اتيلا (تاريخ53)
Attila - Attila
أتِّيلا (ت 453)
أتِّيلا Attila بن موندزوك ورث مع أخيه بليدا Bléda حكم امبراطورية الهون [ر] في أوربة خلفاً لعمهما روجيلا سنة 434م. ثم قتل أتيلا أخاه وانفرد بالحكم سنة 445م.
ينحدر الهون الأوربيون من عناصر آسيوية تنتمي إلى المجموعة التركية المغولية التي كانت تستوطن السهوب السيبرية الشرقية. وقد أخذت قبائلهم تنفذ نحو سنة 375م إلى أوربة عن طريق مجرى الفولغا الأدنى لتظهر ثانية على مسرح التاريخ. وبدأت تظهر فيهم منذ 450م تأثيرات طفيفة للمدنية الرومانية، مع احتفاظهم بقدر كبير من عاداتهم المتوارثة. فظلوا وثنيين يعتنقون الشامانية القائمة على عبادة السماء والجبال. وكان احتكاكهم الأول بالعالم الروماني سلمياً، وعمل بعضهم خدماً في المدن الإيطالية، ثم أخذت قبائلهم تتحد نحو سنة 405و406م إلى أن كونت امبراطورية حكمها روجيلا (425-434م). وأجبرت حروبه بيزنطة على دفع أتاوى سنوية له.
عاش أتيلا في صباه رهينة مدة في البلاط الروماني، ولم يشأ على صغر سنه أن يجرفه تيار الترف هناك، فظل أمياً مع أنه أتقن اللغة اللاتينية. وعمل بعد تسليمه الحكم على إبعاد شعبه عن تأثير المدنية الرومانية.
وكانت عاصمته قرية كبيرة في حوض الدانوب الأوسط، وصفها المبعوث البيزنطي بريسكوس Priscos (448). وكان قصر الملك على تل يتوسط منازل الرعية، بني من الخشب المزخرف. وقد استهل أتيلا حروبه مع بيزنطة 441، متذرعاً برفضها مضاعفة الإتاوة، فاجتاز الدانوب واكتسح عدة مدن بيزنطية وبلغ تراقية، فأذعن له الإمبراطور تيودوسيوس Theodosius الثاني وقبل زيادة الغرامة المالية المعتادة، وفي سنة 447 وصل إلى أسوار القسطنطينية. ولم تحقق المفاوضات بين البعثات المتبادلة بين الطرفين على مدى عامين (448-449) فائدة تذكر لأتيلا، فتوجه بقواته نحو الغرب وفد أغراه ضعف رومة. ولما رفض الإمبراطور فالنتنيان Valentianus الثالث دفع الإتاوة السنوية ادعى أتيلا أن الأميرة هونوريا شقيقة الإمبراطور أرسلت تعرض عليه الزواج، وأنه جاء يطالب بغالية مهراً لها. وأغار عليها ب- 500.000 مقاتل عبر بهم نهر الراين (451)، فاجتاح عدة مدن ثم حاصر أورليان. ولكن حلفاً من الرومان والفيزيقوط (القوط الغربيون) والفرنجة قاده الروماني آيتيوس Aétius، أجبر أتيلا على التراجع إلى كامبوس ميرياكوس حيث دارت معركة طاحنة انتهت بهزيمة غير حاسمة للهون وتمكنوا من الانسحاب بسلام.
لم تؤثر هزيمة كامبوس ميرياكوس في قدرات أتيلا المعنوية والعسكرية. ولذلك زحف في ربيع 452م إلى إيطالية عن طريق الألب ساعياً للظفر بهونوريا. فاجتاح مدن حوض البو وتقبل خضوع ميلانو. والتقى بالبابا ليون الأول الكبير Leo I وبمبعوثي الإمبراطور فالنتنيان على ضفاف نهر مانسيو Mincio رافد البو. ويقال إن مهابة البابا وفصاحته أثرتا في أتيلا وأقنعتاه بالعودة عن رومة مقابل وعد بإتمام الزواج واستمرار دفع الأتاوى. وكانت بعض إصابات الطاعون قد ظهرت في جنده.
مات أتيلا فجأة بنزيف دموي سببه انفجار شرياني سنة 453 في عاصمته عقب عرس صاخب احتفالاً بزواجه من فتاة جرمانية في إثر عودته من إيطالية.
تبدو في أتيلا الصفات المميزة لشعبه فكان قصير القامة عريض الصدر داكن البشرة ضخم الرأس غائر العينين أفطس الأنف. لا يتميز في ثيابه في رعيته إلا بالنظافة، وكان حريصاً على العدل بين أتباعه، هادئاً متزناً، ولكنه مخيف عندما يغضب. هداه ذكاؤه الفطري إلى ترك أتباعه يتمتعون بحياة مترفة أكثر مما أباحه لنفسه، ليدفعهم إلى تقديم أقصى ما باستطاعتهم في الحرب. وكان كذلك دبلوماسياً بارعاً في تقديم البراهين على صحة آرائه مما قلل الشعور عند بعض معاصريه بأنه بلاء الإله كما أشاع هو عن نفسه.
ويعد أتيلا النموذج الأول لزعيم بدائي قدم من السهوب ليقيم أول إمبراطورية بدوية في أواسط أوربة وقد ألهم جنكيز خان وتيمور لنك فكرة سيادة العالم والاستعلاء على الحكام، وتطبيق أسلوب القتل الشامل للأعداء، والاستعانة بالمهزومين من الأسرى لتحقيق انتصارات جديدة. وقد ثار الجرمان الخاضعون للهون بعد وفاته، فاستقل الأستروغوط (القوط الشرقيون) في بانونية والجيبيد في داسية (454). واضطرت أغلبية الهون إلى الارتداد إلى سهوب شمال البحر الأسود حيث أخذت الدبلوماسية البيزنطية تعمل على تأليب بعضهم على بعض حتى قدوم الآفار Avares الآسيويين فأخضعوهم.
دفعت حركات الهون في أوربة بعض الجرمان إلى اللجوء إلى الأراضي الرومانية. وأسهمت في اتفاق الشعبين لدفع العدو المشترك. وتوقف استعمال الدانوب طريقاً للتجارة مدة طويلة لتكرر غارات الهون على الأراضي البيزنطية في أوربة الشرقية. وأدى استقرارهم هناك واختلاطهم بالسكان إلى ظهور الملامح المغوليةعلى بعض هؤلاء. وأثارت أعمال أتيلا الخارقة في قسوتها خيال الكتاب الجرمان في العصر الوسيط فظهرت أناشيد النيبلونغن Nibelungen الملحمية التي استمدت بعض أحداثها من أعمال بطل أسطوري رهيب يدعى إتزل Etzel (الشكل الجرماني لاسم أتيلا). وأوحت مقابلته البابا للرسام الإيطالي رافائيلو موضوع لوحة في قصر الفاتيكان يظهر فيها أتيلا مبهوراً من ليون الأول وأرديته الكهنوتية.
مظهر شهاب
Attila - Attila
أتِّيلا (ت 453)
أتِّيلا Attila بن موندزوك ورث مع أخيه بليدا Bléda حكم امبراطورية الهون [ر] في أوربة خلفاً لعمهما روجيلا سنة 434م. ثم قتل أتيلا أخاه وانفرد بالحكم سنة 445م.
ينحدر الهون الأوربيون من عناصر آسيوية تنتمي إلى المجموعة التركية المغولية التي كانت تستوطن السهوب السيبرية الشرقية. وقد أخذت قبائلهم تنفذ نحو سنة 375م إلى أوربة عن طريق مجرى الفولغا الأدنى لتظهر ثانية على مسرح التاريخ. وبدأت تظهر فيهم منذ 450م تأثيرات طفيفة للمدنية الرومانية، مع احتفاظهم بقدر كبير من عاداتهم المتوارثة. فظلوا وثنيين يعتنقون الشامانية القائمة على عبادة السماء والجبال. وكان احتكاكهم الأول بالعالم الروماني سلمياً، وعمل بعضهم خدماً في المدن الإيطالية، ثم أخذت قبائلهم تتحد نحو سنة 405و406م إلى أن كونت امبراطورية حكمها روجيلا (425-434م). وأجبرت حروبه بيزنطة على دفع أتاوى سنوية له.
عاش أتيلا في صباه رهينة مدة في البلاط الروماني، ولم يشأ على صغر سنه أن يجرفه تيار الترف هناك، فظل أمياً مع أنه أتقن اللغة اللاتينية. وعمل بعد تسليمه الحكم على إبعاد شعبه عن تأثير المدنية الرومانية.
وكانت عاصمته قرية كبيرة في حوض الدانوب الأوسط، وصفها المبعوث البيزنطي بريسكوس Priscos (448). وكان قصر الملك على تل يتوسط منازل الرعية، بني من الخشب المزخرف. وقد استهل أتيلا حروبه مع بيزنطة 441، متذرعاً برفضها مضاعفة الإتاوة، فاجتاز الدانوب واكتسح عدة مدن بيزنطية وبلغ تراقية، فأذعن له الإمبراطور تيودوسيوس Theodosius الثاني وقبل زيادة الغرامة المالية المعتادة، وفي سنة 447 وصل إلى أسوار القسطنطينية. ولم تحقق المفاوضات بين البعثات المتبادلة بين الطرفين على مدى عامين (448-449) فائدة تذكر لأتيلا، فتوجه بقواته نحو الغرب وفد أغراه ضعف رومة. ولما رفض الإمبراطور فالنتنيان Valentianus الثالث دفع الإتاوة السنوية ادعى أتيلا أن الأميرة هونوريا شقيقة الإمبراطور أرسلت تعرض عليه الزواج، وأنه جاء يطالب بغالية مهراً لها. وأغار عليها ب- 500.000 مقاتل عبر بهم نهر الراين (451)، فاجتاح عدة مدن ثم حاصر أورليان. ولكن حلفاً من الرومان والفيزيقوط (القوط الغربيون) والفرنجة قاده الروماني آيتيوس Aétius، أجبر أتيلا على التراجع إلى كامبوس ميرياكوس حيث دارت معركة طاحنة انتهت بهزيمة غير حاسمة للهون وتمكنوا من الانسحاب بسلام.
لم تؤثر هزيمة كامبوس ميرياكوس في قدرات أتيلا المعنوية والعسكرية. ولذلك زحف في ربيع 452م إلى إيطالية عن طريق الألب ساعياً للظفر بهونوريا. فاجتاح مدن حوض البو وتقبل خضوع ميلانو. والتقى بالبابا ليون الأول الكبير Leo I وبمبعوثي الإمبراطور فالنتنيان على ضفاف نهر مانسيو Mincio رافد البو. ويقال إن مهابة البابا وفصاحته أثرتا في أتيلا وأقنعتاه بالعودة عن رومة مقابل وعد بإتمام الزواج واستمرار دفع الأتاوى. وكانت بعض إصابات الطاعون قد ظهرت في جنده.
مات أتيلا فجأة بنزيف دموي سببه انفجار شرياني سنة 453 في عاصمته عقب عرس صاخب احتفالاً بزواجه من فتاة جرمانية في إثر عودته من إيطالية.
تبدو في أتيلا الصفات المميزة لشعبه فكان قصير القامة عريض الصدر داكن البشرة ضخم الرأس غائر العينين أفطس الأنف. لا يتميز في ثيابه في رعيته إلا بالنظافة، وكان حريصاً على العدل بين أتباعه، هادئاً متزناً، ولكنه مخيف عندما يغضب. هداه ذكاؤه الفطري إلى ترك أتباعه يتمتعون بحياة مترفة أكثر مما أباحه لنفسه، ليدفعهم إلى تقديم أقصى ما باستطاعتهم في الحرب. وكان كذلك دبلوماسياً بارعاً في تقديم البراهين على صحة آرائه مما قلل الشعور عند بعض معاصريه بأنه بلاء الإله كما أشاع هو عن نفسه.
ويعد أتيلا النموذج الأول لزعيم بدائي قدم من السهوب ليقيم أول إمبراطورية بدوية في أواسط أوربة وقد ألهم جنكيز خان وتيمور لنك فكرة سيادة العالم والاستعلاء على الحكام، وتطبيق أسلوب القتل الشامل للأعداء، والاستعانة بالمهزومين من الأسرى لتحقيق انتصارات جديدة. وقد ثار الجرمان الخاضعون للهون بعد وفاته، فاستقل الأستروغوط (القوط الشرقيون) في بانونية والجيبيد في داسية (454). واضطرت أغلبية الهون إلى الارتداد إلى سهوب شمال البحر الأسود حيث أخذت الدبلوماسية البيزنطية تعمل على تأليب بعضهم على بعض حتى قدوم الآفار Avares الآسيويين فأخضعوهم.
دفعت حركات الهون في أوربة بعض الجرمان إلى اللجوء إلى الأراضي الرومانية. وأسهمت في اتفاق الشعبين لدفع العدو المشترك. وتوقف استعمال الدانوب طريقاً للتجارة مدة طويلة لتكرر غارات الهون على الأراضي البيزنطية في أوربة الشرقية. وأدى استقرارهم هناك واختلاطهم بالسكان إلى ظهور الملامح المغوليةعلى بعض هؤلاء. وأثارت أعمال أتيلا الخارقة في قسوتها خيال الكتاب الجرمان في العصر الوسيط فظهرت أناشيد النيبلونغن Nibelungen الملحمية التي استمدت بعض أحداثها من أعمال بطل أسطوري رهيب يدعى إتزل Etzel (الشكل الجرماني لاسم أتيلا). وأوحت مقابلته البابا للرسام الإيطالي رافائيلو موضوع لوحة في قصر الفاتيكان يظهر فيها أتيلا مبهوراً من ليون الأول وأرديته الكهنوتية.
مظهر شهاب