لمحة جُغرافيّة عن الهضبة السُّوريّة ( الجولان )
آ ـ الاحوال الطبيعية :
يحتل الجولان الركن الجنوبي الغربي من القطر العربي السوري ، ويشغل أرضا تبلغ مساحتها ( ۱۷۱۰ ) کم ۰۲ ويتألف الجولان من هضبة بركانية ، تميل نحو الغرب ميلا واضحا ، وتشرف على وادي الاردن بحافات شديدة الانحدار ، يصل ارتفاعها الى ـ ٣٠٠ متر في بعض الاحيان ، لا سيما عند سهل الحولة وأطراف بحيرة طبريا ، وتنتهي حدودها جنوبا بوادي اليرموك ، الذي يفصلها عن القطر الاردني . وتشترك في حدودها الشمالية الغربية مع القطر اللبناني في سلسلة جبال الحرمون المرتفعة ، ويتصل سفح هذه الهضبة الشرقي بسهول حوران على طول وادي نهر الرقـاد ، بينما تفصلها التلال البركانية في الشمال عن غوطة دمشق.
ويتميز سطح هذه الهضبة بالوعورة ، اذاما قورن بأرض حوران المجاورة اذ ترتفع بعض جهاتها الى ٦٠٠ متر في الشرق ، وتقل عن ذلك باتجاه الغرب . وتبلغ فروق الارتفاع المحلية زهـاء ـ ۳۰۰ ـ متر ، لاسيمـا بالقرب مـن المخاريط البركانية المتناثرة ، والاودية السلسلية المتعمقة في داخل الهضبة • ويرتفع فوق هذه الهضبة عدد من الجبال والتلال ، ينتشر بعضها على شكل مخاريط بركانية متفرقة ، مثل : تل الاحمر وتل أبي الندى وتل الشيخة وتـل العرام وتل الفرس . وينتظم بعضها على شكل جبال متجمعة ، في محور يتجه من الشمال الى الجنوب ، يمتـد من جنوب مدينة القنيطرة الى قريـة الرفيد ، ويعرف بسلسلة جبال الجـولان التي ترتفع أعلى قمة فيها الى – ١١٥٨ - مترا ، عند قرية بئر العجم • وتشتمل هذه الهضبة على وديان صغيرة ، تتميز بقلة مياهها ، وبالتالي بعدم قدرتها على تعميق مجاريها ، باستثناء الرقاد واليرموك اللذين استطاعا اختراق الطبقة البازالتية القاسية والكشف عمـا تخفيـه تحتهـا من صخـور حواريـة لينـة . ويتضح من دراسة الاحصاءات المناخيـة ، أن متوسط الحرارة يزيد في الاجزاء الجنوبية والشرقية عنه في الاجزاء الشمالية والغربية ، اذ يبلغ متوسط الحرارة السنوي ، مثلا ، في القنيطرة ١٤.٢ درجة مئوية ، ويرتفع في فيق الـى ١٥.٢ درجة مئوية .
ولا يبعد الجولان عن البحر المتوسط بأكثر من قرابة ـ ٤٥ ـ كم ، ولا يحجبه عنه أي مرتفع هام . ولذا تصل اليه المؤثرات البحرية عبر وادي الاردن وسهول فلسطين الشمالية ، وتتوغل فيه حتى تصطدم بمرتفعات الجولان الشرقية . ، وتسود هذه المنطقة الرياح الغربية والجنوبية الغربية في الاجزاء الشمالية والوسطى من الهضبة ، بينما تظهر الرياح الشرقية في الأجزاء الجنوبية بسبب انعدام المرتفعات التي تفصلها عن أرض حوران المجاورة • وأما الامطار ، فهي تزداد في الجبهات الشمالية والشرقيـة ، وتتجاوز - ۱۰۰۰ مم في مدينة القنيطرة سنويا ، بينما تنخفض إلى نصف هذه الكمية في الاجزاء الجنوبية ، حول منطقة فيق ، وتسقط الثلوج لمدة أسبوعين أو ثلاثة في كل عام ، لا سيما في الاجزاء الشمالية والشرقية من الهضبة •
ـ السكان :
تشير الاحصاءات الحيوية الى أن مجموع سكن محافظة القنيطرة يزيد على – ١٣٧ ـ ألف نسمة عام ١٩٧٠ أو مايعادل ٢٪ من مجموع سكان القطر عامة ( 1 ) وترتفع الكثافة فيها الى ٨٠ نسمة في الكيلو متر المربع مما بجعلها في المرتبة الرابعة من حيث الكثافة بعد اللاذقية وحلب و ادلب وتمثل القنيطرة أكبر مراكز التجمع البشري في هذه المحافظة . ويقدر عدد سكانها قبل عدوان حزيران عام ١٩٦٧ بما يقارب ـ ٣٧ ألف نسمة أو ما يعادل ٢٧ ٪ من مجموع سكان المحافظة .
وهذه المحافظة لم تظهر الى الموجود الا في عام 1964 ، وذلك بسبب أهميتها الاستراتيجية ، بالنسبة للحدود الجنوبية الغربية المتاخمة لارض فلسطين المحتلة ، ونظرا للتكامل الاقتصادي بين منطقتي فيق ( التابعة لمحافظة درعا سابقا ) ومنطقة القنيطرة ( التابعة لمحافظة دمشق سابقا ) فقد جمعتا في وحدة ادارية واحدة ، من مرتبة محافظة تحمل اسم محافظة القنيطرة ، ومركزها مدينة القنيطرة •
وتتألف هذه المحافظة من منطقتين هما :
1 – القنيطرة ، وفيها ثلاث نواح وهي : آ ـ ناحية الخشنية
ب ـ ناحيـة خان ارينبة
ج ـ ناحية مسعدة
۲ – منطقة الزوية ومركزها فيق ، وفيها ناحية واحدة وهي ناحية الحجار ( البطيحـة ) . وتضم هذه المحافظـة / ١٦٣ / قرية ( ١١٣ قرية تابعة لمنطقة القنيطرة والأخرى الى منطقة الزوية ) و ١٠٨ مزارع ( ۷۸ مزرعة الى منطقـة القنيطرة والأخرى الى منطقة الزوية ) • ويبلغ عدد القرى المحتلة في عدوان حزيران ١٩٦٧ / ١٤٧ / قريـة ، تقدر مساحة أراضيها بنحو / ١٥٠٠ / كم² .وفي اعقاب عدوان حزيران ١٩٦٧ ، أقام العدو الاسرائيلي مستوطنات عديدة يقارب عددها / ١٧ / مستوطنة • ويعود معظم سكان الجولان الى اصول عربية مازالت تحافظ على روابطها القبلية وتفاخر بها . ونخص بالذكر منها أفخاذ قبيلة الفضل الذين يعيشون غربی القنيطرة ومركزهـم الرئيسي واسط ، ثـم قبيلـة النعيـم ويعيشون شرقي الجولان وجنوب شرقيه ، والخوالد والذياب والويسية وولد علي والرفاعيـة وغيرهم • وقد وفد الى هذه المنطقة عدد من المهاجرين الشراكسـة خـلال العهـد العثماني ، واستقروا في القنيطرة وبعض القرى المجاورة نذكر منها : المنصـورة. والخشنية والمسمية وبئر عجم والقحطانية وبريقيـة وعين زيوان والجويزة وغيرها وتضم المنطقة بضع مئات من الاتراك وفدوا اليها في العهد العثماني أيضا ، واستقر معظمهم في قرى القادرية والسنديانة وكفر نفاخ والعليقة وحضر ، وقد امتزجوا بالقبائل البدوية وأخذوا عنها لهجاتها العربية الصرفة .
وثمة ثلاثة أنماط من المعيشة تنتظم حياة السكان من أبناء المنطقة ، وتتميز بعضها عن بعض ، هي :
الحضر : ويسكنون المدن والقرى ، ويمارسون التجارة والنقل والصناعة ويقومون بالخدمات التي تطلبتها ظروف المنطقة •
البدو : ويمارسون الرعي وينتقلون في مختلف أرجـاء هـذه المتعلقة . ومضاربهم ليست بعيدة عن منازل احوانهم من الحضر •
وبين هؤلاء واولئك فئات تعيش مرحلة انتقالية وتتمثل بالبدو الذين ألفوا حياة الزراعة واستوطنوا مراكز الحضر ، ولكن ارتباطهم بالأرض مازال ضعيفا ، يعافونها أيام المحل .
تعليق