مجهريه (جراحه)
Microsurgery - Microchirurgie
المجهرية (الجراحة ـ)
الجراحة المجهرية microsurgery، هي الطرق والوسائل الجراحية التي يمكن بوساطتها تطبيق التقنيات الجراحية على بنى تشريحية دقيقة لايمكن رؤيتها بوضوح بالعين المجردة، أو على آفات مرضية لايمكن تحديد حوافها إلا باستعمال وسائل مساعدة كالمجهر الجراحي، إضافة إلى الأدوات والآلات الجراحية الخاصة التي تستعمل لهذا الهدف، والتي تسهل إنجاز العمل الجراحي عبر رؤية واضحة ومباشرة من خلال المجهر.
ظهرت في نهاية القرن التاسع عشر المحاولات الجراحية الأولى لخياطة الشرايين والأوردة لمعالجة المرضى المصابين بالرضوض أو الجروح، وكانت النتائج الجراحية سيئةً في كثير من الأحيان، لعدم إعادة التروية الدموية، بسبب استحالة خياطة الأوعية الدموية الدقيقة، مما أدى أحياناً إلى بتر الطرف المعالج؛ لهذا بقيت الجراحة الوعائية من دون أي تطور يذكر حتى نهاية الحرب العالمية الثانية، عندها بدئ باستعمال العدسات المكبرة، وبعدها استعمل المجهر الجراحي، ولكن على نحو محدود جداً حتى عام 1964، حينما قام هاري بونكه Harry Bunke بتجارب مخبرية على الحيوانات، استطاع في أثنائها بمساعدة المجهر الجراحي، إعادة زرع أحد الأطراف المبتورة لأرنب بعد وصل مجهري للأوعية، التي كان قطرها أقل من ميليمتر واحد، مستعملاًَ خيوطاً دقيقة من النايلون وإبراً صغيرة. كانت هذه بداية تطور جراحة الأوعية وجراحة زرع الأطراف.
لم تقتصر الجراحة المجهرية على الجراحة الوعائية، بل واكبها تطور واسع في الجراحة العينية، وجراحة الأذن والأنف والحنجرة، والجراحة العصبية.
إن أكثر الجراحات التي تطورت بسبب استعمال المجهر الجراحي هي الجراحة العصبية بسبب دقة البنى التشريحية والوظيفية التي يتعامل معها في أثناء الجراحة، لذلك فإن أكثر المجاهر الجراحية تطوراً ودقة هي تلك التي صممت بمساعدة الجراحين العصبيين, من هنا كان الألماني هانس ليتمَن Hans Littmann من شركة تسايس Zeiss من أكثر المهتمين في حقل المجاهر الطبية، فقد صمم مجهراً خاصاً بالجراحة العصبية، طُوّر بعد ذلك إلى أنواع غاية في الجودة والإضاءة والحركات والدقة، وبعضها يتحرك في كل الاتجاهات بوساطة عتلة صغيرة يجري تحريكها بالفم، وهو المجهر الذي صُنع بالتعاون مع جرّاح الدماغ والأعصاب الشهير محمود يسارجيلMahmut Yasargil.
وفي بداية القرن الماضي، وبالتحديد في عام 1910، حاول جراح الأعصاب كوشينغ Cushing استئصال أورام الغدة النخامية عن طريق الأنف. وأخفقت هذه العملية الجراحية لعدم وجود رؤية كافية، ولصغر الحقل الجراحي. أما اليوم وبفضل المجهر الجراحي فقد صارت هذه العملية منوالية تجرى في كل أنحاء العالم.
في عام1950 لاحظ ليونارد ماليس Leonard Maliss أن المجهر يفيد في دراسة سطح الدماغ وأنه من الممكن في حالة بعض الأورام تمييز المناطق المصابة من المناطق السليمة. وفي العام ذاته قام تيودور كورتس Theodore Kurze في جامعة كاليفورنيا بإجراء أول عملية جراحية لاستئصال ورم في العصب السمعي، مستعملاً لأول مرة المجهر الجراحي في هذا النوع من العمليات، مؤكداً أنه من غير الممكن إجراء هذه العملية بالدقة المطلوبة من دون استعمال المجهر الجراحي.
وفي بداية العقد السادس من القرن الماضي تطوّرت جراحة الأوعية الدماغية على نحو كبير. ففي عام 1960 قام جاكوبسون Jacobson في جامعة فيرمونت بإجراء أول عملية لوصل الشرايين الدماغية. وفي عام 1964 قام آدامز Adams ومعه ويت Witt بإجراء عملية لإغلاق أمهات الدم الدماغية التي تسبب عادة نزوفاً دماغية تؤدي أحياناً إلى وفاة المريض، إذا لم تجر له عملية جراحية مجهرية. وفي العام نفسه طوَّر مجيد سامي في ألمانيا الغربية جراحة وصل الأعصاب والضفيرة العضدية مستعملاً المجهر الجراحي. وفي عام 1964 أيضاً قام محمود يسارجيل في سويسرا بإجراء عملية لإعادة التروية الدماغية لمرضى مصابين باحتشاء دماغي. وفي عام 1967 قام جانيتا Janneta بإجراء عملية لمرض مثلث التوائم برفع الضغط الوعائي عن العصب الخامس. ومنذ بداية السبعينيات من القرن الماضي، تحسنت نتائج جراحة النخاع الشوكي وفتوق النواة اللبية باستعمال الجراحة المجهرية. وفي السنين الأخيرة، قام أسامة المفتي في أمريكا بتطوير الجراحة المجهرية لأورام قاعدة الجمجمة.
من هنا، يُلاحظ أن الجراحة المجهرية أصبحت الوسيلة الناجعة في معالجة كثير من الأمراض حتى إن بعضها لا يعالج إلا بطريقة الجراحة المجهرية.
حسن قطرميز
Microsurgery - Microchirurgie
المجهرية (الجراحة ـ)
الجراحة المجهرية microsurgery، هي الطرق والوسائل الجراحية التي يمكن بوساطتها تطبيق التقنيات الجراحية على بنى تشريحية دقيقة لايمكن رؤيتها بوضوح بالعين المجردة، أو على آفات مرضية لايمكن تحديد حوافها إلا باستعمال وسائل مساعدة كالمجهر الجراحي، إضافة إلى الأدوات والآلات الجراحية الخاصة التي تستعمل لهذا الهدف، والتي تسهل إنجاز العمل الجراحي عبر رؤية واضحة ومباشرة من خلال المجهر.
المجهر الجراحي |
لم تقتصر الجراحة المجهرية على الجراحة الوعائية، بل واكبها تطور واسع في الجراحة العينية، وجراحة الأذن والأنف والحنجرة، والجراحة العصبية.
إن أكثر الجراحات التي تطورت بسبب استعمال المجهر الجراحي هي الجراحة العصبية بسبب دقة البنى التشريحية والوظيفية التي يتعامل معها في أثناء الجراحة، لذلك فإن أكثر المجاهر الجراحية تطوراً ودقة هي تلك التي صممت بمساعدة الجراحين العصبيين, من هنا كان الألماني هانس ليتمَن Hans Littmann من شركة تسايس Zeiss من أكثر المهتمين في حقل المجاهر الطبية، فقد صمم مجهراً خاصاً بالجراحة العصبية، طُوّر بعد ذلك إلى أنواع غاية في الجودة والإضاءة والحركات والدقة، وبعضها يتحرك في كل الاتجاهات بوساطة عتلة صغيرة يجري تحريكها بالفم، وهو المجهر الذي صُنع بالتعاون مع جرّاح الدماغ والأعصاب الشهير محمود يسارجيلMahmut Yasargil.
وفي بداية القرن الماضي، وبالتحديد في عام 1910، حاول جراح الأعصاب كوشينغ Cushing استئصال أورام الغدة النخامية عن طريق الأنف. وأخفقت هذه العملية الجراحية لعدم وجود رؤية كافية، ولصغر الحقل الجراحي. أما اليوم وبفضل المجهر الجراحي فقد صارت هذه العملية منوالية تجرى في كل أنحاء العالم.
في عام1950 لاحظ ليونارد ماليس Leonard Maliss أن المجهر يفيد في دراسة سطح الدماغ وأنه من الممكن في حالة بعض الأورام تمييز المناطق المصابة من المناطق السليمة. وفي العام ذاته قام تيودور كورتس Theodore Kurze في جامعة كاليفورنيا بإجراء أول عملية جراحية لاستئصال ورم في العصب السمعي، مستعملاً لأول مرة المجهر الجراحي في هذا النوع من العمليات، مؤكداً أنه من غير الممكن إجراء هذه العملية بالدقة المطلوبة من دون استعمال المجهر الجراحي.
وفي بداية العقد السادس من القرن الماضي تطوّرت جراحة الأوعية الدماغية على نحو كبير. ففي عام 1960 قام جاكوبسون Jacobson في جامعة فيرمونت بإجراء أول عملية لوصل الشرايين الدماغية. وفي عام 1964 قام آدامز Adams ومعه ويت Witt بإجراء عملية لإغلاق أمهات الدم الدماغية التي تسبب عادة نزوفاً دماغية تؤدي أحياناً إلى وفاة المريض، إذا لم تجر له عملية جراحية مجهرية. وفي العام نفسه طوَّر مجيد سامي في ألمانيا الغربية جراحة وصل الأعصاب والضفيرة العضدية مستعملاً المجهر الجراحي. وفي عام 1964 أيضاً قام محمود يسارجيل في سويسرا بإجراء عملية لإعادة التروية الدماغية لمرضى مصابين باحتشاء دماغي. وفي عام 1967 قام جانيتا Janneta بإجراء عملية لمرض مثلث التوائم برفع الضغط الوعائي عن العصب الخامس. ومنذ بداية السبعينيات من القرن الماضي، تحسنت نتائج جراحة النخاع الشوكي وفتوق النواة اللبية باستعمال الجراحة المجهرية. وفي السنين الأخيرة، قام أسامة المفتي في أمريكا بتطوير الجراحة المجهرية لأورام قاعدة الجمجمة.
من هنا، يُلاحظ أن الجراحة المجهرية أصبحت الوسيلة الناجعة في معالجة كثير من الأمراض حتى إن بعضها لا يعالج إلا بطريقة الجراحة المجهرية.
حسن قطرميز