روبرت شومان Robert Schumann مؤلف وعازف بيانو وناقد موسيقي ألماني .

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • روبرت شومان Robert Schumann مؤلف وعازف بيانو وناقد موسيقي ألماني .

    شومان (روبرت ـ)
    (1810ـ 1856)

    روبرت شومان Robert Schumann مؤلف وعازف بيانو وناقد موسيقي ألماني، ولد في زفيكو Zwickau وتوفي في إندينيخ Endenichقرب دوسلدورف في ألمانيا، يعد أحد أهم الوجوه في مدرسة التأليف الرومنسي. يتحدر من عائلة مستنيرة، كان أبوه يبيع الكتب ويؤلف الروايات، وقد ترجم أعمال بايرون، وكانت أمه عازفة بيانو شهيرة.
    ومع ما أبداه شومان من رغبة في تعلم الموسيقى منذ صغره، فقد أصر أبوه على تلقيه التعليم العادي. سجله بداية في مدرسة خاصة ثم نقله إلى مدرسة حكومية. توفي والده عام 1826 ثم انتحرت أخته مما سبب له أزمة عصبية ـ نفسية شديدة. أحاطته أمه بعنايتها ودللته، فكان سلوكه ينم على سلوك شاب مدلل يدخن السيكار ويشرب الشمبانيا وهو لا يزال طالباً بعد.
    درس شومان القانون عام 1828 في جامعة لايبزغ. ثم بدأ بأخذ دروس البيانو[ر] مع فيك Wieck فأحب ابنته كلارا وتزوجها بعد سنوات طويلة من العذاب ومعارضة الأب. انتقل شومان عام 1829 إلى جامعة هيدلبرغ، لكن الجامعة أخبرته بأنه غير مناسب لدراسة القانون، فعاد إلى لايبزغ. وكان اهتمامه منصباً على الأدب والموسيقى والشعر، فانصرف إلى دراسة الموسيقى جدَّياً بنصيحة أستاذه فيك الذي استضافه ليقيم في منزله.
    درس شومان الأوركسترا مع موللرMuller و«التسلل» (الفوغة) و«الطباق» (الكونتربوان)[ر. الصيغ الموسيقية]. وبعد أن ألف ثلاثة فالسات وحوارية[ر] (كونشرتو) للبيانو. عزف شومان أمام جمهور هيدلبرغ مؤلفات كلاسيكية لها صبغة رومنسية. وكتب عمله «الفراشات» بتأثير من الأديب جان بول ريختر Jean Paul Richter. ثم رغب بتطوير تقنيات العزف لديه ساعياً إلى الكمال فقام بتجربة جنونية تلخصت بربط إصبعه الرابع الضعيفة في أثناء التدريب مما سبب له شللاً الأمر الذي أثار جنونه وأصابه بالخيبة فتوجه نحو التأليف. كتب شومان على نحوٍ رئيس للبيانو وابتدع أسلوباً خاصاً به يقوم على تركيب اللحن من الأحرف الموافقة لأسماء أشخاص أو أماكن تعنيه بحيث تشكل الأحرف علامات جمل لحنية يطورها ويبني عليها ويوسعها لتشكل محور عمله الموسيقي.
    اتسمت كتابته للبيانو بأسلوب خاص يستخدم فيه جهاز الضغط في الرجل (البيدال) الممسوك، والأصوات المتوسطة من لوحة البيانو، مما يعطي صوتاً براقاً. وكانت معظم أعماله في عام 1830 تقريباً مهمة وخاصة «متتالية الكرنفال» التي تتكون من عدة قطع تعبر عن مظاهر مختلفة من شخصيته، وعن التناقض بين الجانبين الباطني والظاهري فيها. وتتميز السوناتا[ر] مقام دو الكبير بأسلوب حر جداً، وبلحن غنائي جميل ونسيج عذب لأنغام البيانو. أما الدراسات السمفونية التي ألفها عام 1834 ونشرت عام 1837، فهي مجموعة من التنويعات الحرة لها خاتمة مؤثرة.
    كان شومان يعاني مشكلة صحية عصبية، وأصيب بعد وفاة أحد إخوته وزوجة أخيه عام 1833 بانهيار عصبي لم يشف منه حتى العام التالي، وكان سابقة للانهيار الكبير الذي أصابه عام 1854.
    انخرط شومان بعد شفائه، في العمل بالصحافة الموسيقية وحرر واحدة من أهم الصحف الموسيقية آنذاك Neue Zeitschrift Für Muzik مع بعض زملائه، وقام بشن حملة نقد ضد المتعصبين في الفن باعتبارهم مكررين لموسيقى موتسارت[ر] وبتهوفن[ر] وهايدن[ر]. وكتب بأسماء مستعارة، منتحلاً شخصيتين الأولى أُزبيوس Eusebius التي تمثل الجانب التأملي من شخصيته، والثانية فلورستان Florestan التي تمثل اندفاعه.
    أقام شومان علاقة عاطفية مع إرنستين فون فرايكن Ernestine von Fricken التي وصل معها إلى حد الخطوبة، وخرج من هذه العلاقة بمؤلفه «الكارنفال» op 9 ت(1834)، و«دراسات سمفونية» op13. وبعد وفاتها عام (1836) كتب إحدى روائع أعمال البيانو «الفانتازيا» op17. التي يظهر فيها مقدرته الفنية وعمق بصيرته الشعرية.
    توجه شومان إلى فيينا عام 1839 ليبحث عن ممول لأعماله بعد أن كانت أعمال شوبرت آنذاك تباع سريعاً. في تلك المرحلة كان تعلقه بكلارا قد نضج وبلغ أشده، فكتب لها عدة سوناتات تبين تعلقه الشديد بها وقرر بعدها إلغاء الحظر الذي فرضه والدها على زواجهما، فتزوجا عام 1840 وكانت قد بلغت الحادية والعشرين.
    كتب شومان عن قصة الحب هذه 136 أغنية «ليد» Lieder من أصل 260 مجمل ما ألفه منها مثل «حب وحياة امرأة» و«حب الشاعر» و«رومانس» و«بالاد». يعبر الشعر في هذه الأغنيات عن مشاعره الذاتية، ويمكن إسقاطه على قصته مع كلارا. أما تقنياً فقد تحول شومان من تأليف الموسيقى الآلية إلى المرافقة للشعر والغناء مما سمح لـه بمزيد من التعبيرية توجد في مقدمات ونهايات الأغنيات خاصة، فكان البيانو يحاور الصوت ويوسع العاطفة التي ترد في بيت الشعر.
    شهد عام 1840 بداية عمل شومان الناجح بالسمفونية. وقدمه مندلسون[ر]Mendelssohn عام 1841 مما شجعه على كتابة بداية عمل سمفوني آخر «السمفونية الرابعة» مقدمتها على شكل سكيرتسو (سريعة)، ثم جعل خاتمتها مختلفة تماماً. في هذه الأثناء كانت كلارا عازفة ناجحة، وعزفت فيما بعد الحركة الأولى من حوارية البيانو مقام Aminor.
    رزق شومان وزوجته بأول ابنة لهما عام 1841 لكن ذلك لم يعق كلارا عن التدريب والعزف فقامت بجولات في شمالي ألمانيا عام 1842، وكانت شهرتها تضاهي شهرة زوجها.
    وقف شومان وقته عام 1842 لتأليف موسيقى الحجرة[ر]. فألف 3 رباعيات وتريةop14 وخماسية للبيانو Mi bémol ورباعية للبيانو كلتيهما شهيرتين. لكن التوتر والضغط الذي كان يعانيهما للحفاظ على مستوى فني عال إضافة إلى ظروف ولادة طفلة ثانية، الأمر الذي اضطر كلارا إلى التوقف عن التدريب والعزف، كل هذا ترك آثاره على شومان. وبدأ منذ عام 1843 يصاب بانهيارات عصبية متكررة، وصار الأمر في حياته مألوفاً. وقد يعود أحد أسباب ذلك إلى الاستعداد الوراثي العائلي.
    لم يكن شومان عازفاً ممتازاً مع أنه كان ناقداً وصحفياً وكاتباً من الدرجة الأولى، إلا أن هذا لم يكن كافياً ليزوده بما يحتاج إليه لإعالة أسرته. أضف إلى أن شهرة كلارا عازفةً كانت تنتشر بعد جولاتها التي كانت تقوم بها والتي كان شومان يعاني في أثناء غيابها صعوبةً في التركيز والتأليف. ومع أنه استطاع أن يشغل مراكز ممتازة، إلا أنه لم يتمكن من الحفاظ عليها، فقد شغل منصب أستاذ التأليف في معهد لايبزغ المؤسس حديثاً عام 1842. كما قاد فرقة للغناء في العام نفسه. وفي عام 1845 استقر في درسدن بعد جولة في روسيا صحبته فيها كلارا، فأكمل تأليف حوارية البيانو بإضافة حركتين أخريين. وكتب السمفونية مقام C major (الثانية). قام بعدها بجولة صغيرة في فيينا مع كلارا، لكن موسيقاه لم تستقبل بحماس مما دفعه إلى التخلي عن مخططاته حول الانتقال إلى العيش هناك، وبقيا في درسدن حتى عام 1847 إلى حين قيامه بقيادة فرقة الغناء للذكور. في العام التالي أسس اتحاد الكورال، وهرباً من أحداث الثورة التي كان فاغنر[ر] Wagner منغمساً فيها، ذهب شومان إلى الريف، وهناك ألف أوبرا «جنوفيفا» Genoveva التي لم تلق نجاحاً حين قدمت في لايبزغ عام 1850، وهي السنة التي انتقل فيها إلى دسلدورف وقاد هناك جمعية الكورال، كما قاد عدة حفلات للأوركسترا، وكان آنذاك معيلاً لأطفاله (أربعة فتيان وثلاث فتيات) لكنه لم يحقق نجاحاً في هذا المجال.
    عاش شومان بعض الفترات الحسنة والجيدة كان فيها سعيداً ومنتجاً، لكن عدم كفاءته لقيادة أوركسترا والذي لا يعود لضعف إمكانيته الفنية، وإنما لعجزه عن التواصل مع الموسيقيين في فرقته، عرضه لنقد شديد في الصحافة المحلية، فأصيب عام 1852 بانهيار عصبي آخر. وقاد الأوركسترا في عام 1853 في مهرجان الراين لكن العازفين وجدوه ضعيفاً جداً مقارنة بخلفه هيلّر Hiller. وبعد أن قدم حفلاً فاشلاً في دوسلدورف في تشرين الأول من العام ذاته، تقاعد نهائياً عن قيادة الأوركسترا. في العام نفسه عقد شومان صداقات جديدة مع برامز[ر] Brahmsالذي كان في العشرين من عمره، كما قام بجولات ناجحة مع كلارا في هولندا. وتفرغ للتأليف مجدداً فألف بعض الافتتاحيات التقليدية، وبعض موسيقى المناسبات، و«مغناة» (كانتاتا). وبدأت تظهر عليه منذ شباط عام 1854 علامات اضطرابات عقلية جدية، فقد حاول الانتحار بإلقاء نفسه في نهر الراين لكن رجل إطفاء أنقذه، وأدخل إلى مصح خاص قرب بون حيث أمضى فيه السنتين الأخيرتين من حياته.
    كان شومان أحد شهيري مؤلفي البيانو. أغنى أعماله بمجموعة من المؤلفات ذات الصبغة الشعرية تمتزج فيها البنية الكلاسيكية مع التعبير الرومنسي. مؤلفاته للغناء وموسيقى الحجرة[ر] مميزة جداً تتمتع بالحيوية والنضارة والشاعرية، وهذا ما يميز أعماله الأوركسترالية أيضاً. انتُقد توزيعه الأوركسترالي أحياناً بأنه كثيف ويفتقر إلى الطلاوة والمرونة، وقامت عدة محاولات لتعديل مخطوطاته منها محاولات مالر[ر]Mahler. لكن اتجاه الكثيرين من الموسيقيين مالوا إلى تركها كما هي متمتعة بعفوية شومان الخاصة. أما أغانيه وخاصة المجموعات منها فهي من أهم روائع الليدر.
    كتب شومان في مختلف المؤلفات الموسيقية، من أهمها (عدا ما ذكر سابقاً):
    مسرحية غنائية «مانفريد» Manfred، والسمفونيتان الأولى «الربيع» (1841)، والثالثة «Rhenish» ت(1850)، وهما من أصل أربع سمفونيات كاملة، وعدد من الحواريات للبيانو وللكمان وللتشيلو[ر. الكمان] مع الأوركسترا، والكثير من موسيقى الحجرة، والموسيقى الغنائية، ومختلف القطع الموسيقية للأوركسترا، والقطع الخاصة للبيانو مثل لحن ومنوعات «Abegg»ت(1830) و«الفراشات» (1829ـ 1831).
    أبية حمزاوي
يعمل...
X