منذ بضعة سنوات اكتشف العلماء سحابة من الخمر تسبح في الفضاء. طرحت تلك السحابة ذات الـ 436 مليار كم من الميثانول الغازي (المتواجد في موانع التجمد وخمر المونشاين Moonshine) لغزًا: كيف يمكن للكحوليات وهي مركبات عضوية معقدة جداً أن تتكون في الفضاء؟
في الفضاء الخارجي الشاسع درجات الحرارة تكون شديدة الإنخفاض لدرجة أن التفاعلات الكيميائية لا ينبغي أن تحدث طبقاً لقواعد الكيمياء الكلاسيكية -فلا توجد طاقة كافية. ومع ذلك فهي تحدث وبمعدل تفاعل أكبر مما هو الحال في حرارة الغرفة، طبقاً لـدراسة في مجلة Nature Chemistry. يفترض أصحاب الدراسة أن تلك التفاعلات ممكنة بسبب ظاهرة تدعى عبور الحدود الكمّي (Quantum tunneling).
بينما تهبط درجات الحرارة تتباطأ التفاعلات الكيمائية حيث توجد طاقة أقل وتصادمات أقل بين الجزيئات لدرجة لا تسمح بإعادة ترتيب الروابط الكيميائية. لكن طبقاً لفريق من الكيميائيين من جامعة ليدز Leeds University في المملكة المتحدة فيمكن لبعض التفاعلات أن تتخطى القواعد الكلاسيكية للتفاعلات الكيميائية عن طريق عبور الحدود الكمّي وهي عملية من خلالها يمكن للجسيم أن يتهرّب من حاجز التفاعل (كمية الطاقة اللازمة لحدوث التفاعل) حتى وإن من المستحيل تقنياً التغلب على ذلك.
أعاد الباحثون خلق برودة الفضاء الشديدة لإختبار كيف يتكون جزيء عالي التفاعل يدعي جذر الميثوكسي الحرّ والذي عثر عليه في الفضاء العام الماضي.
بسبب أن الغازات تتكثف على الأسطح الباردة صنع الباحثون صنبور خاص فكرته مستوحاه من معززات إطلاق صاروخ Saturn V بهدف إطلاق غاز بصورة إشعاعات مصفوفة والذي سوف يتفاعل قبل ملامسة أي سطح. لاحظ الباحثون كيف يتفاعل الميثانول مع مادة كيميائية أخرى وهي جذر الهيدروكسيل الحر في درجة حرارة -210 سيلزيوس (درجة مقاربة لسحب الغبار القريبة من النجوم، صرح بذلك دوين هيرد Dwayne Heard رئيس الدراسة لمجلة New scientist). وجدوا أن التفاعل لم ينتج فقط الميثوكسي لكنه أيضاً حدث أسرع بـ50 مرة مما كان ليحدث في حرارة الغرفة.
يخطط هيرد وزملائه لأن يدرسوا كيف تحدث التفاعلات الكحولية الأخرى في البرودة الشديدة. “إن إستمرت النتائج في إظهار زيادة مشابهة في معدل التفاعلات في البرودة الشديدة فسيتضح أن العلماء أخطأوا في تقدير معدلات تكوين وتدمير الجزيئات المعقدة كالحوليات في الفضاء” قال هيرد ذلك في تصريح صحفي.