بليغ حمدي (Baleegh-Hamdi ) ملحن موسيقي مصري ولد في القاهرة وتوفي في باريس.

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • بليغ حمدي (Baleegh-Hamdi ) ملحن موسيقي مصري ولد في القاهرة وتوفي في باريس.

    حمدي (بليغ)

    Hamdi (Baleegh-) - Hamdi (Baligh-)

    حمدي (بليغ -)
    (1930-1993)

    بليغ حمدي ملحن موسيقي مصري ولد في القاهرة وتوفي في باريس. وهو واحد من أهم ملحني الأغنية العربية في مصر والوطن العربي. ومنذ طفولته أظهر ولعاً خاصاً بالموسيقى والغناء، لكن أباه اشترط عليه إنهاء دراسته الثانوية قبل أن يدرس الموسيقى، ومع ذلك، فإنه تعلم العزف، وهو يحلم أن يغدو ذات يوم مطرباً مرموقاً.
    في عام 1952، وهو عام ثورة تموز، تخرج بليغ حمدي في معهد فؤاد الأول للموسيقى وتقدم للجنة الاستماع، في العام نفسه، في الإذاعة المصرية مطرباً وملحناً، بينما يصر الناقد الراحل كمال النجمي، أن مثول بليغ أمام اللجنة كان في عام 1955، ونجح مطرباً بسبب أغنية من تلحينه بعنوان (ليه لأ) ورسب ملحناً.
    غنى بليغ حمدي في بداياته عدداً من ألحان عبد العظيم محمد، ورؤوف ذهني. ومع أن الأغنيات الناجحة التي غناها وقتذاك، وهي «يا ليل العاشقين»، و«فجر نورك»، و«لو قلبي كان خالي»، و«يا باكي من أسى الأيام»، و«يا طير» لفتت الأنظار إليه، إلا أن ميله للتلحين كان طاغياً. وكما حدث مع السنباطي في بداياته عندما وجد محمد عبد الوهاب ملك الساحة الغنائية فانصرف عن الغناء إلى التلحين، حدث مع بليغ حمدي وعبد الحليم حافظ، الذي انصرف هو الآخر إلى التلحين تاركاً الغناء لعبد الحليم. وفي الوقت نفسه التحق بكلية الحقوق في جامعة القاهرة ليرضي أسرته.
    عمل بليغ حمدي في الإذاعة المصرية في البرنامج الهزلي الترفيهي «ساعة لقلبك» والتقى في هذا البرنامج المطربة فايدة كامل ولحن لها أغنية «ليه فاتني ليه» التي نبهت العاملين في الموسيقى إلى موهبته التلحينية الجديدة، وذلك قبل أن يحقق لحنه الجميل «ما تحبنيش بالشكل ده» الذي نظمه بنفسه ولحنه خصيصاً للمطربة فايزة أحمد[ر] الأمر الذي جعل عدداً من المطربات يهرعن إليه، فلحن لصباح أغنية «توب يا قلبي»، ولنجاة الصغيرة ثلاث أغنيات دفعة واحدة هي: «مش هاين أودعك»، و«سامحني»، و«وحديا»، ولشادية أغنية «مكسوفة»، وأغنية «أنا عندي مشكلة» ليلحن بعد هذا لعبد الحليم حافظ الذي أخذ يتربع على عرش الغناء رائعته الرومنسية «تخونوه».
    تأثر بليغ حمدي بأساليب الكبار في التلحين. وكان كلما سئل عن أساتذة التلحين الذين تعلم منهم يقول بفخر: استفدت من إبداعات محمد القصبجي الذي لم ينصفه أحد، والذي سبق عصره بمئة سنة على الأقل. كذلك استفدت وتعلمت من زكريا أحمد والسنباطي ومحمد فوزي ومحمود الشريف. ولم يذكر محمد عبد الوهاب على الإطلاق في كل أحاديثه إلا بالاحترام، ولكنه يرى أن التلحين يبدأ وينتهي عند الذين ذكرهم فقط، وأن إبداعات محمد عبد الوهاب تنحصر في الغناء، والغناء فقط.
    تنتهي مرحلة بليغ حمدي التلحينية الأولى بأغنية «تخونوه»، وهو في جميع أعمال هذه المرحلة كان تائهاً بين أساليب الملحنين الكبار. ولم تظهر شخصيته ملحناً متفرداً إلا حين التقى أم كلثوم. وكان محمد فوزي هو الذي قدم بليغ حمدي لأم كلثوم بعد استماعه للحن أغنية «حب إيه» فاقتنعت به، ونجم عن تعاونهما معاً الذي بدأ عام 1960 ولغاية 1973 تلحين إحدى عشرة أغنية أهمها: «أنساك يا سلام»، و«سيرة الحب»، و«أنا وإنت ظلمنا الحب»، و«حكم علينا الهوى»، وكانت هذه الأغنية آخر أغنية سجلت على أسطوانات ولم تغنها أم كلثوم في حفلة عامة بسبب مرضها الذي قضت به.
    تعرف بليغ حمدي على عبد الحليم حافظ قبل أم كلثوم في استوديو نحاس إبان تصوير فيلم «الوسادة الخالية» والذي عرّفه عليه الشاعر عبد الوهاب محمد. وكانت بدايات اللقاء أغنية «خسارة» ثم «بحلم بيك» أعقبتهما قصيدة «سمراء». ثم لأسباب غير معروفة انقطعت أواصر التعاون بينهما، خاصة حين بدأ بليغ يلحن لأم كلثوم، واستمرت القطيعة بين الاثنين لغاية عام 1965 تقريباً، إلى أن اتصل عبد الحليم حافظ ببليغ حمدي إذ كان بحاجة لألحان بليغ الشعبية التي رفعت عدداً لا بأس به من المطربين، وخاصة المطربة شادية والمطرب محمد رشدي. وكان بليغ يؤسس مملكته اللحنية في ثلاثة اتجاهات: الأغنية الطويلة، والأغنية القصيرة الرومنسية السينمائية وغير السينمائية، والأغنية الشعبية الدارجة ذات الأصول الفولكلورية مثال ذلك: أغنية «عدوية» الشهيرة لمحمد رشدي، ثم أغنيات «قولوا لعين الشمس»، و«أسمراني اللون»، و«خدني معاك»، و«حنة يا حنة» وغيرها من الأغنيات التي رفعت من شأن شادية ومحمد رشدي ومحمد قنديل. وبالتالي فإن بليغ حمدي استطاع أن يغرف من معين فن الغناء الشعبي التراثي، وأن يحول مسار هذا الفن عن طريق الأصوات القادرة والقوية إلى فن معاصر من وراء أسلوبية ذات خصوصية في نمط الألحان الشعبية.
    كان عبد الحليم حافظ لا يحب أن يرى في الساحة منافساً له، فعمل على استقطاب بليغ حمدي لمشاركته فنياً دون سواه. فالأغنية الشعبية التي جاء بها بليغ هي الأغنية التي يبحث عنها عبد الحليم. لذا لا أحد يعرف فيما إذا كان بليغ حمدي، وهو الأرجح، هو الذي أخذ بيد عبد الحليم حافظ إلى الأغنية الشعبية التراثية، أم أن عبد الحليم قد أخذ بها وحده وبمساعدة الملحنين. وفي كل الأحوال، فإن اللقاء الجديد بين القطبين أعطى في البدايات ثلاث أغنيات جميلة ومثيرة في شعبيتها وهي: «التوبة» وهي غير «توبة» محمد عبد الوهاب، و«سواح»، و«على حسب وداد قلبي يا بوي». يقول بليغ حمدي عن اللون الغنائي الشعبي الذي ابتكره: «أنا حتى الآن لم أترك هذا اللون من الغناء، ولن أتركه، وحتى هذه اللحظة أقوم بمحاولات جديدة، لكن الذي حدث أن مشواراً آخر في الغناء كان قد بدأ. وإذا كنا نتحدث عن عبد الحليم حافظ بالذات، ففي تلك الفترة - يقصد إبان حياة عبد الحليم - كانت الحفلات تقام بانتظام، وعبد الحليم يريد أن يقف مع الناس فترة أطول فغنى «موعود»، و«زي الهوى» وغيرهما، ولكني في الوقت نفسه كنت أقدم لشادية، وعفاف راضي، ومحمد رشدي وغيرهم شعبياتي، لأنني مازلت أشعر أن هذا هو الخط الصحيح، وهذا هو إيماني، وهذه هي قناعتي، ومع ذلك لا أنكر أني قصرت، غير أنني لا أستطيع أن ألغي الكلاسيكيات لأنها أسلوب عظيم. والذين بدؤوا حياة الشهرة بالشعبيات لأنها هي الأصل، وهو الاتجاه الطبيعي للإنسان. والغناء البسيط هو غناء الإنسان. والشعبيات هي هذا الغناء».
    وفي واقع الحال، فإن بليغ حمدي منذ احترافه التلحين وحتى وفاته كان يقوم بتجارب موسيقية في الغناء، لا نهاية لها. وكانت تتسم بالغزارة اللحنية. إذ حين اقترب من نجاة الصغيرة، كوّن معها ثنائياً رائعاً، فأعطاها: «أنا بستنَّاك»، و«أه لو تعرف»، و«الطير المسافر»، و«حبك حياتي». كذلك فعل مع محمد رشدي ومع شادية، غير أنه حين وقع في حب وردة الجزائرية، لم يؤلف معها ثنائياً فوراً كعادته، فأم كلثوم كانت ومازالت على قيد الحياة. وبعد وفاتها مباشرة، كلل حبه لوردة بالزواج منها، لينافس بها ثنائي فايزة أحمد ومحمد سلطان، وليقدم وردة المشهورة في الساحة الغنائية بأغنية «بلاش تفارق» التي أهلتها لخلافة عرش أم كلثوم. وكان قد لحن قبل ذلك عدداً من الأغنيات منها: «قد العيون السود بحبك»، و«والله زمان يا مصر». ولبليغ حمدي آراء موسيقية ذات أهمية خاصة منها رأيه في ألحان غيره مثل:
    - «أنا أرى أن لكل موسيقي فلسفة معينة، ولكل ملحن تفكيره الخاص، وأنا أقول دائماً، إنه لا توجد أغنية رديئة أو جيدة، لكن من وجهة نظرك أنت لا تتذوقها، ولكن غيرك يتذوقها. والإبداع هو الحالة الوحيدة التي لا يستطيع أحد أن يقول فيها (حلو ووحش) إطلاقاً لأن كل إنسان له وجهة نظر، والجماهير إما أن تقبل وإما أن ترفض، وعلى هذا الأساس يقولون هذا اللحن نجح وذاك اللحن فشل».
    وعن مسؤولية الكلمة أو اللحن في الأغنية يقول:
    - الكلمة لا مسؤولية عليها إطلاقاً فالمسؤولية تقع في المقام الأول على التلحين والأداء، ولا أحد من الموسيقيين خلال الغربة التي أجبرت نفسي عليها، قام بدوره كما يجب، لكن يظل هذا المستوى الجيد قائماً وبقوة، وأعتقد أنه لا يوجد تحديد أكثر من هذا، لأن الكلمة السيئة يمكن رفضها من قبل الملحن أو المغني، ولا أعتقد أن قريحة المؤلفين قد نضبت... صحيح في البدء كانت الكلمة وسوف تظل هي ألف باء كل شيء إلا في الأغنية، لأن الأسلوب يحدده الموسيقي الملحن الذي يضع النقاط على الحروف، والموسيقي الملحن هو من تقع عليه المسؤولية أولاً وآخراً.
    كانت نكسة حزيران عام 1967 لبليغ حمدي القشة التي قصمت ظهير البعير. وحتى ذاك الوقت لم يقترب على الإطلاق من الأغنية الوطنية، ولكنه، بعد أيام النكسة، عكف مع عبد الحليم حافظ والشاعر الغنائي عبد الرحمن الأبنودي على العمل ليلد أول عمل له بعنوان «موال النهار»، ثم أعطى أغنية «المسيح» لعبد الحليم حافظ، وأعطى لشادية أجمل ألحانه الوطنية «يا حبيبتي يا مصر»، ولعفاف راضي «تساهيل»، ولصديقه الحميم محمد رشدي أغنية «لو عديت». وبعد حرب تشرين التحريرية، هزه الانتصار الكبير الذي تحقق على أيدي الجيشين السوري والمصري فأبدع عدة أغنيات وطنية، أبرزها لعبد الحليم حافظ «عاش اللي قال»، ولوردة «ع الربابة»، وللجوقة الغنائية «بسم الله»، ولشادية «يا أم الصابرين» وغيرها كثير.
    اتهم بليغ حمدي بقتل فتاة مغربية كانت تسهر مع عدد من أصدقائها في بيته، إذ وجدت مقتولة في الحديقة التي تطل عليها شقته. وفي واقع الحال، فإن بليغ حمدي ترك الفتاة المغربية مع أصدقائها وأغلق على نفسه باب غرفته واستسلم للنوم. ويبدو أن شجاراً وقع بين الأصدقاء الغرباء أدى إلى مقتل تلك الفتاة. وخشي بليغ حمدي على نفسه من التحقيق والسجن، فآثر الابتعاد عن مصر في رحلة قسرية استمرت أكثر من خمس سنوات إلى أن برأت المحكمة ساحته، فعاد يحمل إلى وطنه الحب والأحلام والإبداع الذي يأمل أن يحققه. ولكنه وجد أن الحياة الموسيقية التي تركها مشرقة وضاءة تتخبط في موجة الصراعات الجديدة، ومع ذلك جازف فأعطى لمطلقته وردة أغنية «بودعك»، ولمحمد رشدي والمجموعة أوبريت «أنا من البلد ده» فسقط العملان، إلا أنه استمر يعمل دون جدوى، فجذوة الإبداع قد انطفأت في ذاته ولم يبق من بليغ حمدي سوى ذلك الإنسان الذي كان شيئاً كبيراً قبل أن ينطفئ.
    مرض بليغ حمدي مرضاً تطلب معالجته في فرنسة، ورفض الإعانة التي عرضتها عليه الدولة، وأصر على أن يتعالج على نفقته ومن عائدات ألحانه لدى جمعية المؤلفين والملحنين. ونقل إلى باريس حيث عولج في مستشفى «سان غوستاف» بلا جدوى وتوفي هناك، ونقل جثمانه إلى القاهرة حيث شيع إلى مثواه الأخير يوم الخميس في الثالث والعشرين من أيلول 1993.
    لحن بليغ حمدي لعشرات الأصوات الغنائية الشهيرة والمعروفة، ولعشرات أخرى من الأصوات المغمورة التي أخذ بيدها وساعدها في طريق الغناء الوعر والصعب. ومن أشهر أعماله لعبد الحليم حافظ: «جانا الهوى»، و«موعود»، و«أي دمعة حزن»، و«مداح القمر»، و«حبيبتي من تكون»، و«زي الهوى».
    ولشادية: «مكسوفة منك»، و«قولوا لعين الشمس»، و«وحشني والله وحشني»، ولنجاة: «أنا بستناك»، و«قدرت تنام»، و«موكب حب»، و«وحياة اللي فات»، و«الطير المسافر»، ولعفاف راضي: «المواني»، ولمحمد رشدي: «عدوية»، و«يا ليلة بيضا»، و«مغرم صبابا»، و«حسن ووهيبة».
    كذلك وضع الموسيقى التصويرية لعدد من الأفلام السينمائية والمسرحيات. وقد نال عام 1966 جائزة الدولة التشجيعية عن الموسيقى التصويرية التي وضعها للمسرحيات التالية: «حلاق بغداد»، و«بمبه كشر»، و«ريا وسكينة» التي لحن أغانيها أيضاً وقد اشتهرت منها أغنيتا «شبكة الحكومة»، و«حبك جننا يا اسمك إيه» اللتان غنتهما شادية. كذلك لحن أوبريت «تمر حنة» وهي مسلسل تلفزيوني بعنوان «الوادي الكبير» لوردة الجزائرية.
    صميم الشريف

يعمل...
X