ماكاو
Macao - Macau
ماكـاوْ
ماكاو Macao (أو Macau) مقاطعة برتغالية تقع في شرقي آسيا على ساحل بحر الصين الجنوبي، في دلتا نهر تشوجيانغ (نهر اللؤلؤ) على الجانب الغربي لمصب النهر في مقاطعة قوانغدونغ التي تعد جزءاً من أراضي الصين.
لمحة تاريخية
في أواسط القرن السادس عشر الميلادي (عام 1557م) نزلت أول مجموعة من البرتغاليين على أراضي ماكاو، وقد وافقت الصين على ذلك، حيث إن ماكاو تمثّل لها بوابة خارجية تربطها بالعالم الخارجي، وتعمل على دعم اقتصادها الوطني من العملة الصعبة التي يمكنها أن تحصل عليها من خلال توفير جزء كبير من احتياجات ماكاو من المواد الغذائية ومياه الشرب التي تحصل عليها من الصين .
وفي عام 1850م توصل الصينيون والبرتغاليون للاتفاق على بقاء البرتغاليين في ماكاو، لقاء دفعهم إيجاراً سنوياً إلى الحكومة الصينية .
وفي عام 1940م، في أثناء الحرب العالمية الثانية، قامت اليابان باحتلال ماكاو ومناطق أخرى من بحر الصين، وبعد انتهاء الحرب واستسلام اليابان عام 1945م، أجبرت على الانسحاب من الدول التي كانت تحتلها، ومن بينها ماكاو، فعادت البرتغال من جديد إلى فرض سيطرتها عليها.
كان يترأس حكومة ماكاو حاكم يتم تعينه من قبل الحكومة البرتغالية، وتقوم الجمعية التشريعية في ماكاو بسنّ القوانين والأنظمة في المقاطعة، ولكن الحكومة الصينية تبقى المسيطرة على الأوضاع والحياة السياسية في البلاد، حيث إنها تملك حق النقض في أي تشريعات أو سياسات تخص المقاطعة. واستمرت مسألة ماكاو معلقة تاريخياً، وظلت حكومة جمهورية الصين الشعبية تدعو إلى حلِّها سلمياً عن طريق المفاوضات في الوقت المناسب، وفي الفترة مابين حزيران/يونيو1986م وآذار/مارس من عام 1987م توصلت الحكومة الصينية والبرتغالية إلى اتفاق، ووُقِّع في بكين البيان المشترك بخصوص ماكاو في 13 نيسان/إبريل1987م، على أن يتم نقل السيطرة سلمياً من قبل البرتغال إلى الحكومة الصينية، وذلك في20 كانون الأول/ديسمبر من عام 1999م.
وهكذا عادت الصين لتمارس سيادتها على ماكاو، كما تمَّ إعلان تأسيس منطقة ماكاو الإدارية الخاصة. وبدأ تطبيق القانون الأساسي لمنطقة ماكاو الخاصة، الذي أجازته الدورة الأولى للمجلس الوطني الثامن لنواب الشعب في آذار/مارس عام 1993م، ووفقاً لنصوص هذا القانون تطبِّق فيها حكومة الصين المبادئ الأساسية حول بلد واحد بنظامين، وهكذا أصبحت منطقة ماكاو الإدارية الخاصة تتمتع بصلاحية الحكم الذاتي من الدرجة العالية، وأنظمتها السياسية والاقتصادية والتعليمية، شأنها شأن ما يطبق في منطقة هونغ كونغ الإدارية الخاصة.
تبعد ماكاو نحو 144كم جنوب كانتون، ونحو 40 ميلاً بحرياً عن هونغ كونغ. وهي تضم شبه جزيرة ماكاو الرئيسية وجزيرتي تايبا Taipa وقولوآني Coloane، إلى جانب العديد من الجزر الصغيرة.وتصل مساحتها الإجمالية إلى نحو 24كم2 تقريباً.
تم في أثناء عام 1978م ربط شبه جزيرة فوشان وجزيرتي تايبا وقولوآني بجسر يصل طوله إلى 3.4 كم لتعزيز الروابط الجغرافية بين مختلف أنحاء المقاطعة، وتخطط حكومة منطقة ماكاو الإدارية الخاصة لبناء ثلاثة أنفاق تحت البحر لتلبية متطلبات تطور المدينة، ومنها نفق ذو ستة ممرات للسيارات، ولكل من الآخرين أربعة ممرات للسيارات.
إضافة إلى ذلك يتم العمل على اقتطاع بعض المساحات من البحر واستصلاحها لإقامة تجمعات ومنشآت سكنية عليها، وفي العشرين سنة المقبلة ستعمل ماكاو على تطوير أحياء جديدة بتحويل شواطئ البحر إلى أرض يابسة لزيادة نحو 398 هكتاراً من الأرض، ومن المتوقع أن تتسع الأحياء الجديدة لنحو 110 آلاف إلى 120 ألف نسمة.
تقع منطقة ماكاو تقع تحت تأثير الرياح الموسمية الجنوبية الغربية، ويصل معدل الأمطار فيها إلى 1800 ملم سنوياً، إضافة إلى ذلك فهي تقع تحت تأثير رياح التايفون الإعصارية (مرتين أو ثلاث مرّات في السنة).
وصل عدد سكان ماكاو نحو 450 ألف نسمة (وفقاً لإحصائيات عام 1999م)، ويستقر غالبيتهم في الجزيرة الأم مع مجموعات صغيرة موزعة في باقي أنحاء الجزر التابعة لها.
تعود أصول معظم السكان إلى الأصل الصيني، ويشكلون نحو 95% من إجمالي عدد السكان، إلى جانب نحو 3% منهم يرجعون في أصولهم إلى البرتغاليين، ومعظمهم يتركزون في الجزيرة الأم، وهم الذين استوطنوا تلك المنطقة خلال فترة الاحتلال البرتغالي للمقاطعة.
وهناك أقليات أخرى تعود أصولها إلى العائلات الأوراسية الناتجة من الاختلاط السكاني بين الأوربيين والآسيويين، في الفترات الطويلة التي استمر فيها وجود البرتغاليين في تلك البلاد.هذا وقد استوطن عدد من المهاجرين في ماكاو والذين تعود أصولهم إلى عدد من الجاليات الأوروبية والأمريكية والأسترالية والنيوزيلندية إلى جانب فئات قليلة من اللاجئين الفيتناميين وبعض الجزر المحيطة الأخرى.
تعدّ اللغة البرتغالية اللغة الرسمية في البلاد، وقد انتشرت واستمر تداولها طوال فترة الوجود البرتغالي في تلك المنطقة، وتبقى اللغة المحكية (الكانتونية) هي اللغة الأكثر انتشاراً وتداولاً بين السكان المحليين. وللأهمية السياحية في البلاد فقد ازداد التعامل باللغة الإنكليزية، وخاصة في المناطق التي يرتادها السيّاح.
النشاطات الاقتصادية:
ساعد عامل قرب ماكاو من الصين على جعلها بوابة مهمة لانطلاق تجارتها خارج الحدود،حيث تمتاز ماكاو بأهميتها التجارية المميزة مع العديد من البلدان الآسيوية والأوربية. وكانت محطة مهمة لتجارة الحرير الطبيعي والشاي والخزف من الصين، والفضة من اليابان، والتوابل وخشب الصندل من جزر الهند الشرقية، والأحجار الكريمة من إيران، والحيوانات البرية والعاج من إفريقيا، والمواد الغذائية من البرازيل، والأدوات الدقيقة والأجهزة الإلكترونية من أوربا.
ومثل هونغ كونغ، تعدّ ماكاو مرفأً حراً، يسمح للمستثمرين من شتّى أنحاء العالم، بتوظيف أموالهم وإقامة المشروعات المختلفة، مع الحد الأدنى من التكاليف الضريبية على استثماراتهم، إلى جانب التقليل من القيود الحكومية التي يمكن أن تقف عائقاً أمام استثمار رؤوس الأموال الأجنبية في البلاد.
وعلى الرغم من ذلك فإن تأسيس هونغ كونغ في منتصف القرن التاسع عشر الميلادي؛ من قبل الإنكليز مركزاً تجارياً عالمياً، أدى إلى تدفق الاستثمارات ورؤوس الأموال الكبيرة من شتى أنحاء العالم، وخاصة تلك التي كانت تتركز في ماكاو، وهذا ما عمل على تراجع أهمية ماكاو نسبياً وجعلها وفقاً لذلك في موقع خلفي منعزل.
تتمثل أهم الوظائف الاقتصادية للسكان في النشاطات التجارية، وخاصة تجارة الذهب، إضافة إلى الاهتمام الكبير بممارسة حرفة صيد الأسماك وبعض الصناعات كصناعة النسيج التي تعدّ من الحرف التقليدية القديمة، والتي تطورت مع إدخال التقنيات الحديثة عليها.
وللأهمية السياحية التي تمتاز بها ماكاو فقد أصبحت مقصداً لحركة نشطة من السياحة العالمية، إذ يتوجه إليها الأغنياء من شتى أنحاء العالم، وخاصة من مناطق شرقي وجنوب شرقي آسيا، وهذا ما ساعد على تطوير الخدمات والبنية التحتيّة لتنشيط تلك الظاهرة، وفي مقدمتها الفنادق و«الكازينوهات« والملاهي، وتجهيزها بأفضل المستلزمات الحديثة لتساير متطلبات العصر. وقد بلغ عدد القادمين إلى ماكاو أكثر من 1.4 مليون سائح عام 2005م، بزيادة 1.5% على العام السابق، نحو 58.9% منهم من المناطق الداخلية بالبر الصيني، و26.9% من هونغ كونغ و7.5% من مقاطعة تايوان.
العمران وأهم المدن
من الناحية النظرية، فإن ماكاو جزيرة صغيرة تُظهر المعالم العمرانية التأثيرات التي تعود إلى فترة الاستعمار البرتغالي، والأخرى التي تدل على التأثيرات الصينية التقليدية والآسيوية الحديثة.
عملياً لا يُلحظ تنظيم عمراني لتوزع المباني في بعض المواقع، حيث تتناثر المباني وناطحات السحاب في أنحاء متفرقة على الخط الساحلي وتحجب خلفها الهضاب، وحالياً زاد الاهتمام بالناحية التخطيطية والتركيز على البناء المنظم، مع إعادة ترميم المباني القديمة ذات الأهمية التاريخية والحضارية.
ترتبط شبه الجزيرة الرئيسية مع أهم الجزر التابعة لها، وهي جزيرة تايبا بجسر يمتد 2.5كم، وظلت تايبا حتى أواخر القرن التاسع عشر الميلادي تتكون من جزيرتين ومرسى تفرغ فيه القوارب الصينية حمولتها، وتنقلها بعد ذلك إلى كانتون،وتدريجياً بدأت تلك الجزر تتصل مع بعضها بعضاً بسبب الطمي المتراكم والذي تحمله المجاري والمسيلات المائية، إضافة إلى عمليات استصلاح الأراضي، وإزالة العقبات لتسهيل عملية اتصال تلك الجزر. وعلى مسافة 2.4كم من جزيرة تايبا، تقع جزيرة قولوآني التي تعد أكبر مساحة منها، ولكن لم تطلها يد التطور بعد.
ومن أكثر المعالم المميزة في ماكاو تلك القلعة الواقعة في Monte Hill التي بناها اليسوعيون والكنيسة المعروفة باسم St. Paul’s التي تعدّ من أجمل الكنائس في آسيا. ومن المعالم المهمة ذات الأهمية التاريخية والأثرية في المدينة منزل Sun Yatsen التذكاري الذي يُعدّ أبَ الثورة الصينية عام 1911م، وكان يعمل طبيباً في ماكاو بين عامي 1892 و1894م. ومن المعالم الدينية المهمة معبد Kun Lam البوذي الذي شهد توقيع أول معاهدة صينية أمريكية عام 1844م، وتعدّ مكتبة Leal Senato نسخة رائعة للمكتبات البرتغالية التقليدية التي تتضمن مجموعة مهمة من الكتب التاريخية والاجتماعية والاقتصادية التي كتبت عن الصين باللغة الإنكليزية.
هيثم ناعس
Macao - Macau
ماكـاوْ
ماكاو Macao (أو Macau) مقاطعة برتغالية تقع في شرقي آسيا على ساحل بحر الصين الجنوبي، في دلتا نهر تشوجيانغ (نهر اللؤلؤ) على الجانب الغربي لمصب النهر في مقاطعة قوانغدونغ التي تعد جزءاً من أراضي الصين.
في أواسط القرن السادس عشر الميلادي (عام 1557م) نزلت أول مجموعة من البرتغاليين على أراضي ماكاو، وقد وافقت الصين على ذلك، حيث إن ماكاو تمثّل لها بوابة خارجية تربطها بالعالم الخارجي، وتعمل على دعم اقتصادها الوطني من العملة الصعبة التي يمكنها أن تحصل عليها من خلال توفير جزء كبير من احتياجات ماكاو من المواد الغذائية ومياه الشرب التي تحصل عليها من الصين .
وفي عام 1850م توصل الصينيون والبرتغاليون للاتفاق على بقاء البرتغاليين في ماكاو، لقاء دفعهم إيجاراً سنوياً إلى الحكومة الصينية .
وفي عام 1940م، في أثناء الحرب العالمية الثانية، قامت اليابان باحتلال ماكاو ومناطق أخرى من بحر الصين، وبعد انتهاء الحرب واستسلام اليابان عام 1945م، أجبرت على الانسحاب من الدول التي كانت تحتلها، ومن بينها ماكاو، فعادت البرتغال من جديد إلى فرض سيطرتها عليها.
كان يترأس حكومة ماكاو حاكم يتم تعينه من قبل الحكومة البرتغالية، وتقوم الجمعية التشريعية في ماكاو بسنّ القوانين والأنظمة في المقاطعة، ولكن الحكومة الصينية تبقى المسيطرة على الأوضاع والحياة السياسية في البلاد، حيث إنها تملك حق النقض في أي تشريعات أو سياسات تخص المقاطعة. واستمرت مسألة ماكاو معلقة تاريخياً، وظلت حكومة جمهورية الصين الشعبية تدعو إلى حلِّها سلمياً عن طريق المفاوضات في الوقت المناسب، وفي الفترة مابين حزيران/يونيو1986م وآذار/مارس من عام 1987م توصلت الحكومة الصينية والبرتغالية إلى اتفاق، ووُقِّع في بكين البيان المشترك بخصوص ماكاو في 13 نيسان/إبريل1987م، على أن يتم نقل السيطرة سلمياً من قبل البرتغال إلى الحكومة الصينية، وذلك في20 كانون الأول/ديسمبر من عام 1999م.
وهكذا عادت الصين لتمارس سيادتها على ماكاو، كما تمَّ إعلان تأسيس منطقة ماكاو الإدارية الخاصة. وبدأ تطبيق القانون الأساسي لمنطقة ماكاو الخاصة، الذي أجازته الدورة الأولى للمجلس الوطني الثامن لنواب الشعب في آذار/مارس عام 1993م، ووفقاً لنصوص هذا القانون تطبِّق فيها حكومة الصين المبادئ الأساسية حول بلد واحد بنظامين، وهكذا أصبحت منطقة ماكاو الإدارية الخاصة تتمتع بصلاحية الحكم الذاتي من الدرجة العالية، وأنظمتها السياسية والاقتصادية والتعليمية، شأنها شأن ما يطبق في منطقة هونغ كونغ الإدارية الخاصة.
منظر عام لمدينة ماكاو |
تم في أثناء عام 1978م ربط شبه جزيرة فوشان وجزيرتي تايبا وقولوآني بجسر يصل طوله إلى 3.4 كم لتعزيز الروابط الجغرافية بين مختلف أنحاء المقاطعة، وتخطط حكومة منطقة ماكاو الإدارية الخاصة لبناء ثلاثة أنفاق تحت البحر لتلبية متطلبات تطور المدينة، ومنها نفق ذو ستة ممرات للسيارات، ولكل من الآخرين أربعة ممرات للسيارات.
إضافة إلى ذلك يتم العمل على اقتطاع بعض المساحات من البحر واستصلاحها لإقامة تجمعات ومنشآت سكنية عليها، وفي العشرين سنة المقبلة ستعمل ماكاو على تطوير أحياء جديدة بتحويل شواطئ البحر إلى أرض يابسة لزيادة نحو 398 هكتاراً من الأرض، ومن المتوقع أن تتسع الأحياء الجديدة لنحو 110 آلاف إلى 120 ألف نسمة.
تقع منطقة ماكاو تقع تحت تأثير الرياح الموسمية الجنوبية الغربية، ويصل معدل الأمطار فيها إلى 1800 ملم سنوياً، إضافة إلى ذلك فهي تقع تحت تأثير رياح التايفون الإعصارية (مرتين أو ثلاث مرّات في السنة).
وصل عدد سكان ماكاو نحو 450 ألف نسمة (وفقاً لإحصائيات عام 1999م)، ويستقر غالبيتهم في الجزيرة الأم مع مجموعات صغيرة موزعة في باقي أنحاء الجزر التابعة لها.
تعود أصول معظم السكان إلى الأصل الصيني، ويشكلون نحو 95% من إجمالي عدد السكان، إلى جانب نحو 3% منهم يرجعون في أصولهم إلى البرتغاليين، ومعظمهم يتركزون في الجزيرة الأم، وهم الذين استوطنوا تلك المنطقة خلال فترة الاحتلال البرتغالي للمقاطعة.
وهناك أقليات أخرى تعود أصولها إلى العائلات الأوراسية الناتجة من الاختلاط السكاني بين الأوربيين والآسيويين، في الفترات الطويلة التي استمر فيها وجود البرتغاليين في تلك البلاد.هذا وقد استوطن عدد من المهاجرين في ماكاو والذين تعود أصولهم إلى عدد من الجاليات الأوروبية والأمريكية والأسترالية والنيوزيلندية إلى جانب فئات قليلة من اللاجئين الفيتناميين وبعض الجزر المحيطة الأخرى.
تعدّ اللغة البرتغالية اللغة الرسمية في البلاد، وقد انتشرت واستمر تداولها طوال فترة الوجود البرتغالي في تلك المنطقة، وتبقى اللغة المحكية (الكانتونية) هي اللغة الأكثر انتشاراً وتداولاً بين السكان المحليين. وللأهمية السياحية في البلاد فقد ازداد التعامل باللغة الإنكليزية، وخاصة في المناطق التي يرتادها السيّاح.
النشاطات الاقتصادية:
ساعد عامل قرب ماكاو من الصين على جعلها بوابة مهمة لانطلاق تجارتها خارج الحدود،حيث تمتاز ماكاو بأهميتها التجارية المميزة مع العديد من البلدان الآسيوية والأوربية. وكانت محطة مهمة لتجارة الحرير الطبيعي والشاي والخزف من الصين، والفضة من اليابان، والتوابل وخشب الصندل من جزر الهند الشرقية، والأحجار الكريمة من إيران، والحيوانات البرية والعاج من إفريقيا، والمواد الغذائية من البرازيل، والأدوات الدقيقة والأجهزة الإلكترونية من أوربا.
ومثل هونغ كونغ، تعدّ ماكاو مرفأً حراً، يسمح للمستثمرين من شتّى أنحاء العالم، بتوظيف أموالهم وإقامة المشروعات المختلفة، مع الحد الأدنى من التكاليف الضريبية على استثماراتهم، إلى جانب التقليل من القيود الحكومية التي يمكن أن تقف عائقاً أمام استثمار رؤوس الأموال الأجنبية في البلاد.
وعلى الرغم من ذلك فإن تأسيس هونغ كونغ في منتصف القرن التاسع عشر الميلادي؛ من قبل الإنكليز مركزاً تجارياً عالمياً، أدى إلى تدفق الاستثمارات ورؤوس الأموال الكبيرة من شتى أنحاء العالم، وخاصة تلك التي كانت تتركز في ماكاو، وهذا ما عمل على تراجع أهمية ماكاو نسبياً وجعلها وفقاً لذلك في موقع خلفي منعزل.
تتمثل أهم الوظائف الاقتصادية للسكان في النشاطات التجارية، وخاصة تجارة الذهب، إضافة إلى الاهتمام الكبير بممارسة حرفة صيد الأسماك وبعض الصناعات كصناعة النسيج التي تعدّ من الحرف التقليدية القديمة، والتي تطورت مع إدخال التقنيات الحديثة عليها.
وللأهمية السياحية التي تمتاز بها ماكاو فقد أصبحت مقصداً لحركة نشطة من السياحة العالمية، إذ يتوجه إليها الأغنياء من شتى أنحاء العالم، وخاصة من مناطق شرقي وجنوب شرقي آسيا، وهذا ما ساعد على تطوير الخدمات والبنية التحتيّة لتنشيط تلك الظاهرة، وفي مقدمتها الفنادق و«الكازينوهات« والملاهي، وتجهيزها بأفضل المستلزمات الحديثة لتساير متطلبات العصر. وقد بلغ عدد القادمين إلى ماكاو أكثر من 1.4 مليون سائح عام 2005م، بزيادة 1.5% على العام السابق، نحو 58.9% منهم من المناطق الداخلية بالبر الصيني، و26.9% من هونغ كونغ و7.5% من مقاطعة تايوان.
العمران وأهم المدن
من الناحية النظرية، فإن ماكاو جزيرة صغيرة تُظهر المعالم العمرانية التأثيرات التي تعود إلى فترة الاستعمار البرتغالي، والأخرى التي تدل على التأثيرات الصينية التقليدية والآسيوية الحديثة.
عملياً لا يُلحظ تنظيم عمراني لتوزع المباني في بعض المواقع، حيث تتناثر المباني وناطحات السحاب في أنحاء متفرقة على الخط الساحلي وتحجب خلفها الهضاب، وحالياً زاد الاهتمام بالناحية التخطيطية والتركيز على البناء المنظم، مع إعادة ترميم المباني القديمة ذات الأهمية التاريخية والحضارية.
بقايا واجهة كنيسة سان بول في ماكاو |
ومن أكثر المعالم المميزة في ماكاو تلك القلعة الواقعة في Monte Hill التي بناها اليسوعيون والكنيسة المعروفة باسم St. Paul’s التي تعدّ من أجمل الكنائس في آسيا. ومن المعالم المهمة ذات الأهمية التاريخية والأثرية في المدينة منزل Sun Yatsen التذكاري الذي يُعدّ أبَ الثورة الصينية عام 1911م، وكان يعمل طبيباً في ماكاو بين عامي 1892 و1894م. ومن المعالم الدينية المهمة معبد Kun Lam البوذي الذي شهد توقيع أول معاهدة صينية أمريكية عام 1844م، وتعدّ مكتبة Leal Senato نسخة رائعة للمكتبات البرتغالية التقليدية التي تتضمن مجموعة مهمة من الكتب التاريخية والاجتماعية والاقتصادية التي كتبت عن الصين باللغة الإنكليزية.
هيثم ناعس