متوسط (بحر)
Mediterranean Sea - Mer Méditerranée
المتوسط (البحر ـ)
البحر المتوسط Mediterranean Sea من بحار المحيط الأطلسي، وهو بحر قاري داخلي تُطْبق عليه قارات أوربا وآسيا وإفريقيا من كل الجهات؛ لولا مضيق جبل طارق الممتد 60كم ونيف وعرضه 14-44كم وعمقه الأوسط 286م، مما يعوق وصول المياه الأطلسية العميقة والقاعية إلى البحر، ويرتبط بالبحر الأحمر والمحيط الهندي بوساطة قناة السويس وبالأسود بمضيق البوسفور.
مسـاحته كبيرة (5.512 مليون كم2) وهو انهدامي عميق (1516م وسـطياً) وعمقه الأقصى قرب جزيرة كريت 5121م. والجزء الشرقي أكـثر عمقاً (3500 ـ 4500م) من الغربي (2500 ـ 3500م).
أهمية البحر
أهمية البحر المتوسط عظيمة، بسبب موقعه شبه المداري المتصِّف بشتاء معتدل البرودة وصيف معتدل الحرارة، كما أن المتوسط نفسه له تأثير ملطف للحرارة صيفاً وشتاء، اتضحت آثاره في الجوانب البشرية والاقتصادية، ولاسيما أن سواحل القارات الثلاث تطل على المتوسط وتطوقه. وقد استوطن الإنسان حوضه منذ فجر التاريخ، وساعد اعتدال المناخ ووفرة المياه على ظهور الحضارات منذ أقدم العصور (البابلية والآشورية والكنعانية والفنينيقية ثم اليونانية والرومانية)، واليوم تطل على سواحله أكثر من عشرين دولة، يسكنها نحو 350 مليون نسمة، وهو الذي يفصل ويصل في آن واحد بين حضارات الشرق وحضارات الغرب، وهو أقصر طريق بين أمريكا الشمالية والشرق الأوسط والأقصى الطبيعي، وقد كان لموقعه هذا تأثير في الواقع البشري والاقتصادي، من نتائجه هذا ظهور علاقات فاعلة بين الشمال المسيحي والجنوب والشرق المسلم، علاقات حضارية سلمية وأخرى عدوانية (الاحتلال الروماني واليوناني للشرق الأوسط والحروب الصليبية، ثم الاستعمار الحديث). ولاتزال الدول الغربية وأمريكا تحتل مراكز وقواعد مرموقة استراتيجياً في البحر المتوسط ومخارج البحر الأحمر وشواطئ شبه الجزيرة العربية.
الظروف الطبيعية
التاريخ الطبيعي للبحر طويل ومعقد وهو جزء من بحر تيثس Tethys العتيق، وتابع للمقعر الآلبي البنائي المضطرب زلازل و براكين.
التضاريس
شواطئ البحر متنوعة الأصول والمظاهر، فهي جبلية صخرية متعرجة معقدة في الشواطئ الأوربية والتركية، إلا أنها بسيطة انكسارية قوسية ومستقيمة وقليلة التعاريج في سواحل بلاد الشام والشمال الإفريقي العربي، وليس فيها سوى خليجين بسيطين واسعين هما خليج سرت الكبير أو سيدر، وخليج قابس التونسي (سرت الصغير).
البحر غني بأشباه الجزر مثل: البيريني Pyrenean والابنين Apennine والبلقان Balkan وآسيا الصغرى، وفيه العديد من الجزر الكبيرة والمتوسطة: قبرص وكريت ورودوس وصقلية وسردينيا وكورسيكا وغيرها. وبسبب التضاريس القاعية والحركات البنائية ووجود الجزر ينقسم البحر إلى بحار ثانوية عديدة:
البحر المشرقي والبحر الايجي ِAegean والآدرياتي Adriatic والايوني Ionian وفي الجزء الغربي للبحر هناك البحر التيريني Tyrrhenian والجزائري البروڤانسي - Algero- Provençal والليغوري Ligurian والبلياري Balearic والبوراني Alboran. ويقسم البحر إلى جزأين متماثلين مساحة: الشرقي والغربي وتفصل بينهما مرتفعات مضيق تونس ـ صقلية (-300 ، -500) وجزيرة صقلية وشبه الجزيرة الأبينينية.
الجزء الشرقي: غني بفجوجه العميقة (الفجوج الهيلينية)، ويبلغ أكثرها عمقاً 5120م، تنتصب إلى جنوبها الظهرة المركزية (السلسلة المتوسطة)، وذلك ما بين الجزر الأيونية وقبرص وتلتحم معها في وسطها الهضبة المتوسطة (2000م)، فتقسم الجزء الشرقي إلى حوضين: المشرقية Levant والمركزية الغربية التي تتمركز شرق العتبة التونسية الصقيلية وعمقها (3500 ، 4000 م) وهي معقدة القاع تضاريسياً، وفي شمالها البحر الأيوني المرتبط مع البحر الادرياتيكي عبر مضيق أوترانتو Otranto العميق (-780م) ويقع البحر الأدرياتيكي بين دول البلقان وإيطاليا وهو بحر أقل عمقاً (800-1250م)، أما في جنوب الحوضة المركزية فتمتد العتبة الإفريقية بعيداً شمالاً وخاصة في خليجي قابس وسرت الكبير (البحر الليبي)، وبحر سرت بامتداد 40-60كم.
الحوضة المشرقية عميقة (-2500 ، -3100م) وتربط شمالاً بالبحر الإيجي بوساطة مضيق كاسوس - رودوس Rodes- Kasos العميق (-900 ، -1000م)، وفي البحر ثلاث وهدات بنائية عميقة، وأعمقها الكريتية (2600م)، أما العتبة القارية الشامية فهي قليلة الامتداد (5 -20كم).
الجزء الغربي:
يمتد غرب المضيق التونسي الصقلي وفيه العديد من الحوضات البنائية مثل الحوضة الجزائرية البروڤانسية والبحر التيراني، والأعماق كبيرة (-2500 ، -2800م) في الأولى و(-2550 ، -3600 م) في الثانية؛ وتتصل الحوضتان ببعضهما من الشمال بالمضيق الكورسيكي ومن الجنوب بالسرديني، وفي غرب الحوضة الأعلى يقع بحر البوران Alboran المتصل مباشرة مع المحيط الأطلسي عبر مضيق جبل طارق. والبحر عميق (-1500 ، -1600م), وفي غرب الحوضة الجزائرية البروڤانسية وشمالها بحار صغيرة محلية: بحر البليار غرباً، وفي الشمال البحر الليغوري (شمال جزيرة كورسيكا) وغربه خليج ليون الواسع.
التشكلات الصخرية:
تتمركز المجروفات والمحمولات النهرية (رمال، حصى، حجارة، طين) في العتبات القارية، وفي قيعان الحوضات يُصادف الغضار الكلسي والعضوي، إضافة إلى الرماد والرمال البركانية حيث البراكين، وفي شمالي مصر تمتد دلتا نهر النيل شمالاً.
المناخ:
مناخ البحر نتاج:
ـ الموقع شبه المداري الانتقالي بين النطاقين المداري الصحراوي والمتوسط.
ـ حركة الشمس الفصلية.
ـ تأثير البحر نفسه هطلاً وحرارة. ومن ثم لابد من الاهتمام بالواقع المناخي الفصلي وبفعالية المؤثرات المناخية: الشمالية الأبرد والأرطب، والجنوبية الأكثر حرارة وجفافاً الصحراوية المدارية، ويجب التمييز بين شمال البحر وغربه وجنوبه وشرقه، فالحرارة شتاءً (10 ْ-12 ْم) شمالاً (15 ْ-16 ْم) جنوباً وفي الصيف (18 ْ-22 ْ) شمالاً و(28 ْ-30 ْم) جنوباً. ويشابه الهطل عموماً الواقع الحراري، فالشمال أغزر هطلاً (1000-1500مم) ثم ينخفض تدريجياً جنوباً 400-500مم، ثم (100-200مم) شمال مصر وليبيا, تزداد قيم الهطل بوضوح في المناطق الجبلية الساحلية (800-1400مم) وسطياً وترتفع إلى3500-4500مم في جبال الألب والبلقان. تتنوع مظاهر الطقس في حوض البحر تنوع الفصول والمؤثرات الهوائية الجنوبية والشمالية، فهناك طقس حار وجاف صيفاً وطقس بارد ماطر شتاءً ودافئ شتوي ربيعي وحار دافئ خريفي.
حركة المياه:
تتأثر حركة مياه البحر بالمياه الأطلسية الوافدة واتجاه حركة الرياح وشدتها ودرجة انخفاض مستوى مياه البحر قياساً بالأسود والأطلسي وشكل الشواطئ وتعاريجها وتضاريس القاع.
تيارات البحر دوامية سيكلونية cyclone تتحرك عكس عقارب الساعة، فيما عدا خليجي سرت وقابس حيث الحركة معاكسة أنتي سيكلونية anticyclone.
تنطلق حركة المياه مع دخول الماء الأطلسي إلى البحر، إذ يتشكل تيار مائي كبير يحاذي شواطئ المغرب العربي ويُعرف بالتيار الإفريقي الشمالي، وينشطر عند المضيق التونسي الصقلي إلى فرعين: يتجه الأول شمالاً محاذياً شواطئ صقلية ثم إيطاليا ويمر بجنوب فرنسا وشرق إسبانيا مكوناً العديد من الدوامات المحلية السيكلونية: البورانية، الجزائرية البروڤانسية، الجزائرية الإسبانية التيرينية والسردينية. أما الثاني فإنه يكمل طريقه شرقاً ماراً بشمال ليبيا ومصر، ومكوّناً في خليجي سرت وقابس دوامة أنتي سيكلونية. ومع بلوغ التيار شواطئ بلاد الشام ينحرف شمالاً ثم غرباً جنوب تركيا، ثم يدخل البحر الإيجي لينحرف إلى جنوب اليونان وبعدها يدخل البحر الأدرياتيكي (التيار الأدرياتيكي الشمالي)، ويرجع ثانية جنوباً بموازاة الشواطئ الإيطالية، ثم يلتحم بمياه الفرع الأول ويجتاز المضيق التونسي الصقلي.
يتحرك تيار مائي معاكس على عمق 700- 1000م، من مشرق البحر باتجاه الأطلسي راسماً العديد من الدوامات السيكلونية المحلية, أما في القيعان وبسبب المرتفعات والحواجز القاعية فالمياه حبيسة وبطيئة الحركة كثيراً.
الكتل المائية هي:
- الكتلة المائية السطحية المنشأ 100-200م درجة حرارتها نحو (14 ْ-15 ْم) والملوحة 36.45 في الألف غرباً و39.2 في الألف شرقاً.
ـ الكتلة المشرقية العميقة والانتقالية (250 ـ 600م) وهي أعلى حرارة (16 ْ ـ 17 ْم) وملوحتها 38.7 ــ 39.4 في الألف، وتنتهي في الأطلسي.
- الكتلة القاعية أكثر كثافة وحرارتها (13 ْ ـ 14 ْم).
الملوحة: البحر عالي الملوحة (37 ـ 38 في الألف وسطياً) وتنخفض غرباً إلى 36.5 ـ 37 في الألف، في حين تتجاوز شرقاً وجنوباً 39 في الألف، والملوحة في الأعماق أكثر تجانساً (38 ـ 38.5 في الألف)، والشمال أقل ملوحة من الجنوب لتدني الحرارة وزيادة الهطل ومياه الأنهار الأوربية.
وهذا ما يشاهد كذلك في قيم الكثافة، فهي أعلى في الشمال (0.029) شتاء من الجنوب (0.027 ـ 0.028) وفي الصيف الشمال أقل (0.023 ـ 0.024) من الجنوب لشدة التبخر (0.026 ـ 0.025) وكثافة الأعماق السنوية أكبر (0.028 ـ 0.029)، وهذا التباين في الكثافة له دور فاعل في عمليات التبادل المائي مع الأطلسي والبحر الأسود.
التبادل المائي:
الموازنة المائية في البحر خاسرة لشدة التبخر (1000 ـ 2500مم/سنوياً) وقلة مياه الأنهار، ولولا مياه الأطلسي لتحول البحر إلى بحيرة مالحة تجف مع الأيام، فالأطلسي يهب للبحر المتوسط سنوياً (140000كم3)، ويتلقى منه (38500 كم3) مما يعوض خسارة البحر من مياه التبخر، أما البحر الأسود فيدفع إلى البحر سنوياً (350كم3)، ويأخذ منه (170 كم3)، ومياه البحر الأحمر محدودة الأثر (5 ـ 6كم3).
الثروة الاقتصادية:
البحر غني جداً بالأنواع الحيوية: قطبية، شبه قطبية، مدارية ومحلية، الا أنه فقير كمَّاً، التيار المائي المشرقي الباطني يحمل كميات عظيمة من المواد المغذية (فوسفاتية، عضوية، نيتروجينية) عبر مضيق جبل طارق إلى الأطلسي، وثروات البحر المعدنية قليلة كذلك، ولكن العتبة القارية المصرية الليبية الواسعة غنية على ما يبدو بالغاز والنفط، وكذلك خليج لواء اسكندرون.
شاهر جمال آغا
Mediterranean Sea - Mer Méditerranée
المتوسط (البحر ـ)
البحر المتوسط Mediterranean Sea من بحار المحيط الأطلسي، وهو بحر قاري داخلي تُطْبق عليه قارات أوربا وآسيا وإفريقيا من كل الجهات؛ لولا مضيق جبل طارق الممتد 60كم ونيف وعرضه 14-44كم وعمقه الأوسط 286م، مما يعوق وصول المياه الأطلسية العميقة والقاعية إلى البحر، ويرتبط بالبحر الأحمر والمحيط الهندي بوساطة قناة السويس وبالأسود بمضيق البوسفور.
مسـاحته كبيرة (5.512 مليون كم2) وهو انهدامي عميق (1516م وسـطياً) وعمقه الأقصى قرب جزيرة كريت 5121م. والجزء الشرقي أكـثر عمقاً (3500 ـ 4500م) من الغربي (2500 ـ 3500م).
أهمية البحر
أهمية البحر المتوسط عظيمة، بسبب موقعه شبه المداري المتصِّف بشتاء معتدل البرودة وصيف معتدل الحرارة، كما أن المتوسط نفسه له تأثير ملطف للحرارة صيفاً وشتاء، اتضحت آثاره في الجوانب البشرية والاقتصادية، ولاسيما أن سواحل القارات الثلاث تطل على المتوسط وتطوقه. وقد استوطن الإنسان حوضه منذ فجر التاريخ، وساعد اعتدال المناخ ووفرة المياه على ظهور الحضارات منذ أقدم العصور (البابلية والآشورية والكنعانية والفنينيقية ثم اليونانية والرومانية)، واليوم تطل على سواحله أكثر من عشرين دولة، يسكنها نحو 350 مليون نسمة، وهو الذي يفصل ويصل في آن واحد بين حضارات الشرق وحضارات الغرب، وهو أقصر طريق بين أمريكا الشمالية والشرق الأوسط والأقصى الطبيعي، وقد كان لموقعه هذا تأثير في الواقع البشري والاقتصادي، من نتائجه هذا ظهور علاقات فاعلة بين الشمال المسيحي والجنوب والشرق المسلم، علاقات حضارية سلمية وأخرى عدوانية (الاحتلال الروماني واليوناني للشرق الأوسط والحروب الصليبية، ثم الاستعمار الحديث). ولاتزال الدول الغربية وأمريكا تحتل مراكز وقواعد مرموقة استراتيجياً في البحر المتوسط ومخارج البحر الأحمر وشواطئ شبه الجزيرة العربية.
صورة أقمار صنعية لحوض البحر المتوسط |
التاريخ الطبيعي للبحر طويل ومعقد وهو جزء من بحر تيثس Tethys العتيق، وتابع للمقعر الآلبي البنائي المضطرب زلازل و براكين.
التضاريس
شواطئ البحر متنوعة الأصول والمظاهر، فهي جبلية صخرية متعرجة معقدة في الشواطئ الأوربية والتركية، إلا أنها بسيطة انكسارية قوسية ومستقيمة وقليلة التعاريج في سواحل بلاد الشام والشمال الإفريقي العربي، وليس فيها سوى خليجين بسيطين واسعين هما خليج سرت الكبير أو سيدر، وخليج قابس التونسي (سرت الصغير).
البحر غني بأشباه الجزر مثل: البيريني Pyrenean والابنين Apennine والبلقان Balkan وآسيا الصغرى، وفيه العديد من الجزر الكبيرة والمتوسطة: قبرص وكريت ورودوس وصقلية وسردينيا وكورسيكا وغيرها. وبسبب التضاريس القاعية والحركات البنائية ووجود الجزر ينقسم البحر إلى بحار ثانوية عديدة:
البحر المشرقي والبحر الايجي ِAegean والآدرياتي Adriatic والايوني Ionian وفي الجزء الغربي للبحر هناك البحر التيريني Tyrrhenian والجزائري البروڤانسي - Algero- Provençal والليغوري Ligurian والبلياري Balearic والبوراني Alboran. ويقسم البحر إلى جزأين متماثلين مساحة: الشرقي والغربي وتفصل بينهما مرتفعات مضيق تونس ـ صقلية (-300 ، -500) وجزيرة صقلية وشبه الجزيرة الأبينينية.
الجزء الشرقي: غني بفجوجه العميقة (الفجوج الهيلينية)، ويبلغ أكثرها عمقاً 5120م، تنتصب إلى جنوبها الظهرة المركزية (السلسلة المتوسطة)، وذلك ما بين الجزر الأيونية وقبرص وتلتحم معها في وسطها الهضبة المتوسطة (2000م)، فتقسم الجزء الشرقي إلى حوضين: المشرقية Levant والمركزية الغربية التي تتمركز شرق العتبة التونسية الصقيلية وعمقها (3500 ، 4000 م) وهي معقدة القاع تضاريسياً، وفي شمالها البحر الأيوني المرتبط مع البحر الادرياتيكي عبر مضيق أوترانتو Otranto العميق (-780م) ويقع البحر الأدرياتيكي بين دول البلقان وإيطاليا وهو بحر أقل عمقاً (800-1250م)، أما في جنوب الحوضة المركزية فتمتد العتبة الإفريقية بعيداً شمالاً وخاصة في خليجي قابس وسرت الكبير (البحر الليبي)، وبحر سرت بامتداد 40-60كم.
الحوضة المشرقية عميقة (-2500 ، -3100م) وتربط شمالاً بالبحر الإيجي بوساطة مضيق كاسوس - رودوس Rodes- Kasos العميق (-900 ، -1000م)، وفي البحر ثلاث وهدات بنائية عميقة، وأعمقها الكريتية (2600م)، أما العتبة القارية الشامية فهي قليلة الامتداد (5 -20كم).
الجزء الغربي:
يمتد غرب المضيق التونسي الصقلي وفيه العديد من الحوضات البنائية مثل الحوضة الجزائرية البروڤانسية والبحر التيراني، والأعماق كبيرة (-2500 ، -2800م) في الأولى و(-2550 ، -3600 م) في الثانية؛ وتتصل الحوضتان ببعضهما من الشمال بالمضيق الكورسيكي ومن الجنوب بالسرديني، وفي غرب الحوضة الأعلى يقع بحر البوران Alboran المتصل مباشرة مع المحيط الأطلسي عبر مضيق جبل طارق. والبحر عميق (-1500 ، -1600م), وفي غرب الحوضة الجزائرية البروڤانسية وشمالها بحار صغيرة محلية: بحر البليار غرباً، وفي الشمال البحر الليغوري (شمال جزيرة كورسيكا) وغربه خليج ليون الواسع.
التشكلات الصخرية:
تتمركز المجروفات والمحمولات النهرية (رمال، حصى، حجارة، طين) في العتبات القارية، وفي قيعان الحوضات يُصادف الغضار الكلسي والعضوي، إضافة إلى الرماد والرمال البركانية حيث البراكين، وفي شمالي مصر تمتد دلتا نهر النيل شمالاً.
مناخ البحر نتاج:
ـ الموقع شبه المداري الانتقالي بين النطاقين المداري الصحراوي والمتوسط.
ـ حركة الشمس الفصلية.
ـ تأثير البحر نفسه هطلاً وحرارة. ومن ثم لابد من الاهتمام بالواقع المناخي الفصلي وبفعالية المؤثرات المناخية: الشمالية الأبرد والأرطب، والجنوبية الأكثر حرارة وجفافاً الصحراوية المدارية، ويجب التمييز بين شمال البحر وغربه وجنوبه وشرقه، فالحرارة شتاءً (10 ْ-12 ْم) شمالاً (15 ْ-16 ْم) جنوباً وفي الصيف (18 ْ-22 ْ) شمالاً و(28 ْ-30 ْم) جنوباً. ويشابه الهطل عموماً الواقع الحراري، فالشمال أغزر هطلاً (1000-1500مم) ثم ينخفض تدريجياً جنوباً 400-500مم، ثم (100-200مم) شمال مصر وليبيا, تزداد قيم الهطل بوضوح في المناطق الجبلية الساحلية (800-1400مم) وسطياً وترتفع إلى3500-4500مم في جبال الألب والبلقان. تتنوع مظاهر الطقس في حوض البحر تنوع الفصول والمؤثرات الهوائية الجنوبية والشمالية، فهناك طقس حار وجاف صيفاً وطقس بارد ماطر شتاءً ودافئ شتوي ربيعي وحار دافئ خريفي.
حركة المياه:
تتأثر حركة مياه البحر بالمياه الأطلسية الوافدة واتجاه حركة الرياح وشدتها ودرجة انخفاض مستوى مياه البحر قياساً بالأسود والأطلسي وشكل الشواطئ وتعاريجها وتضاريس القاع.
تيارات البحر دوامية سيكلونية cyclone تتحرك عكس عقارب الساعة، فيما عدا خليجي سرت وقابس حيث الحركة معاكسة أنتي سيكلونية anticyclone.
تنطلق حركة المياه مع دخول الماء الأطلسي إلى البحر، إذ يتشكل تيار مائي كبير يحاذي شواطئ المغرب العربي ويُعرف بالتيار الإفريقي الشمالي، وينشطر عند المضيق التونسي الصقلي إلى فرعين: يتجه الأول شمالاً محاذياً شواطئ صقلية ثم إيطاليا ويمر بجنوب فرنسا وشرق إسبانيا مكوناً العديد من الدوامات المحلية السيكلونية: البورانية، الجزائرية البروڤانسية، الجزائرية الإسبانية التيرينية والسردينية. أما الثاني فإنه يكمل طريقه شرقاً ماراً بشمال ليبيا ومصر، ومكوّناً في خليجي سرت وقابس دوامة أنتي سيكلونية. ومع بلوغ التيار شواطئ بلاد الشام ينحرف شمالاً ثم غرباً جنوب تركيا، ثم يدخل البحر الإيجي لينحرف إلى جنوب اليونان وبعدها يدخل البحر الأدرياتيكي (التيار الأدرياتيكي الشمالي)، ويرجع ثانية جنوباً بموازاة الشواطئ الإيطالية، ثم يلتحم بمياه الفرع الأول ويجتاز المضيق التونسي الصقلي.
يتحرك تيار مائي معاكس على عمق 700- 1000م، من مشرق البحر باتجاه الأطلسي راسماً العديد من الدوامات السيكلونية المحلية, أما في القيعان وبسبب المرتفعات والحواجز القاعية فالمياه حبيسة وبطيئة الحركة كثيراً.
الكتل المائية هي:
- الكتلة المائية السطحية المنشأ 100-200م درجة حرارتها نحو (14 ْ-15 ْم) والملوحة 36.45 في الألف غرباً و39.2 في الألف شرقاً.
ـ الكتلة المشرقية العميقة والانتقالية (250 ـ 600م) وهي أعلى حرارة (16 ْ ـ 17 ْم) وملوحتها 38.7 ــ 39.4 في الألف، وتنتهي في الأطلسي.
- الكتلة القاعية أكثر كثافة وحرارتها (13 ْ ـ 14 ْم).
الملوحة: البحر عالي الملوحة (37 ـ 38 في الألف وسطياً) وتنخفض غرباً إلى 36.5 ـ 37 في الألف، في حين تتجاوز شرقاً وجنوباً 39 في الألف، والملوحة في الأعماق أكثر تجانساً (38 ـ 38.5 في الألف)، والشمال أقل ملوحة من الجنوب لتدني الحرارة وزيادة الهطل ومياه الأنهار الأوربية.
وهذا ما يشاهد كذلك في قيم الكثافة، فهي أعلى في الشمال (0.029) شتاء من الجنوب (0.027 ـ 0.028) وفي الصيف الشمال أقل (0.023 ـ 0.024) من الجنوب لشدة التبخر (0.026 ـ 0.025) وكثافة الأعماق السنوية أكبر (0.028 ـ 0.029)، وهذا التباين في الكثافة له دور فاعل في عمليات التبادل المائي مع الأطلسي والبحر الأسود.
التبادل المائي:
الموازنة المائية في البحر خاسرة لشدة التبخر (1000 ـ 2500مم/سنوياً) وقلة مياه الأنهار، ولولا مياه الأطلسي لتحول البحر إلى بحيرة مالحة تجف مع الأيام، فالأطلسي يهب للبحر المتوسط سنوياً (140000كم3)، ويتلقى منه (38500 كم3) مما يعوض خسارة البحر من مياه التبخر، أما البحر الأسود فيدفع إلى البحر سنوياً (350كم3)، ويأخذ منه (170 كم3)، ومياه البحر الأحمر محدودة الأثر (5 ـ 6كم3).
الثروة الاقتصادية:
البحر غني جداً بالأنواع الحيوية: قطبية، شبه قطبية، مدارية ومحلية، الا أنه فقير كمَّاً، التيار المائي المشرقي الباطني يحمل كميات عظيمة من المواد المغذية (فوسفاتية، عضوية، نيتروجينية) عبر مضيق جبل طارق إلى الأطلسي، وثروات البحر المعدنية قليلة كذلك، ولكن العتبة القارية المصرية الليبية الواسعة غنية على ما يبدو بالغاز والنفط، وكذلك خليج لواء اسكندرون.
شاهر جمال آغا