لغة الـ«ض» غائبة عن سباق الذكاء الاصطناعي أم حاضرة بتباطؤ؟
زياد فؤاد
سباق التكنولوجيا حول العالم بدأ في الدخول لمنعطف، هو الأخطر والأكثر تسارعا في السنوات الأخيرة، باللجوء إلى الذكاء الاصطناعي، كبديل للخورازميات، أو ربما داعم لها ومكمل، للوصول إلى أعلى قدر من العمليات الحسابية المعقدة، بل وتكوين ردود أفعال آلية، هذا السباق.. حتى الآن اللغة العربية لا تشارك فيه في المقدمة مع أرانب السباق، وليست في الخلف مع السلاحف، لكنها تعاني عدم القدرة على اللحاق بأي من الطرفين في سباق «الأرنب والسلحفاة».. فما الأسباب وراء ذلك؟!
شركات عملاقة وكبار المبرمجين تسابقوا للدخول في عالم الذكاء الاصطناعي للتطوير، واستعانوا بكبار المبرمجين حول العالم، ومنهم الكثيرون من المبرمجين العرب، الذين يتمتعون بسمعة عالمية في المجال.. ولكن بقيت اللغة العربية منسية في سباق البرمجة، وغابت عن محركات الذكاء الاصطناعي، أو تم تناسيها.
بخلاف الغياب الكامل لدعم عملية تحويل الأوامر الصوتية لنصوص في العديد من البرامج والتطبيقات، والتي تعمل بكفاءة كاملة في أغلب اللغات المنشقة من اللاتينية، بينما تظل قاصرة وواقفة في مكانها بلا تطوير فيما يتعلق باللغة العربية، رغم وجود العديد من لغات البرمجة بالعربية مثل ألف ولوغو وآر لوغو وأسس، وغيرهم من البرمجيات المبنية بالعربية، إلا أن أزمة الترميز ما تزال قائمة للغة العربية حول العالم، وسيزيد غيابها أو ضعف دعمها إلى مزيد من الاتساع للفجوة أمام الإنجليزية، مع انتشار الذكاء الاصطناعي وتطوره في غياب لغة «الضاد».
وتقول جومانا كرم، رئيس وحدة التسويق في آيسر الشرق الأوسط ومدير تسويق التنقل الإلكتروني في آيسر أوروبا والشرق الأوسط وإفريقيا: «اللغة العربية موجودة في فضاء الذكاء الاصطناعي، ولكن لا يُحكى عنها بما فيه الكفاية ربما لأنها جزء من تطبيقات خاصة أو جهود فردية أو تحت رعاية بعض الحكومات فقط، أذكر هنا على سبيل المثال تطبيق «قلم» الأردني، وهو برنامج يساعد في كتابة نصوص عربية خالية من الأخطاء الإملائية والنحوية عبر عدة تدقيقات واقتراح مجموعة تحسينات لصياغة الكلمات والجمل، بالاستفادة من أحدث تقنيات الذكاء الاصطناعي ومعالجة اللغة العربية الفصحى».
والإمارات كانت دائماً سباقة على المستوى العربي بالاهتمام بالبرمجة والمبرمجين، وأتاحت مبادرة «مليون مبرمج عربي»، إحدى مبادرات محمد بن راشد آل مكتوم العالمية والتي أشرفت عليها مؤسسة دبي للمستقبل منذ إطلاقها عام 2017، وأتاحت الفرصة لأكثر من مليون عربي من 80 دولة حول العالم لتعلم البرمجة عبر خمس ملايين ساعة دراسة وعمل، و76 ألف ورشة تدريبية، لتشمل المبادرة 100 ألف مشروع تخرُّج ناجح، و1500 منحة للمتفوقين، محدثةً نقلة نوعية في عالم التعلم الرقمي والبرمجة، وسد فجوات الأمية الرقمية لدى الشباب العربي.
وحول ذلك الأمر، تقول جومانا كرم: «أبرز الحكومات الداعمة للّغة العربية في مجال الذكاء الاصطناعي هي الإمارات، خاصة وأنها تسعى إلى مضاعفة مساهمة الاقتصاد الرقمي في إجمالي الناتج المحلي الوطني إلى 19.4% خلال 10 أعوام (أرقام صادرة عن غرفة دبي للاقتصاد الرقمي في 2023)، لذلك ليس بالغريب أن أكبر نموذج معالجة طبيعية للغة العربية في العالم هو نموذج «نور» الذي أطلقته وحدة الذكاء الاصطناعي التابعة لمركز بحوث العلوم الرقمية والذكاء الاصطناعي أو ما يعرف بمعهد الابتكار التكنولوجي في أبوظبي، ويتضمن نموذج «نور» أكثر من 10 مليار عامل متغير عبر دمج بيانات الويب والكتب والشعر والمواد الإخبارية ومعلومات تقنية وطبعا كلها باللغة العربية».
وتنفي جومانا كوننا بعيدين عن سباق التكنولوجيا، وتقول: «نحن بالتأكيد لسنا في بداية الطريق ولكننا نعتمد على مساعدات عالمية، لن تكون اللغة العربية من أولوياتها، وربما لا نعلم كل الجهود الجبارة المحلية في هذا المجال، أعتقد أن المهم هنا إيجاد طرق للاستخدام الفعلي لما وصلنا إليه، مثل تفعيل استخدام النموذج «نور» من قبل الشركات والحكومات في مختلف المجالات لبناء أدوات جديدة وتطوير مساعدين افتراضيين بالعربية، كذلك تشجيع المبادرات الفردية وتبادل الخبرات في هذا المجال، وتوجيه الطلاب الشباب لخوض عالم الذكاء الاصطناعي بتركيز على لغتهم الأم، وليس فقط اللغة الإنجليزية الطاغية في مجال التكنولوجيا».
فاعلية
وبالفعل أصبح العرب فاعلون في مجال البرمجة، ولدنيا الكثير من الخبراء، ذوي السمعة العالمية في المجال، بأشخاصهم وليسوا بلغتهم، حيث مازالت اللغة العربية غائبة عن مجال البرمجة، التي تتحدث في الأعم باللغة الإنجليزية، ويتم فيها تجاهل الدعم للغة العربية، حتى أن بعض البرامج المعروفة في العالم غير داعمة للغة العربية، أو على الأقل تواجه صعوبات في تقديم الدعم الكافي.
فلسنوات طويلة، لم تكن أبل بأجهزتها تدعم ترميز اللغة العربية، ولم تنجح في مسعاها للوصول إلى الأسواق العربية، إلا بالاستحواذ على إحدى شركات البرمجيات في مصر، والتي نجحت في إنتاج برمجية لترجمة القوائم للغة العربية، ورغم استحواذ أبل إلا أن دعمها للغة العربية ما يزال قاصراً وغير كامل في برامجها، والدليل تطبيق المساعد الصوتي سيري الذي يغيب عنه أغلب الأوامر الصوتية باللغة العربية.
وكذلك العديد من الشركات الكبرى حول العالم يعاني مستخدموها من محدودية دعم اللغة العربية، ولعل أبرز تلك الشركات شركة أدوبي والتي يأتي تحتها مجموعة من أشهر البرامج لصناعة الصور والفيديوهات والمؤثرات الحركية والبصرية مثل «فوتوشوب – بريميير – أفتر إيفيكت»، وهذه البرامج المستخدمة على نطاق واسع مازال دعمها للغة العربي منقوصاً، بل ويفسد تجربة قطاع عريض من المتعاملين، ورغم العديد من شكاوي المستخدمين، بل وعرض بعض المبرمجين المساعدة وتطويرهم لاسكريبات مساعدة، لا حياة لمن تنادي، ولم تدمجهم أدوبي في برامجها، ومازال الدعم ضعيفاً بشكل ينغص من التجربة لمنتجي المحتوى العربي في العموم.
وليس الأمر قاصراً على أبل وحدها في غياب الدعم للغة العربية، جوجل الشركة الأكبر في مجال التكنولوجيا، بما تحتويه من كم هائل من قاعدة بيانات، ما تزال اللغة العربية غير مدعومة بشكل كامل في الأوامر الصوتية والتعرف عليها بشكل صحيح، وهو الأمر الذي أرجعه مسؤولون في مجموعة ألفا بيتا المالكة لجوجل إلى اختلاف اللهجات وتعددها بين الأقطار العربية، الأمر الذي صعب على الذكاء الاصطناعي التفهم الكامل للغة العربية، وهو أمر مردود عليه، بأن اللهجة الإنجليزية في بريطانيا نفسها تختلف فيها الأيرلندية عن الإنجليزية الأم، وبعيدة كل البعد عن اللهجة الويلزية والاستكتلندية، وكلهم داخل بريطانيا، ناهيك عن اختلاف كامل للهجة الأمريكية، بل واختلافها بين شمال أمريكا وجنوبها.. كذلك الأمر بالنسبة للألمانية والنمساوية والدنماركية وغيرها من اللغات، التي لديها العديد من اللهجات، وتتعرف عليها الأنظمة الصوتية بشكل كامل في جوجل بعكس اللغة العربية.
زياد فؤاد
سباق التكنولوجيا حول العالم بدأ في الدخول لمنعطف، هو الأخطر والأكثر تسارعا في السنوات الأخيرة، باللجوء إلى الذكاء الاصطناعي، كبديل للخورازميات، أو ربما داعم لها ومكمل، للوصول إلى أعلى قدر من العمليات الحسابية المعقدة، بل وتكوين ردود أفعال آلية، هذا السباق.. حتى الآن اللغة العربية لا تشارك فيه في المقدمة مع أرانب السباق، وليست في الخلف مع السلاحف، لكنها تعاني عدم القدرة على اللحاق بأي من الطرفين في سباق «الأرنب والسلحفاة».. فما الأسباب وراء ذلك؟!
شركات عملاقة وكبار المبرمجين تسابقوا للدخول في عالم الذكاء الاصطناعي للتطوير، واستعانوا بكبار المبرمجين حول العالم، ومنهم الكثيرون من المبرمجين العرب، الذين يتمتعون بسمعة عالمية في المجال.. ولكن بقيت اللغة العربية منسية في سباق البرمجة، وغابت عن محركات الذكاء الاصطناعي، أو تم تناسيها.
بخلاف الغياب الكامل لدعم عملية تحويل الأوامر الصوتية لنصوص في العديد من البرامج والتطبيقات، والتي تعمل بكفاءة كاملة في أغلب اللغات المنشقة من اللاتينية، بينما تظل قاصرة وواقفة في مكانها بلا تطوير فيما يتعلق باللغة العربية، رغم وجود العديد من لغات البرمجة بالعربية مثل ألف ولوغو وآر لوغو وأسس، وغيرهم من البرمجيات المبنية بالعربية، إلا أن أزمة الترميز ما تزال قائمة للغة العربية حول العالم، وسيزيد غيابها أو ضعف دعمها إلى مزيد من الاتساع للفجوة أمام الإنجليزية، مع انتشار الذكاء الاصطناعي وتطوره في غياب لغة «الضاد».
وتقول جومانا كرم، رئيس وحدة التسويق في آيسر الشرق الأوسط ومدير تسويق التنقل الإلكتروني في آيسر أوروبا والشرق الأوسط وإفريقيا: «اللغة العربية موجودة في فضاء الذكاء الاصطناعي، ولكن لا يُحكى عنها بما فيه الكفاية ربما لأنها جزء من تطبيقات خاصة أو جهود فردية أو تحت رعاية بعض الحكومات فقط، أذكر هنا على سبيل المثال تطبيق «قلم» الأردني، وهو برنامج يساعد في كتابة نصوص عربية خالية من الأخطاء الإملائية والنحوية عبر عدة تدقيقات واقتراح مجموعة تحسينات لصياغة الكلمات والجمل، بالاستفادة من أحدث تقنيات الذكاء الاصطناعي ومعالجة اللغة العربية الفصحى».
والإمارات كانت دائماً سباقة على المستوى العربي بالاهتمام بالبرمجة والمبرمجين، وأتاحت مبادرة «مليون مبرمج عربي»، إحدى مبادرات محمد بن راشد آل مكتوم العالمية والتي أشرفت عليها مؤسسة دبي للمستقبل منذ إطلاقها عام 2017، وأتاحت الفرصة لأكثر من مليون عربي من 80 دولة حول العالم لتعلم البرمجة عبر خمس ملايين ساعة دراسة وعمل، و76 ألف ورشة تدريبية، لتشمل المبادرة 100 ألف مشروع تخرُّج ناجح، و1500 منحة للمتفوقين، محدثةً نقلة نوعية في عالم التعلم الرقمي والبرمجة، وسد فجوات الأمية الرقمية لدى الشباب العربي.
وحول ذلك الأمر، تقول جومانا كرم: «أبرز الحكومات الداعمة للّغة العربية في مجال الذكاء الاصطناعي هي الإمارات، خاصة وأنها تسعى إلى مضاعفة مساهمة الاقتصاد الرقمي في إجمالي الناتج المحلي الوطني إلى 19.4% خلال 10 أعوام (أرقام صادرة عن غرفة دبي للاقتصاد الرقمي في 2023)، لذلك ليس بالغريب أن أكبر نموذج معالجة طبيعية للغة العربية في العالم هو نموذج «نور» الذي أطلقته وحدة الذكاء الاصطناعي التابعة لمركز بحوث العلوم الرقمية والذكاء الاصطناعي أو ما يعرف بمعهد الابتكار التكنولوجي في أبوظبي، ويتضمن نموذج «نور» أكثر من 10 مليار عامل متغير عبر دمج بيانات الويب والكتب والشعر والمواد الإخبارية ومعلومات تقنية وطبعا كلها باللغة العربية».
وتنفي جومانا كوننا بعيدين عن سباق التكنولوجيا، وتقول: «نحن بالتأكيد لسنا في بداية الطريق ولكننا نعتمد على مساعدات عالمية، لن تكون اللغة العربية من أولوياتها، وربما لا نعلم كل الجهود الجبارة المحلية في هذا المجال، أعتقد أن المهم هنا إيجاد طرق للاستخدام الفعلي لما وصلنا إليه، مثل تفعيل استخدام النموذج «نور» من قبل الشركات والحكومات في مختلف المجالات لبناء أدوات جديدة وتطوير مساعدين افتراضيين بالعربية، كذلك تشجيع المبادرات الفردية وتبادل الخبرات في هذا المجال، وتوجيه الطلاب الشباب لخوض عالم الذكاء الاصطناعي بتركيز على لغتهم الأم، وليس فقط اللغة الإنجليزية الطاغية في مجال التكنولوجيا».
فاعلية
وبالفعل أصبح العرب فاعلون في مجال البرمجة، ولدنيا الكثير من الخبراء، ذوي السمعة العالمية في المجال، بأشخاصهم وليسوا بلغتهم، حيث مازالت اللغة العربية غائبة عن مجال البرمجة، التي تتحدث في الأعم باللغة الإنجليزية، ويتم فيها تجاهل الدعم للغة العربية، حتى أن بعض البرامج المعروفة في العالم غير داعمة للغة العربية، أو على الأقل تواجه صعوبات في تقديم الدعم الكافي.
فلسنوات طويلة، لم تكن أبل بأجهزتها تدعم ترميز اللغة العربية، ولم تنجح في مسعاها للوصول إلى الأسواق العربية، إلا بالاستحواذ على إحدى شركات البرمجيات في مصر، والتي نجحت في إنتاج برمجية لترجمة القوائم للغة العربية، ورغم استحواذ أبل إلا أن دعمها للغة العربية ما يزال قاصراً وغير كامل في برامجها، والدليل تطبيق المساعد الصوتي سيري الذي يغيب عنه أغلب الأوامر الصوتية باللغة العربية.
وكذلك العديد من الشركات الكبرى حول العالم يعاني مستخدموها من محدودية دعم اللغة العربية، ولعل أبرز تلك الشركات شركة أدوبي والتي يأتي تحتها مجموعة من أشهر البرامج لصناعة الصور والفيديوهات والمؤثرات الحركية والبصرية مثل «فوتوشوب – بريميير – أفتر إيفيكت»، وهذه البرامج المستخدمة على نطاق واسع مازال دعمها للغة العربي منقوصاً، بل ويفسد تجربة قطاع عريض من المتعاملين، ورغم العديد من شكاوي المستخدمين، بل وعرض بعض المبرمجين المساعدة وتطويرهم لاسكريبات مساعدة، لا حياة لمن تنادي، ولم تدمجهم أدوبي في برامجها، ومازال الدعم ضعيفاً بشكل ينغص من التجربة لمنتجي المحتوى العربي في العموم.
وليس الأمر قاصراً على أبل وحدها في غياب الدعم للغة العربية، جوجل الشركة الأكبر في مجال التكنولوجيا، بما تحتويه من كم هائل من قاعدة بيانات، ما تزال اللغة العربية غير مدعومة بشكل كامل في الأوامر الصوتية والتعرف عليها بشكل صحيح، وهو الأمر الذي أرجعه مسؤولون في مجموعة ألفا بيتا المالكة لجوجل إلى اختلاف اللهجات وتعددها بين الأقطار العربية، الأمر الذي صعب على الذكاء الاصطناعي التفهم الكامل للغة العربية، وهو أمر مردود عليه، بأن اللهجة الإنجليزية في بريطانيا نفسها تختلف فيها الأيرلندية عن الإنجليزية الأم، وبعيدة كل البعد عن اللهجة الويلزية والاستكتلندية، وكلهم داخل بريطانيا، ناهيك عن اختلاف كامل للهجة الأمريكية، بل واختلافها بين شمال أمريكا وجنوبها.. كذلك الأمر بالنسبة للألمانية والنمساوية والدنماركية وغيرها من اللغات، التي لديها العديد من اللهجات، وتتعرف عليها الأنظمة الصوتية بشكل كامل في جوجل بعكس اللغة العربية.