شعراوي (هدى ـ)
(128 ـ1367هـ/1879 ـ 1947م)
هدى بنت سلطان باشا شعراوي، من رائدات الحركة النسائية في مصر، كان والدها رئيس أول برلمان مصري، وحاكم هذا القطر بالنيابة عن الخديوي توفيق عام 1882، ولدت في مدينة (المنيا) من أعمال الصعيد، ونشأت في القاهرة مع أهلها، وفيها تلقت أرقى أشكال التربية المعروفة في عصرها، ولأنه لم يكن ثمة مدارس رسمية للفتيات المسلمات فقد جيء لها بمعلمات خاصات، لقنَّها العلوم المعروفة في زمنها، إضافة إلى الموسيقى واللغتين السائدتين في ذلك الزمن: التركية والفرنسية. تزوجت علي باشا شعراوي الذي كان وصياً عليها، وولدت له ولدين: محمد وبثنة.
اتصفت هدى بالذكاء الفطري، والانكباب على المطالعة، وحب السفر، والمشاركة في الحياة الاجتماعية والسياسية، رافقت أخاها عمر سلطان وزوجها إلى أوربا مراراً، فاكتسبت تجربة ومعرفة وانفتاحاً على العالم ظهر كل ذلك في شخصيتها، وغرز فيها حب القيام بنشاطات اجتماعية قوامها البر والإحسان والدفاع عن حقوق المرأة التي كانت ترزح تحت وطأة الأمية والجهل والتقاليد الشعبية الموروثة، فلذلك وقفت جهدها لجمعية رعاية الأطفال سنة 1919، والإنفاق على الأسر الفقيرة، وتخصيص مئات المنح للشبان الذين يدرسون في الخارج للتحصيل العالي، كل ذلك على حسابها الخاص، فضلاً عن إنفاقها على مبرّة «محمد علي»، بالاشتراك مع مجموعة من الأميرات المصريات، وقد عضدت جمعية «المرأة الجديدة» التي أصبحت مؤسسة إنتاجية فيها مصانع للسجاد والحياكة، ومدرسة داخلية للطالبات الفقيرات، كما أسست في القاهرة «الدار الصحية» التي تُوَّزع فيها الأدوية المجانية على الفقيرات وتعلمهن النظافة بمساعدة بعض الأطباء المتبرعين لمكافحة المرض والجهل.
وفي المجال الاجتماعي كانت هي وملك حفني ناصف (باحثة البادية) الرائدتين الأوليين في تأسيس الحركة النسوية في مصر.
وفي عام 1919 بعد الحرب العالمية الأولى، قامت في مصر مظاهرة كبيرة ضد المستعمر الإنكليزي قتل فيها رجال ونساء، وشاركت فيها هدى شعراوي على رأس مجموعة من نساء مصر، وقد خلد ذكر هذه المظاهرة الشاعر حافظ إبراهيم في قصيدته المشهورة التي منها:
خـَرَج الغواني يحتجن
ورحتُ أرقب جمعَهـن
وأخذن يجتزن الطريق
ودار سعد قصدهنّه
وإذا بجيش مقبل
والخيل مطلقة الأعِنّه
وإذا الجنود سيوفها
قد صُوِبت لنحورِهنَّه
واستمرت هدى في العمل الوطني في إعداد المظاهرات والإسعاف والتبرع بالمال ونشر المذكرات السياسية باللغات العالمية، وكانت اليد اليمنى لصفية زغلول. واستجابت لدعوات المؤتمرات النسوية في الشرق والغرب، فلما عُقد أول مؤتمر دولي للمرأة في روما عام 1923 حضرته هدى شعراوي مع ثلة من النساء المصريات كنبوية موسى وسيزا نبراوي صديقتها وأمينة سرها، وبعد عودتهن قررت هدى إنشاء مجلة المرأة المصرية لتعريف العالم الغربي والعربي بنساء مصر. كما تقول الأديبة وداد سكاكيني ـ ثم ظهرت هذه المجلة بالعربية والفرنسية معبرة عن مطالب الاتحاد النسائي، وتوالى حضورها في المؤتمرات النسائية، فحضرت مؤتمر اصطنبول سنة 1935 ومؤتمر كوبنهاغن 1939، حيث طالبت بمنع الهجرة اليهودية الصهيونية إلى فلسطين، ودافعت عن حقوق الفلسطينيين عام 1946، لأن مشكلة فلسطين كانت تقض مضجعها، وحذرّت من استعمال الأسلحة النووية، ونادت بتحديد السن لزواج الفتاة، ومساواة الجنسين، وأنشأت ملجأ لليتامى، وتوجهت للاهتمام بالموهوبات وخاصة الموهبة الأدبية، لذلك قامت بتكريم أديبة العصر «مي زيادة» في مستهل ظهورها، وبتكريم ذكراها بعد موتها، وحين قامت الجامعة العربية أرسلت إليها هدى مذكرة بتأييد ميثاق الجامعة.
محمود الربداوي
(128 ـ1367هـ/1879 ـ 1947م)
اتصفت هدى بالذكاء الفطري، والانكباب على المطالعة، وحب السفر، والمشاركة في الحياة الاجتماعية والسياسية، رافقت أخاها عمر سلطان وزوجها إلى أوربا مراراً، فاكتسبت تجربة ومعرفة وانفتاحاً على العالم ظهر كل ذلك في شخصيتها، وغرز فيها حب القيام بنشاطات اجتماعية قوامها البر والإحسان والدفاع عن حقوق المرأة التي كانت ترزح تحت وطأة الأمية والجهل والتقاليد الشعبية الموروثة، فلذلك وقفت جهدها لجمعية رعاية الأطفال سنة 1919، والإنفاق على الأسر الفقيرة، وتخصيص مئات المنح للشبان الذين يدرسون في الخارج للتحصيل العالي، كل ذلك على حسابها الخاص، فضلاً عن إنفاقها على مبرّة «محمد علي»، بالاشتراك مع مجموعة من الأميرات المصريات، وقد عضدت جمعية «المرأة الجديدة» التي أصبحت مؤسسة إنتاجية فيها مصانع للسجاد والحياكة، ومدرسة داخلية للطالبات الفقيرات، كما أسست في القاهرة «الدار الصحية» التي تُوَّزع فيها الأدوية المجانية على الفقيرات وتعلمهن النظافة بمساعدة بعض الأطباء المتبرعين لمكافحة المرض والجهل.
وفي المجال الاجتماعي كانت هي وملك حفني ناصف (باحثة البادية) الرائدتين الأوليين في تأسيس الحركة النسوية في مصر.
وفي عام 1919 بعد الحرب العالمية الأولى، قامت في مصر مظاهرة كبيرة ضد المستعمر الإنكليزي قتل فيها رجال ونساء، وشاركت فيها هدى شعراوي على رأس مجموعة من نساء مصر، وقد خلد ذكر هذه المظاهرة الشاعر حافظ إبراهيم في قصيدته المشهورة التي منها:
خـَرَج الغواني يحتجن
ورحتُ أرقب جمعَهـن
وأخذن يجتزن الطريق
ودار سعد قصدهنّه
وإذا بجيش مقبل
والخيل مطلقة الأعِنّه
وإذا الجنود سيوفها
قد صُوِبت لنحورِهنَّه
واستمرت هدى في العمل الوطني في إعداد المظاهرات والإسعاف والتبرع بالمال ونشر المذكرات السياسية باللغات العالمية، وكانت اليد اليمنى لصفية زغلول. واستجابت لدعوات المؤتمرات النسوية في الشرق والغرب، فلما عُقد أول مؤتمر دولي للمرأة في روما عام 1923 حضرته هدى شعراوي مع ثلة من النساء المصريات كنبوية موسى وسيزا نبراوي صديقتها وأمينة سرها، وبعد عودتهن قررت هدى إنشاء مجلة المرأة المصرية لتعريف العالم الغربي والعربي بنساء مصر. كما تقول الأديبة وداد سكاكيني ـ ثم ظهرت هذه المجلة بالعربية والفرنسية معبرة عن مطالب الاتحاد النسائي، وتوالى حضورها في المؤتمرات النسائية، فحضرت مؤتمر اصطنبول سنة 1935 ومؤتمر كوبنهاغن 1939، حيث طالبت بمنع الهجرة اليهودية الصهيونية إلى فلسطين، ودافعت عن حقوق الفلسطينيين عام 1946، لأن مشكلة فلسطين كانت تقض مضجعها، وحذرّت من استعمال الأسلحة النووية، ونادت بتحديد السن لزواج الفتاة، ومساواة الجنسين، وأنشأت ملجأ لليتامى، وتوجهت للاهتمام بالموهوبات وخاصة الموهبة الأدبية، لذلك قامت بتكريم أديبة العصر «مي زيادة» في مستهل ظهورها، وبتكريم ذكراها بعد موتها، وحين قامت الجامعة العربية أرسلت إليها هدى مذكرة بتأييد ميثاق الجامعة.
محمود الربداوي