حروب هند صينيه
Indochina Wars - Guerres d’ Indochine
حروب الهند الصينية
حربان شهدتهما شبه جزيرة الهند الصينية فيما بين 1946-1975.
أولاً - حرب الهند الصينية الأولى 1946-1954:
ـ مقدمات الحرب: أسهم احتلال ألمانيا لشمالي فرنسا (حزيران 1940)، واحتلال اليابان للهند الصينية (أيلول 1940) ، وما نجم عنهما من إضعاف لسيادة فرنسا ونفوذها في الهند الصينية[ر]، والتخوف من فرض اليابان لنظام استبدادي فيها، في دفع زعيم الحزب الشيوعي الڤييتنامي هوشي مينه إلى تأسيس جبهة استقلال ڤييتنام (أيار1941) من جميع الأحزاب الوطنية بهدف النضال ضد الفاشية اليابانية والإمبريالية الفرنسية وتحرير ڤييتنام وتأسيس دولة ديمقراطية فيها. كما أن عمل اليابان المستمر على إضعاف نفوذ الإدارة الفرنسية وهيبتها في الهند الصينية قد شجع جبهة استقلال ڤييتنام على تعزيز قواعدها الشعبية وانتشارها في طول البلاد وعرضها.
في حين أن قضاء اليابان على جميع مظاهر السيادة الفرنسية في الهند الصينية بالضربة الصاعقة التي وجهها الجيش الياباني (9آذار 1945) للسلطات الفرنسية والفرنسيين فيها، أدى إلى إطلاق الحرية أمام الحركة الوطنية الڤييتنامية. وما إن استسلمت اليابان في 15 آب1945، حتى خرجت لجنة جبهة استقلال ڤييتنام من السرية، واندلعت الثورة الڤييتنامية (19 آب)، التي استولت على هانوي وهويه Hue وسايغون. وتنازل الإمبراطور باو ديه Bao Dai عن العرش ، وأُلفت حكومة وطنية في هانوي. وفي 2أيلول أعلن زعيمها هوشي مينه رسمياً استقلال ڤييتنام، وتأسيس جمهورية ڤييتنام الديمقراطية.
وعلى الرغم من أن المفاوضات بين حكومة ڤييتنام الوطنية والحكومة الفرنسية أدت إلى تسوية (6آذار 1946) والتي تقضي باعتراف فرنسا المبدئي باستقلال ڤييتنام داخل اتحاد الهند الصينية والاتحاد الفرنسي، على أن توقع المعاهدات لاحقاً، فقد فرضت فرنسا سيطرتها من جديد على الجنوب. وسرعان ما بدا أن القطيعة بين الجانبين آتية لاريب فيها على أثر تعثر المفاوضات بينهما، بسبب إصرار الجبهة على الحصول على السيادة على تونكين وأنام وكوشنشين في آن معاً وقيام اتحاد بشروط جيدة مع فرنسا، وتمسك فرنسا بالحفاظ على كوشنشين، واستغلت الجبهة مرحلة المفاوضات في الإعداد للحرب. وبالفعل وقعت القطيعة بين الجانبين في 19كانون الأول 1946، وبدأت من ثم حرب الهند الصينية الأولى.
ـ الحرب: بدأت الحرب بسيطرة قوات جبهة استقلال ڤييتنام على عديد من أقاليم كوشنشين وأنام وجزء مهم من بعض مناطق تونكين، وصارت تفرض سيادة كاملة على مناطق شاسعة من اتحاد الهند الصينية، تحصل منها على الجنود والوسائل اللازمة لقيادة العمليات العسكرية. وتمركزت مناطق القتال في دلتا النهر الأحمر ودلتا نهر ميكونغ وفي قسم من ساحل أنام . وكانت «حرباً بلا جبهات». فقد تبنت الجبهة سياسة حرب العصابات. وسياسياً، أمام فشل محاولات التوصل إلى عقد سلام مع هوشي مينه، لجأت الحكومة الفرنسية إلى التفاوض مع إمبراطور أنام «باو ديه» وعقد معاهدات معه (تموز 1948وآذار 1949) تقضي باعتراف فرنسا باستقلال ڤييتنام داخل الاتحاد الفرنسي مع السيادة الداخلية الكاملة وجيش وطني وحق التمثيل الدبلوماسي في الخارج. وفي أواخر شهر أيار 1949 أعلنت الجمعية الوطنية الڤييتنامية ضم كوشنشين إلى دولة ڤييتنام المتحدة.
لكن عام 1949 كان منعطفاً حاسماً في الحرب ، فبانتصار الثورة الشيوعية في الصين حصلت جبهة استقلال ڤييتنام على ما يلزمها من دعم في العتاد والذخائر والمؤن وتدريب وحداتها العسكرية في الصين، وأضفى الدعم الصيني - السوفييتي للجبهة بعداً دولياً على الحرب. فاستغلت فرنسا ذلك للحصول على دعم بالمال والعتاد العسكري من الولايات المتحدة الأمريكية التي أثارت الحرب الكورية (1950-1953) حفيظتها ومخاوفها من خطر انتصار شيوعي في الهند الصينية .
وبعد حرب طويلة، نجحت جبهة تحرير ڤييتنام في تحقيق نصر كاسح على الجيش الفرنسي في معركة ديان بيان فو (8 أيار 1954) . ودفعت أصداء هذا النصر المدوية في فرنسا رئيس حكومتها مندس فرانس إلى توقيع اتفاقيات جنيف مع قادة الجبهة (20 تموز1954)، التي تقضي بتقسيم انتقالي لڤييتنام إلى منطقتين: شمال خط 17 وجنوبه، وباعتراف فرنسا باستقلال جمهورية ڤييتنام الديمقراطية وسيادة ووحدة أراضيها في المنطقة الواقعة إلى شماله ، وتبقى في المنطقة الواقعة إلى جنوبه ڤييتنام حكومة سايغون تحت حكم الإمبراطور «باو ديه» ريثما تجري انتخابات عامة بإشراف دولي في عام 1956 حول توحيد ڤييتنام. لكن الولايات المتحدة الأمريكية رفضت الانضمام إلى إعلان احترام استقلال بلدان الهند الصينية وسيادتها ووحدة أراضيها، فشكل ذلك أول عقبة على طريق البحث عن السلام.
ثانياً - حرب الهند الصينية الثانية 1960-1973:
بعد مرور عامين على انتهاء الحرب الأولى، اندلعت الحرب ثانية في ڤييتنام وتجاوزتها لتشمل شبه جزيرة الهند الصينية بأكملها.
ـ أسبابها: وأهمها الطابع الدكتاتوري لنظام رئيس وزراء ڤييتنام الجنوبية ونصير الولايات المتحدة الأمريكية «نغو دان دييم» Diem ، واستبعاد أنصار الاتجاهات الوطنية بالقوة (آذار - نيسان 1955) ، وتجاهل ما نصت عليه معاهدات جنيف بشأن تنظيم الانتخابات العامة الخاصة بإعادة توحيد ڤييتنام ، وتنظيم استفتاء لانتخاب دييم رئيساً للجمهورية وإعلان قيام جمهورية ڤييتنام الجنوبية وعزل الإمبراطور باو ديه (تشرين الأول 1955)، وفرض نظام بوليسي، واستبداد أفراد عائلة دييم وانتشار المحسوبية ، والاعتماد على الولايات المتحدة في تأسيس جيش وطني..
ـ أحداث الحرب: كانت الأسباب السابقة كافية لإثارة استياء المقاومين القدامى، واللبراليين والمثقفين، ودفعهم لتنظيم فرق المقاومة السرية والاتصال مع ڤييتنام الشمالية عبر طرق سرية . ومع تأسيس الجبهة الوطنية لتحرير ڤييتنام الجنوبية (F.N.L) التي عرفت باسم الفيتكونغ Viet-cong في عام 1960، تحولت حرب العصابات إلى حرب حقيقية.
وسرعان ما اتخذت الحرب طابع المواجهة بين الولايات المتحدة الأمريكية والمعسكر الشيوعي. وبسبب تدهور الأوضاع في ڤييتنام الجنوبية وافق رئيس وزرائها «نغو دان دييم» على قبول المساعدات الأمريكية ممثلة بالخبراء العسكريين والسلاح والأموال والدعم الدبلوماسي. ومع تأسيس قيادة عسكرية أمريكية في سايغون (شباط 1962)، بدا واضحاً أن الإدارة الأمريكية قررت قيادة الحرب بنفسها. وفي الأول من تشرين الثاني 1963 تخلصت من رئيس الوزراء دييم الذي دعا إلى حل سياسي ، وعينت مكانه جنرالاً ڤييتنامياً مناهضاً للشيوعية، ومنفتحاً ظاهرياً على الإصلاحات. وبدءاً من عام 1964، أخذت الولايات المتحدة تخوض حرباً حقيقية في ڤييتنام، استخدمت فيها كافة الأسلحة الكيماوية المحرمة دولياً.لكن صمود جبهة تحرير ڤييتنام الجنوبية وحليفتها ڤييتنام الشمالية، اللتين حظيتا بدعم من جميع الدول الاشتراكية، أمام الجيش الأمريكي المؤلف من نصف مليون جندي (إضافة إلى حلفائه من الكوريين الجنوبيين والتايلنديين والاستراليين ، وجيش سايغون المكون من مليون جندي)، والقصف الجوي الأمريكي اليومي المدمر على ڤييتنام الشمالية والجبهة طوال ثماني سنوات، وفقدان الولايات المتحدة لكل أمل بتحقيق نصر حاسم، دفعها في عام 1968 إلى الموافقة على فتح باب المفاوضات من أجل السلام في باريس.
تألفت في حزيران 1969 حكومة ثورية مؤقتة لجمهورية ڤييتنام الجنوبية . وأمام فشل الولايات المتحدة في الحصول على تنازلات من جانب ڤييتنام الشمالية في المفاوضات تبنت سياسة الفتنمة vietnamisation الهادفة إلى تنصيب حكومة في سايغون قادرة على الإمساك بزمام الأمور لتنفيذ سياسة واشنطن ومتابعة الحرب، غير أن اقتراب موعد الانتخابات الأمريكية الرئاسية وخوف الرئيس نيكسون من خسارتها إذا ما استمرت حرب ڤييتنام المدمرة وازدياد قوة الحركة الشعبية الأمريكية المناوئة للحرب، ونفاذ صبر العالم كله وشجبه للعدوان الأمريكي المستمر، دفعت الرئيس الأمريكي للموافقة على التوقيع على معاهدة للسلام في باريس(27كانون الثاني1973)، تقضي باعتراف الولايات المتحدة الأمريكية باستقلال ڤييتنام وسيادتها ووحدتها بكامل أراضيها، وبدأت بالانسحاب. وهكذا انتهت الحرب الأمريكية على ڤييتنام، ولكن الحرب استمرت مع النظام الموالي لأمريكا حتى انتهت بتحرير ڤييتنام الجنوبية في أيار عام 1975 وتم بعدها توحيد ڤييتنام.
صباح كعدان
Indochina Wars - Guerres d’ Indochine
حروب الهند الصينية
حربان شهدتهما شبه جزيرة الهند الصينية فيما بين 1946-1975.
أولاً - حرب الهند الصينية الأولى 1946-1954:
ـ مقدمات الحرب: أسهم احتلال ألمانيا لشمالي فرنسا (حزيران 1940)، واحتلال اليابان للهند الصينية (أيلول 1940) ، وما نجم عنهما من إضعاف لسيادة فرنسا ونفوذها في الهند الصينية[ر]، والتخوف من فرض اليابان لنظام استبدادي فيها، في دفع زعيم الحزب الشيوعي الڤييتنامي هوشي مينه إلى تأسيس جبهة استقلال ڤييتنام (أيار1941) من جميع الأحزاب الوطنية بهدف النضال ضد الفاشية اليابانية والإمبريالية الفرنسية وتحرير ڤييتنام وتأسيس دولة ديمقراطية فيها. كما أن عمل اليابان المستمر على إضعاف نفوذ الإدارة الفرنسية وهيبتها في الهند الصينية قد شجع جبهة استقلال ڤييتنام على تعزيز قواعدها الشعبية وانتشارها في طول البلاد وعرضها.
في حين أن قضاء اليابان على جميع مظاهر السيادة الفرنسية في الهند الصينية بالضربة الصاعقة التي وجهها الجيش الياباني (9آذار 1945) للسلطات الفرنسية والفرنسيين فيها، أدى إلى إطلاق الحرية أمام الحركة الوطنية الڤييتنامية. وما إن استسلمت اليابان في 15 آب1945، حتى خرجت لجنة جبهة استقلال ڤييتنام من السرية، واندلعت الثورة الڤييتنامية (19 آب)، التي استولت على هانوي وهويه Hue وسايغون. وتنازل الإمبراطور باو ديه Bao Dai عن العرش ، وأُلفت حكومة وطنية في هانوي. وفي 2أيلول أعلن زعيمها هوشي مينه رسمياً استقلال ڤييتنام، وتأسيس جمهورية ڤييتنام الديمقراطية.
وعلى الرغم من أن المفاوضات بين حكومة ڤييتنام الوطنية والحكومة الفرنسية أدت إلى تسوية (6آذار 1946) والتي تقضي باعتراف فرنسا المبدئي باستقلال ڤييتنام داخل اتحاد الهند الصينية والاتحاد الفرنسي، على أن توقع المعاهدات لاحقاً، فقد فرضت فرنسا سيطرتها من جديد على الجنوب. وسرعان ما بدا أن القطيعة بين الجانبين آتية لاريب فيها على أثر تعثر المفاوضات بينهما، بسبب إصرار الجبهة على الحصول على السيادة على تونكين وأنام وكوشنشين في آن معاً وقيام اتحاد بشروط جيدة مع فرنسا، وتمسك فرنسا بالحفاظ على كوشنشين، واستغلت الجبهة مرحلة المفاوضات في الإعداد للحرب. وبالفعل وقعت القطيعة بين الجانبين في 19كانون الأول 1946، وبدأت من ثم حرب الهند الصينية الأولى.
ـ الحرب: بدأت الحرب بسيطرة قوات جبهة استقلال ڤييتنام على عديد من أقاليم كوشنشين وأنام وجزء مهم من بعض مناطق تونكين، وصارت تفرض سيادة كاملة على مناطق شاسعة من اتحاد الهند الصينية، تحصل منها على الجنود والوسائل اللازمة لقيادة العمليات العسكرية. وتمركزت مناطق القتال في دلتا النهر الأحمر ودلتا نهر ميكونغ وفي قسم من ساحل أنام . وكانت «حرباً بلا جبهات». فقد تبنت الجبهة سياسة حرب العصابات. وسياسياً، أمام فشل محاولات التوصل إلى عقد سلام مع هوشي مينه، لجأت الحكومة الفرنسية إلى التفاوض مع إمبراطور أنام «باو ديه» وعقد معاهدات معه (تموز 1948وآذار 1949) تقضي باعتراف فرنسا باستقلال ڤييتنام داخل الاتحاد الفرنسي مع السيادة الداخلية الكاملة وجيش وطني وحق التمثيل الدبلوماسي في الخارج. وفي أواخر شهر أيار 1949 أعلنت الجمعية الوطنية الڤييتنامية ضم كوشنشين إلى دولة ڤييتنام المتحدة.
لكن عام 1949 كان منعطفاً حاسماً في الحرب ، فبانتصار الثورة الشيوعية في الصين حصلت جبهة استقلال ڤييتنام على ما يلزمها من دعم في العتاد والذخائر والمؤن وتدريب وحداتها العسكرية في الصين، وأضفى الدعم الصيني - السوفييتي للجبهة بعداً دولياً على الحرب. فاستغلت فرنسا ذلك للحصول على دعم بالمال والعتاد العسكري من الولايات المتحدة الأمريكية التي أثارت الحرب الكورية (1950-1953) حفيظتها ومخاوفها من خطر انتصار شيوعي في الهند الصينية .
وبعد حرب طويلة، نجحت جبهة تحرير ڤييتنام في تحقيق نصر كاسح على الجيش الفرنسي في معركة ديان بيان فو (8 أيار 1954) . ودفعت أصداء هذا النصر المدوية في فرنسا رئيس حكومتها مندس فرانس إلى توقيع اتفاقيات جنيف مع قادة الجبهة (20 تموز1954)، التي تقضي بتقسيم انتقالي لڤييتنام إلى منطقتين: شمال خط 17 وجنوبه، وباعتراف فرنسا باستقلال جمهورية ڤييتنام الديمقراطية وسيادة ووحدة أراضيها في المنطقة الواقعة إلى شماله ، وتبقى في المنطقة الواقعة إلى جنوبه ڤييتنام حكومة سايغون تحت حكم الإمبراطور «باو ديه» ريثما تجري انتخابات عامة بإشراف دولي في عام 1956 حول توحيد ڤييتنام. لكن الولايات المتحدة الأمريكية رفضت الانضمام إلى إعلان احترام استقلال بلدان الهند الصينية وسيادتها ووحدة أراضيها، فشكل ذلك أول عقبة على طريق البحث عن السلام.
قوات البحرية الأمريكية تقاتل للسيطرة على سيؤول | قوات البحرية الأمريكية تتعرض لنيران كثيفة في هويه في الهجوم | |
في أواخر عام 1950 | الذي قادته القوات الفيتنامية عام 1968 | |
بعد مرور عامين على انتهاء الحرب الأولى، اندلعت الحرب ثانية في ڤييتنام وتجاوزتها لتشمل شبه جزيرة الهند الصينية بأكملها.
ـ أسبابها: وأهمها الطابع الدكتاتوري لنظام رئيس وزراء ڤييتنام الجنوبية ونصير الولايات المتحدة الأمريكية «نغو دان دييم» Diem ، واستبعاد أنصار الاتجاهات الوطنية بالقوة (آذار - نيسان 1955) ، وتجاهل ما نصت عليه معاهدات جنيف بشأن تنظيم الانتخابات العامة الخاصة بإعادة توحيد ڤييتنام ، وتنظيم استفتاء لانتخاب دييم رئيساً للجمهورية وإعلان قيام جمهورية ڤييتنام الجنوبية وعزل الإمبراطور باو ديه (تشرين الأول 1955)، وفرض نظام بوليسي، واستبداد أفراد عائلة دييم وانتشار المحسوبية ، والاعتماد على الولايات المتحدة في تأسيس جيش وطني..
ـ أحداث الحرب: كانت الأسباب السابقة كافية لإثارة استياء المقاومين القدامى، واللبراليين والمثقفين، ودفعهم لتنظيم فرق المقاومة السرية والاتصال مع ڤييتنام الشمالية عبر طرق سرية . ومع تأسيس الجبهة الوطنية لتحرير ڤييتنام الجنوبية (F.N.L) التي عرفت باسم الفيتكونغ Viet-cong في عام 1960، تحولت حرب العصابات إلى حرب حقيقية.
وسرعان ما اتخذت الحرب طابع المواجهة بين الولايات المتحدة الأمريكية والمعسكر الشيوعي. وبسبب تدهور الأوضاع في ڤييتنام الجنوبية وافق رئيس وزرائها «نغو دان دييم» على قبول المساعدات الأمريكية ممثلة بالخبراء العسكريين والسلاح والأموال والدعم الدبلوماسي. ومع تأسيس قيادة عسكرية أمريكية في سايغون (شباط 1962)، بدا واضحاً أن الإدارة الأمريكية قررت قيادة الحرب بنفسها. وفي الأول من تشرين الثاني 1963 تخلصت من رئيس الوزراء دييم الذي دعا إلى حل سياسي ، وعينت مكانه جنرالاً ڤييتنامياً مناهضاً للشيوعية، ومنفتحاً ظاهرياً على الإصلاحات. وبدءاً من عام 1964، أخذت الولايات المتحدة تخوض حرباً حقيقية في ڤييتنام، استخدمت فيها كافة الأسلحة الكيماوية المحرمة دولياً.لكن صمود جبهة تحرير ڤييتنام الجنوبية وحليفتها ڤييتنام الشمالية، اللتين حظيتا بدعم من جميع الدول الاشتراكية، أمام الجيش الأمريكي المؤلف من نصف مليون جندي (إضافة إلى حلفائه من الكوريين الجنوبيين والتايلنديين والاستراليين ، وجيش سايغون المكون من مليون جندي)، والقصف الجوي الأمريكي اليومي المدمر على ڤييتنام الشمالية والجبهة طوال ثماني سنوات، وفقدان الولايات المتحدة لكل أمل بتحقيق نصر حاسم، دفعها في عام 1968 إلى الموافقة على فتح باب المفاوضات من أجل السلام في باريس.
تألفت في حزيران 1969 حكومة ثورية مؤقتة لجمهورية ڤييتنام الجنوبية . وأمام فشل الولايات المتحدة في الحصول على تنازلات من جانب ڤييتنام الشمالية في المفاوضات تبنت سياسة الفتنمة vietnamisation الهادفة إلى تنصيب حكومة في سايغون قادرة على الإمساك بزمام الأمور لتنفيذ سياسة واشنطن ومتابعة الحرب، غير أن اقتراب موعد الانتخابات الأمريكية الرئاسية وخوف الرئيس نيكسون من خسارتها إذا ما استمرت حرب ڤييتنام المدمرة وازدياد قوة الحركة الشعبية الأمريكية المناوئة للحرب، ونفاذ صبر العالم كله وشجبه للعدوان الأمريكي المستمر، دفعت الرئيس الأمريكي للموافقة على التوقيع على معاهدة للسلام في باريس(27كانون الثاني1973)، تقضي باعتراف الولايات المتحدة الأمريكية باستقلال ڤييتنام وسيادتها ووحدتها بكامل أراضيها، وبدأت بالانسحاب. وهكذا انتهت الحرب الأمريكية على ڤييتنام، ولكن الحرب استمرت مع النظام الموالي لأمريكا حتى انتهت بتحرير ڤييتنام الجنوبية في أيار عام 1975 وتم بعدها توحيد ڤييتنام.
صباح كعدان