حساب اقتصادي
Economic calculus - Calcul économique
الحساب الاقتصادي
التعريف
الحساب الاقتصادي economic balance ويطلق عليه أيضاً اسم المحاسبة الاقتصادية، هو أسلوب خاص بالاشتراكية للتعبير عن العلاقات الاقتصادية للمشروع القائم على الملكية العامة لوسائل الإنتاج، وعلى دمج التخطيط والإدارة المركزيين مع الاستقلالية الاقتصادية النسبية، بهدف السيطرة عليها بشكل واعٍ وتحفيزها اقتصادياً واستخدامها لحفز المشروعات لتأمين تمويل أنشطتها على حساب مواردها الذاتية وتوريد فوائض لرفد الاقتصاد الاشتراكي.
نشأته
يستخدم بعض الاقتصاديين مصطلح «الميزان الاقتصادي» مرادفاً للمحاسبة الاقتصادية. ولعل الخلاف يعود إلى ترجمة المصطلح من اللغات الأجنبية، غير أن هذه المصطلحات تحمل جميعها مضموناً واحداً، فمع قيام الثورة الاشتراكية والانتقال إلى علاقات إنتاج اشتراكية تقوم على الملكية العامة لوسائل الإنتاج وعلى التخطيط المركزي لجوانب الحياة المادية والاجتماعية والثقافية كافة، تغيرت وظيفة النشاط المحاسبي، فقد كانت تنحصر في ظل علاقات الإنتاج الرأسمالية في قياس نتائج أعمال المشروع وإظهار مركزه المالي بهدف تقديم معلومات لأصحاب رأس المال. وكان هذا القياس قياساً نقدياً يرتكز على مفاهيم القيمة، وكانت لذلك المحاسبة التجارية محاسبة مالية تعبر عن علاقات الإنتاج الرأسمالية.
أما في الاشتراكية، وبعد الاعتراف بوجود إنتاج سلعي وعلاقات سلعية نقدية بين المشروعات، فقد تم الانطلاق في تحديد وظيفة النشاط المحاسبي من المهام الاقتصادية والإدارية والاجتماعية لهذا النشاط، فالمحاسبة بمفهومها الجديد يجب أن تسهم في رقابة الملكية العامة الموزعة على الوحدات الاقتصادية، وأن ترصد تطورها وحسن استغلالها لمصلحة المجتمع، وأن تراقب لذلك تنفيذ الخطط الاقتصادية، وأن توفر معلومات أساسية تمكن الإدارات من إعداد الخطط ومراقبة تنفيذها بمشاركة العاملين. ومع التركيز على المهام الاقتصادية والإدارية وعلى الأبعاد الاجتماعية للنشاط المحاسبي، فقد احتل مكانة بارزة في الفكر الاقتصادي الاشتراكي وأصبح ركناً هاماً من أركانه له، خصوصيته الاجتماعية وأسسه العلمية وأهميته الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، وبذلك نشأت المحاسبة الاقتصادية أسلوباً جديداً في ضبط حساب المشروعات بدلاً من المحاسبة التجارية التقليدية.
تطورها التاريخي
يعود نشوء نظام الحساب الاقتصادي إلى قيام الثورة الاشتراكية، فقد تحدث لينين عام 1917 عن «محاسبة ورقابة عمليات الإنتاج والتوزيع» وعن «الرقابة من خلال وحدة النقد» بوصفها مبادئ إدارية كوّنت العناصر الأولى للمحاسبة الاقتصادية.
استخدم تعبير «المحاسبة النقدية» لأول مرة عام 1921، وكان يعني التوقف عن تأمين احتياجات المشروع من قبل الدولة والاعتماد على إمكاناته الذاتية وتوجيهه لتلبية احتياجات السوق وتحقيق ريعية مناسبة.
ثم وجدت المحاسبة الاقتصادية مبرر وجودها مع الاعتراف بوجود الإنتاج السلعي والعلاقات السلعية النقدية في الاشتراكية وبضرورة استخدام تعابير القيمة، إذ أصبحت أحد تعابير الاقتصاد السياسي الذي يعبر عن علاقات الإنتاج الاشتراكية.
تعمق هذا المفهوم في إطار «نظام الإدارة والتخطيط والتحفيز الاقتصادي». فقد جرى تعزيز الاستقلالية الاقتصادية النسبية للمشروعات عبر الانتقال إلى «المحاسبة الاقتصادية الكاملة» التي تطورت في اتجاهين: الاتجاه الأفقي: وتمثل في دخولها فروع الاقتصاد كافة، والاتجاه العامودي: وتمثل في امتدادها بدءاً من أقسام المشروع مروراً بالمشروع فالمؤسسة وصولاً إلى أقسام رئيسة في الإدارة.
وفي إطار استكمال وتطوير آليات إدارة الاقتصاد الاشتراكي بهدف بلوغ أفضل ريعية للنشاط الاقتصادي للمعامل والمؤسسات، فقد صدر في الاتحاد السوڤييتي السابق عام 1987 قانون يحدد الأسس القانونية والاقتصادية لهذا النشاط، ويتطلع إلى تقوية طرق الإدارة «الاقتصادية» والاستفادة من مبادئ «المحاسبة الاقتصادية الكاملة». ولذلك فقد وجب على المشروع تغطية نفقاته المادية من إيراداته الخاصة، بما في ذلك نفقات النشاط الإنتاجي والرواتب والمكافآت، وهذا بخلاف ما كان سائداً، حيث كانت تمول الرواتب والأجور من الموازنة العامة للدولة بغض النظر عن نتيجة النشاط الاقتصادي،كما عدّ القانون مؤشراً عاماً لفاعلية نشاط المشروع.
جوهرها
استخدم مصطلح الحساب الاقتصادي في البداية للتعبير عن النمط الخاص بالاشتراكية في إدارة المشروعات الاقتصادية المستقلة نسبياً، والتي يجب أن تعتمد على نفسها في تأمين احتياجاتها بحيث تغطي نفقاتها من إيراداتها الخاصة وتوفر لنفسها دخلاً إضافياً. وهذا كان يستوجب قياس النفقات والإيرادات بشكل نقدي باستخدام تعابير القيمة من خلال المحاسبة الاقتصادية بمشاركة النظام المحاسبي. ثم تطور هذا المفهوم ليصبح مصطلح المحاسبة الاقتصادية أحد التعابير الاقتصادية الموضوعية التي تقوم بإظهار العلاقات السلعية النقدية التي تنشأ بين الوحدات الاقتصادية بعضها مع بعض، وبينها وبين الدولة والمستهلكين، وكذلك بينها وبين أقسامها وفروعها والأفراد العاملين فيها. وبذلك فقد أصبح أحد تعابير الاقتصاد السياسي للاشتراكية.
وموضوعيتها بوصفها تعبيراً اقتصادياً، تأتي من كونها نتيجة موضوعية لعمل القوانين الاقتصادية الاشتراكية، إذ تجسد عمل هذه القوانين وآلية عملها في المعامل والشركات، وتستند إلى وجود الملكية العامة لوسائل الإنتاج. فمع انتقال أجزاء من هذه الملكية إلى الوحدات الاقتصادية تصبح هذه الأخيرة وحدات مستقلة نسبياً ومسؤولة ذاتياً عن أداء نشاط اقتصادي بكفاءة عالية. وبذلك تصبح الاستقلالية الاقتصادية النسبية والمسؤولية الذاتية الشرط الأساسي والسبب الاقتصادي الرئيس لوجود المحاسبة الاقتصادية والتي دونها لا يمكن تحقيقهما. فهما يستوجبان المحاسبة عن النشاطات الاقتصادية للمشروع لإظهار ريعيتها والعلاقات الاقتصادية الناجمة عنها، وبذلك يمكن قياس مدى مسؤولية المشروع في بلوغ أهداف الخطة وتحقيق ريعية مناسبة لحجم نشاطه، كما يمكن معرفة مدى استقلالية الدورة الاقتصادية لأمواله من خلال قدرته على تعويض الموارد المستخدمة وعلى تأمين الأموال اللازمة للقيام بهذا النشاط. إن ذلك لم يكن ليتم دون المحاسبة الاقتصادية وبمساعدة النظام المحاسبي.
وتظهر موضوعية المحاسبة الاقتصادية من خلال ارتباطها الوثيق بمبدأ الاستخدام العقلاني الأمثل للموارد كمبدأ أساسي في إدارة المجتمع الاشتراكي والمشتق من قانون اقتصاد الوقت. هذا المبدأ يقتضي الاقتصاد في استخدام الموارد المتاحة والاستفادة منها بشكل عقلاني بعيداً عن الهدر بما يحقق أفضل العوائد. إنه لا يعني فقط تخفيض التكاليف بل إيجاد علاقة مثلى بين النفقة والإيراد، وزيادة إنتاجية العمل، وتحقيق أفضل المنافع الاقتصادية الممكنة. وقد تجسد مضمون هذا المبدأ على مستوى المعامل والشركات من خلال مبدأ «الاستخدام العقلاني الأمثل للموارد» مبدأً من مبادئ المحاسبة الاقتصادية.
وحيث أن الوحدات الاقتصادية مستقلة نسبياً فإن مصالحها المادية تتجه نحو تعويض مواردها المستخدمة في الإنتاج وتجديد إنتاجها بوتائر أفضل وبلوغ ريعية أعلى. هذه المصالح يجب أن تتوافق مع مصالح المجتمع المتمثلة في إنتاج منتجات مطابقة للحاجات وفي تحسين شروط المعيشة للسكان، ومع مصالح الأفراد العاملين المتمثلة في تحسين شروط عملهم ومعيشتهم. فتحقيق ريعية عالية لنشاطات المشروع لا يتم إذا لم تكن المنتجات مطابقة لحاجات السكان. ففي حال تحققها تنعكس إيجابياً على أفراد المجتمع كافة كتوفير فرص عمل إضافية ورفد الموازنة بموارد إضافية وغير ذلك. والريعية العالية تحقق مصالح العاملين حيث تزداد الأموال المخصصة لدفع الأجور والمكافآت والإنفاق على النشاطات الثقافية والاجتماعية وغيرها. وعند ربط أوجه الإنفاق هذه بالنتائج المحققة لمجموعات وأفراد العاملين ــ تطبيقاً لقانون التوزيع بحسب نتائج العمل - فإن حافزاً مادياً ينشأ لدى العاملين لزيادة الريعية وتحقيق مصالح المشروع. ومن هنا فإن المحاسبة الاقتصادية تمثل شكلاً من أشكال وحدة مصالح المشروع مع مصالح المجتمع والعاملين.
وفي تحقيقها لوحدة مصالح العاملين في المشروع والمجتمع تعبر المحاسبة الاقتصادية عن مضمون القانون الاقتصادي الأساسي للاشتراكية، والذي يقضي بتحسين مستوى المعيشة المادي والمعنوي للسكان، وقانون التطور النسبي المخطط يجد انعكاساً له فيها؛ فبلوغ أهداف الخطة الاقتصادية الحكومية المركزية في الوحدات الاقتصادية المستقلة نسبياً يتم بشكل لا مركزي من خلال المحاسبة الاقتصادية التي تتجه نحو تنفيذ الخطة ورقابة تنفيذها ونحو توفير المعلومات اللازمة لإعدادها.
والمحاسبة الاقتصادية تظهر كنتيجة مباشرة لعمل قانون القيمة في الاشتراكية، فالقياس يتم أصلاً بوقت العمل سواء لنفقات العمل الضرورية اجتماعياً أو لإيراداته.
مبادئه
بما أن المحاسبة الاقتصادية تجسد آلية عمل القوانين الاقتصادية على مستوى المشروع فإنه لابد من وجود مبادئ تمثل الإطار العام لعمل الوحدات الاقتصادية وتتكامل فيما بينها لتحقيق متطلبات هذه القوانين، هذه المبادئ المدعّمة نظرياً يجب أن تستخدم مجتمعة كوحدة واحدة دون التركيز على أحدها دون الآخر.
ـ مبدأ الاستقلالية الاقتصادية النسبية: تشكل الأموال الموضوعة تحت تصرف الوحدات الاقتصادية القاعدة المادية لعملها ووجودها، حيث تكتسب من خلالها حقوقها وواجباتها واسم كل منها كشخصية قانونية مستقلة تتخذ قراراتها بنفسها استناداً إلى معطيات الخطة المركزية بما يحقق الاستفادة المثلى من هذه الأموال.
ـ مبدأ المسؤولية الذاتية: تتحمل الدولة وهيئاتها الحكومية المسؤولية الكاملة عن حماية وزيادة الملكية الاشتراكية. ومع انتقال أجزاء من هذه الملكية إلى الوحدات الاقتصادية تنتقل هذه المسؤولية إليها على شكل مسؤولية ذاتية، وتتجه نحو تنفيذ متطلبات القوانين الاقتصادية كإنتاج منتجات مطابقة للحاجات، وتحسين علاقة النفقة بالإيراد وتحسين شروط العمل والمعيشة للعاملين.
وتظهر المسؤولية الذاتية كمسؤولية مادية تجاه الغير في حال عدم تنفيذ مهام الخطة وعدم التقيد بالالتزامات التعاقدية، وبالتالي فإنها تظهر كتعبير عن العلاقات الاقتصادية التي تعكسها المحاسبة الاقتصادية.
ـ مبدأ الاهتمام المادي: هذا المبدأ يرتبط ارتباطاً وثيقاً مع المسؤولية المادية، فهما يشكلان وحدة واحدة، إذ كلما كان حجم الإيرادات المحققة أكبر كلما أمكن الوفاء بالالتزامات بشكل أفضل، وكلما كانت اقتطاعات الربح المخصصة لأغراض التحفيز الاقتصادي أكبر، وهنا نلاحظ توافق المصالح الفردية والاجتماعية.
ـ مبدأ التمويل الذاتي: يقصد به أن تعتمد المشروعات الاقتصادية على ذاتها في تأمين وتطوير واستخدام مواردها وفي تأمين الوسائل المالية لذلك وفي تغطية نفقاتها النقدية من إيراداتها الخاصة في الوقت المناسب، وهذا المبدأ يعني:
أولاً: توفير الوسائل المالية والمادية اللازمة لتجديد وتحديث وتوسيع موجودات المشروع طبقاً للخطة واعتماداً على الذات، وهذا يشمل تأمين مصادر التمويل الكافي للنشاطات الاستثمارية والجارية.
ثانياً: توفير الأموال اللازمة لتغطية النفقات النقدية وتنفيذ الالتزامات المادية خلال عام الخطة في الوقت المناسب اعتماداً على الذات.
ـ مبدأ الاستخدام العقلاني الأمثل للموارد: تتطلب المسؤولية الذاتية الاستفادة المثلى من الموارد الموضوعة تحت تصرف الوحدات الاقتصادية. وهذا المبدأ يجري حصره عامة بالإنفاق الحذر، إلا أنه يمتد ليشمل استخدام الربح عقلانياً، بحيث يحقق التناسب بين الأوجه المختلفة لاستخدام الفائض المحقق مما ينعكس إيجابياً على عمليات الإنتاج المستقبلية وعلى تطور المجتمع والعاملين.
ـ مبدأ الرقابة الذاتية والرقابة من خلال وحدة النقد: تمتد مسؤولية الدولة الاشتراكية في المحافظة على الملكية العامة الموزعة على المعامل والشركات إلى رقابة عمل هذه المؤسسات وخاصة من خلال وحدة النقد. أما ممارسة هذه الرقابة من قبل الوحدات الاقتصادية ذاتها، كامتداد لمسؤوليتها الذاتية، فإنها تتجسد في مبدأ «الرقابة الذاتية» الذي يأخذ غالباً شكل الرقابة المالية، بسبب ارتكازه على المؤشرات المالية القيمية.
وظائفه
ـ وظيفة القياس: القياس هو تعبير رقمي عن الوقائع والعلاقات الاقتصادية لعملية الإنتاج من خلال قيم نقدية أو وحدات كمية أو زمنية. وفي إطار المحاسبة الاقتصادية يتم القياس باستخدام المعايير القيمية التي تجعل البيانات المتباينة قابلة للتجميع. هذا النوع من القياس هو قياس اقتصادي لعناصر، نتائج وعلاقات عمليات الإنتاج، وهو مطلب أساسي من أجل إدارة وتخطيط ورقابة النشاط الاقتصادي وإثباته محاسبياً.
ـ وظيفة رقابة التوزيع: يجري التوزيع على مستوى الاقتصاد القومي من خلال الموازنة، أما في المشروعات فإنه يتم من خلال المحاسبة الاقتصادية في مجرى تشكل الدورة الاقتصادية لأموال المشروع فهي(الوظيفة) تظهر توزع الأموال المستثمرة للأغراض المختلفة: تنفيذ الاستثمارات، دفع الأجور والمكافآت، تسديد الالتزامات، وغير ذلك، وتستخدم لهذا الغرض معايير القيمة، وبالاعتماد على معطيات المحاسبة الاقتصادية يمكن رقابة توزيع الموارد والإيرادات وتعُّرف تناسباتها.
ـ وظيفة التمويل: هذه الوظيفة تابعة للتوزيع، حيث تقوم المحاسبة الاقتصادية بإظهار المصادر الداخلية للتمويل، إلى جانب مصادر التمويل الخارجي كالقروض والإعانات الحكومية، كما تبين مساهمة المنشأة في تمويل الموازنة الحكومية من خلال اقتطاعات الربح الصافي والضرائب وغيرها.
ـ وظيفة التحفيز: وهي ترتبط بوظيفة التوزيع بشكل وثيق وتستند في تحقيقها على مبدأ ربط الأجر بالإنتاج. هذه الوظيفة للمحاسبة الاقتصادية تقوم على ربط مصالح جماعات العاملين في المشروع مع مصالح المجتمع بشكل فعال.
ـ وظيفة الرقابة: توفر المحاسبة الاقتصادية أوراق هامة لمقارنة البيانات الفعلية مع المخططة بحيث يمكن اكتشاف الانحرافات وتحليلها لمعرفة سبب نشوئها.
علاقته بالنظام المحاسبي
تمثل المحاسبة الاقتصادية والنظام المحاسبي وحدة عضوية واحدة غير قابلة للفصل؛ فالأولى تشترط توافر المعلومات اللازمة لإمكان تطبيقها، أما الثانية فتقوم بإعداد البيانات اللازمة لتزويد الإدارة بالمعلومات التي تمكنها من تنفيذ الخطة والرقابة عليها، وتعرف نتائج المحاسبة الاقتصادية. إنهما يمثلان عملية واحدة متشابكة تبدأ من تسجيل الوقائع الاقتصادية مروراً بمرحلة إعداد البيانات للحصول على المعلومات اللازمة ثم تحليلها وتوصيلها للجهات الإدارية لاستخدامها بما يمكّن من بلوغ الأهداف الاقتصادية المحددة للمشروع، لكنهما رغم هذا التوحيد غير متماثلين.
ومما يميز النظام المحاسبي عن المحاسبة الاقتصادية هو اعتماده على القياس الكمي والزمني، إضافة إلى القياس النقدي، حيث يمثل القياس الكمي والزمني الأساس في إجراء القياس القيمي، في حين أن المحاسبة الاقتصادية تعتمد على القياس القيمي فقط، فهو بذلك يوفر لها الشروط الأساسية لإجراء القياس النقدي ولاستخدام تعابير القيمة.
وفي سعيه لتحقيق أغراض المحاسبة الاقتصادية ترتسم أمام النظام المحاسبي مهمة أساسية تتمثل في تقديم معلومات تمكن من رقابة الملكية العامة وتطورها في المشروعات الاقتصادية ومن رقابة تنفيذ الخطة.
تيسير المصري
Economic calculus - Calcul économique
الحساب الاقتصادي
التعريف
الحساب الاقتصادي economic balance ويطلق عليه أيضاً اسم المحاسبة الاقتصادية، هو أسلوب خاص بالاشتراكية للتعبير عن العلاقات الاقتصادية للمشروع القائم على الملكية العامة لوسائل الإنتاج، وعلى دمج التخطيط والإدارة المركزيين مع الاستقلالية الاقتصادية النسبية، بهدف السيطرة عليها بشكل واعٍ وتحفيزها اقتصادياً واستخدامها لحفز المشروعات لتأمين تمويل أنشطتها على حساب مواردها الذاتية وتوريد فوائض لرفد الاقتصاد الاشتراكي.
نشأته
يستخدم بعض الاقتصاديين مصطلح «الميزان الاقتصادي» مرادفاً للمحاسبة الاقتصادية. ولعل الخلاف يعود إلى ترجمة المصطلح من اللغات الأجنبية، غير أن هذه المصطلحات تحمل جميعها مضموناً واحداً، فمع قيام الثورة الاشتراكية والانتقال إلى علاقات إنتاج اشتراكية تقوم على الملكية العامة لوسائل الإنتاج وعلى التخطيط المركزي لجوانب الحياة المادية والاجتماعية والثقافية كافة، تغيرت وظيفة النشاط المحاسبي، فقد كانت تنحصر في ظل علاقات الإنتاج الرأسمالية في قياس نتائج أعمال المشروع وإظهار مركزه المالي بهدف تقديم معلومات لأصحاب رأس المال. وكان هذا القياس قياساً نقدياً يرتكز على مفاهيم القيمة، وكانت لذلك المحاسبة التجارية محاسبة مالية تعبر عن علاقات الإنتاج الرأسمالية.
أما في الاشتراكية، وبعد الاعتراف بوجود إنتاج سلعي وعلاقات سلعية نقدية بين المشروعات، فقد تم الانطلاق في تحديد وظيفة النشاط المحاسبي من المهام الاقتصادية والإدارية والاجتماعية لهذا النشاط، فالمحاسبة بمفهومها الجديد يجب أن تسهم في رقابة الملكية العامة الموزعة على الوحدات الاقتصادية، وأن ترصد تطورها وحسن استغلالها لمصلحة المجتمع، وأن تراقب لذلك تنفيذ الخطط الاقتصادية، وأن توفر معلومات أساسية تمكن الإدارات من إعداد الخطط ومراقبة تنفيذها بمشاركة العاملين. ومع التركيز على المهام الاقتصادية والإدارية وعلى الأبعاد الاجتماعية للنشاط المحاسبي، فقد احتل مكانة بارزة في الفكر الاقتصادي الاشتراكي وأصبح ركناً هاماً من أركانه له، خصوصيته الاجتماعية وأسسه العلمية وأهميته الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، وبذلك نشأت المحاسبة الاقتصادية أسلوباً جديداً في ضبط حساب المشروعات بدلاً من المحاسبة التجارية التقليدية.
تطورها التاريخي
يعود نشوء نظام الحساب الاقتصادي إلى قيام الثورة الاشتراكية، فقد تحدث لينين عام 1917 عن «محاسبة ورقابة عمليات الإنتاج والتوزيع» وعن «الرقابة من خلال وحدة النقد» بوصفها مبادئ إدارية كوّنت العناصر الأولى للمحاسبة الاقتصادية.
استخدم تعبير «المحاسبة النقدية» لأول مرة عام 1921، وكان يعني التوقف عن تأمين احتياجات المشروع من قبل الدولة والاعتماد على إمكاناته الذاتية وتوجيهه لتلبية احتياجات السوق وتحقيق ريعية مناسبة.
ثم وجدت المحاسبة الاقتصادية مبرر وجودها مع الاعتراف بوجود الإنتاج السلعي والعلاقات السلعية النقدية في الاشتراكية وبضرورة استخدام تعابير القيمة، إذ أصبحت أحد تعابير الاقتصاد السياسي الذي يعبر عن علاقات الإنتاج الاشتراكية.
تعمق هذا المفهوم في إطار «نظام الإدارة والتخطيط والتحفيز الاقتصادي». فقد جرى تعزيز الاستقلالية الاقتصادية النسبية للمشروعات عبر الانتقال إلى «المحاسبة الاقتصادية الكاملة» التي تطورت في اتجاهين: الاتجاه الأفقي: وتمثل في دخولها فروع الاقتصاد كافة، والاتجاه العامودي: وتمثل في امتدادها بدءاً من أقسام المشروع مروراً بالمشروع فالمؤسسة وصولاً إلى أقسام رئيسة في الإدارة.
وفي إطار استكمال وتطوير آليات إدارة الاقتصاد الاشتراكي بهدف بلوغ أفضل ريعية للنشاط الاقتصادي للمعامل والمؤسسات، فقد صدر في الاتحاد السوڤييتي السابق عام 1987 قانون يحدد الأسس القانونية والاقتصادية لهذا النشاط، ويتطلع إلى تقوية طرق الإدارة «الاقتصادية» والاستفادة من مبادئ «المحاسبة الاقتصادية الكاملة». ولذلك فقد وجب على المشروع تغطية نفقاته المادية من إيراداته الخاصة، بما في ذلك نفقات النشاط الإنتاجي والرواتب والمكافآت، وهذا بخلاف ما كان سائداً، حيث كانت تمول الرواتب والأجور من الموازنة العامة للدولة بغض النظر عن نتيجة النشاط الاقتصادي،كما عدّ القانون مؤشراً عاماً لفاعلية نشاط المشروع.
جوهرها
استخدم مصطلح الحساب الاقتصادي في البداية للتعبير عن النمط الخاص بالاشتراكية في إدارة المشروعات الاقتصادية المستقلة نسبياً، والتي يجب أن تعتمد على نفسها في تأمين احتياجاتها بحيث تغطي نفقاتها من إيراداتها الخاصة وتوفر لنفسها دخلاً إضافياً. وهذا كان يستوجب قياس النفقات والإيرادات بشكل نقدي باستخدام تعابير القيمة من خلال المحاسبة الاقتصادية بمشاركة النظام المحاسبي. ثم تطور هذا المفهوم ليصبح مصطلح المحاسبة الاقتصادية أحد التعابير الاقتصادية الموضوعية التي تقوم بإظهار العلاقات السلعية النقدية التي تنشأ بين الوحدات الاقتصادية بعضها مع بعض، وبينها وبين الدولة والمستهلكين، وكذلك بينها وبين أقسامها وفروعها والأفراد العاملين فيها. وبذلك فقد أصبح أحد تعابير الاقتصاد السياسي للاشتراكية.
وموضوعيتها بوصفها تعبيراً اقتصادياً، تأتي من كونها نتيجة موضوعية لعمل القوانين الاقتصادية الاشتراكية، إذ تجسد عمل هذه القوانين وآلية عملها في المعامل والشركات، وتستند إلى وجود الملكية العامة لوسائل الإنتاج. فمع انتقال أجزاء من هذه الملكية إلى الوحدات الاقتصادية تصبح هذه الأخيرة وحدات مستقلة نسبياً ومسؤولة ذاتياً عن أداء نشاط اقتصادي بكفاءة عالية. وبذلك تصبح الاستقلالية الاقتصادية النسبية والمسؤولية الذاتية الشرط الأساسي والسبب الاقتصادي الرئيس لوجود المحاسبة الاقتصادية والتي دونها لا يمكن تحقيقهما. فهما يستوجبان المحاسبة عن النشاطات الاقتصادية للمشروع لإظهار ريعيتها والعلاقات الاقتصادية الناجمة عنها، وبذلك يمكن قياس مدى مسؤولية المشروع في بلوغ أهداف الخطة وتحقيق ريعية مناسبة لحجم نشاطه، كما يمكن معرفة مدى استقلالية الدورة الاقتصادية لأمواله من خلال قدرته على تعويض الموارد المستخدمة وعلى تأمين الأموال اللازمة للقيام بهذا النشاط. إن ذلك لم يكن ليتم دون المحاسبة الاقتصادية وبمساعدة النظام المحاسبي.
وتظهر موضوعية المحاسبة الاقتصادية من خلال ارتباطها الوثيق بمبدأ الاستخدام العقلاني الأمثل للموارد كمبدأ أساسي في إدارة المجتمع الاشتراكي والمشتق من قانون اقتصاد الوقت. هذا المبدأ يقتضي الاقتصاد في استخدام الموارد المتاحة والاستفادة منها بشكل عقلاني بعيداً عن الهدر بما يحقق أفضل العوائد. إنه لا يعني فقط تخفيض التكاليف بل إيجاد علاقة مثلى بين النفقة والإيراد، وزيادة إنتاجية العمل، وتحقيق أفضل المنافع الاقتصادية الممكنة. وقد تجسد مضمون هذا المبدأ على مستوى المعامل والشركات من خلال مبدأ «الاستخدام العقلاني الأمثل للموارد» مبدأً من مبادئ المحاسبة الاقتصادية.
وحيث أن الوحدات الاقتصادية مستقلة نسبياً فإن مصالحها المادية تتجه نحو تعويض مواردها المستخدمة في الإنتاج وتجديد إنتاجها بوتائر أفضل وبلوغ ريعية أعلى. هذه المصالح يجب أن تتوافق مع مصالح المجتمع المتمثلة في إنتاج منتجات مطابقة للحاجات وفي تحسين شروط المعيشة للسكان، ومع مصالح الأفراد العاملين المتمثلة في تحسين شروط عملهم ومعيشتهم. فتحقيق ريعية عالية لنشاطات المشروع لا يتم إذا لم تكن المنتجات مطابقة لحاجات السكان. ففي حال تحققها تنعكس إيجابياً على أفراد المجتمع كافة كتوفير فرص عمل إضافية ورفد الموازنة بموارد إضافية وغير ذلك. والريعية العالية تحقق مصالح العاملين حيث تزداد الأموال المخصصة لدفع الأجور والمكافآت والإنفاق على النشاطات الثقافية والاجتماعية وغيرها. وعند ربط أوجه الإنفاق هذه بالنتائج المحققة لمجموعات وأفراد العاملين ــ تطبيقاً لقانون التوزيع بحسب نتائج العمل - فإن حافزاً مادياً ينشأ لدى العاملين لزيادة الريعية وتحقيق مصالح المشروع. ومن هنا فإن المحاسبة الاقتصادية تمثل شكلاً من أشكال وحدة مصالح المشروع مع مصالح المجتمع والعاملين.
وفي تحقيقها لوحدة مصالح العاملين في المشروع والمجتمع تعبر المحاسبة الاقتصادية عن مضمون القانون الاقتصادي الأساسي للاشتراكية، والذي يقضي بتحسين مستوى المعيشة المادي والمعنوي للسكان، وقانون التطور النسبي المخطط يجد انعكاساً له فيها؛ فبلوغ أهداف الخطة الاقتصادية الحكومية المركزية في الوحدات الاقتصادية المستقلة نسبياً يتم بشكل لا مركزي من خلال المحاسبة الاقتصادية التي تتجه نحو تنفيذ الخطة ورقابة تنفيذها ونحو توفير المعلومات اللازمة لإعدادها.
والمحاسبة الاقتصادية تظهر كنتيجة مباشرة لعمل قانون القيمة في الاشتراكية، فالقياس يتم أصلاً بوقت العمل سواء لنفقات العمل الضرورية اجتماعياً أو لإيراداته.
مبادئه
بما أن المحاسبة الاقتصادية تجسد آلية عمل القوانين الاقتصادية على مستوى المشروع فإنه لابد من وجود مبادئ تمثل الإطار العام لعمل الوحدات الاقتصادية وتتكامل فيما بينها لتحقيق متطلبات هذه القوانين، هذه المبادئ المدعّمة نظرياً يجب أن تستخدم مجتمعة كوحدة واحدة دون التركيز على أحدها دون الآخر.
ـ مبدأ الاستقلالية الاقتصادية النسبية: تشكل الأموال الموضوعة تحت تصرف الوحدات الاقتصادية القاعدة المادية لعملها ووجودها، حيث تكتسب من خلالها حقوقها وواجباتها واسم كل منها كشخصية قانونية مستقلة تتخذ قراراتها بنفسها استناداً إلى معطيات الخطة المركزية بما يحقق الاستفادة المثلى من هذه الأموال.
ـ مبدأ المسؤولية الذاتية: تتحمل الدولة وهيئاتها الحكومية المسؤولية الكاملة عن حماية وزيادة الملكية الاشتراكية. ومع انتقال أجزاء من هذه الملكية إلى الوحدات الاقتصادية تنتقل هذه المسؤولية إليها على شكل مسؤولية ذاتية، وتتجه نحو تنفيذ متطلبات القوانين الاقتصادية كإنتاج منتجات مطابقة للحاجات، وتحسين علاقة النفقة بالإيراد وتحسين شروط العمل والمعيشة للعاملين.
وتظهر المسؤولية الذاتية كمسؤولية مادية تجاه الغير في حال عدم تنفيذ مهام الخطة وعدم التقيد بالالتزامات التعاقدية، وبالتالي فإنها تظهر كتعبير عن العلاقات الاقتصادية التي تعكسها المحاسبة الاقتصادية.
ـ مبدأ الاهتمام المادي: هذا المبدأ يرتبط ارتباطاً وثيقاً مع المسؤولية المادية، فهما يشكلان وحدة واحدة، إذ كلما كان حجم الإيرادات المحققة أكبر كلما أمكن الوفاء بالالتزامات بشكل أفضل، وكلما كانت اقتطاعات الربح المخصصة لأغراض التحفيز الاقتصادي أكبر، وهنا نلاحظ توافق المصالح الفردية والاجتماعية.
ـ مبدأ التمويل الذاتي: يقصد به أن تعتمد المشروعات الاقتصادية على ذاتها في تأمين وتطوير واستخدام مواردها وفي تأمين الوسائل المالية لذلك وفي تغطية نفقاتها النقدية من إيراداتها الخاصة في الوقت المناسب، وهذا المبدأ يعني:
أولاً: توفير الوسائل المالية والمادية اللازمة لتجديد وتحديث وتوسيع موجودات المشروع طبقاً للخطة واعتماداً على الذات، وهذا يشمل تأمين مصادر التمويل الكافي للنشاطات الاستثمارية والجارية.
ثانياً: توفير الأموال اللازمة لتغطية النفقات النقدية وتنفيذ الالتزامات المادية خلال عام الخطة في الوقت المناسب اعتماداً على الذات.
ـ مبدأ الاستخدام العقلاني الأمثل للموارد: تتطلب المسؤولية الذاتية الاستفادة المثلى من الموارد الموضوعة تحت تصرف الوحدات الاقتصادية. وهذا المبدأ يجري حصره عامة بالإنفاق الحذر، إلا أنه يمتد ليشمل استخدام الربح عقلانياً، بحيث يحقق التناسب بين الأوجه المختلفة لاستخدام الفائض المحقق مما ينعكس إيجابياً على عمليات الإنتاج المستقبلية وعلى تطور المجتمع والعاملين.
ـ مبدأ الرقابة الذاتية والرقابة من خلال وحدة النقد: تمتد مسؤولية الدولة الاشتراكية في المحافظة على الملكية العامة الموزعة على المعامل والشركات إلى رقابة عمل هذه المؤسسات وخاصة من خلال وحدة النقد. أما ممارسة هذه الرقابة من قبل الوحدات الاقتصادية ذاتها، كامتداد لمسؤوليتها الذاتية، فإنها تتجسد في مبدأ «الرقابة الذاتية» الذي يأخذ غالباً شكل الرقابة المالية، بسبب ارتكازه على المؤشرات المالية القيمية.
وظائفه
ـ وظيفة القياس: القياس هو تعبير رقمي عن الوقائع والعلاقات الاقتصادية لعملية الإنتاج من خلال قيم نقدية أو وحدات كمية أو زمنية. وفي إطار المحاسبة الاقتصادية يتم القياس باستخدام المعايير القيمية التي تجعل البيانات المتباينة قابلة للتجميع. هذا النوع من القياس هو قياس اقتصادي لعناصر، نتائج وعلاقات عمليات الإنتاج، وهو مطلب أساسي من أجل إدارة وتخطيط ورقابة النشاط الاقتصادي وإثباته محاسبياً.
ـ وظيفة رقابة التوزيع: يجري التوزيع على مستوى الاقتصاد القومي من خلال الموازنة، أما في المشروعات فإنه يتم من خلال المحاسبة الاقتصادية في مجرى تشكل الدورة الاقتصادية لأموال المشروع فهي(الوظيفة) تظهر توزع الأموال المستثمرة للأغراض المختلفة: تنفيذ الاستثمارات، دفع الأجور والمكافآت، تسديد الالتزامات، وغير ذلك، وتستخدم لهذا الغرض معايير القيمة، وبالاعتماد على معطيات المحاسبة الاقتصادية يمكن رقابة توزيع الموارد والإيرادات وتعُّرف تناسباتها.
ـ وظيفة التمويل: هذه الوظيفة تابعة للتوزيع، حيث تقوم المحاسبة الاقتصادية بإظهار المصادر الداخلية للتمويل، إلى جانب مصادر التمويل الخارجي كالقروض والإعانات الحكومية، كما تبين مساهمة المنشأة في تمويل الموازنة الحكومية من خلال اقتطاعات الربح الصافي والضرائب وغيرها.
ـ وظيفة التحفيز: وهي ترتبط بوظيفة التوزيع بشكل وثيق وتستند في تحقيقها على مبدأ ربط الأجر بالإنتاج. هذه الوظيفة للمحاسبة الاقتصادية تقوم على ربط مصالح جماعات العاملين في المشروع مع مصالح المجتمع بشكل فعال.
ـ وظيفة الرقابة: توفر المحاسبة الاقتصادية أوراق هامة لمقارنة البيانات الفعلية مع المخططة بحيث يمكن اكتشاف الانحرافات وتحليلها لمعرفة سبب نشوئها.
علاقته بالنظام المحاسبي
تمثل المحاسبة الاقتصادية والنظام المحاسبي وحدة عضوية واحدة غير قابلة للفصل؛ فالأولى تشترط توافر المعلومات اللازمة لإمكان تطبيقها، أما الثانية فتقوم بإعداد البيانات اللازمة لتزويد الإدارة بالمعلومات التي تمكنها من تنفيذ الخطة والرقابة عليها، وتعرف نتائج المحاسبة الاقتصادية. إنهما يمثلان عملية واحدة متشابكة تبدأ من تسجيل الوقائع الاقتصادية مروراً بمرحلة إعداد البيانات للحصول على المعلومات اللازمة ثم تحليلها وتوصيلها للجهات الإدارية لاستخدامها بما يمكّن من بلوغ الأهداف الاقتصادية المحددة للمشروع، لكنهما رغم هذا التوحيد غير متماثلين.
ومما يميز النظام المحاسبي عن المحاسبة الاقتصادية هو اعتماده على القياس الكمي والزمني، إضافة إلى القياس النقدي، حيث يمثل القياس الكمي والزمني الأساس في إجراء القياس القيمي، في حين أن المحاسبة الاقتصادية تعتمد على القياس القيمي فقط، فهو بذلك يوفر لها الشروط الأساسية لإجراء القياس النقدي ولاستخدام تعابير القيمة.
وفي سعيه لتحقيق أغراض المحاسبة الاقتصادية ترتسم أمام النظام المحاسبي مهمة أساسية تتمثل في تقديم معلومات تمكن من رقابة الملكية العامة وتطورها في المشروعات الاقتصادية ومن رقابة تنفيذ الخطة.
تيسير المصري