ستندال Stendhal، لقب اختاره الكاتب الفرنسي هنري بيل Henri Beyle

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • ستندال Stendhal، لقب اختاره الكاتب الفرنسي هنري بيل Henri Beyle

    ستندال
    (1783 ـ 1842)

    ستندال Stendhal، لقب اختاره الكاتب الفرنسي هنري بيل Henri Beyle الذي يعتبر إلى جانب الروائي بلزاك Balzac مؤسس الرواية الواقعية. وإن كان لقب «ستندال» قد طغى في شهرته، في ميدان الكتابة الروائية، على الاسم الأصلي للكاتب فإن هذا الأخير قد أخذ بالمقابل حظه الوافر من الشهرة في ميدان الكتابة الشخصية (المراسلات واليوميات والأبحاث والملاحظات). بل ثمة مصطلح أدبي: البيليّة Beylisme اشتق من هذا الاسم في نهاية القرن التاسع عشر، للدلالة على تيار نقدي يبحث في العمل الأدبي (روايات ستندال خاصة) عن تأكيدات ومتابعات لما كان المؤلف قد دوّنه في كتاباته.
    ولد ستندال في مدينة غرونوبلGrenoble، وفقد أمه وهو في السابعة من عمره، وقد بقي هذا المصاب مؤثراً في مجمل حياته. ويجد النقد النفساني في روايات ستندال إرجاعات كثيرة إلى هذا الفقدان، وخاصة في الحنين المَرَضي إلى إيطاليا التي جاءت منها أمه، وإلى شجر البرتقال المزهر الذي يذكّر بالريف. انتقل ستندال وهو في السادسة عشرة إلى باريس ليدرس في مدرستها المركزية، لكنه سرعان ما تحول عنها إلى السلك العسكري، فانتسب إلى حامية إيطاليا في الجيش الفرنسي، وحصل على رتبة ملازم، وبدأ بكتابة اليوميات Le journal.
    وثمة في هذه اليوميات، كما في رسائل ستندال المتكررة إلى حبيبته «بولين»، انتقاد لاذع للمجتمع الفرنسي الذي صار محافظاً، لأنه بقي مجتمعاً ملكياً، ولأن ثورة 1789 التي كان هدفها تغيير التقاليد البالية في المجتمع أخفقت في تحقيق مشروعها. وقد أفقد هذا النكوص الاجتماعي ستندال ثقته ودفعه نحو التطلع إلى أدب جديد قادر على تحليل ما آلت إليه الأوضاع، فوجد ضالته في المسرح، وهو الشكل الأدبي الأكثر رواجاً في ذاك الوقت. وإلى هذه المرحلة ينتسب عدد من محاولاته المسرحية مثل «الرجلان» Les deux hommes و«لوتيلييه» Letellier التي نسجها على منوال مسرحية «طرطوف»Tartuffe لموليير.
    ترافق الوعي بإخفاق المشروع الثوري باضطراب وجودي عميق عانى منه الشاب ستندال، ونتج من التناقض بين الحب الذي كان يلقاه في عائلته مقترناً بالعفة والرغبات المقموعة وحب بنات الهوى الذي تتحول معه النساء إلى شيء مستحوذ عليه، فاقد لإنسانيته. وكاد هذا الاضطراب أن يكون ثابتاً لدى ستندال وتجلى في شخصية البطل النبيل، صاحب القيم التي كانت عاجزة دوماً عن تحقيق رغباتها، لكنها حافظت على تأجج عاطفتها، في حين اقترنت الشخصيات الانتهازية والأنانية بشخصيات نسائية أسيرة رغباتها وسهلة المنال.
    انقطع ستندال بين عامي 1810و1814 عن الكتابة، ليتفرغ للبحث عن مكانة اجتماعية، فسافر إلى ألمانيا موظفاً في البعثة العسكرية، وشارك من هناك في الحملة العسكرية على روسيا، كما سعى جاهداً للحصول على وظيفة مقرر في مجلس الدولة، ثم صار باروناً. وفي عام 1815 بدأ بالتوقيع باسم ستندال، و نشر في باريس عدداً من الكتب الناجحة مثل: «تاريخ التصوير في إيطاليا» Histoire de la peinture en Italie. ثم نشر عام 1822 دراسته الشهيرة «عن الحب» De l’amour التي أطلق فيها نظريته المعروفة باسم «البَلْوَرة» La Cristallisation، التي تعني تلك الحالة النفسية التي ينسب فيها المحب إلى محبوبه أفراحه وأحلامه وكأنها مصدر الكمال وغايته. وفي عام 1825، بعد أن أصدر كتابين عن «راسين» و«شكسبير»، كتب بحثاً بعنوان «حول مؤامرة جديدة ضد الصناعيين» D’un nouveau complot contre les industriels أطلق فيه مصطلح «الطبقة المفكّرة» La classe pensante عارض فيه الرأسمالية البرجوازية والأرستقراطية صاحبة الامتيازات. وتتميز كتاباته، في هذه المرحلة، بالانتقاد المتزايد لفرنسا التي فقدت أصالتها ولخلافها الدائم مع بلد أحلامه إيطاليا.
    تحول ستندال نحو الكتابة الروائية، وكان ذلك قطيعة وقفزة نوعية في مسيرته الأدبية؛ إذ كان يعتبر الرواية جنساً أدبياً مبتذلاً وسهلاً تنقصه الأصالة. لكنه وجد أن بمقدور الرواية أن تظهر الفرادة والخصوصية، وهو ما لم تكن الكتابة النفسانية الطاغية على كتاباته الشخصية قادرة على الإحاطة به. فكتب روايته الأولى «آرمانس» (1827) Armance، ثم روايته الأشهر «الأحمر والأسود» (1830) Le rouge et le noir، لكنها لم تحظ بالنجاح المأمول لأن ستندال جعل من بطل روايته ثورياً يرفض المراءاة والانتهازية، مما لم يتفق والأخلاق السائدة آنذاك. وفي السنة نفسها عاد ستندال إلى إيطاليا موظفاً في السلك الدبلوماسي وبدأ كتابة «الحوليات الإيطالية» Les chroniques italiennes التي اعتمد فيها على مخطوطات قديمة، وبدأ كتابة روايته الثالثة «لوسيان لوفان» Lucien Leuwen التي لم تكتمل.
    بين عامي 1836و1839 أقام ستندال في الريف الفرنسي الذي خصص لوصفه كتاباً كاملاً بعنوان «مذكرات سائح» Mémoires d‘un touriste، ثم أصدر عام 1839 روايته الثالثة والأخيرة «دير بارما» La Chartreuse de Parme. وفي عام 1842، إثر نوبة صرع حادة، توفي ستندال في باريس مجهولاً لا يكاد يعرفه أحد من مواطنيه.
    حسان عباس

يعمل...
X