حتى عام 1962، حينما تقرر تغيير اسمها إلى محافظة الرقة ومركزها مدينة الرقة.
لميس الخباز، محمد جدوع
Ar-Raqqah - Ar-Raqqa
الرقة
تتكون أراضيها عموماً من رواسب بحرية وبحيرية نتجت من انحسار مياه الخليج العربي الذي كان يغمر تلك المنطقة في الحقب الجيولوجي الثالث وما قبله، وهذه الرواسب توضعت على شكل سهول واسعة، تمتد على الجزيرة السورية برمتها وعلى واديي الفرات والبليخ وسهول حوضي الرصافة ومسكنة.
يخترق أراضيها نهر الفرات[ر] الذي لا تخفى أهميته في تاريخها الطويل، ونهر البليخ بطول نحو 100كم، وتجري فيها بعض الأودية السيلية مثل الأحمر والأعيوج والسلماني، ولهذه الأودية دور كبير في الزراعة وتربية الحيوان وفي إغناء المنطقة بالمياه الجوفية.
مناخها متوسطي شبه جاف، صيفها حار قد ترتفع الحرارة فيه حتى تجاوز الـ 40 ْ مئوية، وشتاؤها بارد ممطر، وأمطارها قليلة عموماً، إذ يبلغ أعلى معدل للهطل فيها في منطقة تل أبيض 350ملم/سنة، ويقتصر غطاؤها النباتي على الأعشاب، كالشيح والحرمل والقيصوم، وعلى جانبي الفرات أشجار الحور الفراتي، وعلى جانبي البليخ الطرفاء والصفصاف.
عدد سكانها قليل إذا ما قورن بمساحتها، لكنها شهدت في الستينيات والسبعينيات من القرن العشرين هجرة من المناطق المتاخمة لها، ولاسيما بعد بدء العمل في مشروع سد الفرات وبعد إنجازه.
يعمل معظم السكان بالزراعة وتربية الحيوان والتجارة بالمنتجات الزراعية والحيوانية، وكانت الزراعة في المحافظة قديماً متركزة على ضفاف الأنهار، أي الفرات والبليخ، وكانت تعتمد الأساليب القديمة، وتُزرع أصناف محددة هي القمح والشعير بشكل أساسي، وبشكل ثانوي العدس والحمص والفول والذرة والسمسم.
وفي العشرينيات من القرن العشرين أدخل الفرنسيون زراعة القطن إلى أراضي الجزيرة السورية، لينافسوا فيها القطن المصري، وعلى الرغم من النكسات التي حلت بهذه الزراعة والإخفاقات التي تعرضت لها، إلا أنها أصبحت زراعة وطيدة ثابتة الأركان في هذه المنطقة.
ولا يخفى ما لمشروع سد الفرات من أثر كبير في تغيير البنى الاجتماعية والاقتصادية في المنطقة برمتها، فقد بذلت الدولة، في إطاره، مساعي كبيرة لزيادة مساحة عدد الأراضي المستصلحة وأدخلت الأساليب الحديثة إلى الزراعة، ولاسيما المكننة، وطال التحديث تربية الحيوان التي يعتمد البدو عليها اعتماداً أساسياً، ويمارسها المزارعون بصورة مصاحبة للزراعة، وكانوا جميعاً يعتمدون على المراعي الطبيعية ويخضعون لظروف وتقلبات الجفاف، كما أنشأت الدولة مزارع حديثة وأدخلت أعراقاً جديدة من الأغنام والأبقار.
وعلى الرغم من الطابع الزراعي الذي يطبع المحافظة، فقد أدخلت إليها بعض الصناعات كمعمل السكر في مدينة الرقة مركز المحافظة، ومعمل جرارات الفرات.
مدينة الرقة
منظر جوي للرقة داخل السور القديم |
تنقسم المدينة إلى قسمين، قسم قديم وقسم حديث.
يعود إنشاء القسم القديم إلى عام 1887، وهو ليس بالعهد البعيد، إذ إن المدينة هجرت بعد غزو المغول واجتياح تيمورلنك للبلاد. وكانت بداية إعمارها في العصر الحديث حين أنشأت الدولة العثمانية مخفراً للدرك فيها، وشكل هذا المخفر نواة للمدينة التي بدأت تتوسع وتنتشر حوله، وبدأ بعض عشائر البدو يتوطن تدريجياً فيها، ونشأت الرقة القديمة التي بنيت مساكنها داخل السور العباسي القديم، وكان بناؤها ريفياً تقليدياً من المواد المحلية المتوافرة ومن الأحجار التي اقتلعت من الأطلال ومن السور القديم.
وبعد أن شهدت المدينة هجرة سكانية في الستينيات والسبعينيات نتيجة مشروع سد الفرات[ر]، توسعت الرقعة العمرانية فيها، وأحدث لها مخطط تنظيمي جديد روعي فيه أن يكون منسجماً مع المدينة القديمة والنشاط الزراعي والتجاري لها، مع الأخذ بعين الاعتبار عدم المساس بالآثار المتناثرة في طول المدينة وعرضها.
وهكذا بدأ التوسع العمراني، وخصوصاً في جهة الجنوب الغربي، وصار الشارع الرئيسي في المدينة، شارع تل أبيض، هو الحد الفاصل بين الجزء الشرقي القديم والغربي الحديث الذي بني بأكمله بعد عام 1970، وهو الذي تقع فيه إدارات الدولة والمدارس والمشافي، حتى صارت مدينة الرقة الحديثة مركزاً اقتصادياً وإداريا مهماًً في منطقة الجزيرة.
لمحة تاريخية
إعمار أراضي المحافظة برمتها جد قديم، ولا غرابة في ذلك، فلطالما كانت ضفاف الأنهار مهداً للحضارات الإنسانية، تشهد بذلك اللقى والآثار المكتشفة فيها، والتي يعود أقدمها إلى العصر الحجري المتوسط (نحو الألف التاسعة قبل الميلاد) حتى القرن الخامس عشر الميلادي، كما انتشرت على أراضيها عشرات التلال الأثرية، منها موقع أبو هريرة الذي يحوي مستوطنة بشرية تعود إلى العصر الحجري الحديث وعثر فيه على عظام بشرية وأرحاء وأفران لصنع الخبز وأدوات حجرية متطورة، وتل حمام التركمان في منطقة تل أبيض على بعد نحو 80كم شمالي الرقة الذي يعتقد أنه مدينة زلبا القديمة، وغيرها كثير.
قلعة جعبر |
أما مدينة الرقة فتاريخها قديم أيضاً، فقد قامت في موقعها في عصر البرونز (3000-2000ق.م) مملكة توتول القديمة (تل البيعة[ر]) وازدهرت ازدهاراً كبيراً إلى أن دمرها حمورابي عام 1750ق.م.
في العصر الهلنستي، نحو القرن الثالث قبل الميلاد تقريباً، بنيت في الموقع ذاته مدينة سميت نقفوريون Niecphorion، ينسب بناؤها إلى سلوقس الأول نيكاتور، وفي العهـد الـروماني أولاها الإمبراطـور غالينوس (ت268م) عنايته وسميت كالينيكوس أي الرقة السمراء، وكان لها دور مركز تجاري في فترات السلم بين الروم والفرس، أما في فترات الحروب فقد كانت قاعدة عسكرية بسبب موقعها المتميز، وسقطت عام 542م بيد كسرى أنوشروان الذي عمد إلى توطين قبيلة مضر العربية فيها حتى عرفت منطقة الجزيرة برمتها بديار مضر وكانت الرقة (كالينيكوس) عاصمة لها.
مئذنة المسجد الجامع |
الرقة: باب بغداد |
وشهدت الرقة عصرها الذهبي حين انتقل الخليفة هارون الرشيد للإقامة بها، وبنى فيها قصراً لإقامته، فتوسع عمرانها وازدهرت تجارتها وأقيمت فيها الأسواق والقصور كقصر السلام وهرقلة والأبيض.
وشقت قناة للماء كانت تروي الأراضي الواقعة في شمالي الرقة، وكانت تسمى في عهد الرشيد نهر الذهب ويطلق عليها السكان اليوم تسمية الحفر، وكانت تمر على بعد 700 متر من السور. وتستمد ماءها من ضفاف الفرات عند الفيضان. وفي عهد الأسر المتنازعة التي ظهرت بعد تفتت الخلافة العباسية ضعف شأن الرقة - الرافقة، وأضرت الحروب الصليبية والاجتياحات المغولية المتكررة بتجارتها إلى أن كان غزو تيمورلنك في عام 773هـ/1371م الضربة القاصمة؛ فقد هرب سكانها أمام الجحافل المغولية التي دمرتها على بكرة أبيها ولم تقم لها قائمة بعد ذلك، إلا بعد مدة طويلة جاوزت الـ 500 عام تقريباً.
وفي أواخر العهد العثماني كانت الرقة عبارة عن نقطة لمخفر عثماني كان نواة لبداية إعادة انبعاثها كما مر سابقاً، وفي عهد الانتداب كانت المدينة تابعة للواء دير الزور وكذلك ما بعد الاستقلال حتى عام 1961، حين حصلت على استقلالها الإداري، ونشأت محافظة جديدة تحمل اسم محافظة الرشيد حتى عام 1962، حينما تقرر تغيير اسمها إلى محافظة الرقة ومركزها مدينة الرقة.
لميس الخباز، محمد جدوع