رق Slavery - Esclavage يدل على جواز امتلاك بعض الناس لبعضهم الآخر

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • رق Slavery - Esclavage يدل على جواز امتلاك بعض الناس لبعضهم الآخر

    رق

    Slavery - Esclavage

    الرق

    الرق slavery مفهوم اقتصادي اجتماعي يدل على جواز امتلاك بعض الناس لبعضهم الآخر بحكم القوة تارة، وبحكم الثراء والتحكم المالي تارة أخرى. وقد شهد التاريخ البشري له أنواعاً عدة مختلفة.
    التفسير المادي لظاهرة «الرق»
    يعد «الرق» من وجهة النظر المادية مرحلة أساسية من مراحل التطور الإنساني، فهو تشكيلة formation اجتماعية - اقتصادية تلي المرحلة المشاعية، وتسبق المرحلة الإقطاعية، وهو نمط إنتاج mode of production يقوم على الملكية الخاصة لوسائل الإنتاج، ويعد فيه العبيد جزءاً أساسياً لا يتجزأ من أدوات الإنتاج التي يجوز امتلاكها وبيعها، شأنهم في ذلك شأن المواشي والحيوانات والأشياء التي تباع وتشرى في أسواقها التجارية الخاصة بها، وهو أول تقسيم طبقي للمجتمع ينقسم فيه الناس إلى طبقتين أساسيتين: طبقة الأحرار التي تتمتع بحقوق الملكية والمواطنة، وطبقة العبيد المحرومة من هذه الحقوق الاجتماعية.
    أنواع «الرق» وأشكاله
    يميز الباحثون في تاريخ الرق وعوامل نشأته بين أنواع عدة له، منها:
    ـ الاسترقاق الربوي: ظهر في المجتمعات التي انتشر فيها الربا، فحين يعجز المستدين عن تسديد ما عليه من ديون يتحول، بموجب الاتفاق المسبق، إلى عبد تابع لسيده صاحب الديون، ولا تسقط العبودية عنه ما لم يسدد التزاماته نحو السيد، غير أن عبوديته تجعله أكثر عجزاً عن الوفاء بتلك الالتزامات، وبالتالي أقل قدرة على التحرر.
    ـ الاسترقاق العسكري: وهو الاسترقاق الناجم عن الحروب والغزو بين الشعوب التي كانت تجيز تحويل أسرى الحرب إلى عبيد، إضافة إلى ما يمكن أن يقع بأيدي الغزاة المنتصرين من غنائم، إن صح التعبير، كالأطفال والنساء والشيوخ الذين يصبحون عبيداً لدى المنتصر.
    ـ الاسترقاق بالخطف: وهو استرقاق العصابات وينجم عن قيام مجموعة من الأشخاص بتتبع فرد منعزل أو أكثر وإجباره على الامتثال لأوامر العصابة ونقله إلى بلاد أخرى بغية بيعه في سوق النخاسة.
    ـ الاسترقاق التجاري: وهو الاسترقاق الناجم عن الأنواع السابقة كلها، حيث يقوم مالك العبيد ببيعهم لغيره من الملاك، فتصبح الملكية الجديدة من التملك التجاري، وليس من باب التملك العسكري، أو الربوي أو خلافه.
    تاريخ الرق
    يعيد بعض الباحثين انتشار ظاهرة «الرق» إلى عصور موغلة في القدم، فتشير الوثائق التاريخية إلى أن ظهوره في مصر القديمة وبلاد الرافدين يعود إلى نهاية الألف الرابعة قبل الميلاد، وفي روسيا ظهر في القرن السادس ق.م، وفي اليونان القديمة في القرنين الخامس والرابع ق.م، وفي روما القديمة بين القرنين الثاني قبل الميلاد والثاني الميلادي، غير أن أساليبه كانت مختلفة بين هذه الحضارات، فقد كان الرق في الحضارتين اليونانية والرومانية لا يتمتعون بأي حقوق اجتماعية، وتجري معاملتهم على أنهم قوة عمل، وانطوت التشريعات القانونية آنذاك على أحكام قاسية ودموية بحق العبيد الذين يهربون من أسيادهم كعقوبة قطع الأنف، يلاحظ في الشرق القديم أن تشريعات حمورابي (1728 ـ 1686ق.م) تشير إلى أن العبيد كانوا يتمتعون بنصف حقوق الأحرار، وذلك في قضايا الميراث والأحوال الشخصية والمهور.
    ومع انتشار الإسلام أخذت تتأكد الحقوق الاجتماعية والإنسانية للعبيد بطرق أفضل، فقد شجع بقوة على تحرير الرقيق، وجعل ذلك من الأعمال التي تساعد في التكفير عن الآثام والذنوب والأخطاء التي يقدم عليها الفرد، كما أنها وسيلة من وسائل التقرب إلى الله عز وجل، وجعل من حق العبد على سيده تأمين طعامه وكسائه، وكان لصحابة رسول صلى الله عليه وسلم دور أساسي في تحرير العبيد الذين كانوا يعانون من التعذيب على يد المشركين، وأصبح عدد كبير منهم في عداد الصحابة المقربين لرسول الله، وكان لهم فيما بعد دور أساسي في بناء الحضارة الإسلامية، ونشر العقيدة في مساحات واسعة من الأرض.
    وفي المراحل التالية من تطور الحضارة العربية الإسلامية، وخاصة في عهد الخلفاء العباسين وما تلاهم، تزايد دور العبيد في المشاركة الاجتماعية والسياسية والاقتصادية، وكان في أوضح صورة له بين العبيد الذين كانوا يخدمون في بلاط السلاطين أو لدى التجار ورجال الدولة، فكانت لهؤلاء مكانة اجتماعية تميزهم عن أقرانهم في الشرائح الأخرى، بل تميزهم عن بقية الناس، حتى لو كانوا من السادة.
    غير أن اتساع رقعة الدولة ومساحة الأراضي المعدة للزراعة دفع بالملاك والأثرياء إلى استخدام الزنوج في أعمال الفلاحة، حتى كثر عددهم، وأصبحوا قوة عمل أساسية، لكن أحوالهم لم تكن في تحسن مماثل، بل كانت في تدهور مستمر حتى ألّفوا تنظيمات اجتماعية قوية قاومت النظام السياسي آنذاك، حتى تحولت إلى ثورة حقيقية عرفت باسم ثورة الزنج، (869- 883م) اتصفت خلالها بالتنظيم والقدرة على اجتذاب أعداد كبيرة من العبيد الثائرين، وعرف قائدها باسم صاحب الزنج الذي دعا إلى تحسين أحوال الطبقات الفقيرة، وخاصة الزنوج منهم الذين كانوا يخضعون لنظام العبودية، فدعا إلى تطبيق أحكام الشريعة الإسلامية التي توصي بالرقيق خيراً.
    كما انتشرت ظاهرة استخدام العبيد في الجيوش، وذلك بعد شرائهم وتدريبهم وتأهيلهم لخوض المعارك والحروب، وظهر منهم القادة والسلاطين وأمراء الجيش، فكان كافور الإخشيدي زعيم الدولة الإخشيدية مملوكاً، وكذلك كان حال سلاطين دولة المماليك وأمرائهم (1249-1517م).
    الرق في العصور الحديثة
    على الرغم من التطور الحضاري الذي يشهده العالم في العصور الحديثة، فإن مشكلة الرق ما زالت قائمة، وإن كانت بأشكال مختلفة ودرجات أقل، لكنها أكثر خطورة في كثير من الأحيان، إذ تنعدم فيها القيم الأخلاقية والإنسانية، ولا يأخذ الفاعلون فيها أي اعتبار لما يترتب على مصالحهم من ضرر يلحق بالأشخاص الآخرين الذين يصبحون أرقاء بحكم القوة أحياناً، أو بحكم القهر الاجتماعي أحياناً أخرى.
    فبعد أن تم القضاء على الملايين من الهنود الحمر في القارة الأمريكية، لم يكن لما تبقى منهم أي حقوق سياسية أو اجتماعية أو اقتصادية، ولم تعد أعدادهم تكفي للعمل لدى المستعمرين الأوربيين، فلجأ هؤلاء إلى اقتلاع ملايين الزنوج الأفارقة من ديارهم وأراضيهم بطرق مختلفة، أهمها استخدام القوة وإجبارهم على الانصياع، ليصار إلى بيعهم في العالم الجديد وتشغيلهم بالأعمال التي يترفع عنها الغزاة الجدد، وكان من نتائج ترويج هذه التجارة أن تزايدت أعداد الزنوج في القارة الجديدة خلال القرنين السادس عشر والسابع عشر، ويقدر عدد الذين تم نقلهم بنحو عشرين مليون زنجي.
    وفي الوقت الحاضر تأخذ مشكلة الرق منحىً جديداً قوامه خطف النساء والأطفال والعمل على توظيفهم في مجال الدعارة، وأعمال السخرة، وهو ما يسمى بالرقيق الأبيض، إضافة إلى التبني والزواج القهري. وتفيد تقارير خاصة بهذا الموضوع بأن هناك قرابة سبعمائة ألف امرأة وطفل يختطفون سنوياً لهذه الأغراض. وتقدر منظمة اليونيسيف عدد ضحايا الاسترقاق في غربي إفريقيا فقط بأكثر من مائتي ألف طفل سنوياً، وفي آسيا يباع ويشرى نحو مائتين وخمسين ألف شخص معظمهم من النساء والفتيات ويرغمن على العمل في الدعارة أو الخدمة في البيوت.
    الجهود الدولية لمكافحة الرق
    مع أن الرق ألغيَ رسمياً في معاهدة أكس لا شابيل Aix-La-Chapelle التي وقعت عليها جميع دول العالم عام 1816، لكنه تحول إلى أشكال جديدة لم تكن معروفة في الماضي، وأخذت المنظمات الدولية تهتم بها بوضوح، فظهرت أول اتفاقية دولية لمكافحة الرق عام 1926، ثم عُدِّلت عام 1953، والاتفاقية التكميلية عام 1956، واتفاقية قمع الاتجار بالأشخاص عام 1949، كما تمت مجموعة من الاتفاقيات الدولية، في إطار منظمة العمل الدولية منها اتفاقية السخرة لعام 1930، واتفاقية إلغاء السخرة لعام 1957، ومازالت المنظمات الدولية تقيم بين حين وآخر المؤتمرات الخاصة بالظاهرة بهدف تقويضها والحد من انتشارها.
    سمير الشيخ علي
يعمل...
X