تويت
كلما اشتدت رغبتنا في أن نكون أكثر سعادة كلما صرنا أكثر وحدة
يصدمنا مارك مانسون في مقدمة كتاب "فن اللامبالاة" حين يقترح علينا ألا نحاول التركيز الشديد على كل ما هو إيجابي، فكلما سعينا إلى أن يكون إحساسنا أفضل تناقص رضانا عن أحوالنا، وكلما اشتدت رغبتنا في أن نكون أكثر سعادة وقربًا من الناس صرنا أكثر وحدة وعزلة، بالرغم من وجود الأصدقاء حولنا، وكلما حرصنا على أن نكون مستنيرين من ناحية الدين كلما صرنا أكثر ضحالة وتمركزًا حول أنفسنا.
أذكر أنني كنت أحصل على درجات عالية في سنوات الدراسة التي لم أكن أقلق كثيرًا فيها، أو أحرص على مجموع عالٍ، بل إن هذه السنوات هي التي أذكرها بالتفاصيل دائمًا، أما عندما أقلق وأحرص على درجة هنا وأحزن على درجة هناك فأحمل لهذه السنوات كرهًا شديدًا، أو لا أذكرها على الإطلاق كما لو أنها محيت من الذاكرة. وجدتُ تفسيرًا لهذه الحالة في كتاب "فن اللامبالاة" حيث يقول مارك مانسون: "هل لاحظت في يوم من الأيام أن إنجازك في أمر من الأمور يتحسن عندما يقل اهتمامك به وقلقك عليه؟ لاحظ كيف أن الشخص الذي يكون الأقل استثمارًا في نجاح شيء ما هو من ينتهي به الأمر إلى تحقيقه في آخر المطاف".
يرى مارك مانسون أن لعدم المبالغة في الاهتمام مفعولًا عكسيًا. فالتعب والألم والمشقة في صالة الجيم يؤدي إلى صحة أفضل. أي محاولة لتجنب السلبي سيكون لها تأثير عكسي، لذلك فالأفضل هو أن تنفتح على مصادر قلقك وألا تتجنب المعاناة.
يرى مارك مانسون كذلك أن السؤال الأكثر إثارة للاهتمام هو سؤال الألم. السؤال الذي سيحدد حياتنا: ما الألم الذي نرغب في عيشه؟ إنه السؤال الذي يفرق بيننا ويحدّد ما سنكون عليه. هل نحن مستعدون للصراع من أجل ما نراه صوابًا؟ تريد أن تدرس في بلد أوروبي وتحلم بمنحة هل أنت مستعد لمذاكرة الأيلتس والحصول على درجة عالية؟ إلى أي حدّ أنت جاهز لدخول منافسة عالية جدًا أثناء التقديم على المنح الممولة؟ تريد أن ترى بلدك في ظل الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان؟ هل أنت مستعد لمواجهة السلطة والصراع معها وتحمل عنفها؟ إنه سؤال الألم كما ترى، لكنه بالتأكيد سيجعلنا أفضل وأقوى أو على أقل تقدير سنعيش الحياة التي نختارها.