ثلاث ميتات ...
ليو تولستوي
مختصر القصة:
يقارن تولستوي في هذه القصة بين موت سيدة غنية، وموت حوذي فقير، وموت شجرة بصورة رائعة تعكس واقع الحياة وتقلباتها واختلاف السلوك البشري ورد الفعل وتفاعل البيئة المحيطة مع الموت بحسب طبيعة الظروف والحالة الاجتماعية ..
فهذه السيدة ماريا ديميتريفنا، الغنية الأرستقراطية، تسافر مع زوجها في الشتاء إلى خارج البلاد محاولة الوصول إلى إيطاليا للعلاج رغم استحالة السفر في هذا الطقس ..
لم تتوقف عن لوم زوجها قائلة:
"أنت لا تفهمني، لو سافرنا منذ مدة لكنا الآن في برلين، الأطباء الروس مشعوذين " ..
وكانت تشعر أن زوجها لا يهتم بحالتها رغم كل ما يقوم به تجاهها ..
وفي أحد أكبر منازل المدينة، كانت ماريا ديميتريفنا تحتضر، وبجانبها أسرتها وأمها والطبيب والكاهن، ومع ذلك كانت تخاف الموت أشد الخوف ..
ولم تتوقف عن لوم زوجها قائلة:
"حدثني الكاهن عن رجل يعالج الناس بالأعشاب كان يمكن أن نستدعيه" ..
ماتت ماريا، وفي ساعات موتها، كانت نادمة، حزينة، راغبة في الحياة ..
وبعد شهر، كان شاهد ضخم من الحجر يقوم فوق ضريح ماريا ..
يتطرق تولستوي بعد ذلك إلى العم خفيدور، الحوذي العجوز الغريب المُعدَم، والذي يمرض فلا يعترض ولا يتذمر، بل ينام بجانب المدفأة في مبنى المحطة ..
وبينما يحتضر العجوز يدخل الحوذي سريوغا إلى المحطة، فيطلب من العم خفيدور حذاءه الجديد قائلاً بينه وبين نفسه:
"ما حاجته إلى الحذاء إذا كان يحتضر؟" ..
فيعطيه العم خفيدور الحذاء مقابل أن يشتري شاهداً لقبره بعد مماته ..
يقايض حذاءه بشاهد قبره !!
وهذه طباخة المحطة، تلوم العم خفيدور على أنه يشغل ركناً كاملاً لمدة شهرين، والمكان ضيق ..
فيجيبها العم بأنه سيموت قريباً وستستعيد الطباخة ركنها ..
في اليوم التالي مات العم خفيدور، وحيداً بعيداً عن أهله في محطة للعربات، لكنه بكل تأكيد لم يخاف الموت، لم يتذمر، بل غادر عالمنا مطمئناً ..
وبعد شهر، لم يكن فوق قبره إلا بعض العشب ..
لم يتمكن سريوغا الذي تعهد أن يشتري شاهداً لقبر العم خفيدور من أن يشتري هذا الشاهد ..
فاقترح عليه أحد زملاءه بأن يقطع شجرة من الغابة، وينحت منها صليباً يضعه فوق قبر العم خفيدور، فأخذ سريوغا بنصيحة زميله ..
في الصباح الباكر، أرتفع في الغابة صوت فأس، قاطعاً غناء الطبيعة، واختفت شجرة، لم تلاحظها جاراتها الأشجار، كما لم يهتم العصفور الذي كان يغني على أغصانها، بل وقف يغني على أغصان شجرة أخرى !!!