سايكاكو (ايهارا) (Saikaku (Ihara الإسم الذي اشتُهر به الروائي والقاص توغو هيراياما

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • سايكاكو (ايهارا) (Saikaku (Ihara الإسم الذي اشتُهر به الروائي والقاص توغو هيراياما

    سايكاكو (إيهارا ـ)
    (1642ـ 1693)

    إيهارا سايكاكو Ihara Saikaku هو الإسم المستعار الذي اشتُهر به الروائي والقاص الياباني توغو هيراياما Togo Hirayama الذي عاش في عصر خصب ومزدهر أدبياً وفنياً واقتصادياً، ومتدهور أخلاقياً ودينياً. ولد سايكاكو وتوفي في مدينة أوساكا Osaka، ويرجح أنه ينحدر من عائلة تجارية ثرية أمّنت له تعليماً أساسياً غنياً وإطلاعاً واسعاً. بدأ بنظم الشعر، في نوع الهايكو Haiku، وهو في الخامسة عشرة من عمره. لكنه عندما تحول إلى النثر فيما بعد ظهر تأثير الشعر في أعماله التي بدأ بنشرها منذ عام 1682، إذ منح الشعر أسلوبَه السردي قوة الإيجاز وترابط المعاني والأفكار، مما ساعد مع موضوعاته المعاصرة الشائقة على سرعة انتشار أعماله وشهرتها وتبوئها مكانة بارزة في تاريخ الأدب الياباني.
    تنقسم موضوعات روايات وقصص سايكاكو إلى ثلاثة أنواع: قصص العشق الشبقي Koshokumono، وقصص عشق الفرسان Bukemono، وحكايات الطبقة الوسطى Choninmono. وإلى النوع الأول تنتمي رواية «عاشق اللذة» (1682)Koshoku ichidai otoko التي يروي بطلها يونوسوكِه مغامراته الغرامية العجيبة مذ كان في السابعة وحتى تجاوزه الستين من عمره. وعندما تبخل عليه اليابان كلها بما هو جديد على صعيد العشق، يشد رحاله مع ثلة من أصدقائه إلى جزيرة النساء الخرافية، بحثاً عما يجذبه إلى الحياة. يلجأ المؤلف في روايته الأولى هذه إلى نوع من الواقعية الحيادية، بعيداً عن الوعظ الأخلاقي أو الديني، لكنه ينقل إلى القارئ، عبر دقة وصف الأحداث وما يعتمل في نفوس الشخصيات صوراً اجتماعية واقعية بالغة التأثير، وبأسلوب لغوي يمتح من مستويات اللغة كافة ابتغاء دقة الوصف والتعبير. وإلى النوع نفسه تنتمي أيضاً رواية «عاشقة اللذة» Koshoku ichidai onna التي يتحول فيها موقف الراوي من الحياد إلى الالتزام الأخلاقي، كما يتغير هنا أسلوب السرد أيضاً، فبعد أن وصلت البطلة إلى أرذل العمر والتفتت إلى بوذا[ر] راجية العزاء والسلوان، تاركة وراءها سنين من ملاحقة اللذة أنّى كانت وبأية وسيلة، يزورها شابان راجيان أن تحكي لهما تجربتها، فلا تبخل عليهما بذلك، ولكن من منظورها الحالي وبأدق التفصيلات، مبرزة دوماً العلاقة ما بين المال واللذة، مستخلصة العبرة من الانغماس في اللذة ومن اللهاث وراء المال.
    في العام نفسه أصدر سايكاكو مجموعة قصصية بعنوان «نساء العشق الخمس» (1686) Koshoku gonin onna ، وهي تنتمي إلى النوع السابق نفسه. اللافت في هذه المجموعة أن النساء والفتيات بطلات القصص الخمس لسن من بيوتات اللذة، بل ينتمين إلى الطبقة الوسطى. وبحذق فني عالٍ تمكن الكاتب من تصعيد المصائر التراجيدية لبطلاته درامياً، بحيث يلمس القارىء بوضوح تأثير مسرح نو Nohوالكابوكي Kabuki السائدين آنئذ في الكاتب، فإن الصراع بين الواجب والعاطفة يشكل موضوع معظم مسرحيات تلك المرحلة، وهي تؤكد أيضاً العبرة الأخلاقية النابعة من الأحداث. واللافت أيضاً هو أن سايكاكو قد استقى قصصه من أحداث واقعية، أخضعها لمعالجته الفنية، لتصير أعمالاً أدبية ذات جمالية خاصة.
    في النصف الثاني من القرن السابع عشر انتشر عشق الغلمان بشكل فاضح في أوساط طبقة الفرسان (الساموراي Samurai) والطبقة الوسطى، مما استدعى تدخل الحكام المحليين، بل حتى القيصر(الامبراطور)، للحد من الظاهرة التي صارت كالوباء. وفي هذا السياق أصدر سايكاكو مجموعته القصصية «المرآة الكبرى لعشق الغلمان» (1687) Nonshoku- Okagami في أوساكا وكيوتو وإيدو في الوقت نفسه. وتعالَج الظاهرة آنفة الذكر في ثمانية كراسات ينقسم كل منها إلى خمسة مقاطع، وفي ما يشبه المقدمة يناقش الكاتب أصول هذا الشكل من العشق ومثالبه وميزاته ومنزلته الاجتماعية، ثم يعود إلى منتصف القرن الخامس عشر وإلى الاضطرابات الحربية التي سادت اليابان فيحدد البداية التاريخية للظاهرة وأشكال انتشارها في الأوساط الاجتماعية وتأثيراتها، بما يماثل حقاً مرآة تعكس أحداث ذاك العصر وتفاصيل حياته من الزوايا كافة. ثم تأتي القصص المتنوعة لتبلور مختلف أشكال هذه الظاهرة ومشكلاتها، ولاسيما في الأوساط الفنية، أي في مسرح كابوكي. ويرى نقاد الأدب الياباني أن سايكاكو في كتابه هذا قد أسس لجنس أدبي سردي جديد.
    أما النوع الثالث فقد خصص له سايكاكو آخر عملين قبل وفاته المبكرة عن إحدى وخمسين سنة، فنشر عام 1688 مجموعة «كنز اليابان الدائم» Nippon eitaigura التي تتألف من خمسين قصة يعالج فيها أنماط حياة التجار والحرفيين والفلاحين وهوَسَهم بجمع المال بأية طريقة كانت، وتوقهم إلى صرفه على متع الدنيا بأسرع ما يمكن، بعيداً عن تعاليم كونفوشيوس[ر] وبوذا[ر]. واللافت للنظر في هذه المجموعة هو تعاون المؤلف مع الرسام الشهير يوشيدا هانباي Yoshida Hanbei الذي زود القصص برسوماته الملونة التي استقى موضوعاتها من القصص والواقع معاً. وبعد خمس سنوات أصدر سايكاكو عمله الأخير «حسابات دنيوية» (1692) Seken munesanyoالذي تعاون فيه مع الرسام ميناموتو غِنزابورو Minamoto Gensaburo. يضم العمل في أجزائه الخمسة مجموعة من القصص القصيرة التي تدور أحداثها في أجواء الطبقة الوسطى. وثمة عنوان فرعي للمجموعة وهو «اليوم الأخير في السنة، يوم بألف قطعة ذهبية» يشير إلى عادة التجار اليابانيين أن يجروا حساب الربح والخسارة في هذا اليوم الأخير البالغ الأهمية لأنه هو الذي سيحدد مدى سعادتهم أو تعاستهم فيما سيأتي من الأيام. وقصص المجموعة تمثل تنويعات فنية شديدة الغنى على أحداث هذا اليوم.
    وبعد عام واحد على وفاته أصدر أصدقاؤه من مخطوطاته غير المنشورة كتاباً حمل عنوان «مختارات من الحياة اليومية بقلم سايكاكو» (1694) Saikaku oridomeفأكملوا بذلك إنجازه الأدبي الفني.
    نبيل الحفار
يعمل...
X