طاهر علوان يكتب : الأفلام السعودية سينما تتشكل على مهل
ـ طاهر علوان
لا شك أن المنجز السينمائي في العالم العربي نُظر إليه طويلاً على أنه ضرب من الترفيه الذي يمكن الاستغناء عنه ولم ترصد الميزانيات اللازمة له، بما في ذلك إقامة المهرجانات السينمائية.
هنا غابت عن الكثيرين تلك الفكرة، التي هي في صميم عمل أية حكومة واعية في العالم، وهي فكرة الدبلوماسية الناعمة التي تدخل في صلب الخطط السنوية والتي ترصد لها الأموال والمستلزمات وأسباب النجاح وبما في ذلك الحملات الإعلامية من أجل إنجاحها.
من هنا هل يمكننا تخيل بلد مثل فرنسا لا يرصد لسينما الجنوب ولا يدعم التجارب السينمائية من حول العالم، بل هو الواقع من صميم عمل الخارجية الفرنسية.
وبالطبع لا داعي للحديث عن عشرات المهرجانات السينمائية السنوية التي لا يتوقف دعم ميزانياتها عاما بعد عام.
أما في عالمنا العربي فكما ذكرت ما زالت فكرة الدبلوماسية الناعمة أبعد ما تكون في سلم الأولويات وما يزال تدهور المهرجانات وإلغاؤها بجرّة قلم وإيقاف دعم الأفلام من أسهل ما يكون.
لكن ما يصلنا من أخبار قادمة من السعودية يغير كثيراً من معالم الصورة وهذه الإشارة لا تتعلق بوجود المال والميزانية ولا بالفعاليات المظهرية التي تجلب لنا نجوم هوليوود، بل بتأسيس وإنضاج التجربة السينمائية المحلية في حد ذاتها، وألاّ يكون المهرجان بساطا أحمر لنجوم هوليوود وفنادقهم الفخمة ومظاهرهم فهذا لن يغني ولن يسمن إلا قليلا.
تخطو السينما السعودية خطواتها بشكل أكثر واقعية فالنجاح يكمن في تعظيم وتقوية ما هو محلي أولا وتأسيس قاعدة ووعي سينمائيين، وذلك يحتاج إلى جهود كبيرة لكن الأصل هو وضوح الرؤية إلى أين تسير وإلى أي هدف تريد أن تصل.
الارتكاز إلى الجمعيات المحلية هو الذي ساعد التجارب السينمائية من حول العالم على ترسيخ ثقلها، ودعم تلك الجمعيات ودفعها لتنظيم الملتقيات والمهرجانات وورشات العمل التطويرية هي خطوات في المسار الصحيح وهو ما صرنا نسمع عنه هناك.
في المقابل هنالك ميزانيات الإنتاج المحلي وهي ركن آخر من أركان التأسيس، فإذا لم تؤسس قاعدة سينمائية وموجة سينمائية من الشباب فلن يكفي أن تجلب نجوم هوليوود ليلقوا محاضرات عن عبقريتهم، ولا استضافة مهرجان وبهرجته فلكل مساره الخاص ومسار السينما المحلية في العالم العربي لا يمت بصلة للإنتاج السينمائي التجاري الضخم ونظام النجوم في الغرب.
ما يجب التركيز عليه هو الانطلاق مما هو محلي والتأسيس من داخل عقل المجتمع ذاته فضلا عن دور السينما الوثائقية في توصيف وتقديم الجغرافيا المكانية وحياة الإنسان.
يمكن أن نضيف إلى ذلك التسهيلات التي صارت تقدمها المملكة للتصوير وعمليات الإنتاج بالنسبة إلى الأفلام التي يتم إنتاجها في داخل المملكة وتلك ميزة أخرى إيجابية لم ينجح فيها بلد عربي آخر سوى المغرب من خلال قلعة السينما ورزازات التي ما زالت تجتذب المخرجين العالميين لغرض التصوير هناك بفضل التسهيلات واستخراج الموافقات، فلا شيء يستدعي أن نخافه ولا أن نفكر بعقلية بوليسية فالسينما سينما والتلصص وما إلى ذلك لا يخفى على أي عاقل.
ما ننتظره من أفلام قادمة من السعودية يراد له أن يصحح الصورة النمطية ويعزز التفاؤل بتأسيس تجربة سينمائية يمكن أن تنضج بمزيد من الواقعية والعمل اليومي مع الاستدامة والنفس الطويل، وهذه أولى مؤشرات النجاح فما وقع فيه الآخرون هو عدم وجود رؤية الاستدامة فضلا عن الملامسة السطحية للعمل السينمائي والبحث عن الدعاية والضجيج فضلا عن عدم وجود نيّة الاستدامة بينما العمل السينمائي لا يختلف عن أية عملية تنمية للموارد والطاقات البشرية يحتاج أن يحظى بأهمية استثنائية ويدعم بكل الأشكال.
* كاتب عراقي مقيم في لندن
ـ طاهر علوان
لا شك أن المنجز السينمائي في العالم العربي نُظر إليه طويلاً على أنه ضرب من الترفيه الذي يمكن الاستغناء عنه ولم ترصد الميزانيات اللازمة له، بما في ذلك إقامة المهرجانات السينمائية.
هنا غابت عن الكثيرين تلك الفكرة، التي هي في صميم عمل أية حكومة واعية في العالم، وهي فكرة الدبلوماسية الناعمة التي تدخل في صلب الخطط السنوية والتي ترصد لها الأموال والمستلزمات وأسباب النجاح وبما في ذلك الحملات الإعلامية من أجل إنجاحها.
من هنا هل يمكننا تخيل بلد مثل فرنسا لا يرصد لسينما الجنوب ولا يدعم التجارب السينمائية من حول العالم، بل هو الواقع من صميم عمل الخارجية الفرنسية.
وبالطبع لا داعي للحديث عن عشرات المهرجانات السينمائية السنوية التي لا يتوقف دعم ميزانياتها عاما بعد عام.
أما في عالمنا العربي فكما ذكرت ما زالت فكرة الدبلوماسية الناعمة أبعد ما تكون في سلم الأولويات وما يزال تدهور المهرجانات وإلغاؤها بجرّة قلم وإيقاف دعم الأفلام من أسهل ما يكون.
لكن ما يصلنا من أخبار قادمة من السعودية يغير كثيراً من معالم الصورة وهذه الإشارة لا تتعلق بوجود المال والميزانية ولا بالفعاليات المظهرية التي تجلب لنا نجوم هوليوود، بل بتأسيس وإنضاج التجربة السينمائية المحلية في حد ذاتها، وألاّ يكون المهرجان بساطا أحمر لنجوم هوليوود وفنادقهم الفخمة ومظاهرهم فهذا لن يغني ولن يسمن إلا قليلا.
تخطو السينما السعودية خطواتها بشكل أكثر واقعية فالنجاح يكمن في تعظيم وتقوية ما هو محلي أولا وتأسيس قاعدة ووعي سينمائيين، وذلك يحتاج إلى جهود كبيرة لكن الأصل هو وضوح الرؤية إلى أين تسير وإلى أي هدف تريد أن تصل.
الارتكاز إلى الجمعيات المحلية هو الذي ساعد التجارب السينمائية من حول العالم على ترسيخ ثقلها، ودعم تلك الجمعيات ودفعها لتنظيم الملتقيات والمهرجانات وورشات العمل التطويرية هي خطوات في المسار الصحيح وهو ما صرنا نسمع عنه هناك.
في المقابل هنالك ميزانيات الإنتاج المحلي وهي ركن آخر من أركان التأسيس، فإذا لم تؤسس قاعدة سينمائية وموجة سينمائية من الشباب فلن يكفي أن تجلب نجوم هوليوود ليلقوا محاضرات عن عبقريتهم، ولا استضافة مهرجان وبهرجته فلكل مساره الخاص ومسار السينما المحلية في العالم العربي لا يمت بصلة للإنتاج السينمائي التجاري الضخم ونظام النجوم في الغرب.
ما يجب التركيز عليه هو الانطلاق مما هو محلي والتأسيس من داخل عقل المجتمع ذاته فضلا عن دور السينما الوثائقية في توصيف وتقديم الجغرافيا المكانية وحياة الإنسان.
يمكن أن نضيف إلى ذلك التسهيلات التي صارت تقدمها المملكة للتصوير وعمليات الإنتاج بالنسبة إلى الأفلام التي يتم إنتاجها في داخل المملكة وتلك ميزة أخرى إيجابية لم ينجح فيها بلد عربي آخر سوى المغرب من خلال قلعة السينما ورزازات التي ما زالت تجتذب المخرجين العالميين لغرض التصوير هناك بفضل التسهيلات واستخراج الموافقات، فلا شيء يستدعي أن نخافه ولا أن نفكر بعقلية بوليسية فالسينما سينما والتلصص وما إلى ذلك لا يخفى على أي عاقل.
ما ننتظره من أفلام قادمة من السعودية يراد له أن يصحح الصورة النمطية ويعزز التفاؤل بتأسيس تجربة سينمائية يمكن أن تنضج بمزيد من الواقعية والعمل اليومي مع الاستدامة والنفس الطويل، وهذه أولى مؤشرات النجاح فما وقع فيه الآخرون هو عدم وجود رؤية الاستدامة فضلا عن الملامسة السطحية للعمل السينمائي والبحث عن الدعاية والضجيج فضلا عن عدم وجود نيّة الاستدامة بينما العمل السينمائي لا يختلف عن أية عملية تنمية للموارد والطاقات البشرية يحتاج أن يحظى بأهمية استثنائية ويدعم بكل الأشكال.
* كاتب عراقي مقيم في لندن