بين الأعمال الشامية والمعاصرة نقاط مشتركة … دراما رمضان… بين الاجتهادات الإخراجية وهفوات السيناريو والتكرار
مصعب أيوب
الإخراج التلفزيوني الدرامي يعد أهم حلقة في الإنتاج الدرامي، فالمخرج هو الفنان المتمكن من تقنياته المدرك لمضامين السيناريو، يعطيها من زاده لتتشكل أبعادها، وفي الوقت الذي يستغل فيه المنتجون إقبال الناس على الموروث الشعبي وحبهم لمتابعة المسلسلات السورية ورغم النجاح الكبير الذي تحققه هذه المسلسلات إلا أنها تتعرض لجملة من الملاحظات الإخراجية أو النصية أو هفوات السيناريو والحبكة والوقوع في التكرار والنمطية والكثير مما يمكن وصفه بالفادح الذي يفسد على الجمهور متعة المشاهدة، وقد بات المشاهد اليوم ملاحظاً جيداً وأشبه بناقد متخصص في العمل الفني ويتأمل كل تفاصيله ويميز الأداء الجيد والإخراج المتميز.
غياب الترابط والانسجام
من أين نبدأ في الكرزون للمخرج رشاد كوكش الذي نال حصة الأسد من الثغرات والهفوات التي لا تغتفر؟! من الإخراج المفكك أو النص الغائب الذي كتبه مروان قاووق ورنيم عودة أم المضامين الضائعة؟!
فكما نعلم أن الحلقة الأولى هي التأسيسية للمسلسل بشكل عام وهي المفصل الرئيسي الذي يجذب المشاهد له أو ينفره منه، وقد رأينا بمشهد انفجار مرفأ بيروت 2020 الذي يرتكز العمل عليه أساساً أن الرسم الهندسي المستخدم واضح تماماً لكل صغير وكبير الأبنية والشوارع والبحر إضافة إلى أن الانفجار الحقيقي لم يستغرق سوى ثوانٍ معدودة في حين أن كوكش جعل الحدث يستغرق عدة دقائق سبقها دخان أسود كثيف متصاعد وفي حقيقة الأمر لم يسبق الانفجار شيء من هذا، أضف إلى ذلك أن الفندق الذي كان عدنان بيك «أسامة الروماني» يقيم فيه قبالة موقع الانفجار كان شبه فارغ وخالياً من الزبائن سوى امرأة واحدة وابنتها، كما أن الشوارع كانت خالية من المارة وتفتقر لأي مظهر يشير إلى الدمار أو الخراب أو حتى وجود سيارات الشرطة والإسعاف ورجال الإطفاء.
فقد كان من الممكن اختصار هذا الوقت والجهد وتجنب الوقوع في مثل هذه الزلات واستخدام مشاهد الانفجار الحقيقية التي عرضت على شاشات التلفزة وهي متوافرة على الانترنت ومواقع التواصل.
مجدداً مشهد خطف الطفل الذي ينفذه ربيع «ليث المفتي» برفقة اثنتين من النساء كان يفتقر لمزيد من الإقناع والواقعية، تمثيل بلا هوية مشتركة أو أسلوب متناغم، ذات الشيء في مشهد سرقة الصائغ الذي نفذته العصابة نفسها باستخدام المخدر الذي بدا مفعوله قوياً جداً وفعالاً من رشة واحدة وخلال جزء من الثانية جعلت البائع يفترش الأرض غائباً عن الوعي.
بين أخطاء تقنية كبيرة وأخرى مرتبطة بالسيناريو، الهفوات لا تتوقف في الكرزون وها هو يقع هنا في شرك التقليد، ففي أحد المشاهد تفصح فيه ليندا لزميلتها أنها مضطرة للاستمرار في العمل ضمن هذه العصابة بقيادة ربيع من أجل تأمين ثمن تكلفة تأشيرة وجواز سفر ثم مغادرة البلاد وهي الفكرة ذاتها التي عرضها مسلسل كسر عضم في رمضان المنصرم بالحوار الذي دار بين رندا ونهى «نانسي خوري ومرح ديوب».
استثناءات لقواعد ثابتة
كما جرت العادة في مسلسلات البيئة الشامية فمن المرفوض حدوث خلوة بين رجل وامرأة دون مسوغ شرعي لكن في زقاق الجن يبدو أن تامر اسحاق لديه استثناء للقاعدة، فلا مانع من أن يقضي أبو نذير «أيمن زيدان» بعض الوقت الممتع برفقة الخادمة ثريا «صفاء سلطان» في غرفته الخاصة، وهو ذات الشيء تكرر في حوار طويل دار بين ثريا ومجدي «سليمان رزق» في أرض الديار وهي تكشف شعرها أمامه وتعطيه شالها ليجفف ماء المطر عن وجهه والبيت يسكنه أكثر من عشرة أشخاص، فهل من الممكن ألا يراهم أحد؟!
في زقاق الجن أيضاً تخرج صبحية «امارات رزق» من شباك بيتها مكشوفة الرأس وتفتح المجال لعمال المصنع والمارة بإلقاء النظرات عليها دون حسيب أو رقيب في حين أنها عند الخروج تضع النقاب على وجهها.
كذلك وقد اعتدنا في هذا النوع من الأعمال أن يتم تدريب الأطفال منذ نعومة أظافرهم على ركوب الخيل وقضاء حوائجهم بمفردهم والاعتماد على أنفسهم، لكن في زقاق الجن يأمر أبو نذير بأن يقوم أبو نوفل بإيصال الطفل إلى «الكتّاب» وإعادته إلى البيت والاهتمام به.
من المعروف أن عدداً كبيراً من الحيوانات يلتزم السبات في الشتاء وعلى رأسهم الأفاعي والثعابين لكن هذه المعلومة فاتت القائمين على مسلسل زقاق الجن وقاموا بإحضار أفعى وتصويرها تلدغ الطفل الذي خطفه المجرم المجهول في البساتين في أجواء شتوية بامتياز وسط أمطار غزيرة وظلام دامس وبرد قارس.
تكرار ونمطية
على الرغم من التحسن الملموس الذي تشهده الأعمال الدرامية السورية إلا أننا ما زلنا نعيش أزمة جودة بسبب ثغرات التكرار التي ربما تفقد المشاهد الثقة في الإنتاج الرمضاني، وقد لا يخلو أي عمل درامي من سلسلة خلل تشوبه وقد تتكرر الأفكار في الأعمال الدرامية ولكن ربما تختلف المعالجة فكما سبق أن رأينا في مسلسل أهل الراية للمخرج علاء الدين كوكش وتأليف أحمد حامد تمت حياكة مؤامرة بالتعاون مع «الداية» للطعن بشرف أحدهم وكسر شوكته لإظهاره بصورة الذليل والمكسور وهي ذات الفكرة التي اتكأ عليها كل من عثمان جحا ومؤيد النابلسي في مشهد الصراع المحتدم والمستمر بين كل من أبو حمزة «سلوم حداد» وعبدو العربجي «باسم ياخور» في مسلسل العربجي.
تتقاطع شخصية أبو نذير في زقاق الجن بعلاقته مع الخادمة ثريا مع دوره في صرخة روح 2 في خماسية مشاعر مبعثرة تأليف ناديا الأحمر وبدور الحاج معروف، إذ إنه يُظهر للجميع تدينه والتزامه بالضوابط الشرعية والعادات والقيم في حين أنه يخوض علاقات شائكة بالخفاء مع الخادمة جميلة وكذلك مع دينا «ميرنا شلفون».
حبكة درامية متشابهة نراها في كل من زقاق الجن وخريف عمر ولاسيما في مشهد دخول شخص غريب الأطوار أو بشكل غير طبيعي إلى مستشفى دون رقيب أو حسيب، فها هو عمر الدالي يتنكر بزي مهرج ويدخل إلى غرفة أحد المرضى ويقوم بقطع الأوكسجين عنه ليقتله، فهل من المنطقي أن يدخل شخص متنكر إلى غرفة العناية المركزة في الوقت الذي يحظر فيه دخول الأشخاص العاديين إلى مثل هذه الغرف، وهو ذات الشيء الذي قدمه لنا تامر اسحاق في زقاق الجن عندما تسلل القاتل المجهول إلى المستشفى دون أن يراه أو يوقفه أحد وفي وضح النهار.
بحاجة إغناء وإقناع
في خريف عمر أيضاً وتحديداً في الحلقة 6 يظهر الفيديو الذي سجله مغيث «بلال مارتيني» خلسة لمصلحة الإعلامي مهند شلبي «معتصم النهار» تظهر الصورة واضحة جداً وبدقة عالية وإضاءة ممتازة ودقة صوت جيدة وكأنها كاميرا فائقة الجودة في حين أن العملية كلها جرت بطريقة سرية وقد استخدمت الكاميرا بشكل مخفي وغير ظاهر ومن المفروض أن يكون العرض فيه شيء من التشويش أو بدقة منخفضة ليتم إقناع المشاهد أن التسجيل تم بشكل سري.
في المسلسل ذاته يقوم عمر الدالي بجرائم منظمة وفق إستراتيجية مدروسة ويتم التخلص منهم بسهولة ودون أي عوائق، فهل يمكن لرجل بعمر السبعين أن يقوم بحمل جثة تزن قرابة السبعين أو ثمانين كيلو غراماً ويحركها كيف يشاء ودون عناء أو مساعدة أحد ومن ثم في غضون دقائق يرمي كل شيء وراء ظهره ويقوم بتحضير فنجان قهوته وكأن شيئاً لم يكن؟!
كذلك يقوم عمر الدالي بقتل أحد ضحاياه في شقة سكنية بأحد الطوابق المرتفعة وخلال ثوانِ معدودة يغادر دون أن تصادفه الفتاة التي تقوم بخدمة الضحية والتي كانت تبعد عن باب الشقة أمتاراً قليلة… هل هو سحر أم إنه يلبس قناع التخفي؟!
خريف عمر يعد من الأعمال التي ترضي أذواق شريحة كبيرة من الجمهور ولاسيما في ظل تخمة الدراما الشامية إلا أن مخرج العمل المثنى صبح يسرف في جرعة الغموض والتعتيم التي شاهدناها منذ الحلقة الأولى، وربما يؤثر بشكل سلبي في اهتمام الجمهور ويشكل لديهم نفوراً من متابعة الأحداث.
حيرة ومتاهة
يتوه المشاهد بين أحداث الجزء الأول والثاني من مسلسل مقابلة مع السيد آدم2 ويدخل في دوامة من التساؤلات التي لا يجد لها جواباً ليقوم مخرج العمل بتركه معلقاً بين هنا وهناك، فقد افتقرت الحلقات الأولى للتراتبية والترتيب ورأينا بعضها من أحداث الجزء الأول والبعض الآخر من أحداث الجزء الثاني ويعود مجدداً بمشاهد جديدة لا تنتمي إلى هنا ولا إلى هناك ويرتبك المتابع من كثرة التنقل بين تلك المشاهد ما يفقد النص الترابط ويخلق التشويش لدى المشاهد ويفقد المسلسل سلاسته.
وهو الأمر الذي ربما يخلق شيئاً من الحيرة أيضاً عند متابع مسلسل مربى العز الذي عمدت مخرجته رشا شربتجي إلى بناء عملها على أساس وجود عدة حارات شعبية في بيئة شامية ولكل منها زعيم ومختار وحكاية مختلفة وتتنقل بكاميرتها بين هذه الحارات أكثر من خمس أو ست مرات خلال الحلقة الواحدة لتضع المشاهد أيضاً في حيرة من أمره مخمناً ما اسم هذه الحارة ومن زعيم تلك الحارة؟!…
كذلك وإن شخصيات المسلسل بعد مرور ثمانية عشر عاماً بدا شكلها أصغر على عكس المتوقع وفي مقدمتهم الشيخ مالك «عباس النوري» واسينات خانم«نادين تحسين بك» والزعيم أبو علاء «أسامة الروماني».
تقدم المخرجة شربتجي في معظم أعمالها مشاهد البكاء واللطم وتكثر منها كلما سنحت لها الفرصة، تحديداً في حارة القبة 3 عند موت فارس ابن أبو العز«عباس النوري» وزوجته سهيلة «نادين تحسين بك».
جميلة هي مشاهد التصوير الجوي التي تظهر الخليط بين الأحياء ونسيج الناس في معترك الحياة إلا أن المخرج محمد عبد العزيز لا يمل من تكرار هذه المشاهد في النار بالنار ولمدة تصل إلى دقيقة في بعض الأحيان وهو الشيء الذي لا يخدم العمل عند كثرته وربما ينقلب للعكس.
في مسلسل الزند للمخرج سامر البرقاوي بعيداً عن الإخراج الممتاز فإن الأحداث أخذت بالتراجع بعد أن بدأت قوية ومبهرة فقد وقع العمل كغيره في شرك الثغرات والأخطاء والتي من جملتها أن المخرج لم يخبرنا كيف استطاع فرعون ابن ادريس التعرف على عاصي الزند وهو أساساً لا يعرف شكله ولم يخبرنا أيضاً ما الوسيلة التي اتبعها للوصول إليه والإيقاع به، وأظن أن العمل كان بحاجة لتمرير شريط ترجمة لبعض الكلمات أو المصطلحات التي تنطقها بعض الشخصيات بلهجة قرى نهر العاصي والتي ربما تكون غير مفهومة لشريحة كبيرة من المشاهدين.
مصعب أيوب
الإخراج التلفزيوني الدرامي يعد أهم حلقة في الإنتاج الدرامي، فالمخرج هو الفنان المتمكن من تقنياته المدرك لمضامين السيناريو، يعطيها من زاده لتتشكل أبعادها، وفي الوقت الذي يستغل فيه المنتجون إقبال الناس على الموروث الشعبي وحبهم لمتابعة المسلسلات السورية ورغم النجاح الكبير الذي تحققه هذه المسلسلات إلا أنها تتعرض لجملة من الملاحظات الإخراجية أو النصية أو هفوات السيناريو والحبكة والوقوع في التكرار والنمطية والكثير مما يمكن وصفه بالفادح الذي يفسد على الجمهور متعة المشاهدة، وقد بات المشاهد اليوم ملاحظاً جيداً وأشبه بناقد متخصص في العمل الفني ويتأمل كل تفاصيله ويميز الأداء الجيد والإخراج المتميز.
غياب الترابط والانسجام
من أين نبدأ في الكرزون للمخرج رشاد كوكش الذي نال حصة الأسد من الثغرات والهفوات التي لا تغتفر؟! من الإخراج المفكك أو النص الغائب الذي كتبه مروان قاووق ورنيم عودة أم المضامين الضائعة؟!
فكما نعلم أن الحلقة الأولى هي التأسيسية للمسلسل بشكل عام وهي المفصل الرئيسي الذي يجذب المشاهد له أو ينفره منه، وقد رأينا بمشهد انفجار مرفأ بيروت 2020 الذي يرتكز العمل عليه أساساً أن الرسم الهندسي المستخدم واضح تماماً لكل صغير وكبير الأبنية والشوارع والبحر إضافة إلى أن الانفجار الحقيقي لم يستغرق سوى ثوانٍ معدودة في حين أن كوكش جعل الحدث يستغرق عدة دقائق سبقها دخان أسود كثيف متصاعد وفي حقيقة الأمر لم يسبق الانفجار شيء من هذا، أضف إلى ذلك أن الفندق الذي كان عدنان بيك «أسامة الروماني» يقيم فيه قبالة موقع الانفجار كان شبه فارغ وخالياً من الزبائن سوى امرأة واحدة وابنتها، كما أن الشوارع كانت خالية من المارة وتفتقر لأي مظهر يشير إلى الدمار أو الخراب أو حتى وجود سيارات الشرطة والإسعاف ورجال الإطفاء.
فقد كان من الممكن اختصار هذا الوقت والجهد وتجنب الوقوع في مثل هذه الزلات واستخدام مشاهد الانفجار الحقيقية التي عرضت على شاشات التلفزة وهي متوافرة على الانترنت ومواقع التواصل.
مجدداً مشهد خطف الطفل الذي ينفذه ربيع «ليث المفتي» برفقة اثنتين من النساء كان يفتقر لمزيد من الإقناع والواقعية، تمثيل بلا هوية مشتركة أو أسلوب متناغم، ذات الشيء في مشهد سرقة الصائغ الذي نفذته العصابة نفسها باستخدام المخدر الذي بدا مفعوله قوياً جداً وفعالاً من رشة واحدة وخلال جزء من الثانية جعلت البائع يفترش الأرض غائباً عن الوعي.
بين أخطاء تقنية كبيرة وأخرى مرتبطة بالسيناريو، الهفوات لا تتوقف في الكرزون وها هو يقع هنا في شرك التقليد، ففي أحد المشاهد تفصح فيه ليندا لزميلتها أنها مضطرة للاستمرار في العمل ضمن هذه العصابة بقيادة ربيع من أجل تأمين ثمن تكلفة تأشيرة وجواز سفر ثم مغادرة البلاد وهي الفكرة ذاتها التي عرضها مسلسل كسر عضم في رمضان المنصرم بالحوار الذي دار بين رندا ونهى «نانسي خوري ومرح ديوب».
استثناءات لقواعد ثابتة
كما جرت العادة في مسلسلات البيئة الشامية فمن المرفوض حدوث خلوة بين رجل وامرأة دون مسوغ شرعي لكن في زقاق الجن يبدو أن تامر اسحاق لديه استثناء للقاعدة، فلا مانع من أن يقضي أبو نذير «أيمن زيدان» بعض الوقت الممتع برفقة الخادمة ثريا «صفاء سلطان» في غرفته الخاصة، وهو ذات الشيء تكرر في حوار طويل دار بين ثريا ومجدي «سليمان رزق» في أرض الديار وهي تكشف شعرها أمامه وتعطيه شالها ليجفف ماء المطر عن وجهه والبيت يسكنه أكثر من عشرة أشخاص، فهل من الممكن ألا يراهم أحد؟!
في زقاق الجن أيضاً تخرج صبحية «امارات رزق» من شباك بيتها مكشوفة الرأس وتفتح المجال لعمال المصنع والمارة بإلقاء النظرات عليها دون حسيب أو رقيب في حين أنها عند الخروج تضع النقاب على وجهها.
كذلك وقد اعتدنا في هذا النوع من الأعمال أن يتم تدريب الأطفال منذ نعومة أظافرهم على ركوب الخيل وقضاء حوائجهم بمفردهم والاعتماد على أنفسهم، لكن في زقاق الجن يأمر أبو نذير بأن يقوم أبو نوفل بإيصال الطفل إلى «الكتّاب» وإعادته إلى البيت والاهتمام به.
من المعروف أن عدداً كبيراً من الحيوانات يلتزم السبات في الشتاء وعلى رأسهم الأفاعي والثعابين لكن هذه المعلومة فاتت القائمين على مسلسل زقاق الجن وقاموا بإحضار أفعى وتصويرها تلدغ الطفل الذي خطفه المجرم المجهول في البساتين في أجواء شتوية بامتياز وسط أمطار غزيرة وظلام دامس وبرد قارس.
تكرار ونمطية
على الرغم من التحسن الملموس الذي تشهده الأعمال الدرامية السورية إلا أننا ما زلنا نعيش أزمة جودة بسبب ثغرات التكرار التي ربما تفقد المشاهد الثقة في الإنتاج الرمضاني، وقد لا يخلو أي عمل درامي من سلسلة خلل تشوبه وقد تتكرر الأفكار في الأعمال الدرامية ولكن ربما تختلف المعالجة فكما سبق أن رأينا في مسلسل أهل الراية للمخرج علاء الدين كوكش وتأليف أحمد حامد تمت حياكة مؤامرة بالتعاون مع «الداية» للطعن بشرف أحدهم وكسر شوكته لإظهاره بصورة الذليل والمكسور وهي ذات الفكرة التي اتكأ عليها كل من عثمان جحا ومؤيد النابلسي في مشهد الصراع المحتدم والمستمر بين كل من أبو حمزة «سلوم حداد» وعبدو العربجي «باسم ياخور» في مسلسل العربجي.
تتقاطع شخصية أبو نذير في زقاق الجن بعلاقته مع الخادمة ثريا مع دوره في صرخة روح 2 في خماسية مشاعر مبعثرة تأليف ناديا الأحمر وبدور الحاج معروف، إذ إنه يُظهر للجميع تدينه والتزامه بالضوابط الشرعية والعادات والقيم في حين أنه يخوض علاقات شائكة بالخفاء مع الخادمة جميلة وكذلك مع دينا «ميرنا شلفون».
حبكة درامية متشابهة نراها في كل من زقاق الجن وخريف عمر ولاسيما في مشهد دخول شخص غريب الأطوار أو بشكل غير طبيعي إلى مستشفى دون رقيب أو حسيب، فها هو عمر الدالي يتنكر بزي مهرج ويدخل إلى غرفة أحد المرضى ويقوم بقطع الأوكسجين عنه ليقتله، فهل من المنطقي أن يدخل شخص متنكر إلى غرفة العناية المركزة في الوقت الذي يحظر فيه دخول الأشخاص العاديين إلى مثل هذه الغرف، وهو ذات الشيء الذي قدمه لنا تامر اسحاق في زقاق الجن عندما تسلل القاتل المجهول إلى المستشفى دون أن يراه أو يوقفه أحد وفي وضح النهار.
بحاجة إغناء وإقناع
في خريف عمر أيضاً وتحديداً في الحلقة 6 يظهر الفيديو الذي سجله مغيث «بلال مارتيني» خلسة لمصلحة الإعلامي مهند شلبي «معتصم النهار» تظهر الصورة واضحة جداً وبدقة عالية وإضاءة ممتازة ودقة صوت جيدة وكأنها كاميرا فائقة الجودة في حين أن العملية كلها جرت بطريقة سرية وقد استخدمت الكاميرا بشكل مخفي وغير ظاهر ومن المفروض أن يكون العرض فيه شيء من التشويش أو بدقة منخفضة ليتم إقناع المشاهد أن التسجيل تم بشكل سري.
في المسلسل ذاته يقوم عمر الدالي بجرائم منظمة وفق إستراتيجية مدروسة ويتم التخلص منهم بسهولة ودون أي عوائق، فهل يمكن لرجل بعمر السبعين أن يقوم بحمل جثة تزن قرابة السبعين أو ثمانين كيلو غراماً ويحركها كيف يشاء ودون عناء أو مساعدة أحد ومن ثم في غضون دقائق يرمي كل شيء وراء ظهره ويقوم بتحضير فنجان قهوته وكأن شيئاً لم يكن؟!
كذلك يقوم عمر الدالي بقتل أحد ضحاياه في شقة سكنية بأحد الطوابق المرتفعة وخلال ثوانِ معدودة يغادر دون أن تصادفه الفتاة التي تقوم بخدمة الضحية والتي كانت تبعد عن باب الشقة أمتاراً قليلة… هل هو سحر أم إنه يلبس قناع التخفي؟!
خريف عمر يعد من الأعمال التي ترضي أذواق شريحة كبيرة من الجمهور ولاسيما في ظل تخمة الدراما الشامية إلا أن مخرج العمل المثنى صبح يسرف في جرعة الغموض والتعتيم التي شاهدناها منذ الحلقة الأولى، وربما يؤثر بشكل سلبي في اهتمام الجمهور ويشكل لديهم نفوراً من متابعة الأحداث.
حيرة ومتاهة
يتوه المشاهد بين أحداث الجزء الأول والثاني من مسلسل مقابلة مع السيد آدم2 ويدخل في دوامة من التساؤلات التي لا يجد لها جواباً ليقوم مخرج العمل بتركه معلقاً بين هنا وهناك، فقد افتقرت الحلقات الأولى للتراتبية والترتيب ورأينا بعضها من أحداث الجزء الأول والبعض الآخر من أحداث الجزء الثاني ويعود مجدداً بمشاهد جديدة لا تنتمي إلى هنا ولا إلى هناك ويرتبك المتابع من كثرة التنقل بين تلك المشاهد ما يفقد النص الترابط ويخلق التشويش لدى المشاهد ويفقد المسلسل سلاسته.
وهو الأمر الذي ربما يخلق شيئاً من الحيرة أيضاً عند متابع مسلسل مربى العز الذي عمدت مخرجته رشا شربتجي إلى بناء عملها على أساس وجود عدة حارات شعبية في بيئة شامية ولكل منها زعيم ومختار وحكاية مختلفة وتتنقل بكاميرتها بين هذه الحارات أكثر من خمس أو ست مرات خلال الحلقة الواحدة لتضع المشاهد أيضاً في حيرة من أمره مخمناً ما اسم هذه الحارة ومن زعيم تلك الحارة؟!…
كذلك وإن شخصيات المسلسل بعد مرور ثمانية عشر عاماً بدا شكلها أصغر على عكس المتوقع وفي مقدمتهم الشيخ مالك «عباس النوري» واسينات خانم«نادين تحسين بك» والزعيم أبو علاء «أسامة الروماني».
تقدم المخرجة شربتجي في معظم أعمالها مشاهد البكاء واللطم وتكثر منها كلما سنحت لها الفرصة، تحديداً في حارة القبة 3 عند موت فارس ابن أبو العز«عباس النوري» وزوجته سهيلة «نادين تحسين بك».
جميلة هي مشاهد التصوير الجوي التي تظهر الخليط بين الأحياء ونسيج الناس في معترك الحياة إلا أن المخرج محمد عبد العزيز لا يمل من تكرار هذه المشاهد في النار بالنار ولمدة تصل إلى دقيقة في بعض الأحيان وهو الشيء الذي لا يخدم العمل عند كثرته وربما ينقلب للعكس.
في مسلسل الزند للمخرج سامر البرقاوي بعيداً عن الإخراج الممتاز فإن الأحداث أخذت بالتراجع بعد أن بدأت قوية ومبهرة فقد وقع العمل كغيره في شرك الثغرات والأخطاء والتي من جملتها أن المخرج لم يخبرنا كيف استطاع فرعون ابن ادريس التعرف على عاصي الزند وهو أساساً لا يعرف شكله ولم يخبرنا أيضاً ما الوسيلة التي اتبعها للوصول إليه والإيقاع به، وأظن أن العمل كان بحاجة لتمرير شريط ترجمة لبعض الكلمات أو المصطلحات التي تنطقها بعض الشخصيات بلهجة قرى نهر العاصي والتي ربما تكون غير مفهومة لشريحة كبيرة من المشاهدين.