مجدلاني (ناصيف)
Majdalani (Nasif-) - Majdalani (Nasif-)
مجدلاني (ناصيف ـ)
(1914 ـ 1988)
ناصيف مجدلاني، أحد أبرز الشخصيات الرياضية اللبنانية والعربية، وصاحب أول جريدة رياضية في الوطن العربي. ولد في بيروت، وكان وحيداً لوالدته التي ربّته بعد وفاة والده المبكرة مع شقيقتيه.
درس في الكلية العلمية بالشويفات، وكان شغوفاً بقراءة ما يحصل عليه من صحفٍ يقرأها مدير المدرسة. وبدت مواهبه في الزجل وعمره أربع عشرة سنة، وكتب الشعر ونما شعوره القومي في السادسة عشرة، إذ شارك في مظاهرة ضد وعد بلفور وسجن على أثرها. فخافت عليه والدته وطالبته بالمحافظة على شعوره القومي على ألا ينسى وطنه الصغير وأسرته لأنه رجلها الوحيد.
فكر ناصيف بالعمل الصحفي الرياضي واشترى مطبعة وضعها في بيته وكان الترخيص باسم والدته لأن عمره كان سبعة عشر عاماً فقط، وذكر الكونت دي فيليب Cont De Phillip الذي كتب عن تاريخ الصحافة العربية والعالم إن ناصيف مجدلاني هو أصغر صحفي في العالم. أسس ناصيف أول صحيفة رياضية في لبنان والوطن العربي باسم «الحياة الرياضية» وصدر عددها الأول في 25 كانون الثاني/يناير عام 1931، وكان عدد نسخه 3000 نسخة بيع منها 200 وأعيد 2800، ولم يكن حال العددين الثاني والثالث أفضل، ففكر في هجر العمل الصحفي لولا تشجيع والدته له للاستمرار وعدم اليأس. وهكذا تابع ناصيف العمل في الصحافة وتقبّل نصيحة رئيس مصلحة الرياضة في لبنان خليل حلمي بأن يثقف نفسه رياضياً إذا أراد لصحيفته أن تنطلق وساعده بأن وضع صحيفة «صدى الرياضة» التي يشترك بها تحت تصرفه، كما زوّده بعدد من الكتب الرياضية؛ لتزداد ثقافته ويتحسن مستوى صحيفته. كما ساعده صديقه الشيخ بيار الجميّل الذي كان لاعباً مرموقاً فقدم له أيضاً صحيفة «فوتبول» الفرنسية التي كان مشتركاً فيها.
استعاد ناصيف همة العمل؛ فقام بنشر بيان وزَّعه على أصدقائه وأسرته والشخصيات البارزة يسألهم إن كانوا راغبين في الاشتراك بجريدته، فلم يتلق سوى إجابة واحدة من إلياس نخلة بطرس أمين صندوق نادي النهضة آنذاك. وقام ناصيف بتوزيع صحيفته بنفسه لتوفير النفقات، فكان ثمن العدد قرشين سوريين أو لبنانيين.
في عام 1934 كتب مقالاً ضد المفوّض السامي الفرنسي؛ فأغلق صحيفته مدة أربع سنوات قام خلالها ناصيف بإصدار جريدة «الملاهي» وهي أدبية رياضية وبثّ فيها رسالته الوطنية والقومية. وفي عام 1938 كان خير الدين الأحدب رئيساً لوزراء لبنان ووزيراً لداخليتها، وكان يحب المصارعة ويتدرب عليها، فقام بمساعدة ناصيف على إعادة فتح الصحيفة.
وبعدما ازدادت ثقافة ناصيف مجدلاني الرياضية وفهم بنية التنظيمات الرياضية الدولية واتحادات الألعاب واللجنة الأولمبية أدرك أنه ما من طريق لمشاركة الرياضة اللبنانية دولياً إلا بتأسيس اتحادات الألعاب. وبدأ بذلك فعلاً، وأسهم في تأسيس غالبية اتحادات الألعاب اللبنانية على حساب إهماله لجريدته، التي استمر في إصدارها حتى عام 1956، حين وقّع اتفاقاً مع كامل مروة صاحب جريدة «الحياة» بأن يطبع له جريدته «الحياة الرياضية» في مطابعه. ونتج من ذلك تطوّر ملحوظ في شكل ومضمون صحيفة «الحياة الرياضية» وأصبح لها ملاكها (كادرها) من المحررين، فانتشرت في كل أنحاء لبنان وبدأت تدخل الوطن العربي.
كتب ناصيف مجدلاني في كثير من الصحف اللبنانية والعربية، وكان أول مذيع رياضي في الإذاعة اللبنانية التي استمر فيها 43 عاماً، كما عمل في تلفزيون لبنان مدة أربعة عشر عاماً، ولمع نجمه على الصعيد العربي، وأسهم في إنضاج العمل الرياضي العربي فكافأه الاتحاد العربي للألعاب الرياضية بوسامه الذهبي.
بدأت أفكاره لتطوير الرياضة العربية بدعوته في 11 أيلول/سبتمبر عام 1937 إلى تنظيم أولمبياد عربي لتوحيد صف الشباب العربي. وكانت هذه الدعوة الأساس في تنظيم الدورات العربية بعد ذلك. إلا أن اندلاع الحرب العالمية الثانية أخّر تطبيق هذه الأفكار وجمّد الحياة الرياضية عموماً.
بعد انتهاء الحرب العالمية، عاود ناصيف التفكير في تبادل زيارات الفرق الرياضية بين الدول العربية، وبدأ ذلك بالفرق المدرسية ثم بالأندية. إلى أن انطلقت الدورات الرياضية العربية المدرسية عام 1949، واستضاف لبنان أول دوراتها، ثم نظمتها القاهرة عام 1951، وبعدها نظمت سورية الدورة الثالثة عام 1952.
زار ناصيف مجدلاني كل دول الوطن العربي، وثلاثة أرباع دول العالم، صحفياً وقائداً رياضياً، وذلك بمشاركته في الدورات العربية والدولية والأولمبية.
وكان أمين سر أول بعثة رياضية لبنانية شاركت في الألعاب الأولمبية عام 1948، ولم يغب بعدها عن جميع البعثات الرياضية اللبنانية، حيث كان إما رئيساً أو أمين سرٍ لها أو صحفياً مرافقاً لتغطية أخبارها.
أسس في بيته متحفاً رياضياً فيه كل التراث الرياضي اللبناني، وفيه كثير من الميداليات النادرة التي أحرزتها الفرق اللبنانية أو الأبطال اللبنانيون. ثم كتب مؤرخاً لمسيرة تاريخ الصحافة العربية والرياضة العربية، وكانت كتاباته تتسم بالطابع الوطني والقومي والإنساني بعيداً عن نتائج الفرق وفوزها وخسارتها، حيث كان يعدّ ذلك وسيلة للقاء الشباب العربي والعالمي يجب تنميتها وتحسين ظروفها.
توفي ناصيف مجدلاني تاركاً خلفه تراثاً رياضياً نادراً، ففقدت الرياضة اللبنانية والعربية والدولية أحد روّادها.
عدنان برنية
Majdalani (Nasif-) - Majdalani (Nasif-)
مجدلاني (ناصيف ـ)
(1914 ـ 1988)
ناصيف مجدلاني، أحد أبرز الشخصيات الرياضية اللبنانية والعربية، وصاحب أول جريدة رياضية في الوطن العربي. ولد في بيروت، وكان وحيداً لوالدته التي ربّته بعد وفاة والده المبكرة مع شقيقتيه.
درس في الكلية العلمية بالشويفات، وكان شغوفاً بقراءة ما يحصل عليه من صحفٍ يقرأها مدير المدرسة. وبدت مواهبه في الزجل وعمره أربع عشرة سنة، وكتب الشعر ونما شعوره القومي في السادسة عشرة، إذ شارك في مظاهرة ضد وعد بلفور وسجن على أثرها. فخافت عليه والدته وطالبته بالمحافظة على شعوره القومي على ألا ينسى وطنه الصغير وأسرته لأنه رجلها الوحيد.
فكر ناصيف بالعمل الصحفي الرياضي واشترى مطبعة وضعها في بيته وكان الترخيص باسم والدته لأن عمره كان سبعة عشر عاماً فقط، وذكر الكونت دي فيليب Cont De Phillip الذي كتب عن تاريخ الصحافة العربية والعالم إن ناصيف مجدلاني هو أصغر صحفي في العالم. أسس ناصيف أول صحيفة رياضية في لبنان والوطن العربي باسم «الحياة الرياضية» وصدر عددها الأول في 25 كانون الثاني/يناير عام 1931، وكان عدد نسخه 3000 نسخة بيع منها 200 وأعيد 2800، ولم يكن حال العددين الثاني والثالث أفضل، ففكر في هجر العمل الصحفي لولا تشجيع والدته له للاستمرار وعدم اليأس. وهكذا تابع ناصيف العمل في الصحافة وتقبّل نصيحة رئيس مصلحة الرياضة في لبنان خليل حلمي بأن يثقف نفسه رياضياً إذا أراد لصحيفته أن تنطلق وساعده بأن وضع صحيفة «صدى الرياضة» التي يشترك بها تحت تصرفه، كما زوّده بعدد من الكتب الرياضية؛ لتزداد ثقافته ويتحسن مستوى صحيفته. كما ساعده صديقه الشيخ بيار الجميّل الذي كان لاعباً مرموقاً فقدم له أيضاً صحيفة «فوتبول» الفرنسية التي كان مشتركاً فيها.
استعاد ناصيف همة العمل؛ فقام بنشر بيان وزَّعه على أصدقائه وأسرته والشخصيات البارزة يسألهم إن كانوا راغبين في الاشتراك بجريدته، فلم يتلق سوى إجابة واحدة من إلياس نخلة بطرس أمين صندوق نادي النهضة آنذاك. وقام ناصيف بتوزيع صحيفته بنفسه لتوفير النفقات، فكان ثمن العدد قرشين سوريين أو لبنانيين.
في عام 1934 كتب مقالاً ضد المفوّض السامي الفرنسي؛ فأغلق صحيفته مدة أربع سنوات قام خلالها ناصيف بإصدار جريدة «الملاهي» وهي أدبية رياضية وبثّ فيها رسالته الوطنية والقومية. وفي عام 1938 كان خير الدين الأحدب رئيساً لوزراء لبنان ووزيراً لداخليتها، وكان يحب المصارعة ويتدرب عليها، فقام بمساعدة ناصيف على إعادة فتح الصحيفة.
وبعدما ازدادت ثقافة ناصيف مجدلاني الرياضية وفهم بنية التنظيمات الرياضية الدولية واتحادات الألعاب واللجنة الأولمبية أدرك أنه ما من طريق لمشاركة الرياضة اللبنانية دولياً إلا بتأسيس اتحادات الألعاب. وبدأ بذلك فعلاً، وأسهم في تأسيس غالبية اتحادات الألعاب اللبنانية على حساب إهماله لجريدته، التي استمر في إصدارها حتى عام 1956، حين وقّع اتفاقاً مع كامل مروة صاحب جريدة «الحياة» بأن يطبع له جريدته «الحياة الرياضية» في مطابعه. ونتج من ذلك تطوّر ملحوظ في شكل ومضمون صحيفة «الحياة الرياضية» وأصبح لها ملاكها (كادرها) من المحررين، فانتشرت في كل أنحاء لبنان وبدأت تدخل الوطن العربي.
كتب ناصيف مجدلاني في كثير من الصحف اللبنانية والعربية، وكان أول مذيع رياضي في الإذاعة اللبنانية التي استمر فيها 43 عاماً، كما عمل في تلفزيون لبنان مدة أربعة عشر عاماً، ولمع نجمه على الصعيد العربي، وأسهم في إنضاج العمل الرياضي العربي فكافأه الاتحاد العربي للألعاب الرياضية بوسامه الذهبي.
بدأت أفكاره لتطوير الرياضة العربية بدعوته في 11 أيلول/سبتمبر عام 1937 إلى تنظيم أولمبياد عربي لتوحيد صف الشباب العربي. وكانت هذه الدعوة الأساس في تنظيم الدورات العربية بعد ذلك. إلا أن اندلاع الحرب العالمية الثانية أخّر تطبيق هذه الأفكار وجمّد الحياة الرياضية عموماً.
بعد انتهاء الحرب العالمية، عاود ناصيف التفكير في تبادل زيارات الفرق الرياضية بين الدول العربية، وبدأ ذلك بالفرق المدرسية ثم بالأندية. إلى أن انطلقت الدورات الرياضية العربية المدرسية عام 1949، واستضاف لبنان أول دوراتها، ثم نظمتها القاهرة عام 1951، وبعدها نظمت سورية الدورة الثالثة عام 1952.
زار ناصيف مجدلاني كل دول الوطن العربي، وثلاثة أرباع دول العالم، صحفياً وقائداً رياضياً، وذلك بمشاركته في الدورات العربية والدولية والأولمبية.
وكان أمين سر أول بعثة رياضية لبنانية شاركت في الألعاب الأولمبية عام 1948، ولم يغب بعدها عن جميع البعثات الرياضية اللبنانية، حيث كان إما رئيساً أو أمين سرٍ لها أو صحفياً مرافقاً لتغطية أخبارها.
أسس في بيته متحفاً رياضياً فيه كل التراث الرياضي اللبناني، وفيه كثير من الميداليات النادرة التي أحرزتها الفرق اللبنانية أو الأبطال اللبنانيون. ثم كتب مؤرخاً لمسيرة تاريخ الصحافة العربية والرياضة العربية، وكانت كتاباته تتسم بالطابع الوطني والقومي والإنساني بعيداً عن نتائج الفرق وفوزها وخسارتها، حيث كان يعدّ ذلك وسيلة للقاء الشباب العربي والعالمي يجب تنميتها وتحسين ظروفها.
توفي ناصيف مجدلاني تاركاً خلفه تراثاً رياضياً نادراً، ففقدت الرياضة اللبنانية والعربية والدولية أحد روّادها.
عدنان برنية