متاحف إماراتية للحفاظ على بريق اللؤلؤ
قصة صيد اللؤلؤ التي مثلت لفترة طويلة أبرز نشاط اقتصادي لأهل الإمارات، مازالت حية في الذاكرة والتقاليد.
كنز من التراث
صيد اللؤلؤ يروي فصولا غنية من تاريخ الإمارات وقصة تطورها الاقتصادي، ويرسم لوحة إنسانية لنمط الحياة التي عاشها الآباء والأجداد، لذلك تأسست متاحف ونُظمت الفعاليات التي تعنى بالتعريف بهذا الموروث.
دبي ـ تبذل الإمارات جهودا متواصلة لصون الموروث الثقافي والتاريخي باعتباره جزءا أصيلا من الهوية، ويأتي في قلب هذا الإرث الغني اللؤلؤ ومهنة الغوص التي مارسها الأجداد على مدار سنين وعقود طويلة حتى باتت جزءا مهما من التاريخ الإماراتي كونها شكلت مصدر الرزق وشريان الحياة الاقتصادي قبل اكتشاف النفط.
وبغية الحفاظ على هذه الثقافة، شيدت الإمارات العديد من المتاحف المخصصة للؤلؤ الطبيعي وأدوات الغوص، كما تحرص على تخصيص أجنحة في متاحفها العامة، ومهرجاناتها الثقافية والتراثية لتعريف الأجيال الجديدة بهذه المهنة التاريخية.
وتعتبر حملة “أجمل شتاء في العالم” في دورتها الثالثة التي تحمل عنوان “موروثنا”، فرصة فريدة لاستقطاب أعداد متزايدة من الزائرين المحليين والسياح لاطلاعهم عن كثب على مهنة صيد اللؤلؤ قديما عبر المتاحف والفعاليات المختلفة، أو من خلال طرق استزراع المحار الحديثة لإنتاج اللآلئ.
وتمثل الرحلة إلى جزيرة اللؤلؤ في أبوظبي فرصة مثالية للزائرين المحليين والسياح للاستماع إلى جزء من حكاية الغوص، وتقاليد الآباء والأجداد في البحث عن المحار.
كما يتيح متحف اللؤلؤ في مبنى بنك “الإمارات دبي الوطني” على خور دبي لزواره مشاهدة أندر وأثمن اللآلئ الطبيعية وأدوات الغوص، وكيفية معرفة جودة اللؤلؤ، وطريقة اختيار التجار صفقاتهم في الماضي البعيد، وكيف يتم التصدير إلى المدن البعيدة، إضافة إلى التعريف بكيفية التفريق بين اللؤلؤ الطبيعي والصناعي.
ويمكن قراءة جزء من تاريخ الغوص عبر زيارة متحف الشارقة البحري، حيث يعرض السفن الخشبية التقليدية التي جابت البحار لأغراض الصيد، والغوص بحثا عن اللؤلؤ، إضافة إلى اللآلئ التي كان يجمعها الأجداد من أعماق الخليج العربي.
وفي رأس الخيمة، يمكن استكشاف تاريخ صيد اللؤلؤ في المنطقة لدى مزرعة لآلئ السويدي، في منطقة الرمس، حيث يتعرف الزوار على الأهمية التاريخية لصيد اللؤلؤ ويطّلعون عن كثب على حياة غواصي اللؤلؤ وزراعته وعملية حصاده.
قصة صيد اللؤلؤ التي مثلت لفترة طويلة أبرز نشاط اقتصادي لأهل الإمارات، مازالت حية في الذاكرة والتقاليد، فقد شكلت مياه الخليج العربي بيئة مثالية للغوص لصيد اللؤلؤ، إذ كان محار اللؤلؤ موجودا بكثرة في “مغاصات” ضحلة تتيح للغواصين الوصول إليها دون الحاجة لاستخدام معدات التنفس.
وكان الغواص هو الشخص الأهم على قارب الغوص ويدعمه فريق كامل، وكان الموسم الرئيسي لصيد اللؤلؤ في الإمارات يسمى موسم «الغوص الكبير» ويمتد بين مطلع يونيو والثلاثين من سبتمبر، وفي هذه الفترة من العام وعلى الرغم من اشتداد درجة الحرارة، كان الطقس صافيا وهادئا بوجه عام، لذا توفرت الظروف المثالية للغوص، أما مواسم الغوص الصغير فتقع في شهري أكتوبر ونوفمبر، وتستمر 30 يوما.
وكان يجري في اليوم الأول من رحلة الغوص حفل وداع لطواقم الغوص والبحارة وأعضاء فرق الدعم يطلق عليه حفل الهيرات “مغاصات اللؤلؤ”، والذي يقام على الشاطئ، حيث تغادر الطواقم وتصحبهم عائلاتهم والأهالي لتوديعهم عند الشاطئ، ويعلن “السردال”، قبطان الأسطول، رسميا خلال الحفل بدء موسم الغوص.
وفي اليوم الأخير من موسم الغوص الكبير تُسمع طلقات مدفع على الشاطئ لاتخاذ الاستعدادات اللازمة لاستقبال البحارة احتفالا بعودتهم الوشيكة، فتُزين المنازل بأعلام من القماش تسمى “البيارق” أو “البنديرة”، وتُحضر الأكلات المميزة، بما في ذلك الحلوى والعصائر والمكسرات.
وعند وصول سفن صيد اللؤلؤ إلى الشاطئ، يتم استقبال طواقم الغوص والبحارة وغيرهم بأهازيج الترحيب، ثم يقوم البحارة بالجواب بإلقائهم أهازيجهم الخاصة، وكان يصل عدد طاقم العمل على السفينة، حسب حجمها، إلى 30 شخصا.
وتميزت رحلات الغوص لصيد اللؤلؤ بدقة بالغة وبتراتبية، وقائمة مهام تقوم على التخصص، فالنوخذة وهو صاحب السفينة أو قائدها الذي يدير عملية صيد اللؤلؤ بالكامل نيابة عن صاحبها، وهو من يقوم بتوزيع أرباح كل موسم على أفراد الطاقم، أما “السردال” فهو قبطان الأسطول بجميع سفنه وقواربه الذي يتمتع بخبرات واسعة في البحر ويعلم أفضل مواقع الهيرات “مغاصات اللؤلؤ”.
ويعتبر الغوّاصون رجال المهام الصعبة، حيث يقضون يومهم في الغوص لاستخراج المحار من قاع البحر في ظروف خطرة، أما “السيب” فهو المسؤول عن الحبال المستخدمة لإنزال الغواصين إلى المغاصات، ومن ثم سحبهم إلى السطح عند إرسالهم إشارة بجاهزيتهم بذلك، كما كانت عملية الصيد تضم “التبّاب” وهم صبية تتراوح أعمارهم بين 10 و14 عاما، وعادة ما يكونون من أبناء أفراد الطاقم، يقومون بمساعدة “السيب” في سحب الغواص، كما يتدرب بعضهم على الغوص.
وكان يشترك في العملية “الرضيف” وهم الأولاد الصغار الذين يقومون بتقديم الشاي والطعام للغواصين ويساعدون في فلق محار اللؤلؤ، إضافة إلى وجود “النهام”، وهو المسؤول عن تسلية البحارة خلال الأشهر الطويلة في البحر بإلقاء الأهازيج والأشعار بصوته العذب.
قصة صيد اللؤلؤ التي مثلت لفترة طويلة أبرز نشاط اقتصادي لأهل الإمارات، مازالت حية في الذاكرة والتقاليد.
كنز من التراث
صيد اللؤلؤ يروي فصولا غنية من تاريخ الإمارات وقصة تطورها الاقتصادي، ويرسم لوحة إنسانية لنمط الحياة التي عاشها الآباء والأجداد، لذلك تأسست متاحف ونُظمت الفعاليات التي تعنى بالتعريف بهذا الموروث.
دبي ـ تبذل الإمارات جهودا متواصلة لصون الموروث الثقافي والتاريخي باعتباره جزءا أصيلا من الهوية، ويأتي في قلب هذا الإرث الغني اللؤلؤ ومهنة الغوص التي مارسها الأجداد على مدار سنين وعقود طويلة حتى باتت جزءا مهما من التاريخ الإماراتي كونها شكلت مصدر الرزق وشريان الحياة الاقتصادي قبل اكتشاف النفط.
وبغية الحفاظ على هذه الثقافة، شيدت الإمارات العديد من المتاحف المخصصة للؤلؤ الطبيعي وأدوات الغوص، كما تحرص على تخصيص أجنحة في متاحفها العامة، ومهرجاناتها الثقافية والتراثية لتعريف الأجيال الجديدة بهذه المهنة التاريخية.
وتعتبر حملة “أجمل شتاء في العالم” في دورتها الثالثة التي تحمل عنوان “موروثنا”، فرصة فريدة لاستقطاب أعداد متزايدة من الزائرين المحليين والسياح لاطلاعهم عن كثب على مهنة صيد اللؤلؤ قديما عبر المتاحف والفعاليات المختلفة، أو من خلال طرق استزراع المحار الحديثة لإنتاج اللآلئ.
وتمثل الرحلة إلى جزيرة اللؤلؤ في أبوظبي فرصة مثالية للزائرين المحليين والسياح للاستماع إلى جزء من حكاية الغوص، وتقاليد الآباء والأجداد في البحث عن المحار.
كما يتيح متحف اللؤلؤ في مبنى بنك “الإمارات دبي الوطني” على خور دبي لزواره مشاهدة أندر وأثمن اللآلئ الطبيعية وأدوات الغوص، وكيفية معرفة جودة اللؤلؤ، وطريقة اختيار التجار صفقاتهم في الماضي البعيد، وكيف يتم التصدير إلى المدن البعيدة، إضافة إلى التعريف بكيفية التفريق بين اللؤلؤ الطبيعي والصناعي.
ويمكن قراءة جزء من تاريخ الغوص عبر زيارة متحف الشارقة البحري، حيث يعرض السفن الخشبية التقليدية التي جابت البحار لأغراض الصيد، والغوص بحثا عن اللؤلؤ، إضافة إلى اللآلئ التي كان يجمعها الأجداد من أعماق الخليج العربي.
وفي رأس الخيمة، يمكن استكشاف تاريخ صيد اللؤلؤ في المنطقة لدى مزرعة لآلئ السويدي، في منطقة الرمس، حيث يتعرف الزوار على الأهمية التاريخية لصيد اللؤلؤ ويطّلعون عن كثب على حياة غواصي اللؤلؤ وزراعته وعملية حصاده.
قصة صيد اللؤلؤ التي مثلت لفترة طويلة أبرز نشاط اقتصادي لأهل الإمارات، مازالت حية في الذاكرة والتقاليد، فقد شكلت مياه الخليج العربي بيئة مثالية للغوص لصيد اللؤلؤ، إذ كان محار اللؤلؤ موجودا بكثرة في “مغاصات” ضحلة تتيح للغواصين الوصول إليها دون الحاجة لاستخدام معدات التنفس.
وكان الغواص هو الشخص الأهم على قارب الغوص ويدعمه فريق كامل، وكان الموسم الرئيسي لصيد اللؤلؤ في الإمارات يسمى موسم «الغوص الكبير» ويمتد بين مطلع يونيو والثلاثين من سبتمبر، وفي هذه الفترة من العام وعلى الرغم من اشتداد درجة الحرارة، كان الطقس صافيا وهادئا بوجه عام، لذا توفرت الظروف المثالية للغوص، أما مواسم الغوص الصغير فتقع في شهري أكتوبر ونوفمبر، وتستمر 30 يوما.
وكان يجري في اليوم الأول من رحلة الغوص حفل وداع لطواقم الغوص والبحارة وأعضاء فرق الدعم يطلق عليه حفل الهيرات “مغاصات اللؤلؤ”، والذي يقام على الشاطئ، حيث تغادر الطواقم وتصحبهم عائلاتهم والأهالي لتوديعهم عند الشاطئ، ويعلن “السردال”، قبطان الأسطول، رسميا خلال الحفل بدء موسم الغوص.
وفي اليوم الأخير من موسم الغوص الكبير تُسمع طلقات مدفع على الشاطئ لاتخاذ الاستعدادات اللازمة لاستقبال البحارة احتفالا بعودتهم الوشيكة، فتُزين المنازل بأعلام من القماش تسمى “البيارق” أو “البنديرة”، وتُحضر الأكلات المميزة، بما في ذلك الحلوى والعصائر والمكسرات.
وعند وصول سفن صيد اللؤلؤ إلى الشاطئ، يتم استقبال طواقم الغوص والبحارة وغيرهم بأهازيج الترحيب، ثم يقوم البحارة بالجواب بإلقائهم أهازيجهم الخاصة، وكان يصل عدد طاقم العمل على السفينة، حسب حجمها، إلى 30 شخصا.
وتميزت رحلات الغوص لصيد اللؤلؤ بدقة بالغة وبتراتبية، وقائمة مهام تقوم على التخصص، فالنوخذة وهو صاحب السفينة أو قائدها الذي يدير عملية صيد اللؤلؤ بالكامل نيابة عن صاحبها، وهو من يقوم بتوزيع أرباح كل موسم على أفراد الطاقم، أما “السردال” فهو قبطان الأسطول بجميع سفنه وقواربه الذي يتمتع بخبرات واسعة في البحر ويعلم أفضل مواقع الهيرات “مغاصات اللؤلؤ”.
ويعتبر الغوّاصون رجال المهام الصعبة، حيث يقضون يومهم في الغوص لاستخراج المحار من قاع البحر في ظروف خطرة، أما “السيب” فهو المسؤول عن الحبال المستخدمة لإنزال الغواصين إلى المغاصات، ومن ثم سحبهم إلى السطح عند إرسالهم إشارة بجاهزيتهم بذلك، كما كانت عملية الصيد تضم “التبّاب” وهم صبية تتراوح أعمارهم بين 10 و14 عاما، وعادة ما يكونون من أبناء أفراد الطاقم، يقومون بمساعدة “السيب” في سحب الغواص، كما يتدرب بعضهم على الغوص.
وكان يشترك في العملية “الرضيف” وهم الأولاد الصغار الذين يقومون بتقديم الشاي والطعام للغواصين ويساعدون في فلق محار اللؤلؤ، إضافة إلى وجود “النهام”، وهو المسؤول عن تسلية البحارة خلال الأشهر الطويلة في البحر بإلقاء الأهازيج والأشعار بصوته العذب.