الخزف الأبيض والأزرق حكاية صينية - عربية قديمة
هذا النوع من الخزف الذي يستخدم أكسيد الكوبالت كصبغة للرسم كان بمثابة "رسول" بين الصين والدول العربية منذ حوالي 700 سنة.
رسوم بصبغة عربية
تكشف فنون الخزف خاصة تلك تحمل أشكالا باللون الأزرق على قدم العلاقات بين العرب والصين التي استعملت صبغة أكسيد الكوبالت في خزفها لتجوب تلك الإبداعات أنحاء العالم منذ حوالي 700 سنة.
نانتشانغ (الصين) - حظي الخزف الأزرق والأبيض، أو خزف “تشينغ هوا” باللغة الصينية، بشهرته منذ مئات السنين، حيث وصلت صبغة كوبالت (الإسملت) منتجة من البلاد العربية إلى الصين حينذاك عبر طريق الحرير القديم، وانضمت إلى حرفة صناعة الخزف الصينية، ما أوجد الخزف الأزرق والأبيض اللامع في عهد أسرة يوان الإمبراطورية (1271 – 1368).
والخزف الأزرق والأبيض هو نوع من الخزف يستخدم أكسيد الكوبالت كصبغة للرسم ويتم إنتاجه في أفران ذات درجة حرارة عالية، ما يعمل على ظهور الأشكال زرقاء اللون على الخلفية البيضاء لقطعة الخزف. وقد كان بمثابة “رسول” بين الصين والدول العربية منذ حوالي 700 سنة.
وأصبح الخزف الأزرق والأبيض رمزا صينيا مشهورا في جميع أنحاء العالم منذ ذلك الحين. وخلال الدورة الخامسة لمهرجان الفنون العربية المنعقدة بين يومي 19 و20 ديسمبر الجاري في مدينة جينغدهتشن، عاصمة الخزف بالصين، قام الفنانون العرب بتبادلات ثقافية عميقة مع نظرائهم الصينيين، وشهدوا وراثة مهارة صناعة الخزف الأزرق والأبيض وتطوره إلى فن حديث مبدع إلى جانب كونه منتجاً تجارياً وحاجة يومية.
الإبداع سر نجاح الخزف الأزرق والأبيض
تساي ون جيوان، فنانة تبلغ من العمر36 عاماً، وهي وريثة مهارة الرسم على الخزف الأزرق والأبيض في عهد أسرة يوان الإمبراطورية على مستوى مقاطعة جيانغشي، ولقد مرّت هذه المهارة إلى أربعة أجيال في عائلتها من والد جدها إلى يدها الآن.
وبسبب القوانين المعقدة للمهارة والأسلوب الفني التقليدي القديم، لم تشعر تساي بالحميمية والحماس في الرسم على الخزف الأزرق والأبيض في طفولتها. وبسبب مشاركتها في أولمبياد بكين 2008 لترويج ثقافة الخزف، بدأت تساي في إعادة التفكير في موضوع الرسم التقليدي على الخزف، ثم عادت إلى بلدتها جينغدهتشن لدراسة المهارة وأطلقت أعمالها الخاصة حول تحديث فن الخزف الأزرق والأبيض.
وكرّست تساي نفسها في جعل الخزف الأزرق والأبيض منتجاً حديثاً شعبياً بين الشباب. فعلى سبيل المثال، وبدلاً عن طباعة صورة الخزف كلها على غطاء الهاتف النقال، اختارت تساي بعض الرسومات اللطيفة من صورة الخزف فقط، ما لقي إقبالاً كبيرا بين المستهلكين الشباب. واهتمت تساي اهتماماً بالغاً بالإبداع لكسب سوق الشباب، ولذا عيّنت شابا ولد بعد عام 1995 مديراً للتصميم في شركتها.
وفي الحقيقة، يعد الإبداع سر نجاح الخزف الأزرق والأبيض في أسرة يوان الإمبراطورية، حيث لم يكتفِ الحرفيون الصينيون في جينغدهتشن بما وصلوا إليه من مستويات الفن والمهارة، حيث انتقلوا لتجريب واستيعاب المواد الجديدة، وجربوا مادة صباغة زرقاء (الإسملت) مستوردة من البلاد العربية وأضافوها إلى الرسم على الخزف الأزرق والأبيض بكل جرأة وإبداع.
وذكر مهدي أحمد، طالب مصري يدرس الماجستير في جامعة الخزف في جينغدهتشن، أن روح الإبداع في جينغدهتشن استفادت من ازدهار التجارة الخارجية حينذاك، حيث كان مشترو الخزف يقدمون من أنحاء العالم مع طلباتهم المتنوعة، ما دفع الحرفيين للإبداع والتطور.
◙ الخزف الأزرق والأبيض يعد كنزا صنعته الثقافتان الصينية والعربية سويا وقدمتاه إلى العالم ولا يزال يتألق بلمعانه الجديد
وفي هذا السياق؛ كرّس قان داو فو، الأستاذ في جامعة الخزف في جينغدهتشن، نفسه في مختلف التجارب المبدعة مع فن الخزف الأزرق والأبيض، وجمع بشكل خاص مهارة الرسم على الخزف الأزرق والأبيض (رسم “تشينغ هوا”) مع عوامل الخيال العلمي.
وأخذ قان مهارة رسم “تشينغ هوا” كوسيلة للتعبير عن أفكاره الفنية، جامعاً مهارة الرسم بالحبر الصيني التقليدي مع الفن التجريدي الغربي، ما أظهر الخزف الأزرق والأبيض بأشكال ومظاهر مختلفة تماماً عن شكله التقليدي.
كما قام قان أيضاً بجمع نحو مئة ألف قطعة من الخزف الأزرق والأبيض واختار أكثر من ألف منها لنسخ رسومات عليها، مشيراً إلى أن الخزف الأزرق والأبيض يشبه لغةً، حيث لا يمكن التعبير عنها بشكل حرّ وإنما من خلال دراستها وإتقانها بشكل عميق.
وقال مهدي أحمد إن الخزف الأزرق والأبيض يعد كنزاً صنعته الثقافتان الصينية والعربية سويا وقدمتاه إلى العالم، ولا يزال يتألق بلمعانه الجديد رغم مرور مئات السنين. وأضاف أن منطقة الفسطاط، الواقعة في مدينة القاهرة من أهم مواقع الخزف الصيني خارج الصين، حيث تتمتع الأواني الخزفية الصينية المكتشفة هناك بميزات تتمثل في كثرة العدد واكتمال القطع والعمر الطويل.
وجدير بالذكر أيضا أنه قد تم في الفسطاط ومواقع أخرى بمصر اكتشاف كمية كبيرة من الخزف الأزرق والأبيض الذي يعود إلى أسرة يوان من مدينة جينغدتشن بمقاطعة جيانغشي شرقي الصين.
الخزف الأزرق والأبيض يشبه لغةً لا يمكن التعبير عنها بشكل حرّ
انشرWhatsAppTwitterFacebook
هذا النوع من الخزف الذي يستخدم أكسيد الكوبالت كصبغة للرسم كان بمثابة "رسول" بين الصين والدول العربية منذ حوالي 700 سنة.
رسوم بصبغة عربية
تكشف فنون الخزف خاصة تلك تحمل أشكالا باللون الأزرق على قدم العلاقات بين العرب والصين التي استعملت صبغة أكسيد الكوبالت في خزفها لتجوب تلك الإبداعات أنحاء العالم منذ حوالي 700 سنة.
نانتشانغ (الصين) - حظي الخزف الأزرق والأبيض، أو خزف “تشينغ هوا” باللغة الصينية، بشهرته منذ مئات السنين، حيث وصلت صبغة كوبالت (الإسملت) منتجة من البلاد العربية إلى الصين حينذاك عبر طريق الحرير القديم، وانضمت إلى حرفة صناعة الخزف الصينية، ما أوجد الخزف الأزرق والأبيض اللامع في عهد أسرة يوان الإمبراطورية (1271 – 1368).
والخزف الأزرق والأبيض هو نوع من الخزف يستخدم أكسيد الكوبالت كصبغة للرسم ويتم إنتاجه في أفران ذات درجة حرارة عالية، ما يعمل على ظهور الأشكال زرقاء اللون على الخلفية البيضاء لقطعة الخزف. وقد كان بمثابة “رسول” بين الصين والدول العربية منذ حوالي 700 سنة.
وأصبح الخزف الأزرق والأبيض رمزا صينيا مشهورا في جميع أنحاء العالم منذ ذلك الحين. وخلال الدورة الخامسة لمهرجان الفنون العربية المنعقدة بين يومي 19 و20 ديسمبر الجاري في مدينة جينغدهتشن، عاصمة الخزف بالصين، قام الفنانون العرب بتبادلات ثقافية عميقة مع نظرائهم الصينيين، وشهدوا وراثة مهارة صناعة الخزف الأزرق والأبيض وتطوره إلى فن حديث مبدع إلى جانب كونه منتجاً تجارياً وحاجة يومية.
الإبداع سر نجاح الخزف الأزرق والأبيض
تساي ون جيوان، فنانة تبلغ من العمر36 عاماً، وهي وريثة مهارة الرسم على الخزف الأزرق والأبيض في عهد أسرة يوان الإمبراطورية على مستوى مقاطعة جيانغشي، ولقد مرّت هذه المهارة إلى أربعة أجيال في عائلتها من والد جدها إلى يدها الآن.
وبسبب القوانين المعقدة للمهارة والأسلوب الفني التقليدي القديم، لم تشعر تساي بالحميمية والحماس في الرسم على الخزف الأزرق والأبيض في طفولتها. وبسبب مشاركتها في أولمبياد بكين 2008 لترويج ثقافة الخزف، بدأت تساي في إعادة التفكير في موضوع الرسم التقليدي على الخزف، ثم عادت إلى بلدتها جينغدهتشن لدراسة المهارة وأطلقت أعمالها الخاصة حول تحديث فن الخزف الأزرق والأبيض.
وكرّست تساي نفسها في جعل الخزف الأزرق والأبيض منتجاً حديثاً شعبياً بين الشباب. فعلى سبيل المثال، وبدلاً عن طباعة صورة الخزف كلها على غطاء الهاتف النقال، اختارت تساي بعض الرسومات اللطيفة من صورة الخزف فقط، ما لقي إقبالاً كبيرا بين المستهلكين الشباب. واهتمت تساي اهتماماً بالغاً بالإبداع لكسب سوق الشباب، ولذا عيّنت شابا ولد بعد عام 1995 مديراً للتصميم في شركتها.
وفي الحقيقة، يعد الإبداع سر نجاح الخزف الأزرق والأبيض في أسرة يوان الإمبراطورية، حيث لم يكتفِ الحرفيون الصينيون في جينغدهتشن بما وصلوا إليه من مستويات الفن والمهارة، حيث انتقلوا لتجريب واستيعاب المواد الجديدة، وجربوا مادة صباغة زرقاء (الإسملت) مستوردة من البلاد العربية وأضافوها إلى الرسم على الخزف الأزرق والأبيض بكل جرأة وإبداع.
وذكر مهدي أحمد، طالب مصري يدرس الماجستير في جامعة الخزف في جينغدهتشن، أن روح الإبداع في جينغدهتشن استفادت من ازدهار التجارة الخارجية حينذاك، حيث كان مشترو الخزف يقدمون من أنحاء العالم مع طلباتهم المتنوعة، ما دفع الحرفيين للإبداع والتطور.
◙ الخزف الأزرق والأبيض يعد كنزا صنعته الثقافتان الصينية والعربية سويا وقدمتاه إلى العالم ولا يزال يتألق بلمعانه الجديد
وفي هذا السياق؛ كرّس قان داو فو، الأستاذ في جامعة الخزف في جينغدهتشن، نفسه في مختلف التجارب المبدعة مع فن الخزف الأزرق والأبيض، وجمع بشكل خاص مهارة الرسم على الخزف الأزرق والأبيض (رسم “تشينغ هوا”) مع عوامل الخيال العلمي.
وأخذ قان مهارة رسم “تشينغ هوا” كوسيلة للتعبير عن أفكاره الفنية، جامعاً مهارة الرسم بالحبر الصيني التقليدي مع الفن التجريدي الغربي، ما أظهر الخزف الأزرق والأبيض بأشكال ومظاهر مختلفة تماماً عن شكله التقليدي.
كما قام قان أيضاً بجمع نحو مئة ألف قطعة من الخزف الأزرق والأبيض واختار أكثر من ألف منها لنسخ رسومات عليها، مشيراً إلى أن الخزف الأزرق والأبيض يشبه لغةً، حيث لا يمكن التعبير عنها بشكل حرّ وإنما من خلال دراستها وإتقانها بشكل عميق.
وقال مهدي أحمد إن الخزف الأزرق والأبيض يعد كنزاً صنعته الثقافتان الصينية والعربية سويا وقدمتاه إلى العالم، ولا يزال يتألق بلمعانه الجديد رغم مرور مئات السنين. وأضاف أن منطقة الفسطاط، الواقعة في مدينة القاهرة من أهم مواقع الخزف الصيني خارج الصين، حيث تتمتع الأواني الخزفية الصينية المكتشفة هناك بميزات تتمثل في كثرة العدد واكتمال القطع والعمر الطويل.
وجدير بالذكر أيضا أنه قد تم في الفسطاط ومواقع أخرى بمصر اكتشاف كمية كبيرة من الخزف الأزرق والأبيض الذي يعود إلى أسرة يوان من مدينة جينغدتشن بمقاطعة جيانغشي شرقي الصين.
الخزف الأزرق والأبيض يشبه لغةً لا يمكن التعبير عنها بشكل حرّ
انشرWhatsAppTwitterFacebook