لايه (كمارا)
Laye (Camara-) - Laye (Camara-)
لايِه (كَمارا ـ)
(1928 ـ 1980)
كَمارا لايِه Camara Laye هو رائد أدب إفريقيا الغربية المكتوب باللغة الفرنسية على صعيد الرواية والقصة القصيرة. وُلد في مدينة كوروسا Kouroussa ذات التاريخ العريق في امبراطورية مالي Mali (في غينيا Guinée اليوم) وتوفي منفياً في دكار Dakar في السنغال Sénégal. كان والده صائغ ذهب في كوروسا حيث تردد لايه على المدرسة القرآنية والمدرسة الرسمية إلى أن انتقل إلى العاصمة كوناكري Conakry، حيث درس في المعهد التقني بواريه Poiret، ثم حصل على منحة دراسية سمحت له بدراسة الهندسة في أرجُنْتوي Argenteuil خارج باريس.
وحيداً في عالم غربي يولِّد الشعور بالوحدة والعزلة بدأ لايه بكتابة «الطفل الأسود» L’Enfant noir (1953) وهي رواية في صيغة سيرة ذاتية استعاد فيها الكاتب أيام طفولته في مسقط رأسه وتجاربه في المدرسة ثم في كوناكري حتى مغادرته إلى فرنسا. ولقد جعله حنينه إلى تلك المرحلة يسبغ على تفاصيلها نوعاً من المثالية حيث تسمو القيم الإنسانية المحلية على ما تفرضه التكنولوجيا الغربية الدخيلة من نمط معيشي غريب ومرفوض. وفي حين أخذ عليه النقاد الأفارقة غياب الموقف الرافض للاستعمار الفرنسي أشاد الأوربيون والأمريكيون بأسلوبه في عرض الحياة الإفريقية التقليدية. وفي عام 1954 صدرت ترجمة الرواية في الولايات المتحدة وراجت، مثلما راجت الطبعة الفرنسية؛ فوفَّر له هذا النجاح دخلاً مالياً سمح له بالتخلي عن عمله الجزئي في الورشة الميكانيكية ليتفرغ للكتابة، إضافة إلى متابعة الدراسة. ونتيجة لذلك تمكن من إصدار روايته الثانية «نظرة الملك» Le Regard du roi عام 1954 بأسلوب وموضوع جديدين؛ فهي تسرد قصة رجل أبيض انطلق في الأدغال الإفريقية بحثاً عن اللقاء بالملك الإفريقي الذي سيُعتِق روحه، وقد عدّها النقاد أفضل أعمال لايه. أما تأويلاتها فتراوح بين بحث الإنسان عن إله راعٍ، أو رحلة في اللاوعي وبين البحث عن هوية. أما أجواؤها الكابوسية المكثفة فتشير إلى تأثر لايه بروايات فرانتس كافكا[ر] من جهة، ومن جهة أخرى بأعمال الكاتب النيجيري آموس توتوولا Amos Tutuola. ومع ذلك فقد رفعها نقاد آخرون إلى مرتبة أفضل رواية إفريقية.
عاد لايه إلى غينيا في عام 1956 وتزوج صديقته ماري التي عرفها منذ أيام المعهد التقني، وعمل مهندساً مدة سنتين ثم مديراً لمركز أبحاث تابع لوزارة الإعلام. ونشر في أثناء السنوات العشر اللاحقة كثيراً من القصص القصيرة في مجلتين دوريتين هما «أورفيوس الأسود» Black Orpheus و«حاضر إفريقيا» Présence africaine. وفي عهد رئيس جمهورية غينيا الأول سيكو توري Sékou Touré- عقب الاستقلال عن فرنسا عام 1958- حدثت مجموعة من التغييرات السياسية والاقتصادية التي أدت إلى وقوع اضطرابات سببت نوعاً من عدم الاستقرار الذي أثَّر في حياة المواطنين، ومنهم لايه الذي نشر روايته الثالثة «حلم أفريقي» Dramouss (1966) التي يعود بطلها إلى الوطن بعد ست سنوات في فرنسا ليجد أن سياسة العنف التي تمارسها السلطة قد حلت مكان القيم الإفريقية الإنسانية التي كان يتوق إليها وهو في الغربة. وقد هاجم الكاتب في روايته بصراحة ما وصفه بطله فاتومان Fatoman بقوله: «إنه نظام مبني على العنف»، كما هاجم الحكم الاستعماري. وقد تسببت الرواية بإثارة ضغينة سيكو توري على لايه؛ فضيَّق عليه الخناق وأزعجه حتى اضطره إلى الهجرة مع أسرته عام 1968 إلى السنغال، حيث عمل في جامعة دكار باحثاً في الدراسات الإسلامية.
أما رواية لايه الأخيرة «سيد الكلام: كوما لافولو كوما» Le Maître de la Parole: Kuoma Lafolo Kuoma فقد صدرت في المنفى عام 1978. وقد ابتعد فيها لايه عن السياسة المباشرة المعاصرة ليسرد ملحمة تعود إلى عصر امبراطورية مالي، معتمداً على ما جمعه الرواة المحليون من كبار السن من حكايات وأحاديث. وعلى الرغم من موضوعها التراثي فقد وظّف المؤلف فيها تقنيات سرد حديثة حظيت بتقريظ النقاد لإسهامها في تطوير الرواية الإفريقية ـ الفرنسية.
نبيل الحفار
Laye (Camara-) - Laye (Camara-)
لايِه (كَمارا ـ)
(1928 ـ 1980)
كَمارا لايِه Camara Laye هو رائد أدب إفريقيا الغربية المكتوب باللغة الفرنسية على صعيد الرواية والقصة القصيرة. وُلد في مدينة كوروسا Kouroussa ذات التاريخ العريق في امبراطورية مالي Mali (في غينيا Guinée اليوم) وتوفي منفياً في دكار Dakar في السنغال Sénégal. كان والده صائغ ذهب في كوروسا حيث تردد لايه على المدرسة القرآنية والمدرسة الرسمية إلى أن انتقل إلى العاصمة كوناكري Conakry، حيث درس في المعهد التقني بواريه Poiret، ثم حصل على منحة دراسية سمحت له بدراسة الهندسة في أرجُنْتوي Argenteuil خارج باريس.
وحيداً في عالم غربي يولِّد الشعور بالوحدة والعزلة بدأ لايه بكتابة «الطفل الأسود» L’Enfant noir (1953) وهي رواية في صيغة سيرة ذاتية استعاد فيها الكاتب أيام طفولته في مسقط رأسه وتجاربه في المدرسة ثم في كوناكري حتى مغادرته إلى فرنسا. ولقد جعله حنينه إلى تلك المرحلة يسبغ على تفاصيلها نوعاً من المثالية حيث تسمو القيم الإنسانية المحلية على ما تفرضه التكنولوجيا الغربية الدخيلة من نمط معيشي غريب ومرفوض. وفي حين أخذ عليه النقاد الأفارقة غياب الموقف الرافض للاستعمار الفرنسي أشاد الأوربيون والأمريكيون بأسلوبه في عرض الحياة الإفريقية التقليدية. وفي عام 1954 صدرت ترجمة الرواية في الولايات المتحدة وراجت، مثلما راجت الطبعة الفرنسية؛ فوفَّر له هذا النجاح دخلاً مالياً سمح له بالتخلي عن عمله الجزئي في الورشة الميكانيكية ليتفرغ للكتابة، إضافة إلى متابعة الدراسة. ونتيجة لذلك تمكن من إصدار روايته الثانية «نظرة الملك» Le Regard du roi عام 1954 بأسلوب وموضوع جديدين؛ فهي تسرد قصة رجل أبيض انطلق في الأدغال الإفريقية بحثاً عن اللقاء بالملك الإفريقي الذي سيُعتِق روحه، وقد عدّها النقاد أفضل أعمال لايه. أما تأويلاتها فتراوح بين بحث الإنسان عن إله راعٍ، أو رحلة في اللاوعي وبين البحث عن هوية. أما أجواؤها الكابوسية المكثفة فتشير إلى تأثر لايه بروايات فرانتس كافكا[ر] من جهة، ومن جهة أخرى بأعمال الكاتب النيجيري آموس توتوولا Amos Tutuola. ومع ذلك فقد رفعها نقاد آخرون إلى مرتبة أفضل رواية إفريقية.
عاد لايه إلى غينيا في عام 1956 وتزوج صديقته ماري التي عرفها منذ أيام المعهد التقني، وعمل مهندساً مدة سنتين ثم مديراً لمركز أبحاث تابع لوزارة الإعلام. ونشر في أثناء السنوات العشر اللاحقة كثيراً من القصص القصيرة في مجلتين دوريتين هما «أورفيوس الأسود» Black Orpheus و«حاضر إفريقيا» Présence africaine. وفي عهد رئيس جمهورية غينيا الأول سيكو توري Sékou Touré- عقب الاستقلال عن فرنسا عام 1958- حدثت مجموعة من التغييرات السياسية والاقتصادية التي أدت إلى وقوع اضطرابات سببت نوعاً من عدم الاستقرار الذي أثَّر في حياة المواطنين، ومنهم لايه الذي نشر روايته الثالثة «حلم أفريقي» Dramouss (1966) التي يعود بطلها إلى الوطن بعد ست سنوات في فرنسا ليجد أن سياسة العنف التي تمارسها السلطة قد حلت مكان القيم الإفريقية الإنسانية التي كان يتوق إليها وهو في الغربة. وقد هاجم الكاتب في روايته بصراحة ما وصفه بطله فاتومان Fatoman بقوله: «إنه نظام مبني على العنف»، كما هاجم الحكم الاستعماري. وقد تسببت الرواية بإثارة ضغينة سيكو توري على لايه؛ فضيَّق عليه الخناق وأزعجه حتى اضطره إلى الهجرة مع أسرته عام 1968 إلى السنغال، حيث عمل في جامعة دكار باحثاً في الدراسات الإسلامية.
أما رواية لايه الأخيرة «سيد الكلام: كوما لافولو كوما» Le Maître de la Parole: Kuoma Lafolo Kuoma فقد صدرت في المنفى عام 1978. وقد ابتعد فيها لايه عن السياسة المباشرة المعاصرة ليسرد ملحمة تعود إلى عصر امبراطورية مالي، معتمداً على ما جمعه الرواة المحليون من كبار السن من حكايات وأحاديث. وعلى الرغم من موضوعها التراثي فقد وظّف المؤلف فيها تقنيات سرد حديثة حظيت بتقريظ النقاد لإسهامها في تطوير الرواية الإفريقية ـ الفرنسية.
نبيل الحفار