شراكات متجددة وتعاون مثمر … حداد وياخور الثنائي المميز والورقة الرابحة لأي عمل درامي
| مصعب أيوب
رأينا في السنوات الأخيرة ضمن نجاحات الدراما السورية ضرباً جديداً من الثنائيات الفنية التي حصدت نجاحاً منقطع النظير، لا سيما من خلال تجسيد بعض أوجه هذا النجاح في التعاونات المتجددة بين فنانين بشكل مستمر ودوري أو ربما بين كتّاب ومخرجين أو فنانين ومخرجين والقائمة تطول إلى أن أصبحت ظاهرة فنية اعتاد الجمهور عليها.
هما مكملان للوحة الإبداع الدرامي في سورية بأدوارهما الاستثنائية التي أضافت إلى هيبة حضورهما الكثير، سلوم حداد الذي يعد علامة فارقة في تاريخ الدراما السورية، وباسم ياخور الذي يسحب الأضواء إليه أينما حل، فالرؤية المتوافقة بينهما تجبرك على الاعتراف بهذين الاسمين من دون تحيز لأي طرف.
شراكة متجددة
تعاون جديد يجمع الفنان سلوم حداد مع زميله باسم ياخور للمرة الخامسة لاستثمار النجاح الذي حققه الرجلان سابقاً في أعمال عديدة بعد مسلسل «خاتون» مؤدياً فيه حداد شخصية الزعيم أبو العز ويخوض عدة صراعات مع ياخور بشخصية عكاش، كذلك اجتمعا معاً في مسلسل «الندم» للمخرج الليث حجو بشخصية أبو عبدو الغول التاجر ورجل الأعمال وابنه عبدو الذي يسعى للاستحواذ على رزق أبيه وكل أملاكه وقد حظي العمل بأصداء إيجابية جميلة، وتم التعاون فيما بعد من خلال مسلسل «زوال» للمخرج أحمد إبراهيم أحمد من ثم جدد الرجلان العهد بينهما لإمتاع الجمهور في مسلسل «على صفيح ساخن» للمخرج سيف سبيعي وفي مسلسل «ولاد البلد» أيضاً تأليف عثمان جحى ومؤيد النابلسي وهما المؤلفان ذاتهما اللذان كتبا مسلسل «العربجي».
العربجي
المخرج يدرس السوق جيداً ليحقق معادلة مستحيلة الحل في الجمع بين نماذج متكررة ليجعل من عمله قفزة فنية تضاف إلى رصيده الإخراجي وهو ما اعتمده سيف سبيعي في العربجي، إذ إن قصة العمل تحاكي طبيعتنا الإنسانية التي جُبلنا عليها في الخير والشر وترتبط بها ارتباطاً شديداً ومهما حاولنا التنكر لها والانعتاق منها تطغى مظاهرها على مفرداتنا عند أول خلاف، فيحفل العمل بشخصيات عديدة تلتقي وتبتعد حسب السياق الدرامي الذي رسمه الكاتب.
يبدأ المسلسل الصراع منذ حلقته الأولى وتدخل القصة بطريقة مباشرة على الجمهور وهو ما يغري المشاهد على متابعة هذا الصراع الفني بامتياز.
بحنكة وذكاء عاليين يدخل الهرم الفني صاحب السبعين عام بدور أبو حمزة النشواتي الذي تتجلى في شخصيته ملامح القوة والجبروت والشرور والنفوذ فيتقن اللعبة ويذهب للحد الأقصى للشخصية، فهو الرجل الذي يسعى بكل ما أوتي من قوة متمسكاً بخيوط ترتكز على سلطته ونفوذه لبسط سطوته أينما حل.
فبعد أن تلونت أدواره التي جسد فيها البيئة الشامية وهو ليس بالأمر الصعب عليه يختار حداد دائماً الدور الذي يقدمه بصورة أجمل للجمهور.
ينجح باسم ياخور في اقتناص قلوب الجمهور من خلال إثارة تساؤلات عديدة عن كمية القهر التي يختزنها عبدو العربجي بداخله وعن نظراته وحركات يديه وانفعالاته وشعره الأشعث وقامته الممشوقة… تساؤلات كثيرة عن هذا الوحش الجريح المظلوم الذي يقدمه ياخور باحتراف عال في مواجهته لرمز الشر الأعظم في العمل أبو حمزة النشواتي الذي لا يفوت فرصة لإذلال عبدو إلا ويستثمرها ليكسر شوكته لأنه الوحيد الذي يستطيع الوقوف في وجهه.
خريف عمر
ياخور صاحب نجومية كبيرة وتراكمية فرضتها أدواته الخاصة، فينجح كعادته دائماً في أي دور يسند إليه وها هو ذا محقق في الأمن الجنائي رجل طيب وذكي وحكيم يسعى جاهداً لإحقاق الحق والقضاء على الأشرار وحل لغز بعض الجرائم مؤدياً دوره بكل براعة ليعترضه حداد في محطات كثيرة وسط غموض كبير في مسلسل «خريف عمر» الاجتماعي الذي ألفه حسام شرباتي ويزن مرتجى الذي تدور أحداثه خلال فترتين زمنيتين وسط رؤية مختلفة لا تخلو من التشويق والأكشن في الوقت ذاته يحقق فيه معادلة الجمهور والتسويق.
في «خريف عمر» يبدأ التعتيم عن العلاقة التي تربط كلاً من عمر وفارس ببعضهما وسط أسئلة كثيرة في جعبة المشاهد، فيطل حداد بالشخصية ذاتها الشريرة لكن هذه المرة بدور محام متقاعد ولحدث ما يطرأ على حياته يقوم بإعادة ترتيب أوراقه ويبدأ بمحاسبة بعض الأشخاص الذين يعتقد أنهم أذنبوا ولا بد من معاقبتهم.
فتبدو شخصية عمر الدالي مليئة بالحزن والفرح والانتقام والغضب والكثير من التناقضات ضمن شخصية مضطربة حيث يضمر بداخله جرعة وفيرة من العنف.
وبأسلوب متقن وحرفية عالية يبدع عمر بالقتل والتخلص من الجثث وإخفاء آثار جريمته ليعود ويمارس حياته بشكل طبيعي بكل هدوء وانسجام ويقوم بتحضير قهوته المعتادة على أنغام الموسيقا وكأن شيئاً لم يكن.
تساؤلات عدة
لم يكن فارق السن بينهما ليؤثر في علاقتهما أبداً، بل على العكس تماماً شكل ذلك نوعاً من التناغم والانسجام اللذين انعكسا على الشاشة الصغيرة فنجح الرجلان في تقديم ثنائية استثنائية قلما نجدها.
كذلك فإن التعاون والنجاح بينهما لم يسقطا صبغة النجاح الفردي كل في مكانه فتاريخ كل منهما حافل ببصمات خاصة، وقدم كل منهما امتحانه ونجح فيه بتقدير امتياز.
فمن سينتصر؟ أبو حمزة النشواتي، أم عبدو العربجي؟ المحامي عمر الدالي، أم الضابط فارس عز الدين؟ هل يطغى شر الكبير على خير العامل؟ هل سيقُتل أحدهما في آخر لحظة؟ هل نبكي أم نفرح؟ ما بين الانتصار والانكسار… ما بين المواجهة والمؤامرة… الحلقات المقبلة عندها الخبر اليقين.
| مصعب أيوب
رأينا في السنوات الأخيرة ضمن نجاحات الدراما السورية ضرباً جديداً من الثنائيات الفنية التي حصدت نجاحاً منقطع النظير، لا سيما من خلال تجسيد بعض أوجه هذا النجاح في التعاونات المتجددة بين فنانين بشكل مستمر ودوري أو ربما بين كتّاب ومخرجين أو فنانين ومخرجين والقائمة تطول إلى أن أصبحت ظاهرة فنية اعتاد الجمهور عليها.
هما مكملان للوحة الإبداع الدرامي في سورية بأدوارهما الاستثنائية التي أضافت إلى هيبة حضورهما الكثير، سلوم حداد الذي يعد علامة فارقة في تاريخ الدراما السورية، وباسم ياخور الذي يسحب الأضواء إليه أينما حل، فالرؤية المتوافقة بينهما تجبرك على الاعتراف بهذين الاسمين من دون تحيز لأي طرف.
شراكة متجددة
تعاون جديد يجمع الفنان سلوم حداد مع زميله باسم ياخور للمرة الخامسة لاستثمار النجاح الذي حققه الرجلان سابقاً في أعمال عديدة بعد مسلسل «خاتون» مؤدياً فيه حداد شخصية الزعيم أبو العز ويخوض عدة صراعات مع ياخور بشخصية عكاش، كذلك اجتمعا معاً في مسلسل «الندم» للمخرج الليث حجو بشخصية أبو عبدو الغول التاجر ورجل الأعمال وابنه عبدو الذي يسعى للاستحواذ على رزق أبيه وكل أملاكه وقد حظي العمل بأصداء إيجابية جميلة، وتم التعاون فيما بعد من خلال مسلسل «زوال» للمخرج أحمد إبراهيم أحمد من ثم جدد الرجلان العهد بينهما لإمتاع الجمهور في مسلسل «على صفيح ساخن» للمخرج سيف سبيعي وفي مسلسل «ولاد البلد» أيضاً تأليف عثمان جحى ومؤيد النابلسي وهما المؤلفان ذاتهما اللذان كتبا مسلسل «العربجي».
العربجي
المخرج يدرس السوق جيداً ليحقق معادلة مستحيلة الحل في الجمع بين نماذج متكررة ليجعل من عمله قفزة فنية تضاف إلى رصيده الإخراجي وهو ما اعتمده سيف سبيعي في العربجي، إذ إن قصة العمل تحاكي طبيعتنا الإنسانية التي جُبلنا عليها في الخير والشر وترتبط بها ارتباطاً شديداً ومهما حاولنا التنكر لها والانعتاق منها تطغى مظاهرها على مفرداتنا عند أول خلاف، فيحفل العمل بشخصيات عديدة تلتقي وتبتعد حسب السياق الدرامي الذي رسمه الكاتب.
يبدأ المسلسل الصراع منذ حلقته الأولى وتدخل القصة بطريقة مباشرة على الجمهور وهو ما يغري المشاهد على متابعة هذا الصراع الفني بامتياز.
بحنكة وذكاء عاليين يدخل الهرم الفني صاحب السبعين عام بدور أبو حمزة النشواتي الذي تتجلى في شخصيته ملامح القوة والجبروت والشرور والنفوذ فيتقن اللعبة ويذهب للحد الأقصى للشخصية، فهو الرجل الذي يسعى بكل ما أوتي من قوة متمسكاً بخيوط ترتكز على سلطته ونفوذه لبسط سطوته أينما حل.
فبعد أن تلونت أدواره التي جسد فيها البيئة الشامية وهو ليس بالأمر الصعب عليه يختار حداد دائماً الدور الذي يقدمه بصورة أجمل للجمهور.
ينجح باسم ياخور في اقتناص قلوب الجمهور من خلال إثارة تساؤلات عديدة عن كمية القهر التي يختزنها عبدو العربجي بداخله وعن نظراته وحركات يديه وانفعالاته وشعره الأشعث وقامته الممشوقة… تساؤلات كثيرة عن هذا الوحش الجريح المظلوم الذي يقدمه ياخور باحتراف عال في مواجهته لرمز الشر الأعظم في العمل أبو حمزة النشواتي الذي لا يفوت فرصة لإذلال عبدو إلا ويستثمرها ليكسر شوكته لأنه الوحيد الذي يستطيع الوقوف في وجهه.
خريف عمر
ياخور صاحب نجومية كبيرة وتراكمية فرضتها أدواته الخاصة، فينجح كعادته دائماً في أي دور يسند إليه وها هو ذا محقق في الأمن الجنائي رجل طيب وذكي وحكيم يسعى جاهداً لإحقاق الحق والقضاء على الأشرار وحل لغز بعض الجرائم مؤدياً دوره بكل براعة ليعترضه حداد في محطات كثيرة وسط غموض كبير في مسلسل «خريف عمر» الاجتماعي الذي ألفه حسام شرباتي ويزن مرتجى الذي تدور أحداثه خلال فترتين زمنيتين وسط رؤية مختلفة لا تخلو من التشويق والأكشن في الوقت ذاته يحقق فيه معادلة الجمهور والتسويق.
في «خريف عمر» يبدأ التعتيم عن العلاقة التي تربط كلاً من عمر وفارس ببعضهما وسط أسئلة كثيرة في جعبة المشاهد، فيطل حداد بالشخصية ذاتها الشريرة لكن هذه المرة بدور محام متقاعد ولحدث ما يطرأ على حياته يقوم بإعادة ترتيب أوراقه ويبدأ بمحاسبة بعض الأشخاص الذين يعتقد أنهم أذنبوا ولا بد من معاقبتهم.
فتبدو شخصية عمر الدالي مليئة بالحزن والفرح والانتقام والغضب والكثير من التناقضات ضمن شخصية مضطربة حيث يضمر بداخله جرعة وفيرة من العنف.
وبأسلوب متقن وحرفية عالية يبدع عمر بالقتل والتخلص من الجثث وإخفاء آثار جريمته ليعود ويمارس حياته بشكل طبيعي بكل هدوء وانسجام ويقوم بتحضير قهوته المعتادة على أنغام الموسيقا وكأن شيئاً لم يكن.
تساؤلات عدة
لم يكن فارق السن بينهما ليؤثر في علاقتهما أبداً، بل على العكس تماماً شكل ذلك نوعاً من التناغم والانسجام اللذين انعكسا على الشاشة الصغيرة فنجح الرجلان في تقديم ثنائية استثنائية قلما نجدها.
كذلك فإن التعاون والنجاح بينهما لم يسقطا صبغة النجاح الفردي كل في مكانه فتاريخ كل منهما حافل ببصمات خاصة، وقدم كل منهما امتحانه ونجح فيه بتقدير امتياز.
فمن سينتصر؟ أبو حمزة النشواتي، أم عبدو العربجي؟ المحامي عمر الدالي، أم الضابط فارس عز الدين؟ هل يطغى شر الكبير على خير العامل؟ هل سيقُتل أحدهما في آخر لحظة؟ هل نبكي أم نفرح؟ ما بين الانتصار والانكسار… ما بين المواجهة والمؤامرة… الحلقات المقبلة عندها الخبر اليقين.