ادر (كليمان)
Ader (Clément-) - Ader (Clément-)
آدر (كليمان -)
(1841-1925)
مهندس ومخترع فرنسي ورائد من رواد الطيران, كان أول من حقق إِقلاعاً بجهاز طائر له محرك وأثقل من الهواء صممه وصنعه بنفسه.
ولد كليمان آدر Clément Ader في موريه Muret وتوفي في طولوز. وكان منذ صغره شغوفاً بالطيران ومتابعة الطيور في تحليقها, وتمكن وهو تلميذ في المدرسة الثانوية من صنع طائرة ورقية cerfy- volant كبيرة الأبعاد قادرة على حمل شخص واحد. وأتبع ذلك صنع دراجة من الصفيح زودها بمداوس وعجلات غلفت بالمطاط, فكانت ابتكاراً لفت إِليه الأنظار. التحق بعدها بإِدارة الجسور والطرق في بلده, وفي الحرب الفرنسية الألمانية المعروفة بحرب السبعين (1870) صنع كليمان على نفقته الخاصة منطاداً للمراقبة أهداه إِلى مدينة طولوز بعد التوقيع على اتفاق السلام. وفي عام 1876 استقال من عمله واستقر في باريس ساعياً للحصول على أموال تكفيه لإِشباع هوايته, فأقام في باريس سنة 1880 أول شبكة هاتفية خاصة. وشملت أوائل اختراعاته في مجال الاتصالات الكهربائية مذياعاً ومجهاراً لمخاطبة الجمهور صنعهما سنة 1878.
وبعد أن توافرت لكليمان آدر الموارد الكافية وقف نفسه كلياً على تحقيق الهدف الذي جعله نصب عينيه, وهو حل مشكلة الطيران بأجهزة أثقل من الهواء, فأنشأ في منزله مكاناً خاصاً لتربية الطيور جمع فيه كل الطيور التي استطاع الحصول عليها من العصفور حتى الجوارح والوطاويط ومكث يرقب حركاتها ويدرس طيرانها وبنية أجنحتها. وقادته ملاحظاته وحساباته إِلى صنع جهاز طائر مزود بمحرك بخاري يدير مروحتين, وجناحين قابلين للطي والثني يشبهان جناحي الخفاش, اتساعهما أربعة عشر متراً, وللجهاز عجلتان أماميتان لحمله وثالثة في الخلف لتوجيهه على الأرض. وقد أطلق كليمان على جهازه هذا اسم إِيول Eole, نسبة الى إِله الريح عند الإِغريق أيولوس Aeolus, وجاء ترديداً أميناً للوطواط الهندي الكبير المعروف باسم الشُّقاحة Roussette (جنس من فصيلة الوطواطيات). وقد استغرق صنع هذا الجهاز ثلاث سنوات (1886-1889) وحصل آدر على شهادة تسجيله. وفي التاسع من شهر تشرين الأول سنة 1890 قام كليمان آدر بتجربة جهازه تحت ستار من الكتمان المطلق في حديقة قصر أرمنفيلييه Armainvilliers الذي يملكه أحد أصدقائه قرب باريس. ونجح في الارتفاع عن الأرض عشرين سنتمتراً ولمسافة خمسين متراً مسجلاً بذلك خطوة مهمة للغاية في تاريخ الطيران، إِذ كان ذلك أول جهاز طيران يمتطيه إِنسان ويطير على ارتفاع منخفض بقوة محركه. إِلا أن الحدث لم يسجل في محضر رسمي. وبعد أن أجرى آدر بعض التعديلات على جهازه قام بتجربة جديدة على النموذج المعدل إِيول -2 في شهر أيلول سنة 1891 في ميدان ساتوري الذي وضعه بتصرفه وزير الحربية الفرنسية آنذاك شارل دي فريسينه Charles de Freycinet غير أن محاولات النهوض بالطائرة عن سطح الأرض توقفت بسبب حادث أضرَّ بها عندما اصطدمت ببعض العربات المتوقفة هناك. وبعد أن أصلحت الأضرار عرض الجهاز في جناح مدينة باريس. ومنذ ذلك الحين خضعت بحوث كليمان آدر وتجاربه لإِشراف وزارة الحربية التي عرضت عليه مساعدات مالية طالبة صنع جهاز قادر على الارتفاع بضع مئات من الأمتار ولمدة ست ساعات على الأقل.
وبعد ست سنوات من العمل المستمر أنجز آدر صنع النموذج الثالث لطائرته إِيول 3 وتقرر إِجراء تجربة رسمية لها في الرابع عشر من تشرين الأول 1897 في ميدان ساتوري أمام لجنة فنية برئاسة الجنرال مَنْسييه Mensier عيَّنها وزير الحربية آنذاك الجنرال بيُّو Billot.
ولقد اختار آدر إِجراء التجربة على مَدْرَج دائري ليستطيع الإِقلاع والهبوط وفقاً لإِرادته من دون أن يخشى بلوغ نهاية المدرج, وليبرهن على فاعلية مقود الطائرة, وكان الجو في ذلك اليوم رديئاً فلم يجرؤ آدر على طلب التأجيل, واتخذ الحضور لأنفسهم ملاذاً من الريح والمطر بعيدين عن متابعة حركة الطائرة التي انطلقت بمصممها في حركة متسارعة على عجلاتها نحو ستين متراً, ثم أخذت تقفز قفزات متتابعة إلى أن ارتفعت عن الأرض تماماً بعد درجان مسافة مئة متر. ولكن زوبعة عصفت بها واضطر قائدها إِلى الهبوط بها بعد مئتي متر وقد أصيبت بأضرار بالغة, وتأكد لأعضاء اللجنة وجود قوة حاملة مكنت الطائرة من الارتفاع لانقطاع آثار العجلة الخلفية في التربة المبللة, وأعطت اللجنة رأياً مناسباً في مصلحة متابعة البحوث. ولكن وزير الحربية رأى في هذه التجربة إِخفاقاً, وعلق مساعداته المالية على الرغم من توسلات كليمان آدر وتأكيداته أنه نجح في تحقيق طيران متصل مسافة 300 متر.
طفق آدر يفتش عن مصادر تمويل جديدة من دون طائل, وعندما أفلس تماماً أحرق مخططاته وأجهزته في ثورة غضب ولم يوفر منها سوى الطائرة إِيول 3 وأقام في عزلة في منزله في ريبونه Ribonnet قرب طولوز. وأمام التقدم السريع في عالم الطيران الناشئ وادعاءات الأسبقية في الطيران شرع آدر في كتابة مؤلف يبرز دوره ويذكر فيه تجاربه التاريخية الثلاث. ومهما يكن الجدل الكبير الذي أثير حول تجارب آدر كليمان واختلاف الآراء فيه فهو يعد يحق أبا الطيران في العالم.
وقد وضعت سجلات معمل آدر ووثائقه في عهدة المعهد الوطني للفنون والمهن في باريس وعهد إِلى متحف الطيران والفضاء في عام 1978إِحياء الجهاز إِيول 3 الذي صممه كليمان آدر, وتمكن هذا المتحف بإِشراف الجنرال ليساراغ Lissarague عضو أكاديمية الطيران والفضاء من حل رموز الوثائق وإِعادة رسم المسار الذي اتبعه هذا الرائد وتقويم الإِمكانات الحقيقية للطائرة إِيول 3 التي كشفت عن مخترع عبقري, إِن لم يكن السابق المبشر بعالم الطيران. وقد أكدت التجارب التي أجريت في مركز تجارب المحركات الدافعة في سكلي Saclay عام 1986 قيمة المحركين البخاريين - واستطاعتهما عشرون حصاناً - اللذين اختارهما آدر لجهازه الطائر - ووزنه نحو 500 كغ - والمروحتين اللتين تشبهان الى حد بعيد مراوح الطائرتين ذات المداوس الحاليتين من طراز القطرس Albatross والنسر الخفيف Light Eagle.