"لينا الكاتب"..التشكيلية المشغولة بالتجريب
دمشق
لم يكن حبها وشغفها بالفن هو وحده الذي مكّن الفنانة التشكيلية "لينا الكاتب" من ابتكار طرق جديدة لتشكيل لوحات من الزجاج والنايلون الشفاف وغيره، بل أيضاً خوضها لغمار التجريب والبحث في المدارس التشكيلية والتقنيات المختلفة، وهو ما أضاف قيمة إلى لوحاتها تشكيلاً وتقنية.
صقل الموهبة
ترى التشكيلية "لينا الكاتب" إن الحياة باهتة جداً من دون الفن والألوان التي تمسح غبار الروح وتنعش الحياة اليومية، محولة إياها إلى مساحة خضراء تُعنى بكل ما هو جميل وحيوي ومبدع. هذا ما بدأت به حديثها لمدونة وطن" eSyria" وعن تجربتها وبداياتها الفنية تقول: «دخلت عالم الفن منذ الصغر متأثرة بأهلي فقد نشأت ضمن أسرة مهتمة بالفن ومتابعة للمعارض الفنية، فوالدي رسام وجدي وخالي أيضاً كانا رسامين، وكانوا الداعمين الأساسيين لموهبتي، ثم تابعت مسيرة التعلم الذاتي بالالتحاق بدورات تدريبية متعددة وصولاً إلى مرحلة الدراسة الأكاديمية ضمن الجامعة، والتي برأيي مرحلة مهمة للفنان لأنها تفسح له مجالاً واسعاً، وتمنحه فرصة للاطلاع على تجارب غيره من الطلاب والفنانين الأساتذة، وتغني مخزونه البصري بشكل كبير كون الجامعة تفسح المجال أمام الطالب للتجريب والبحث».
ضمن نطاق التجارب الفنية التي قامت بها "الكاتب" تعددت تقنياتها التي عملت عليها، فقد رسمت بالرصاص والأحبار والفحم والألوان المختلفة من زيتي وأكرليك ومائي وغيره، بالإضافة إلى تجارب فردية ابتكرتها كتقنية "النيغاتيف السلبي" بهدف التجريب والبحث الدائم عن تقنيات جديدة لاختبار قدرتها الذاتية، وقدرة هذه التقنية أو تلك في إضفاء طابع خاص على اللوحة التي ترسمها».
إحدى لوحاتها
وتضيف: «عرضت ضمن معرضي الفردي "صندوق من زجاج" الذي أقيم منذ عدة شهور تجربة جديدة عملت عليها لمدة عامين، حمل المعرض مجموعة من الأفكار المرتبطة بالوضع والظروف التي مرت بها بلدنا "سورية" خلال سنوات الأزمة وما بعدها، وجسدت من خلال لوحاتي شخصيات بحركات ورموز مختلفة تعبر عن الحالة النفسية والضغوطات والمشاعر المتناقضة واختلاف انطباعات الشخصيات وطريقة تفاعلهم مع الحدث بين مواجهة أو هروب، محاولات للتغيير أو جمود واستسلام.. وانطلاقاً من فكرة الزجاج التي استخدمتها بعملي الفني الذي رمز للشخص العالق بمكان ضيق ومغلق حيث يرى العالم الخارجي من خلف الزجاج، فأظهرت خامة الزجاج الشفاف اللامع لتبدأ رحلة البحث عن طريقة تخدم الفكرة من دون استخدام الزجاج بشكل فعلي بسبب وزنه الثقيل وصعوبة نقله وهشاشته، فقمت باستبداله بالنايلون الشفاف كخامة جديدة سهلة التعامل معها من قص وشد على الإطار الخشبي، وقدمت ثلاث لوحات تحمل طابع الخداع البصري».
وبرأيها تكمن الصعوبة بهذه التجربة في عدم القدرة على التراجع بالرسم أو باللمسة اللونية، كما يحتاج العمل إلى الدقة والمهارة والتأني بإنجاز العمل الفني، كما أنها قامت بتجسيد الصندوق ضمن معرضها الفردي فقد أنجزت ثلاث لوحات مركبة مع بعضها البعض بشكل صندوق مفتوح، يحمل في طياته روح اللوحة وإحساساً للمشاهد بأنه جزء من العمل الفني المتكامل».
نقد تشكيلي
الناقد التشكيلي والنحات "غازي عانا" يقول عنها: «"لينا الكاتب" فنانة شابة قادمة إلى المشهد التشكيلي على عجل وبثقة العارف، والمتمكّنة من أدوات تعبيرها والمادة التي تشتغل عليها على تنوعها واختلاف خاماتها، الفنانة الشغوفة بالتجريب وهي من اختار نماذج أو موديلات قريبة منها لتكون بمتناول لحظاتها الإبداعية التي تظهر بتدفّقها، وصدق الأداء الذي يشعرك بكثير من الجرأة والثقة بالنفس والاكتفاء بما استقر في المشهد من شخصيات أو مفردات متنوّعة قد لا توليها نفس الأهمية حتى لا تشغل المتلقي بما لا حاجة له فيه باعتقادها، وهذا برأيي يعكس طريقة فهمها وقناعتها بما تشتغل ويرضيها وهذا الأهم، فهي فنانة عرفت كيف تستفيد من كل ما يمكن أن يضيف قيمة إلى لوحتها تشكيلاً وتقنية، وهو ما ظهر في أعمال معرضها الفردي بغاليري "مصطفى علي" بدمشق القديمة (صندوق من زجاج)، والذي قدمت فيه مجموعة مميّزة من اللوحات بمقاسات وتقنيات مختلفة جمعتها الحالة التشخيصية كموضوع، والحالة التعبيرية من حيث الإحباط والخوف الذي اتسمت به معظم شخصياتها التي جسّدتها بأسلوب واقعي يفيض بالتعبير والرمزية، والتي ساهمت بتعدّد احتمالات فهم واستيعاب الموضوع عند المتلقي وهذه بحد ذاتها حالة إيجابية تحفز المشاهد على التفكّر والتأمّل في العمل والحوار بينه وبين اللوحة أو بينه وبين الفنانة أثناء وجودها أو مرافقتها للأعمال، فهي فنانة تستحق كل الاهتمام والتقدير».
وعن رأيه بتجربتها يقول التشكيلي "مصطفى علي": «التشكيلية "لينا الكاتب" تنقل من خلال لوحاتها التي قدمتها بمعرضها مؤخراً (صندوق من زجاج) صورة تعبيرية عن حالة الشباب، حيث طرحت مكعباً في الفراغ يحمل وجوهاً في داخله تنشد الانعتاق والخلاص، إنها معاناة في يومياتهم- حالة القلق والتساؤل، وجوه تحولت إلى جماد بانتظار شيء مجهول عن مستقبلهم، وقد لا يأتي، وتجسد لوحاتها حالة القلق من فقدان الذكريات والأحلام التي تتحول إلى صناديق محكمة الإغلاق».
الجدير بالذكر إن التشكيلية "لينا الكاتب" شاركت بمجموعة من المعارض الجماعية بالإضافة لمشاركتها بإكسبو "دبي" 2020 المقام بدولة الإمارات العربية المتحدة.
- نجوى عبد العزيز محمود
دمشق
لم يكن حبها وشغفها بالفن هو وحده الذي مكّن الفنانة التشكيلية "لينا الكاتب" من ابتكار طرق جديدة لتشكيل لوحات من الزجاج والنايلون الشفاف وغيره، بل أيضاً خوضها لغمار التجريب والبحث في المدارس التشكيلية والتقنيات المختلفة، وهو ما أضاف قيمة إلى لوحاتها تشكيلاً وتقنية.
صقل الموهبة
ترى التشكيلية "لينا الكاتب" إن الحياة باهتة جداً من دون الفن والألوان التي تمسح غبار الروح وتنعش الحياة اليومية، محولة إياها إلى مساحة خضراء تُعنى بكل ما هو جميل وحيوي ومبدع. هذا ما بدأت به حديثها لمدونة وطن" eSyria" وعن تجربتها وبداياتها الفنية تقول: «دخلت عالم الفن منذ الصغر متأثرة بأهلي فقد نشأت ضمن أسرة مهتمة بالفن ومتابعة للمعارض الفنية، فوالدي رسام وجدي وخالي أيضاً كانا رسامين، وكانوا الداعمين الأساسيين لموهبتي، ثم تابعت مسيرة التعلم الذاتي بالالتحاق بدورات تدريبية متعددة وصولاً إلى مرحلة الدراسة الأكاديمية ضمن الجامعة، والتي برأيي مرحلة مهمة للفنان لأنها تفسح له مجالاً واسعاً، وتمنحه فرصة للاطلاع على تجارب غيره من الطلاب والفنانين الأساتذة، وتغني مخزونه البصري بشكل كبير كون الجامعة تفسح المجال أمام الطالب للتجريب والبحث».
التشكيلية "لينا الكاتب" تنقل من خلال لوحاتها التي قدمتها بمعرضها مؤخراً (صندوق من زجاج) صورة تعبيرية عن حالة الشباب، حيث طرحت مكعباً في الفراغ يحمل وجوهاً في داخله تنشد الانعتاق والخلاص، إنها معاناة في يومياتهم- حالة القلق والتساؤل، وجوه تحولت إلى جماد بانتظار شيء مجهول عن مستقبلهم، وقد لا يأتي، وتجسد لوحاتها حالة القلق من فقدان الذكريات والأحلام التي تتحول إلى صناديق محكمة الإغلاق
صندوق زجاجيضمن نطاق التجارب الفنية التي قامت بها "الكاتب" تعددت تقنياتها التي عملت عليها، فقد رسمت بالرصاص والأحبار والفحم والألوان المختلفة من زيتي وأكرليك ومائي وغيره، بالإضافة إلى تجارب فردية ابتكرتها كتقنية "النيغاتيف السلبي" بهدف التجريب والبحث الدائم عن تقنيات جديدة لاختبار قدرتها الذاتية، وقدرة هذه التقنية أو تلك في إضفاء طابع خاص على اللوحة التي ترسمها».
إحدى لوحاتها
وتضيف: «عرضت ضمن معرضي الفردي "صندوق من زجاج" الذي أقيم منذ عدة شهور تجربة جديدة عملت عليها لمدة عامين، حمل المعرض مجموعة من الأفكار المرتبطة بالوضع والظروف التي مرت بها بلدنا "سورية" خلال سنوات الأزمة وما بعدها، وجسدت من خلال لوحاتي شخصيات بحركات ورموز مختلفة تعبر عن الحالة النفسية والضغوطات والمشاعر المتناقضة واختلاف انطباعات الشخصيات وطريقة تفاعلهم مع الحدث بين مواجهة أو هروب، محاولات للتغيير أو جمود واستسلام.. وانطلاقاً من فكرة الزجاج التي استخدمتها بعملي الفني الذي رمز للشخص العالق بمكان ضيق ومغلق حيث يرى العالم الخارجي من خلف الزجاج، فأظهرت خامة الزجاج الشفاف اللامع لتبدأ رحلة البحث عن طريقة تخدم الفكرة من دون استخدام الزجاج بشكل فعلي بسبب وزنه الثقيل وصعوبة نقله وهشاشته، فقمت باستبداله بالنايلون الشفاف كخامة جديدة سهلة التعامل معها من قص وشد على الإطار الخشبي، وقدمت ثلاث لوحات تحمل طابع الخداع البصري».
وبرأيها تكمن الصعوبة بهذه التجربة في عدم القدرة على التراجع بالرسم أو باللمسة اللونية، كما يحتاج العمل إلى الدقة والمهارة والتأني بإنجاز العمل الفني، كما أنها قامت بتجسيد الصندوق ضمن معرضها الفردي فقد أنجزت ثلاث لوحات مركبة مع بعضها البعض بشكل صندوق مفتوح، يحمل في طياته روح اللوحة وإحساساً للمشاهد بأنه جزء من العمل الفني المتكامل».
نقد تشكيلي
الناقد التشكيلي والنحات "غازي عانا" يقول عنها: «"لينا الكاتب" فنانة شابة قادمة إلى المشهد التشكيلي على عجل وبثقة العارف، والمتمكّنة من أدوات تعبيرها والمادة التي تشتغل عليها على تنوعها واختلاف خاماتها، الفنانة الشغوفة بالتجريب وهي من اختار نماذج أو موديلات قريبة منها لتكون بمتناول لحظاتها الإبداعية التي تظهر بتدفّقها، وصدق الأداء الذي يشعرك بكثير من الجرأة والثقة بالنفس والاكتفاء بما استقر في المشهد من شخصيات أو مفردات متنوّعة قد لا توليها نفس الأهمية حتى لا تشغل المتلقي بما لا حاجة له فيه باعتقادها، وهذا برأيي يعكس طريقة فهمها وقناعتها بما تشتغل ويرضيها وهذا الأهم، فهي فنانة عرفت كيف تستفيد من كل ما يمكن أن يضيف قيمة إلى لوحتها تشكيلاً وتقنية، وهو ما ظهر في أعمال معرضها الفردي بغاليري "مصطفى علي" بدمشق القديمة (صندوق من زجاج)، والذي قدمت فيه مجموعة مميّزة من اللوحات بمقاسات وتقنيات مختلفة جمعتها الحالة التشخيصية كموضوع، والحالة التعبيرية من حيث الإحباط والخوف الذي اتسمت به معظم شخصياتها التي جسّدتها بأسلوب واقعي يفيض بالتعبير والرمزية، والتي ساهمت بتعدّد احتمالات فهم واستيعاب الموضوع عند المتلقي وهذه بحد ذاتها حالة إيجابية تحفز المشاهد على التفكّر والتأمّل في العمل والحوار بينه وبين اللوحة أو بينه وبين الفنانة أثناء وجودها أو مرافقتها للأعمال، فهي فنانة تستحق كل الاهتمام والتقدير».
وعن رأيه بتجربتها يقول التشكيلي "مصطفى علي": «التشكيلية "لينا الكاتب" تنقل من خلال لوحاتها التي قدمتها بمعرضها مؤخراً (صندوق من زجاج) صورة تعبيرية عن حالة الشباب، حيث طرحت مكعباً في الفراغ يحمل وجوهاً في داخله تنشد الانعتاق والخلاص، إنها معاناة في يومياتهم- حالة القلق والتساؤل، وجوه تحولت إلى جماد بانتظار شيء مجهول عن مستقبلهم، وقد لا يأتي، وتجسد لوحاتها حالة القلق من فقدان الذكريات والأحلام التي تتحول إلى صناديق محكمة الإغلاق».
الجدير بالذكر إن التشكيلية "لينا الكاتب" شاركت بمجموعة من المعارض الجماعية بالإضافة لمشاركتها بإكسبو "دبي" 2020 المقام بدولة الإمارات العربية المتحدة.